تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)
الكتاب : حسن المحاضرة في أخبار مصر و القاهرة |
الأسعد بن مماتي في الروضة، وقد حلها السلطان الملك الكامل: (1/349)
جزيرة مصر، أنت أشرف موضع ... على الأرض لما حل فيك محمد
وفيك علا البحران لكن كف ذا ... على الناس أندى بالعطاء وأجود
وأصبحت الأغصان من فرح به ... تمايل، والأطيار فيك تغرد
يرق نسيم حين سار وجدول ... ويشدو هزاز حين يرقص أملد
ذكر خليج مصر
قال المقريزي: هذا الخليج بظاهر فسطاط مصر، ويمر من غربي القاهرة، وهو خليج قديم احتفره بعض قدماء ملوك مصر، بسبب هاجر أم إسمعيل حين اسكنها إبراهيم عليه السلام بمكة، ثم تمادته الدهور والاعوام، فجدد حفره ثانيا بعض من ملك مصر من ملوك الروم بعد الغسكندر، فلما فتحت مصر على يد عمرو بن العاص، جدد حفره بإشارة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فحفر عام الرمادة، وكان يصب في بحر القلزم كما تقدم في أول الكتاب، ولم يزل على ذلك إلى أن قام محمد بن عبد الله بن حسين بن حسن بن علي بن أبي طالب بالمدينة، فكتب الخليفة المنصور إلى عامله بمصر أن يطم هذا الخليج حتى لا تحمل الميرة من مصر إلى المدينة، فطم وانقطع من حينئذ اتصاله ببحر القلزم، وصار على ما هو عليه الآن.
وكان هذا الخليج يقال له أولا خليج أمير المؤمنين - يعني عمر بن الخطاب - لأنه الذي أشار بتحديد حفره، ثم صار يقال له خليج مصر؛ فلما بنيت القاهرة بجانبه من شرقيه صار يعرف بخليج القاهرة، والآن تسميه العامة بالخليج الحاكمي. وتزعم ان الحاكم احتفره، وليس بصحيح. وكان اسم الذي حفره في زمن إبراهيم عليه السلام طوطيس، وهو الجبار الذي أراد أخذ سارة، وجرى له معها ما جرى، ووهب لها هاجر. فلما سكنت هاجر مكة وجهت إليه تعرفه أنها بمكان جدب، فأمر بحفر نهر في هاجر. فلما سكنت هاجر مكة وجهت إليه تعرفه أنها بمكان جدب، فأمر بحفر نهر في شرقي مصر بسفح الجبل حتى ينتهي إلى مرفأ السفن في البحر الملح؛ فكان يحمل إليها الحنطة، وأصناف الغلات، فتنقل إلى جدة، ويحمل من هناك على المطايا، فأحيا بلد الحجاز مدة. وكان اسم الذي حفره ثانيا أرديان قيصر، وكان عبد العزيز بن مروان بني عليه قنطرتين في سنة تسع وستين، وكتب اسمه عليها، ثم جددهما تكين أمير مصر في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، ثم جددهما الإخشيد في سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ثم عمرتا في أيام العزيز، وكان موضع هاتين القنطرتين خلف خط السبع سقايات، وهي التي كانت تفتح عند وفاء النيل في زمن الخلفاء، وكان الخليفة يركب لفتح الخليج. فلما أنحسر النيل عن ساحل مصر، وربا الجرف أهملت هذه القنطرة فدثرت، وعملت قنطرة السد عند فم بحر النيل، وكان الذي أنشأها الملك الصالح أيوب في سنة بضع وأربعين وستمائة.
قال ابن عبد الظاهر: وأول من رتب حفر خليج القاهرة على الناس المأمون بن البطائحي، وجعل عليه والياً بمفرده.
ولأبي الحسن بن الساعاتي في كسر يوم الخليج:
إن يوم الخليج يوم من الحس ... ن بديع المرئي والمسموع
كم لديه من ليث غاب صئول ... ومهاة مثل الغزال المروع
وعلى السد عزة قبل أن تملكه ذلة المحب الخضوع
كسروا جسره هناك فحاكي ... كسر قلب يتلوه فيض دموع
ذكر الخليج الناصري
حفره الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة خمس وعشرين وسبعمائة، لما بنى الخانقاه بسرياقوس، فأراد إجراء الماء من النيل إليها ليرتب عليه السواقي والزرعات، وفوض أمره إلى أرغون النائب، فخفر في مدة شهرين من أول جمادى الأولى إلى سلخ جمادى الآخرة، وبنى فخر الدين ناظر الجيش عليه قنطرة، وبنى قد يدار وإلى القاهرة قنطرة قد يدار وقناطر الأرز وقناطر الأميرية.
ذكر بركة الحبش
قال ابن المتوج: هذه البركة مشهورة في مكانها، وقد اتصل وقفها على قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة على أنها وقف على الأشراف الأقارب والطالبيين نصفين بينهما بالسوية، النصف على الأقارب والنصف على الطالبيين، وثبت قبله عند قاضي القضاة بدر الدين يوسف السنجاري أن النصف منها وقف على الأشراف الأقارب بالاستفاضة بتاريخ ثاني عشر ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة، وثبت قبله عند قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بالاستفاضة أيضا أنها وقف على الاشراف والطالبيين بتاريخ التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة. (1/350)
وفي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة أمر الناصر بن قلاوون بحفر خليج من النيل إلى حائط الرصد ببركة الحبش، وحفر عشر آبار كل بئر أربعون ذراعا، يركب عليها السواقي ليجري الماء منها إلى القناطر التي تحمل الماء إلى القلعة، فشق الخليج من مجرى رباط الآثار، وكان مهما عظيما، وأمر الناصر في هذه السنة بتجديد جامع راشدة، وكان قد تهدم غالبه.
ظافر الحداد في بركة الحبش:
تأملت نهر النيل طولا وخلفه ... من البركة الغناء شكل مقدر
فكان وقد لاحت بشطيه خضرة ... وكانت وفيها الماء باق موفر
غمامة شرب في جواشن خضرة ... أضيف إليها طيلسان مقور
أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي:
لله يوم ببركة الحبش ... والأفق بين الضياء والغبش
والنيل بين الرياح مضطرب ... كصارم في يمين مرتعش
ونحن في روضة منوقة ... دبج بالنور عطفها ووشى
قد نسجتها يد الغمام لنا ... فنحن من نسجها على فرش
ذكر ما قيل في الأنهار والأشجار
زمن الشتاء والربيع من الأشعار
شمس الدين بن التلمساني:
ولما جلا فصل الربيع محاسناً ... وصفق ماء النهر إذ غرد القمري
أتاه النسيم الرطب رقص دوحه ... فنقط وجه الماء بالذهب المصري
وقال:
تغنت في ذرا الأوراق ورق ... ففي الأفنان من طرب فنون
وكم بسمت ثغور الزهر عجبا ... وبالأكمام قد رقصت غصون
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن فتحون المخزومي يصف نارمجة في نهر:
ولقد رميت مع العشي بنظرة ... في منظر غض البشاشة يبهج
نهر صقيل كالحسام بشطه ... روض لنا تفاحه يتارج
تثنى معاطفه الصبا في بردة ... موشية بيد الغمامة تنسج
والماء فوق صفاته نارنجة ... تطفو به وعبابه يتموج
حمراء قانية الأديم كأنها ... وسط المجرة كوكب يتأجج
القاضي عياض:
كأنما الزرع وخاماته ... وقد تبدت فيه أيدي الرياح
كتائب تجفل مهزومة ... شقائق النعمان فيها جراح
كتب القاضي شهاب الدين بن فضل الله إلى الأمير إلجائي الدوادار:
بلد أنت ساكن في رباها ... بلد تحسد الثريا ثراها
قد تعالت إلى السماء بسكنا ... ك، على البطاح رداها
جمد الطل في الزهور فخلفنا ... أنه عقد جوهر لرباها
وجرى الماء في الرياض فقلنا: ... كسرت فوقه الغواني حلاها
مثلما أنت في معانيك فرد ... هي فرد البلاد في معناها
يقبل الأرض، وينهى انه لما عبر على هذه الربا المعشبة، والغدران التي كأنها صفائح فضة مذهبة، ثم مر على قرية تعرف بوسيم، تفتر من شنب زهرها عن ثغر بسيم، استحسن مرآها، ونظم في معناها، ما يعرضه على الخاطر الكريم، ليوقف المملوك توقيف عليم، أو يتجاوز عن تقصيره تجاوز حليم:
لمصر فضل باهر ... لعيشها الرغد النضر
في كل سفح يلتقي ... ماء الحياة والخضر
وكذلك:
ما مثل مصر في زمان ربيعها ... لصفاء ماء واعتلال نسيم
أقسمت ما تحوى البلاد نظيرها ... لما نظرت إلى جمال وسيم
وقال:
ما بين أكناف البطاح ... مسك يذر على الرياح
من حيث يلفى الروض في ... أزهارها ريان ضاحي
والريح في السحر البهيم يطير مسكي الجناح
