تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)


الكتاب : حسن المحاضرة في أخبار مصر و القاهرة
المؤلف : السيوطي
مصدر الكتاب : موقع الوراق
http://www.alwarraq.com
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]

عبيد الله بن أبي جعفر المصري الفقيه أبو بكر، مولى بني أمية. عن أبي عبد الرحمن الحبلي والشعبي وعطاء ونافع وعدة، وعنه ابن لهيعة والليث. قال ابن سعد: وكان ثقة فقيه زمانه، وقال في العبر: أحد العلما والزهاد، ولد سنة ستين، ومات سنة اثنتين - وقيل خمس، أو ست وثلاثين - ومائة.
جبر بن نعيم بن مرة الحضرمي المصري. قاضي مصر، روى عن عطاء وأبي الزبير، وعنه الليث وابن للهيعة. قال الدارقطني: ولي القضاء والقصص بمصر، وقال يزيد بن أبي حبيب: ما أدركت من قضاة مصر أفقه منه. مات سنة سبع وثلاثين ومائة.
خالد بن يزيد الجمحي مولاهم أبو عبد الرحيم المصري الفقيه . عن عطاء والزهري، وعنه الليث. مات سنة تسع وثلاثين ومائة.
عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري مولاهم أبو أمية المصري . عن أبيه والزهري، وعنه مجاهد، وهو أكبر منه، وبكير بن الأشج وقتادة وهما من شيوخه، ومالك وابن وهب، وهو راويته. قال أبو حاتم: كان أحفظ أهل زمانه، وقال ابن وهب: ما رأيت أحفظ منه. مات سنة سبع - أو ثمان - وأربعين ومائة، وله ست وخمسون سنة.
حيوة بن شريح بن صفوان التجيبي أبو زرعة المصري . الفقيه الزاهد العابد، أحد الزهاد والعلماء السادة. عن يزيد بن أبي حبيب، وعنه الليث. سئل عنه أبو حاتم، فقال: هو أحب إليّ من الليث بن سعد، ومن المفضل بن فضالة. وقال ابن المبارك: ما وصف لي أحد ورأيته إلا كانت رؤيته دون صفته إلا حيوة بن شريح، فإن رؤيته كانت أكبر من صفته. عرض عليه قضاء مصر فأبى. مات سنة ثمان وخمسين ومائة.
يحيى بن أيوب الغافقي المصري . عن بكير بن الأشج ويزيد ابن أبي حبيب. قال في العبر: كان كثير العلم، فقيه النفس. مات سنة ثلاث وستين ومائة.
عبد الرحمن بن شريح المعافري أبو شريح. قال في العبر: كان ذا جلالة وفضل وعبادة، روى عن أبي قبيل وطبقته. مات بالإسكندرية سنة سبع وستين ومائة.
ابن لهيعة عبد الله بن عقبة بن لهيعة الحضرمي المصري. أبو عبد الرحمن الفقيه، قاضي مصر ومسندها. عن عطاء وعمرو بن دينار والأعرج وخلق، وعنه الثوري والأوزعي وشعبة، وماتوا قبله. وابن المبارك وخلق. وثقه أحمد وغيره، وضعفه يحيى القطان وغيره. مات بمصر يوم الأحد نصف ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة.
الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري . أحد الأعلام، ولد بقلقشندة سنة أربع وتسعين، وروى عن الزهري وعطاء ونافع وخلق، وعنه ابنه شعيب وابن المبارك وآخرون. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث صحيحه، وكان قد اشتغل بالفتوى في زمانه بمصر، وكان سرياً من رجال، نبيلاً سخياً له ضيافة. وقال يحيى بن بكير: ما رأيت أحداً أكمل من الليث، كان فقيه النفس، عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، حسن الذاكرة. وقال الشافعي: كان الليث أفقه من مالك إلا أنه ضيعه اصحابه.
قال ابن كثير: وقد حكى بعضهم أنه ولي القضاء بمصر وهو غريب. وقال الذهبي في العبر: كان نائب مصر وقاضيها من تحت أوامر الليث، وإذا رابه مع أحد شيئ كاتب فيه فيعزل، وقد أراده المنصور أن بلى إمرة مصر فامتنع.
مات يوم الجمعة رابع عشر شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، كذا ذكره غير واحد. وقال ابن سعد: سنة خمس وستين. وحكى ابن خلكان أنه سمع قائل يقول يوم مات الليث:
ذهب الليث فلا ليث لكم ... ومضى العلم غريباً وقبر
فالتفتوا فلم يروا أحداً.
عثمان بن الحكم الجذامي. قال ابن فرحون: مشهور من أصحاب مالك المصريين، وهو أول من أدخل علم مالك مصر، ولم يأت مصر أنبل منه. روى عن مال وابن جريج وموسى بن عقبة وسعيد بن أبي مريم. مات سنة ثلاثين وستين ومائة.
طليب بن كامل اللخمي. من كبار أصحاب مالك وجلسائه، أبو خالد. أصله أندلسي سكن الإسكندرية، روى عنه ابن القاسم وابن وهب، وبه تفقه ابن القاسم قبل رحلته إلى مالك. مات في حياة مالك بالإسكندرية سنة ثلاث وسبعين ومائة.
المفضل بن فضالة بن عبيد الرعيني أبو معاوية المصري الفقيه )د، ت، ه؟( قاضي مصر. عن يزيد بن أبي حبيب وخلق، وعنه قتيبة وغيره. وكان زاهداً ورعاً قانتاً مجاب الدعوة. مات سنة إحدى وثمانين ومائة عن أربع وسبعين سنة.