تسري فتغتبق الغصو ... ن بها على عين الصباح
والنيل في تياره ال؟ ... منصب مهتز الصفاح
وبه السفائن كالجبا ... ل تجول أمثال القداح
فركبت من صهواتها ... دهماء ساكنة الجماح
حراقة تجري على اسم الله في الماء القراح (1/351)
والأفق مثل حديقة ... خضراء مزهرة النواحي
تحكي المجرة بينها ... نهر تدفق في أقاح
واقتادت الجوزاء لليل البهيم إلى الرواح
فكأنه زنجية ... جذبت بأطراف الوشاح
وبدا الصباح كوجه أل ... جائي المهلل لامتداحي
وقال:
وحديقة غنى الربا ... ب لها بتوقيع السحاب
فتمايلت حتى لقد ... رقصت على صوت الربا
وقال:
في نيل مصر مراكب ... تحوى بدور المواكب
فكم بها الفلك في مج؟ ... راه تسري الكواكب
ابن عبد الظاهر:
روض به أشياء ليست في سواه تؤلف
فمن الهزار تهازر ... ومن القضيب تقصف
ومن النسيم تلطف ... ومن الغدير تعطف
نور الدين علي عبد سعد الغماري الأندلسي:
كأنما النهر صفحة كتبت ... أسطرها والنسيم منشئها
لما أبانت عن حسن منظرها ... مالت عليه الغصون تقرؤها الصلاح الصفدى:
قال خلي: بالله صف ارض مصر ... وقت كتانها بوصف محقق
قلت: ارض بالنيل يروى ثراها ... فلهذا الكتان نور ازرق
وقال:
لم لا أهيم بمصر ... وارتضيها واعشق
ولم ترى العين أحلى ... من مائها أن تملق
ابن الواسطى:
كأنما السفن بإرجائها ... وهي على الماء جريات
عقارب في رفع أذنابها ... تسرى على أبطن حيات
ابن الساعاتي:
ولقد ركبت البحر وهو كحلية ... والموج تحسبه حياداً تركض
وكأنما سلت به أمواجه ... بيضاء تذهب تارة وتفضض
كل تصح إذا تصح حياته ... إلا النسيم يصح ساعة يمرض
مجير الدين بن تميم:
يا حسنه من جدولٍ متدفقٍ ... يلهى برونق حسنه من أبصرا
ما زلت انذره عيوناً حوله ... خوفاً عليه أن يصاب فيعثرا
فأبى وزاد تمادياً في جريه ... حتى هوى من شاهقٍ فتكسرا
وقال:
وحديقة مالت بعا ... طف دوحها من غير سكر
والنهر ساج قد غدا ... بسعادة الأغصان يجري وقال:
لم لا أهيم إلى اليراض وحسنها ... وأظل منها تحت ظل واف
والروض حياتي بثغر باسم ... والماء يلقاني بقلب صاف
وقال:
ونهر خالف الأهواء حتى ... غدت طوعاً له في كل أمر
إذا سرقت حلى الأغصان ألقت ... إليه بها فيأخذها ويجري
وقال:
تأمل إلى الدولاب والنهر إذ جرى ... ودمعها بين الرياض غدير
كأن نسيم الروض قد ضاع منهما ... فاصبح ذا يجرى وذاك يدور
ناصر الدين بن النقيب:
وروضة توسوس الغصن بها ... لما هدى فيها النسيم الشمال
قد جن في أرجائها جدولها ... فهو على وجه الثرى سلسال
آخر:
وحديقة باكرتها مطوله ... والشمس ترشف ريق أزهار الربا
يتكسر الماء الزلال على الحصا ... فإذا أتى نحو الرياض تشعبا
آخر:
مياه بوجه الأرض تجري كأنها ... صفائح تبر قد سبكن جداولا
كأن بها من شدة الجري جنة ... وقد ألبستهن الرياح سلاسلا
ابن قزل:
كأنما النهر إذ مر النسيم به ... والغيم يهمي وضوء البرق حين بدا
رشق السهام ولمع البيض يوم وغى ... خاف الغدير سطاها فاكتسى زردا آخر:
يا حسن وجه النهر حين بدا ... والسحب تهطل فوقه هطلا
فكأنه درع وقد ملأت ... أيدي الكماة عيونه نبلا
الغزي:
في روضة قرن النهار نجومها ... بسنا ذكاء فزادهن توقدا
وانجز فوق غديرها ذيل الصبا ... سحراً فأصبحت الصفيحة مبردا
تاج الدين مظفر الذهبي:
وجدول خط فيه ... سطر بكف القبول
بدا عليه ارتعاش ... كذاك خط القليل
الشهاب محمود:
والسرو مثل عرئس ... لفت عليهن الملاء
شمرن فضل الأزر عن ... سوق خلاخلهن ماء
والنهر كالمرآة ... تبصر وجهها فيه السماء
قاضي القضاة مجير الدين بن العديم:
كأنما النهر وقد حفت به ... أشجاره فصافحته الأغصن
مرآة غيد قد وقفن حولها ... ينظرن فيها: أيهن أحسن!
آخر:
شجرات الخريف تكثر من غير سؤال إلى الرياح نشاطاً
تتعرى من لبسها وهو تبر ... ثم تلقيه للنديم بساطا (1/352)
آخر:
انظر إلى الروض النضير فحسنه للعين قره
فكأن خضرته السما ... ء ونهره فيه المجره
ابن وكيع:
غدير يجعد أمواهه ... هبوب الرياح ومر الصبا
إذا الشمس من فوقه أشرقت ... توهمته جوشناً مذهبا
سيف الدين علي بن قزل:
في يوم غيم من لذاذة جوه ... غنى الحمام وطابت الأنداء
والروض بين تكبر وتواضع ... شمخ القضيب به وخر الماء
آخر:
أيا حسنها من روضة ضاع نشرها ... فنادت عليه في الرياض طيور
ودولابها أضحى تعد ضلوعه ... لكثرة ما يبكي بها ويدور
سعد الدين بن شيخ الصوفية محيي الدين بن عربي:
شاهدت دولاباً له ادمع ... تكلفت المروض بالري
فأعجب له من فلك دائر ... ما فيه برج غير مائي
آخر:
وناعورة فارقت ... بواكي من جنسها
تدور على قلبها ... وتبكي على نفسها
وجيه الدين المناوي:
فوارة تحسب من حسنها ... سبيكة من فضة خالصه
تلهيك بالحسن فقد أصبحت ... جارية ملهية راقصه
الصلاح الصفدي:
النهر مولى والنسيم خديمه ... هذا كلام لست فيه أشكك
لو لم يكن في خدمة النهر انبرى ... ما كان يصقل ثوبه ويفرك
وقال:
لما زها زهر الربيع بروضة ... وغدا له الفضل المبين عليه
قام الحمام له خطيبا بالثنا ... وجرى الغدير فخر بين يديه
مجير الدين بن تميم:
تكسر الماء لما أن جرى فغدا الدولاب يندبه شجواً ويبكيه
وأصبح الغصن بالأوراق ملتطماً ... والورق فوق كراسي الدوح ترثيه
وقال:
والنهر مذعلق الغصون محبة ... أضحت تطيل صدوده وجفاه
فنراه يجري لائماً إقدامها ... وخريره شكوى الذي يلقاه
وقال:
بعث الربيع بقدومه ... للروض، فهو بقربه فرحان
ولطيب ما قرأ الهزار بشدوه ... مضمونها مالت له الأغصان
شمس الدين بن التلمساني:
كأنما البرق خلال السما ... من فوق غيم ليس بالكابي
طراز تبر في قبا أزرق ... من تحته فروة سنجاب
وقال:
فصل الشتا منح النواظر نضرة ... لما كسا الألوان وهي عوار
لم يلبس الغبراء لين مطارف ... حتى كسا الزرقاء بيض إزار
مجير الدين بن تميم:
ودولاب روض كان من قبل أغصنا ... تميس فلما فرقتها يد الدهر
تذكر عهداً بالرياض فكله ... عيون على أيام عصر الصبا تجري
آخر:
وناعورة قد ضاعفت بنواحها ... نواحي وأجرت مقلتي دموعها
وقد ضعفت مما تئن وقد غدت ... من الضعف والشكوى تعد ضلوعها
نور الدين علي بن سعد الأندلسي:
لله دولاب يفيض بسلسل ... في روضة قد أينعت أفناناً
قد طارحت فيه الحمام بشجوها ... ونحيبها فترجع الألحاناً
فكأنه دنف يطوف بمعهد ... يبكي ويسأل فيه عمن بانا
ضاقت مجاري طرفه عن دمعه ... فتفتحت أضلاعه أجفانا
ابن منير الطرابلسي في ناعورة:
هي مثل الأفلاك شكلا وفعلا ... قسمت قسم جاهل بالحقوق
بين عال سام ينكسه الحظ ... ويعلو بساحل مرزوق
آخر:
النهر مكسو غلالة فضة ... فإذا جرى سيل فثوب نضار
وإذا استقام رأيت صفحة منصل ... وإذا استدار رأيت عطف سوار
إبراهيم بن خفاجة الأندلسي:
النهر قد رقت غلالة خصره ... وعليه من صبغ الأصيل طراز
تترقرق الأمواج فيه كأنها ... عكن الخصور تهزها الأعجاز
بعضهم:
إن هذا الربيع شيء عجيب ... تضحك الأرض من بكاء السماء
ذهب حيثما ذهبنا ودر ... حيث درنا وفضة في الفضاء
ابن قلاقس:
كأنما الرعد والسحاب وقد ... حلا سوياً والبرق قد لاحا
ثلاثة من عدوهم تفروا ... وقد غدا نحوهم وقد راحا
فسل ذا سيفه، وبكى ه؟ ... ذا، وهذا من خيفة صاحا
ذكر الرياحين والأزهار الموجودة في البلاد المصرية
وما ورد فيها من الآثار النبوية والأشعار الأدبية والإشارات الصوفية
ما ورد في الفاغية وهي نور الحناء
أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية " . (1/353)
واخرج البيهقي عن أنس، قال: كان أحب الرياحين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاغية.
ما ورد في الورد
رويت فيه أحاديث كلها موضوعة، منها حديث علي مرفوعا: " لما أسرى بي إلى السماء، سقط إلى الأرض من عرقى، فنبت منه الورد، فمن أحب أن يشم رائحتي فليشم الورد " . أخرجه ابن عدي في كامله.
وحديث أنس مرفوعا: " الورد الأبيض خلق من عرقي ليلة المعراج، وخلق الورد الأحمر من عرق جبريل، وخلق الورد الأصفر من عرق البراق " ، أخرجه ابن فارس في كتاب الريحان.
والحديثان أوردهما ابن الجوزي في المووعات، ونص على وضع الثاني أيضا الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر.
قال صاحب مباهج الفكر: كان الخليفة المتوكل قد حمى الورد، ومنعه من الناس كما حمى النعمان بن المنذر الشقيق واستبد به، وقال: لا يصلح للعامة، فكان لا يرى غلا في مجلسه. وكان يقول: أنا ملك السلاطين، والورد ملك الرياحين، وكل منا أولى بصاحبه. وغلى هذا أشار ابن سكرة بقوله:
للورد عندي محل ... لأنه لا يمل
كل الرياحين جند ... وهو الأمير الأجل
إن جاء عزوا وتاهوا ... حتى إذا غاب ذلوا
قال ابن البيطار في مفرداته: الورد أصناف: أحمر، وأبيض، واصفر، وأسود. زاد غيره: وأزرق.
وحكى صاحب كتاب نشوار المحاضرة، أنه رأى وردا أسود حالك السواد، له رائحة ذكية، وانه رأى بالبصرة وردة نصفها احمر قاني الحمرة، ونصفها الآخر ابيض ناصع البياض، والورقة التي وقع الخط فيها كأنها مقسومة بقلم.
قال صاحب مباهج الفكر: رأينا بثغر الإسكندرية الورد الأصفر كثيرا، وعددت ورق وردة، فكانت ألف ورقة.
قال: وحكى لي بعض الأصحاب أنه رأى بحلب ورقة لها وجهان: أحدهما أحمر والآخر أصفر.
قال: وحكى بعض الأصحاب أنه رأى آبارا تجرى إلى شجر الورد ماء مخلوطا بالنيل، فسأله فقال: إن الورد يكون أزرق بهذا العمل.
قال صاحب المباهج: والظاهر من الورد الأسود، انه احتيل عليه كذلك. وقال الحافظ الذهبي في الميزان: روى قريش عن أنس عن كليب بن وائل - وكليب نكرة لا يعرف - أنه رأى بالهند ورقا في الوردة مكتوب فيه " محمد رسول الله " .
وروى ابن العديم في تاريخه بسنده إلى علي بن عبد الله الهاشمي الرقي، قال: دخلت الهند، فرأيت في بعض قراها وردة كبيرة طيبة الرائحة، سوداء، عليها مكتوب بخط أبيض " لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق " . فشككت في ذلك، وقلت: إنه معمول، فعمدت إلى وردة لم تفتح، ففتحتها، فكان فيها مثل ذلك، وفي البلد منه شيء كثير، وأهل تلك القرية يعبدون الحجارة، لا يعرفون الله عز وجل.
ويقال: ورد جور، ونرجس جرجان، ونيلوفر شروان، ومنثور بغداد، وزعفران قم، وشاهسبرم سمرقند.
قال أبو العلاء صاعد الأندلسي في باكورة ورد:
ودونك يا سيدي وردة ... يذكرك المسك أنفاسها
كعذراء أبصرها مبصر ... فغطت بأكمامها رأسها
آخر:
وردة تحكي أمام الورد ... طليعة سابقة للجندر
قد ضمنها في الغصن قر البرد ... ضم فم لقبلة من بعد
أبو عبادة البحتري:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا ... من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النوروز في غسق الدجى ... أوائل ورد كن بالأمس نوما
يفتحه برد الندى فكأنما ... يبث حديثا بينهن مكتما
محمد بن عبد الله بن طاهر:
أما ترى شجرات الورد مظهرة ... لنا بدائع قد ركبن في قصب
كأنهن يواقيت يطيف بها ... زبرجد وسطه شذر من الذهب
يقال إنه نظم هذين البيتين من قول أزدشير بن بابك، وقد وصف الورد: هو در أبيض، وياقوت أحمر، على كراسي زبرجد اخضر، بوسطه شذر من ذهب اصفر.
الناشي:
قضب الزبرجد قد حملن عقائقا ... أثمارهن قراضة العقيان
وكأن دمع القطر في أهدابه ... دمع مرته فواتر الأجفان
محمد بن عبد الله بن طاهر:
مداهن من يواقيت مركبة ... على الزبرجد في أجوافها ذهب
كأنه حين يبدو من مطالعه ... صب يقبل حبا وهو يرتقب
خاف الملال إذا طالت إقامته ... فظل يظهر أحيانا ويحتجب
أبو طالب الرقي: (1/354)
ووردة من نبات معطار ... حيت بها في لطيف أسرار
كأنها وجنة الحبيب وقد ... نقطها عاشق بدينار العماد الأصبهاني:
قلت للورد ما لشوكك يدمي ... كل ما قد سعرت منه جراحى
قال لي: هذه الرياحين جندي ... أنا سلطانها وشوكي سلاحي
في الورد الأصفر لبعضهم:
رعى الله وردا غدا أصفر ... بهيا نضيرا يحاكي النضارا
وأسقى غصونا به أثمرت ... وحملن منه شموساً صغاراً
المؤيد الطغرائي:
شجرات ورد أصفر تخذت ... في قلب كل متيم طربا
سبكت يد الغيم اللجين لها ... فكسته صبغا مونقا عجبا
من ذا رأى من قبله شجراً ... سقي اللجين فأثمر الذهبا
وقال:
ألم تر ان جند الورد وافي ... بصفر من مطارده وخضر
أتى مستلئماً بالشوك فيه ... نصال زمرد وتراس تبر
في الورق الأزرق من وصف بستان لبعضهم:
وبه وارد من الورد قد أينع في رقة الهواء اللطيف
شبهوه بدمعة العاشق الآ ... لف نالته جفوة من أليف
فهو يحكيه زرقة ومثال القرص لوناً في خد ظبي تريف
ورق أزرق كزرق يواقيت تطلعن من لجين مشوف
في الورد الأبيض للسرى الرفاء:
وروض كساه الغيث إذ جاد دمعه ... مجاسد وشي من بهار ومنثور
بدا أبيض الورد الجني كأنما ... تنسم للناشي بمسك وكافور
كأن اصفراراً منه تحت ابيضاضه ... برادة تبر في مداهن بلور
في الورد الأسود لأبي أحمد الطراري:
لله أسود ورد ظل يلحظنا ... من الرياض بإحداق اليعافير
كأنها وجنات الزنج نقطها ... كف الإمام بأنصاف الدنانير
آخر:
وورد أسود خلناه لما ... تنشق نشره ملك الزمان
مداهن عنبر غض وفيها ... بقايا من سحيق الزعفران
علي بن الرومي يهجو الورد:
يا مادح الورد لا ينفك من غلطه ... ألست تنظره في كف ملتقطه؟
كأنه سرم بغل حين يبرزه ... عند البزاز، وباقي الروث في وسطه
قال ابن المعتز يرد عليه:
يا هاجي الورد لأحييت من رجل ... غلطت، والمرء قد يؤتي على غلطه
هل تنبت الأرض شيئا من أزاهرها ... إذا تحلت يحاكي الوشى من نمطه
أحلى وأشهر من ورد له أرج ... كأنما المسك مذرور على وسطه:
علي بن الرومي يفضل النرجس على الورد:
أيها المحتج المور ... د بزور ومحال
ذهب النرجس بالفضل فأنصف في المقال
لا تقاس الأعين النجل باسرام البغال
أبو هلال العسكري يرد عليه:
افضل الورد على النرجس ... لا أجعل الأنجم كالأشمس
ليس الذي يقعد في مجلس ... مثل الذي يمثل في مجلس
علي بن سعيد المؤرخ:
من فضل النرجس فهو الذي ... يرضي بحكم الورد إذ يرأس
أما ترى الورد غدا قاعداً ... وقام في خدمته النرجس
والناس يشبهون عدم دوام الورد بقلة بقاء الود، ولهذا كتب أبو دلف إلى عبد الله ابن ظاهر يعاتبه:
أرى حبكم كالورد ليس بدائم ... ولا خير فيمن لا يدوم له عهد
وودي لكم كالآس حسناً ونضرة ... له زهرة تبقى إذا فنى الورد
فأجابه عبد الله بن طاهر:
وشبهت ودي الورد وهو شبيهه ... وهل زهرة إلا وسيدها الورد
وودك كالآس المرير مذاقه ... وليس له في القلب قبل ولا بعد واعتذر ديك الجن عن قلة لبث الورد فقال:
للورد حسن وإشراق إذا نظرت ... إليه عين محب هاجه الطرب
خلاف الملال إذا دامت إقامته ... فصار يظهر حيناً ثم يحتجب
ما ورد في النرجس
روى فيه حديث موضوع، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس، وابن الجوزي في الموضوعات بسند مسلسل بالقضاة عن علي مرفوعا: " شموا النرجس ولو في اليوم مرة، ولو في الشهر مرة، ولو السنة مرة، ولو في الدهر مرة، فإن في القلب حبة من الجنون والجذام والبرص لا يقطعها إلا شم النرجس " .