(1/96)


عبد الله بن وهب بن مسلمة المصري الفهري مولاهم أبو محمد الخير . أحد الأعلام. ولد في ذي القعدة سنة خمس وعشرين ومائة، وروى عن عن مالك والسفيانين وغيرهم. قال ابن عدي: من جلة الناس وثقاتهم، لا أعلم له حديثاً منكراً، تفقه بمالك والليث. وقال ابن يونس: جمع بين الفقيه والرواية والعبادة، وله تصانيف كثيرة، وكانوا أرادوه على القضاء فتغيب.
وقال ابن فرحون. قالوا: لم يكتب مالك لأحد بالفقيه إلا إلى ابن وهب، فكان يكتب إليه: إلى عبد الله بن وهب فقيه مصر، وإلى أبي محمد المفتي؛ ولم يكن يفعلب هذا لغيره. وقال فيه ابن وهب: عالم، وابن القاسم فقيه.
وقال أحمد بن صالح. ما رأيت أكثر حديثاً منه، حدث بمائة ألف حديث، قرى عليه كتابه في أهوال القيامة، فخر مغشياً عليه، فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام. وذلك في شعبان سنة سبع وتسعين ومائة.
عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي المصري أبو عبد الله الفقيه )خ، ن( راوية المسائل عن مالك، روى عن أبي عيينة وغيره، وعنه أصبغ وسحنون وآخرون. قال ابن حبان: كان حبراً فاضلاً، تفقه على مذهب مالك، وفرع على أصوله، ولد سنة ثمان وعشرين ومائة، ومات في صفر سنة إحدى وتسعين ومائة. وكان زاهداً صبوراً مجانباً للسلطان.
الإمام الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد الله بن عبد يزيد بن هشام بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف، جد رسول الله صلى الله عليه وسلم والسائب جده. صحابي أسلم يوم بدر؛ وكذا ابنه شافع، لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع.
ولد الشافعي سنة خمسين ومائة بغزة أو بعسقلان أو اليمن أو منى - أقول - ونشأ بمكة، وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، والموطأ وهو ابن عشر، وتفقه على مسلم بن خاله الزنجي مفتي مكة، وأذن له في الإفتاء وعمره خمس عشرة سنة، ثم لازم مالكاً بالمدينة، وقدم بغداد سنة خمس وتسعين، فاجتمع عليه علماؤها، وأخذوا عنه وصنف بها كتابه القديم، ثم عاد إلى مكة، ثم خرج إلى بغداد سنة خمس وتسعين، فأقام بها شهراً، ثم خرج إلى مصر. وصنف بها كتبه الجديدة كالأم والأمالي الكبرى والإملاء الصغير ومختصر البويطي ومختصر المزني ومختصر الربيع والرسالة والسنن. قال ابن زولاق: صنف الشافعي نحواً من مائتي جزء. ولم يزل بها ناشراً للعلم، ملازماً للإشغال بجامع عمرو إلى أن أصابته شديدة فمرض بسببها أياماً، ثم مات يوم الجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائتين.
قال ابن عبد الحكم: لما حملت أم الشافعي به رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلد منه شظية؛ فتأول أصحاب الرؤيا أنه يخرج عالم يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في سائر البلدان.
وقال الإمام أحمد: إن الله تعالى يقيض للناس في رأس كل مائة سنة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب؛ فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي.
وقال الربيع: كان الشافعي يفتي وله خمس عشرة سنة؛ وكان يحيي الليل إلى أن مات.
وقال أبو ثور: كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي أن يضع له كتاباً فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخيار فيه وحجة الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له كتاب الرسالة.
قال الأسنوي: الشافعي أول من صنف في أصول الفقه بالإجماع، وأول من قرر ناسخ الحديث من منسوخه، وأول من صنف في أبواب كثيرة من الفقه معروفة.
إسحاق بن الفرات أبو نعيم التجيبي . صاحب مالك، قاضي ديار مصر. قال الشافعي: ما رأيت بمصر أعلم باختلاف الناس من إسحاق بن الفرات. روى عن الليث وغيره. مات بمصر سنة أربع ومائتين.
أشهب بن عبد العزيز العامري أبو عمرو.. فقيه ديار مصر(، صاحب مالك. انتهت إليه الرياسة بمصر بعد ابن القاسم، قال الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب لولا طيش فيه. وكان محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يفضل أشهب على ابن القاسم. وقال ابن عبد البر: كان فقيهاً حسن الرأي والنظر، ولد سنة أربعين ومائة، ومات سنة أربع ومائتين؛ قيل: اسمه مسكين، وأشهب لقب.