قال بقراط: كل شيء يغذو الجسم والنرجس يغذو العقل.
وقال جالينوس: من كان له رغيف فليجعل نصفه في النرجس، فإنه راعى الدماغ، والدماغ راعي العقل.
وقال الحسن بن سهل: من أدمن شم النرجس في الشتاء أمن البرسام في الصيف.
وقال بعض الأدباء: النرجس نزهة الطرف، وطرف الظرف، وغذاء الروح، ومادة الروح. وكان كسرى انو شروان مغرماً بالنرجس، ويقول: هو ياقوت اصفر بين در ابيض على زمرد أخضر. (1/355)
وقال: إني لأستحي أن أباضع في مجلس فيه النرجس لأنه أشبه شيء بالعيون الناظرة.
وقال الشاعر:
فإذا قضيت لنا بعين مراقب ... في الحب فليك من عيون النرجس
أبو نواس:
لدى نرجس غض القطاف كأنه ... إذا ما منحناه العيون عيون
مخالفة في شكلهن فصفرة ... مكان سواد والبياض جفون
ابن المعتز:
كان عيون النرجس الغض بيننا ... مداهن تبر حشوهن عقيق
إذا بلهن خلت دموعها ... بكاء جفون كحلهن خلوق
كشاجم:
كأنما نرجسنا ... وقد تبدى من كثب
أنامل من فضة ... يحملن كأساً من ذهب
الصنوبري:
أضعف قلبي النرجس المضعف ... ولا عجيب إن صبا مدنف
كأنه بين رياحيننا ... أعشار آي ضمها مصحف
ابن مكنسة:
ونرجس إلى حدا ... ئق الربا محدق
كأنما صفرته ... على بياض يقق
أعشار جزء أذهبت ... في ورق من ورق
أبو بكر بن حازم:
ونرجس ككئوس التبر لائحة ... من الزبرجد قد قامت بها ساق
كأنها من عيون هدبها ورق ... لهن من خالص العقيان إحداق
آخر:
واحسن ما في الوجوه العيو ... ن وأشبه شيء بها النرجس
يظل يلاحظ وجه الندي ... م فرداً وحيداً فيستأنس
الصنوبري:
وعندنا نرجس أنيق ... تحيا بأنفاسه النفوس
كأن أجفانه بدور ... كان إحداقه شموس
وقال:
أرأيت أحسن من عيون النرجس ... أو من تلاحظهن وسط المجلس
در تشقق عن يواقيت على ... قضب الزبر فوق بسط السندي
ابن الرومي:
ونرجس كالثغور مبتسم ... له دموع المحدق الشاكي
أبكاه قطر الندى وأضحكه ... فهو مع القطر ضاحك باكي
وقال:
انظر إلى نرجس في روضة أنف ... غناء قد جمعت شتى من الزهر
كأن ياقوتة صفراء قد طبعت ... في غصنها حولها ست من الدرر
آخر:
أبصرت باقة نرجس ... في كف من أهواه غضه
فكأنها قضب الزبر ... جد قمعت ذهباً وفضه
ومن رسالة لضياء الدين الأثير يصف منتزها: جاء فيها في وصف النرجس: فمن جاني نرجس يقول: هذا صاحب القد المائس، والذي عينه عين متيقظ وجيده جيد ناعس، وهو بكر الربيع والبكر أكرم الأولاد على الوالد، وقد جعل ذا لونين اثنين؛ إذ لم يحظ غيره إلا بلون واحد.
ما ورد في البنفسج
فيه أحاديث ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات، منها حديث أبي سعيد مرفوعا: " فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان، كفضلي على سائر الخلق، بارد في الصيف حار في الشتاء " . أخرجه ابن حبان في تاريخ الضعفاء والحاكم في تاريخ نيسابور والديلمي في مسند الفردوس. وورد أيضا بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة وأنس أخرجهما الخطيب البغدادي، ومن حديث علي أخرجه ابن الجوزي وقال في الأربعة: إنها موضوعة.
واخرج أبو نعيم في الحلية من حديث الحسين بن علي مروعا: " فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان، كفضل ولد عبد المطلب على سائر قريش، وفضل البنفسج كفضل الإسلام على سائر الأديان " . قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمد، لم نكتبه غلا بهذا الإسناد عن هذا الشيخ، أفادنا إياه الدرا قطني، وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات أيضا.
قال ابن وحشية: البنفسج نوعان: جبلي وبستاني، والجبلي دقيق الورق، أزرق اللون، والبستاني عريض الورق حائك اللون، ويوجد فيه الأبيض على لون الشمع، ولا يوجد إلا بمصر، ويسمى الطكوفي. ومن عجيب أمره ان الإنسان إذا تغوط في مجاري الماء إليه مات وذبل، وكذا إن خرج منه ريح في مزرعته، وانه إذا دام عليه الضباب يوما أو نحوه ضعف، ومتى توالي نقصت زهرته، وصغر ورقه، وتغيرت رائحته؛ ومن الأشياء المضادة له القصب، فإنه لا يكاد يفلح بقربه ولا ينمى، وإن وقعت صاعقة على أربعمائة ذراع منه فأقل هلك سريعا. ويفسده أيضا البرد والرعد الشديد المتتابع والسموم وريح الشمال الباردة والمطر الكثير وماء الآبار والدخان والتراب المقبرة.
ومن رسالة لأبي العلاء عطارد بن يعقوب الخوارزمي يصف بنفسجة: سماوية اللباس، نسمية الأنفاس، واضعة رأسها على ركبتها كعاشق مهجور، تنطوي على قلب مسجور، كبقايا النقش في بنان الكاعب، أو النقس في أصابع الكاتب، أو الكحل في الألحاظ الملاح، المراض الصحاح، الفاتراب الفاتنات، المحييات القاتلات، لا زوردية اربت بزرقتها على زرق اليواقيت، كأوائل النار في أطراف كبريت، أو اثر القرص في خدود العذارى. (1/356)
أو غذار خلعت فيه العذارا
أبو القاسم بن هذيل الأندلسي:
بنفسج جمعت أوراقه فحكت ... كحلا تشرب دمعا يوم تشديد
أو لازوردية أوفت بزرقتها ... وسط الرياض على زرق اليواقيت
كأنه وضعاف القضب تحمله ... أوائل النار في أطراف كبريت
آخر:
بنفسج بذكى الريح مخصوص ... ما في زمانك إذ وفاك تنغيص
كأنما شعل الكبريت منظره ... أو خد اغيد بالتخميش مقروص آخر:
ماس البنفسج في أغصانه فحكى ... زرق الفصوص على بيض القراطيس
كأنه وهبوب الريح تعطفه ... بين الحدائق أعراف الطواويس
آخر في البنفسج الأبيض:
كان البنفسج فيما حكى ... لطائف أخلاقك المونقة
يلوح ومن تحت طاقاته ... فصوص من الفضة المحترقة
الأمير عبد الله الميكالي:
يا مهديا لي بنفسجا أرجا ... يرتاح صدري له وينشرح
بشرني عاجلا مصحفه ... بان ضيق الأمور ينفسح
مجير الدين بن تميم الحموي:
عاينت ورد الروض يلطم خده ... ويقول وهو على البنفسج محنق
لا تقربوه وغن تضوع نشره ... ما بينكم فهو العدو الأزرق
آخر:
بنفسج الروض تاه عجبا ... وقال طيبي للجو ضمخ
فاقبل الزهر في احتفال ... والبان من غيظه تنفخ
ما قيل في النيلوفر
قال ابن التلميذ: النيلوفر اسم فارسي معناه النيلي الأجنحة والنيلي الأرياش.
وقال ابن وحشية: الفرس تسميه نينوفر والعرب نيلوفر والهند نيلوفك والنبط نيلوفريا. والنبط نيلوفريا.
قال ابن التلميذ: ومن عاداته أن يحول وجهه إلى الشمس إذا طلعت، فيزيد انفتاحه بزيادة علو الشمس، فإذا أخذت في الهبوط أبتدأ ينضم على ذلك الترتيب، حتى ينضم انضماما كاملا عند الغروب، ويبقى مضمونا الليل كله، فإذا طلعت أخذ في انفتاح، وهذا دأبه أبدا. قال: وهو نبات قمري يزيد بزيادة القمر، وينقص بنقصانه.
أبو بكر الزبيدي الأندلسي:
وبركة تزهو بنيلوفر ... نسيمها يشبه ريح الحبيب
حتى إذا الليل دنا وقته ... ومالت الشمس لوقت المغيب
أطبق جفنيه على جيبه ... وغاص في البركة خوف الرقيب
آخر:
وبركة أحيا بها ماؤها ... من زهرها كل نبات عجيب
كأن نيلوفرها عاشق ... نهاره يرقب وجه الحبيب
حتى إذا الليل بدا نجمه ... وانصرف المحبوب خوف الرقيب
أطبق جفنيه عسى في الكرى ... يبصر من فارقه عن قريب
آخر:
يا حبذا بركة نيلوفر ... قد جمعت من كل فن عجيب
أزرق في أحمر في ابيض ... كقرصة في صحن خد الحبيب
كأنه يعشق شمس الضحى ... فأنظره في الصبح وعند المغيب
إذا تجلت يتجلى لها ... حتى إذا غاب سناها يغيب
آخر:
كلنا باسط اليد ... نحو نيلوفر ندى
كدبابيس عسجد ... قضبها من زبرجد
آخر:
انظر إلى بركة نيلوفر ... محمرة الأوراق خضراء
كأنما أزهارها أخرجت ... ألسنة النار من الماء
آخر:
ونيلوفر صافحته الريا ... ح وعانقها الماء صفوا ورنقا
وتحمل أوراقه في الغدي ... ر السنة النار حمراً وزرقاً
آخر:
صفر المداري تضمها شرف ... مفتضح عند نشرها العطر
تحملها خيزرانة ذبلت ... ذبول صب أذابه الهجر
كأنها إذ رأيت ألسنة ... أنطقها للمهيمن الشكر
خناجر من خناجر نزعت ... فهي على الماء من دم حمر
الطغرائي:
ونيلوفر أعناقه أبدا صفر ... كان به سكراً وليس به سكر
إذا انفتحت أوراقه فكأنها ... وقد ظهرت ألوانها البيض والصفر
أنامل صباغ صبغن بنيلة ... وراحتها بيضاء في وسطها تبر
ابن الرومي:
يرتاح للنيلوفر القلب الذي ... لا يستفيق من الغرام وجهده (1/357)
والورد اصبح في الروايح عبده ... والنرجس المسكي خادم عبده
يا حسنة في بركة قد أصبحت ... محشوة مسكاً يشاب بنده
مهجور حب ظل يرفع رأسه ... كالمستجير بربه من صده
وكأنه غذ غاب عند مسائه ... في الماء فانحجبت نضارة قده
صب تهدده الحبيب بهجره ... ظلما فغرق نفسه من وجده
الوجيه بن الذروي يهجو النيلوفر:
ونيلوفر أبدى لنا باطنا له ... مع الظاهر المخضر حمرة عندم
فشبهته لما قصدت هجاءه ... بكاسات حجام بها لوثة الدم
البشنين
قال في مباهج العبر: وإذا مر النيل بمصر ينبت في أماكن منخفضة، قد وقف فيها الماء نباتاً يشبه النيلوفر، ليست له رائحة ذكية، يسمى البشنين، يتخذ منه دهن وهو نوعان نوع يسمى الخريري، يشبه الرمان، وتسميه أهل مصر الجلجلان، والآخر يسمونه الغزي، وله اصل يسمى البيارون.
ما ورد في الآس
أخرج ابن السني وأبو نعيم، كلاهما في الطب النبوي عن ابن عباس، قال: اهبط آدم من الجنة بثلاثة أشياء: بالآسة، وهي سيدة ريحان الدنيا، وبالسنبلة وهي سيدة طعام الدنيا، وبالعجوة وهي سيدة ثمار الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره وابن السني عن ابن عباس قال: أول شيء غرس نوح حين خرج من السفينة الآس.
وأخرج ابن السكن عن عائشة، قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستاك بعود الآس وعود الرمان، فإنهما يحركان عرق الجذام.
وأخرج ابن السني عن الاوزاعي، يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن التخلل بالآس، وقال: إنه يسقى عرق الجذام.
قال في مباهج العبر: اليونان تسمى الآس مرسينا، وتسميه العامة المرسين.
وقال ابن وحشية: الآس سيد الرياحين، ويعظم حتى إنه يشجر ويثمر ثمراً قدر الحمص، وهو ثلاثة أنواع: أخضر وهو المشهور، وأصفر وهو ما فسد من ورق الأول، وازرق ويسمى الخسرواني، وهو أن يخلط في أصوله عند الزرع ورق النيل، قال الأخيطل الاهوازي:
للآس فضل بقائه ووفائه ... ودوام منظره على الأوقات
قامت على أغصانه ورقاته ... كنصول نبل جئن مؤتلفات
آخر:
ومشمومة مخضرة اللون غضة ... حوت منظرا للناظرين أنيقا
إذا شمها المعشوق خلت اخضرارها ... ووجنته فيروزجاً وعقيقا
ابن وكيع:
خليلي ما للآس يعبق نشره ... إذا هب أنفاس الرياح العواطر
حكى لونه أصداغ ريم معذر ... وصورته آذان خيل نوافر
ما ورد في الريحان، وهو الحبق
روى فيه أحاديث موضوعة، منها حديث ابن عباس مرفوعا: " نعم الريحان ينبت تحت العرش، وماؤه شفاء للعين " أخرجه العقيلي، وقال: باطل له أصل له، وابن الجوزي في الموضوعات. وورد نحوه من حديث أنس أخرجه الخطيب البغدادي، وقال: موضوع، وابن الجوزي أيضا.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا " المرزنجوش مزروع حول العرش، فإذا كان في دار لم يدخلها الشيطان " ، قال الخطيب: باطل.
قال ابن الجوزي: وروى بسند مجهول من حديث أنس مرفوعا: " عن في الجنة بيتا سقفه من مزرنجوش " .
قال في مباهج العبر: العرب تطلق اسم الريحان على كل نبت له ريح طيبة.
والحبق أنواع: منه الريحان النبطي، وهو عريض الورق، ويسمى الباذروج، وهو المعروف عند الناس المتخذ في البساتين.
وحبق ترجاني، وله رائحة كرائحة الاترج، ويسمى الباذرنجبويه والباذرنبويه، واسمه بالفارسية مرماخوز، بالزاي المعجمة، وهو دقيق الورق.
وحبق قرنفلي، وله رائحة كرائحة القرنفل، ويسمى الفرنحمشك بالفارسية.
وحبق صعتري، له رائحة كرائحة الصعتر.
وحبق كرماني، ويسمى بالفارسية الشاهسفرم ومعناه ملك الرياحين، والعرب تسميه الضميران والضومران، وهو دقيق الورق جدا، يكاد أن يكون دون السداب.
وحبق الفتى وهو المرزنجوش، والعرب تسميه العبقر، ويقال إنه الثمام.
وريحان الكافور، ويسمى بالفارسية سوسن، وشكله شكل المنثور وزهره وورقه يؤديان رائحة الكافور.
قال السري الرفاء يصف حوض ريحان:
وبساط ريحان كماء زبرجد ... عبثت به أيدي النسيم فأرعدا
يشتاق القوم الكرام فكلما ... مرض النسيم سعوا إليه عودا
أبو الفضل الميكالي: (1/358)
أعددت محتفلا ليوم فراغي ... روضا غدا إنسان عين الباغ
روض يروض هموم قلبي حسنه ... فيه ليوم اللهو أي مساغ
وإذا انثنت قضبان ريحان به ... حيت بمثل سلاسل الأصداغ
أبو القاسم الصقلي:
أنا بالريحان مفت ... ون، ولا مثل الحماحم
فتأمله تجد عذ ... راً لصب القلب هائم
غلمة الجند بخضر ال؟ ... قمص في حمر العمائم
الطغرائي:
مراضيع من الريحان تسقي ... سقيط الطل أو در العهاد
ملابسهن خضر مسبغات ... بأشكال تميل إلى السواد
إذا ذرت عليها المسك ريح ... وجاد بفيضهن يد الغوادي
تخللها الرياح فسرحتها ... صنيع المشط في اللمم الجعاد
ابن أفلح:
وحماحم كأسنة ... في كل معترك قديم
أو أنجم بزغت لتحرق كل شيطان رجيم
أو مثل أعراف الديو ... ك لدى مبارزة الخصوم
أو كالشقيق تحرشت ... بفروعه أيدي النسيم
أو ثاكل صبغت ثيابا ... من دم الخد اللطيم ابن وكيع:
هذا الحماحم زهر ... فيه حياة النفوس
كأنه حين يبدو ... برادة الآبنوس
آخر:
أما ترى الريحان أهدى لنا ... حماماً منه فأحيانا
تحسبه في طله والندى ... زمردا يحمل مرجانا
ابن وكيع في الصعتري:
صعتري أرق من أرجل النم ... ل، وأذكى من نفحة الزعفران
كسطور كسين نقطاً وشكلاً ... من يدي كاتب ظريف البنان
صاعد الأندلسي في الريحان الترنجي:
لم أدر قبل ترنجان مررت به ... أن الزمرد أغصان وأوراق
من طيبة سرق الأترج نكهته ... يا قوم حتى من الأشجار سراق!
آخر:
ذكي العرف مشكور الأيادي ... كريم عرفه يسلي الحزينا
أغار على الترنج وقد حكاه ... وزاد على اسمه ألفاً ونوناً
ما قيل في المنثور، وهو الخيري
ابن وكيع:
أنظر إلى المنثور في ميدانه ... يدنو إلى الناظر من حيث نظر
كجوهر مختلف لونه ... أسلمه سلك نظام فانتثر
آخر:
أنظر إلى المنثور ما بيننا ... وقد كساه الطل قمصاناً
كأنه صاغته أيدي الحيا ... من أحمر الياقوت مرجانا
ومن خواصه أنه لا تعبق له رائحة إلا ليلاً، وفيه يقول الشاعر:
ينم مع الإظلام طيب نسيمه ... ويخفى مع الإصباح كالمتستر
كعاطرة ليلا لوعد محبها ... وكاتمة صبحا نسيم التعطر
ما قيل في الياسمين
كتب ناصر الدين التنيسي إلى النصير الحمامي ملغزا فيه:
يا من يحل اللغز في ساعة ... كلمحة من طرفة العين
ما اسم إذا أنقصت من عده ... في الخط حرفاً صار اسمين
فأجابه نصير:
لعرض مولانا وأنفاسه ... ألغزت لي حقاً بلامين
اسم سداسي لطيف به ... نحافة تظهر للعين
لكنه يغدو سمينا إذا ... أسقطت من أولاه حرفين
أبو إسحاق الحصري يصف الياسمين قبل انفتاحه:
خليلي هبا وانفضا عنكما الكرى ... وقوما إلى روض ونشر عبيق
فقد راح رأس الياسمين منورا ... كإفراط در قمعت بعقيق
يميل على ضعف الغصون كأنما ... له حالتا ذي خشية ومفيق
إذا الريح أدنته إلى الأرض خلته ... نسيم جنوب ضمخت بخلوق
آخر:
وروضة نورها يرث ... مثل عروس إذا تزف
كأنما الياسمين فيها ... أنامل مالها أكف
أبو بكر بن القوطية:
وأبيض ناصع صافي الأديم ... يطلع فوق مخضر بهين
كأن نواره المجني منه ... سماء قد تحلت بالنجوم
آخر:
كأن الياسمين الغض لما ... أدرت عليه وسط الروض عيني
سماء للزبرجد قد تبدت ... لنا فيها نجوم من لجين
المعتمد بن عباد:
كأنما ياسميننا الغض ... كواكب في السماء تبيض
والطرق الحمر في بواطنه ... كخد عذراء مسه عض
ابن عبد الظاهر:
وياسمين قد بدت ... أزهاره لمن يصف
كمثل ثوب أخضر ... عليه قطن قد ندف
آخر:
وياسمين عبق النشر ... يزري بريح العنبر الشحري
يلوح من فوق غصون له ... كمثل أقراط من الدر
ابن الحداد الأندلسي:
بعثت بالياسمين الغض مبتسما ... وحسنه فاتن للنفس والعين (1/359)
بعثته منبثا عن صدق معتقدي ... فأنظر تجد لفظه ياسا من المين
وقال آخر:
لا مرحبا بالياسم؟ ... ين وان غدا في الروض زينا
صحفته فوجدته ... متقابلا يأسا ومينا
آخر:
وياسمين إن تأملته ... حقيقة أبصرته شينا
لأنه يئس ومين ومن ... أحب قط اليأس والمينا!
ما قيل في النسرين
قال ابن وحشية: الياسمين والنسرين متقاربان حتى كأنهما أخوان، وكل واحد منهما نوعان: ابيض واصفر، ولهما شقيق آخر ورده أكبر من وردهما، يسمى جلنسرين، قال عبد الرزاق بن علي النحوي:
زان حسن الحدائق النسرين ... فالحجا في رياضه مفتون
قد جرى فوقه اللجين وإلا ... فهو من ماء فضة مدهون
أشبهته طلى الحسان بياضا ... وحوته شبه القدود غصون
آخر:
أكرم بنسرين تذيع الصبا ... من نشره مسكا وكافورا
ما إن رأينا قط من قبله ... زبرجداً يثمر بلورا
آخر:
انظر لنسرين يلو ... ح على قضيب أملد
كمداهن من فضة ... فيها برادة عسجد
حيتك من أيدي الغصو ... ن بها أكف زبرجد
ما قيل في الأقحوان
مجير الدين محمد بن تميم:
لا تمش في روض وفيه شقائق ... أو أقحوان غب كل غمام
إن اللواحظ والخدود أجلها ... عن وطئها في الروض بالأقدام
آخر:
كأن نور الاقاحي ... إذ لاح غب القطر
أنامل من لجين ... أكفها من تبر
علي بن عباد الإسكندراني:
والأقحوانة تحكي وهي ضاحكة ... عن واضح غير ظلم ولا شنب
كأنها شمسة من فضة حرست ... خوف الوقوع بمسمار من الذهب
ظافر الحداد:
والأقحوانة تحكي ثغر غانية ... تبسمت فيه من عجب ومن عجب
في القد والبرد والريق الشهي وطي ... ب الريح واللون والتفليج والشنب
كشمسة من لجين في زبرجدة ... قد شرفت حول مسمار من الذهب الجمال علي بن ظافر المصري:
انظر فقد أبدى الأقاح مباسماً ... ضحكت تهلل في قدود زبرجد
كفصوص در لطفت أجرامها ... قد نظمت من حول شمسة عسجد
آخر:
ظفرت يدي للأقحوان بزهرة ... تاهت بها في الروضة الأزهار
أبدت ذراع زبرجد وأناملاً ... من فضة في كفها دينار
ما قيل في البان
شمس الدين بن محمد التلمساني:
تبسم زهر البان عن طيب نشره ... واقبل في حسن يجل عن الوصف
هلموا إليه بين قصف ولذة ... فغن غصون البان تصلح للقصف
الشهاب محمود على لسان البان:
إذا دغدغتني أيدي النسيم ... فملت وعندي بعض الكسل
فسل كيف حال قدود الملاح ... وعن حال سمر القنا لا تسل
أبو جلنك الشاعر يهجو القاضي شمس الدين بن خلكان:
لله بستان حللنا دوحه ... في جنة قد فتحت أبوابها
والبان تحسبه سنانيراً رأت ... قاضي القضاة فنفشت أذنابها
تاج الدين بن شقير:
قد أقبل الصيف وولي الشتا ... وعن قريب نشتكي الحرا
أما ترى البان بأغصانه ... قد أقلب الفرو إلى برا
ما قيل في الشقيق
ابن الرومي:
يصوغ لنا كف الربيع حدائقا ... كعقد عقيق بين سمط لآل
وفيهن نوار الشقائق قد حكى ... خدود غوان مقطت بغوال
كشاجم:
فرج القلب غاية التفريج ... ابتهاجي ما بين روض بهيج
فكان الشقيق فيه أكاليل ... عقيق على رءوس زنوج
أبو العلاء السروى:
جام تكون من عقيق أحمر ... ملئت قرارته بمسك أذفر
خرط الربيع مثاله فأقامه ... بين الرياض على قضيب أخضر
أبو بكر الصنوبري:
وكأن محمر الشقيق إذا تصوب أو تصعد
أعلام ياقوت نشر ... ن على رماح من زبرجد
الخيار البلدي:
انظر إلى مقل الشقي ... ق تضمنت حدق السبج
من فوق أغصان حسن ... وما سمجن من العوج
آخر:
شقيقة شق على الورد ما ... قد لبست من كثرة الصبغ
كأنها في حسنها وجنة ... يلوح فيها طرف الصدغ
في زهر النارنج
للقاضي الفاضل:
نديمي هيا قد قضى النجم نحبه ... وهب نسيم ناعم يوقظ الفجرا
وقد أزهر النارنج أزرار فضة ... تزر على الأشجار أوراقها الخضرا (1/360)
في الخشخاش
ابن وكيع:
وخشخاش كأنا منه نفرى ... قميص زبرجد عن جسم در
كأقداح من البلور صينت ... بأغشية من الديباج خضر
في نور الكتان
ابن وكيع:
ذوائب كتان تمايل في الضحى ... على خضر أغصان من الري ميد
كأن اصفرار الزهر فوق اخضرارها ... مداهن تبر ركبت في زبرجد
آخر:
كأنه حين يبدو ... مداهن اللازورد
إذا السماء رأته ... تقول: هذا فرندي
ابن الرومي:
وحلس من الكتان أخضر ناعم ... سقى نبته داني الرباب مطير
إذا درجت فيه الشمال تتابعت ... ذوائبه حتى يقال غدير
ذكر الفواكه
ما ورد في البطيخ
أخرج ابن عدي في الكامل عن عائشة، قال: كان احب الفاكهة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرطب والبطيخ.
واخرج الطبراني والحاكم في المستدرك، عن أنس، ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الرطب بيمينه، والبطيخ بيساره، فيأكل الرطب بالبطيخ، وكان أحب الفاكهة غليه.
قال في مباهج الفكر: البطيخ ثلاثة أصناف: هندي ويسمى بمصر البطيخ الأخضر وبالحجاز الحبحب، وصيني ويسمى بمصر الأصفر، وفيه يقول الشاعر:
ثلاث هن في البطيخ زين ... وفي الإنسان منقصة وذله
خشونة لمسه والنقل فيه ... وصفرة لونه من غير عله
وخراساني، ويسمى بمصر العبدلي منسوب لعبد الله بن طاهر، فإنه الذي دخل به مصر، قال أبو طالب المأموني في البطيخ الهندي:
ومبيضة فيها طرائق خضرة ... كما اخضر مجرى السيل من صيب المزن
كحقة عاج ضببت بزبرجد ... حوت قطع الياقوت في عصب القطن
آخر:
أخ لي صادق أهدى إلينا ... كما يهدي الصديق إلى الصديق
قلال زبرجد فيهن شهد ... وحشو الشهد شيء كالعقيق
آخر:
رأيتها في كف جلابها ... وقد بدت في غاية الحسن
كسلة خضراء مختومة ... على الفصوص الحمر في القطن
أبو طالب الماموني في البطيخ الأصفر:
وبطيخة مسكية عسلية ... لها ثوب ديباج وعرف مدام
شطر أولمحققة ملء الأكف كأنها ... من الجزع كسرى لم ترض بنظام
لها حلة من جلنار وسوسن ... معمدة بالآس غب غمام
تمازج فيها لون حب وعاشق ... كساه الهوى والبين ثوب سقام
إذا فصلت للأكل كانت أهلة ... وغن لم تفصل فهي بدر تمام
وقال:
يقطع بالسكين بطيخة ضحى ... على طبق في مجلس لأن صاحبه
كبدر ببرق في سماء أهلة ... على هالة في الأفق شتى كواكبه
آخر:
أتانا الغلام ببطيخة ... وسكينة أشبعوها صقالا
فقطع بالبرق شمس الضحى ... وناول كل هلال هلالا آخر:
ألا فانظروا البطيخ وهو مشقق ... وقد جاز في التشقيق كل أنيق
صفاها كبلور بدت في زمرد ... مركبة فيها فصوص عقيق
ما ورد في الرمان
اخرج عبد الله بن احمد في زوائد المسند وابن السني بسند رجاله ثقات، عن علي ابن أبي طالب، قال: كلوا الرمان بشحمه، فإنه دباغ للمعدة.
واخرج الطبراني بسند صحيح، عن ابن عباس، أنه كان يأخذ الحبة من الرمان فيأكلها، فقيل له: لم تفعل هذا؟ قال: بلغني أنه ليس في الأرض رمانة إلا تلقح بحبة من حب الجنة، فلعلها هذه.
قال بعضهم:
رمانة صبغ الزمان أديمها ... فتبسمت في ناضر الأغصان
فكأنها في حقة من عسجد ... قد أودعت خرزا من المرجان
آخر:
رمانة مثل نهد الكاعب الريم ... تزهي بشكل ولون غير مذموم
كأنها حقة من عسجد ملئت ... من اليواقيت نثراً غير منظوم
آخر:
ولاح رماننا فأبهجنا ... بين صحيح وبين مفتوت
من كل مصفرة مزعفرة ... تفوق في الحسن كل منعوت
كأنها حقة فإن فتحت ... فصرة من فصوص ياقوت آخر:
طعم الوصال يصونه طعم النوى ... سبحان خالق ذا وذا من عود
فكأنها والخضر من أوراقها ... خضر الثياب على نهود الغيد
آخر:
خذوا صفة الرمان عني فإن لي ... لساناً عن الأوصاف غير قصير
حقاق كأمثال العقيق تضمنت ... فصوص بلخش في غشاء حرير
في جلنارة
أبو فراس الحمداني: (1/361)
وجلنار مشرف ... على أعالي شجره
كأنه في أغصانه ... أحمره وأصفره
قراصنة من ذهب ... في خرق معصفره
عبد الله ابن المعتز:
وجلنار كاحمرار الخد ... أو مثل أعراف ديوك الهند
ابن وكيع:
وجلنار بهي ... ضرامه يتوقد
بدا لنا في غصون ... خضر من الرمى ميد
يحكى فصوص عقيق ... في قبة من زبرجد
آخر:
كأنما الجلنار لما ... أظهره العرض للعيون
أنامل كلها خضيب ... تزهي احمراراً على الغصون
ما ورد في الموز
أخرج الخطيب فيما رواه مالك عن مالك بن أنس، قال: ليس في الدنيا شيء يشبه ما في الجنة إلا الموز، لأن الله تعالى يقول: )أكلها دائم(، وأنت ترى الموز في الشتاء والصيف.
دخل القاضي أبو بكر بن فريقة على عز الدولة بن بويه، وبين يديه طبق فيه موز، فلم يدعه إليه، فقال: ما بال الأمير لا يدعوني إلى الفوز بأكل الموز! فقال له: صفه حتى أطعمك منه، فقال: ما أصف من جرب ديباجية، فيها سبائك ذهبية، كأنما حشيت زبداً وعسلا، أو خبيصاً مرملا، أطيب الثمر كأنه مخ الشجر، سهل المقشر، لين المكسر، عذب المطعم بين الطعوم، سلس في الحلقوم.
وقال النجم بن إسرائيل:
أنعته موزاً شهي المنظر ... مستحكم النضج لذيذ المخبر
كان تحت جلده المزعفر ... لفات زبد عجنت بسكر
ابن الرومي:
للموز إحسان بلا ذنوب ... ليس بمعدود ولا محسوب
يكاد من موقعه المحبوب ... يسلمه البلع إلى القلوب
البهاء زهير:
يا حبذا الموز الذي أرسلته ... لقد أتانا طيب من طيب
في لونه وطعمه وريحه ... كالمسك أو كالتبر أو كالضرب
وافت به أطباقه منضداً ... كأنه مكاحل من ذهب
آخر:
يحكي إذا قشرته ... أنياب أفيال صغار
ذو باطن مثل الأقا ... ح، وظاهر مثل البهار
ما ورد في النخل
أخرج الشيخان عن ابن عمر؛ ان النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إن في الشجر شجرة، مثلها مثل المسلم، أخبروني ما هي؟ " فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في قلبي أنها النخلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هي النخلة " .
وأخرج أبو يعلي في مسنده وابن السني عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم، وليس من الشجر شيء يلقح غيرها " .
قال في مباهج الفكر: ويقال إن مما أكرم الله به الإسلام النخل، وأنه قدر جميع نخل الدنيا لأهل الإسلام فغلبوا على كل موضع هو فيه.
وقال الدينوري في المجالسة: حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا ابي، عن محمد بن يزيد بن مطير، قال: قال محمد بن إسحاق: كل نخلة على وجه الأرض فمنقولة من الحجاز، نقلها النماردة إلى المشرق، ونقلها الكنعانيون إلى الشام، ونقلها الفراعنة إلى باب أليون وأعمالها، وحملها التبابعة في مسيرهم إلى اليمن وعمان والشجر وغيرها.
الحداد:
روض كمخضر العذار وجدول ... نقشت عليه يد النسيم مواردا
والنخل كالهيف الحسان تزينت ... فلبسن من أثمارهن قلائدا
في الطلع
كأنما الطلع يحكي ... لناظري حين اقبل
سلاسلا من لجين ... يضمها حق صندل
في الجمار
أهدي لنا جمارة ... من لست أخشى من عذابه
فكأنما هي جسمه ... لما تجرد من ثيابه
في البلح الأخضر
أما ترى النخل نثرت بلحاً ... جاء بشيرا بدولة الرطب
كأنه والعيون تنظره ... مقمعات الرءوس بالذهب
مكاحل من زبرجد خرطت ... مقمعات الرءوس بالذهب
في الأصفر
أما ترى البسر الذي ... قد جاءنا بالعجب
كيف غدا في لونه ... كعاشق مكتئب
مكاحلاً من فضة ... قد طليت بالذهب
في الأحمر:
انظر إلى البسر إذ تبدي ... ولونه قد حكى الشقيقا
كأنما خوصه عليه ... زبرجد مثمر عقيقا
ما ورد في الأترج
أخرج الشيخان عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الاترجة طعمها طيب وريحها طيب " .
وأحرج ابن السني عن أبي كبشة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه النظر إلى الأترج والحمام الأحمر. (1/362)
بعضهم:
كأن أترجنا النضير وقد ... زان تحياتنا مصبعه
أيد من التبر أبصرت بدرا ... من جوهر فانثنت تجمعه
آخر:
يا حبذا اترجة ... تحدث للنفس الطرب
كأنها كافورة ... لها غشاء من ذهب
الأسعد بن مماتي:
لله بل للحسن أترجة ... تذكر الناس بأمر النعيم
كأنها قد جمعت نفسها ... من هيبة الفاضل عبد الرحيم ابن المعتز:
أترجة قد أتتك لطفاً ... لا يقبلنها وإن سررت
لا تهد أترجة فإني ... رأيت مقلوبها " هجرت "
ما ورد في القصب
أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق الربيع بن سليمان، قال: سمعت الشافعي يقول: ثلاثة أشياء دواء للداء الذي لا دواء له، الذي أعيا الأطباء أن يداووه: العنب ولبن اللقاح، وقصب السكر؛ ولولا قصب السكر ما أقمت بمصر: بعضهم:
تحكيه سمر القنا ولكن ... تراه في جسمه طلاوه
وكلما زدته عذاباً ... زادك من ريقه حلاوه
في الكمثري
بعضهم:
هيا بكمثراية لونها ... لون محب زائد الصفرة
تشبه نهد البنت إن قعدت ... وهي لها إن قلبت سره
في الخوخ
بعضهم:
كأنما الخوخ في دوحه ... وقد بدا أحمره العندمي
بنادق من ذهب أصفر ... قد خضبت أنصافها بالدم
ما ورد في التين
أخرج ابن السني والديلمي في مسند الفردوس، عن أبي ذر، قال: أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم طبق من تين، فقال لأصحابه: " كلوا، فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة بلا عجم لقلت هي التين، وإنه يذهب بالبواسير، وينفع من النقرس " .
كشاجم:
أهلاً بتين جاءنا ... منضدا على طبق
يحكي الصباح بعضه ... وبعضه يحكي الغسق
كسفرة مضمومة ... قد جمعت بلا حلق
ابن المعتز:
أنعم بتين طاب طعماً واكتسى ... حسنا، وقارب منظرا من مخبر
في برد ثلج، في قفا تبر، وفي ... ريح العبير وطيب طعم السكر
يحكي إذا ما صب في أطباقه ... خيماً ضربن من الحرير الأخضر
في اللوز الأخضر
ابن المعتز:
ثلاثة أثواب على جسد رطب ... مخالفة الأشكال من صنعة الرب
تقيه الردى في لليه ونهاره ... وغن كان كالمسجون فيها بلا ذنب آخر:
أما ترى اللوز حين ترجله ... من الافانين كف مقتطف
وقشره قد جلا القلوب لنا ... كأنه الدر داخل الصدف
ظافر الحداد:
جاء بلوز أخضر ... اصفره ملء اليد
كأنما زئيره ... نبت عذار الأمرد
كأنما قلوبه ... من توأم ومفرد
جواهر لكنما الأصداف من زبرجد
البدر الذهبي:
ما نظرت مقلتي عجيبا ... كاللوز لما بدا نواره
اشتعل الرأس منه شيبا ... واخضر من بعد ذا عذاره
ما قيل في المشمش
محيي الدين بن عبد الظاهر:
حبذا مشمش على الدوح أضحى ... ذا شعاع يستوقف الأبصارا
شجر أخضر لنا جعل الله تعالى منه كما قال نارا
وقال:
وكان ضوء الشمس من أوراقها ... في نقش أسوقة الغصون خلاخل
وكان مشمشها بصوت هزارها ... إذ حركته به النسيم جلاجل آخر:
ومشمش جاءنا من اعجب العجب ... أشهى إلى من اللذات والطرب
كأنه وهبوب الريح تنثره ... بنادق خرطت من خالص الذهب
ما قيل في النبق
ابن الجيلي:
انظر إلى النبق في الأغصان منتظماً ... والشمس قد أخذت تجلوه في القضب
كأن صفرته للناظرين غدت ... تحكي جلاجل قد صيغت من الذهب
آخر:
وسدرة كل يوم ... من حسنها في فنون
كأنما النبق فيها ... وقد بدا للعيون
جلاجل من نضار ... قد علقت في الغصون
ذكر الحبوب والخضراوات والبقول
في سنابل البر والشعير
القاضي عياض:
انظر إلى الزرع وخاماته ... تحكي وقد ماست أمام الرياح
كتيبة تجفل مهزومة ... شقائق النعمان فيها جراح
آخر:
يا حبذا سنبلة ... تبدو لعين المبصر
كأنها سلسلة ... مضفورة من عنبر
ظافر الحداد:
كأن سنابل حب الحصيد ... وقد شارفت وقت إبانها (1/363)
كنائس مضفورة ربعت ... وأرخى فاضل خيطانها
ابن رافع القيرواني:
انظر إلى سنبل الزروع وقد ... مرت عليه الجنوب والشمل
كأنه البحر في تموجه ... يعلو مرارا، ومرة يسفل
والماء للسقي في جوانبه ... المسك للناظرين أو صندل
في الباقلا
قال بعض الشعراء وهو ابن لنكك البصري:
فصوص زبرجد في غلف در ... بأقماع حكت تقليم ظفر
وقد حاك الربيع لها ثياباً ... لها لونان من بيض وخضر
آخر:
لي نحو ورد الباقلا ... إدمان لهو ولهج
كأنما مبيضه ... يلوح في ذاك الدعج
خواتم من فضة ... فيها فصوص من سبج
ابن وكيع:
ولاح ورد الباقلاء ناظرا ... عن مقلة تفتح جفناً عن حور
كمثل ألحاظ اليعافير إذا ... روعها من قانص فرط الحدر
كأنها مداهن من فضة ... مجلوة فيها من المسك أثر
كأنها سوالف من خرد ... قد زينت سوادها سود الطرر
في القثاء
عبد الرحيم بن رافع القيرواني:
أحبب بقثاء أتا ... نا من فوق أطباق منضد
كمضارب قد حدرت ... أجرامهن من الزبرجد
نعم الدواء إذا الهوا ... ء من الهواجر قد توقد
ابن المعتز:
انظر إليه أنابيباً منضدة ... من الزبرجد خضرا ما لها ورق
إذا قلبت اسمه بانت حلاوته ... وكان معكوسه إني بكم أثق
في الخيار
لبعضهم:
خيار حين تنسبه لبيت ... كريحان السور به اخضرار
كأنه نسيمه أنفاس حب ... فليس لمغرم عنه اصطبار
في الفقوس
بعضهم:
شبهت حين بدا الفقوس مبتهجاً ... على الرياض بحب فيه مأسور
مخازن من لجين لف ظاهرها ... بسندس حشوه حبات كافور
في القرع
لعبد الرحيم بن نافع:
وقرع تبدي للعيون كأنه ... خراطيم أفيال لطخن بزنجار
مررنا فعايناه بين مزارع ... فاعجب منها حسنه كل نظار
في الباذنجان
لبعضهم:
أهدت لنا الأرض من عجائبها ... ما سوف يزهو بمثله وقتي
إذا أجاد الذي يشبهه ... وأحكم الوصف منه في النعت
قال كرات الأديم قد حشيت ... بسمسم قمعت بكيمخت آخر:
ومستحسن عند الطعام مدحرج ... غذاه نمير الماء في كل بستان
تطلع من أقماعه فكأنه ... قلوب نعاج في مخاليب عقبان
آخر:
وكأنما الأبذنج سود حمائم ... أوكارها روض الربيع المسكر
لقطت مناقرها الزبرجد سمسماً ... فاستودعته حواصلاً من عنبر
آخر:
وباذنجانة حشيت حشاها ... صغار الدر باللبن الحليب
وغشيت البنفسج واستقلت ... من الآس الرطيب على قضيب
في السلجم
لابن رافع القيرواني:
كأنما السلجم لما بدا ... في حسنه الرائق من غيرمين
قطائع الكافور ملمومة ... لمبصريها أو كرات اللجين
في الفجل
لبعضهم:
لله فجل قد أتتنا به ... جارية تخجل شمس النهار
كأنه في يدها إذ أتت ... به لنا غصنا بصوب العطار
سبائك من فضة قد صفت ... أو مثل أنياب الفيول الصغار آخر:
أحبب بفجل قد أتانا به ... طباخنا من بعد تقشير
منضدا في طبق خلته ... من حسنه قضبان بلور
آخر:
وبيضاء من حور الجنان ملكتها ... ولمت عليها صاحبي ولي العذر
وما كسيت من سندس الخلد حلة ... ولا معجر الكن ذوائبها خضر
في الجزر
لابن رافع القيرواني:
انظر إلى الجزر البديع كأنه ... في حسنه قضب من المرجان
أوراقه كزبرجد في لونها ... وقلوبه صيغت من العقبان
آخر:
انظر إلى الجزر الذي ... يحكى لنا لهب الحريق
كمدية من سندس ... فيها نصاب من عقيق
في الثوم
لابن رافع القيرواني:
يا حبذا ثومة في كف جارية ... بديعة الحسن تسبى كل من نظرا
أبصرتها، وهي من عجب تقلبها ... كصرة من ديبقى حوت دررا
آخر:
الثوم مثل اللوز إن قشرته ... لولا روائحه وطعم مذاقه
كالندل غرك منظرا فإذا دعي ... لفضيلة ينمي إلى أعراقه
في النمام
ابن رشيق: (1/364)
لم كره النمام أهل الهوى ... أساء إخواني وما أحسنوا
إن كان نماما فتنكيسه ... من غير تكذيب لهم مأمن
آخر:
لا بارك الله في النمام إن له ... اسما قبيحا من الأسماء مهجورا
لو لم ينم على العشاق سرهم ... ما كان فيهم بهذا الاسم مشهورا
في النعناع
[بعضهم]:
وجاءت بنعناع كان غصونه ... وأوراقه مخلوقة من زبرجد
إذا مسه نفح الحرور رايته ... كأصداغ زنج فلفلت من تجعد
في النارنج
لبعضهم:
تأملها كرات من عقيق ... يروقك في ذرا دوح وريق
صوالج من غصون ناعمات ... غذتها درة العيس الأنيق
آخر:
أنظر إلى منظر يلهيك منظره ... بمثله في البرايا يضرب المثل
نار تلوح على الأغصان في شجر ... لا النار تطفي، ولا الأغصان تشتعل
أبو الحسن الصقلي:
ونارنجة بين الرياض نظرتها ... على غصن رطب كقامة أغيد
إذا ميلتها الريح مالت كأكرة ... بدت ذهباً في صولجان زبرجد
وقال:
تنعم بنارنجك المجتني ... فقد حضر السعد لما حضر
فيا مرحباً بقدود الغصو ... ن، ويا مرحبا بخدود الشجر
كان السماء همت بالنضا ... ر، فصاغت لنا الأرض منها أكر
ابن المعتز:
كأنما النارنج لما بدت ... صفرته في حمرة كاللهب
وجنة معشوق رأى عاشقا ... فاصفر ثم أحمر خوف الرهب
آخر:
وشادن قلت له صف لنا ... بستاننا هذا ونارنجنا
فقال لي: بستانكم جنة ... ومن جنى النارنج ناراً جنى
في الليمون
قال ابن وحشية: الليمون والنارنج في الأصل شجر هندي.
السرى الرفاء:
ظللته شجرات ... عطرها أطيب عطر
فلك أنجمه الليمون من بيض وصفر
أكر من فضة قد ... شابها تلويح تبر
آخر:
يا رب ليمونة حيابها قمر ... حلو المقبل ألمي بارد الشنب
كأنها أكرة من فضة خرطت ... فاستودعوها غلافاً صيغ من ذهب
آخر:
أما ترى الليمون لما بدا ... يأخذ في إشرافه بالعيان
كأنه بيض دجاج وقد ... لطخها العابث بالزعفران
تم كتاب حُسن المحاضرة ولله الحمد.