(1/97)


عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع المصري أبو محمد . كان من جلة أصحاب مالك، ألقيت إليه الرياسة بمصر بعد اشهب، وله مصنفات في الفقه وغيره. وقال ابن حبان: كان ممن عقد على مذهب مالك وفرع على أصوله. روى عن مالك وابن لهيعة والليث، وعنه بنوه: محمد وعبد الرحمن وسعد ومحمد بن عبد الله بن نمير وآخرون. وثقة أبو زرعة وغيره. ولد سنة خمس وخمسين ومائة ومات في رمضان سنة خمس عشرة، وقيل أربع عشرة ومائتين. ودفن إلى جانب الشافعي.
إسحاق بن بكر بن مضر المصري الفقيه. قال ابن يونس: كان فقيهاً مفتياً، وكان يجلس في حلقة الليث، ويفتي بقوله ويحدث. قال في العبر: لا أعلمه روى عن غير أبيه. مات بمصر سنة ثماني عشرة ومائتين.
عثمان بن صالح بن صفوان السهمي أبو يحيى المصر. قاضي مصر، روى عن مالك والليث وابن وهب، وعنه البخاري وابن معين وأبو حاتم وخلق. مات في المحرم سنة تسع عشرة ومائتين.
أحمد بن صالح المصري أبو جعفر. أحد الحفاظ المبرزين، والأئمة المذكورين؛ كان إماماً فقيهاً نظاراً متقناً، رأساً في الحديث وعلله، إماماً في القراءات والفقه والنحو. قرأ على ورش وقالون، وسمع من ابن وهب وغيره. روى عنه البخاري وأبو داود، وكان يرى في الجنب إذا لم يقدر على الماء لبرد أنه يتوضا ويجزئه. ولد سنة سبعين ومائة، ومات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين.
ابن عم الشافعي، محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع. قال العبادي في طبقاته: كان من فقهاء أصحاب الشافعي، وله مناظرات مع المزني، وتزوج بابنة الشافعي زينب فأولدها أحمد.
ابن بنت الشافعي أبو بكر - أو أبو عبد الرحمن أو أبو محمد - أحمد. ولد ابن عم الشافعي المذكور؛ قال العبادي: تفقه بأبيه، وروى الكثير عنه عن الشافعي، وله أوجه منقولة في المذهب. قال أبو الحسين الرازي: كان واسع العلم، فاضلاً، لم يكن في آل شافع بعد الإمام أجل منه.
البويطي أبو يعقوب يوسف بن يحيى القرشي الإمام الجليل؛ أحد أئمة الإسلام وأركانه وزهاده. كان خليفة الشافعي في حلقته بعده. قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من أبي يعقوب، وليس أحد من أصحابي أعلم منه. وكان ابن أبي الليث الحنفي قاضي مصر يحسده، فسعى به إلى الواثق بالله أيام المحنة بخلق القرآن، فأمر بحمله إلى بغداد مغلولاً مقيداً، وأريد منه القول بذلك، فامتنع؛ فجلس ببغداد إلى أن مات في القيد والسجن يوم الجمعة من رجب سنة إحدى وثلاثين. وكان الشافعي له كرامة يقول له: أنت تموت في الحديد.
حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي أبو حفص المصري صاحب الشافعي. قال النووي في شرح المهذب: له مذهب لنفسه، وقال السبكي في الطبقات: هو صاحب وجه. وقال الإسنوي: كان إماماً حافظاً للحديث والفقه، صنف المبسوط والمختصر، وروى عنه مسلم وابن ماجه. ولد سنة ست وستين ومائة، ومات في شوال سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
المزني أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق، الإمام الجليل، ناصر المذهب، قال فيه الشافعي: لو ناظر الشيطان لغلبه، وكان إماماً ورعاً زاهداً مجاب الدعوة، متقللاً من الدنيا. قال الرافعي: المزني صاحب مذهب مستقل. قال الإسنوي: صنف كتباً، منها المبسوط، والمختصر، والمنثور، والمسائل المعتبرة، والترغيب في العلم، وكتاب الوثائق والعقارب؛ سمي بذلك لصعوبته، وصنف كتاباً مفرداً على مذهبه لا على مذهب الشافعي. كذا ذكره البندنيجي في تعليقه. وكان إذا فاتته صلاة في الجماعة صلاها خمساً وعشرين مرة، ويغسل الموتى تعبداً واحتساباً، ويقول: أفعله ليرق قلبي، وكان جبل علم، مناظراً محجاجاً. ولد سنة خمس وسبعين ومائة، وتوفي لست بقين من رمضان سنة أربع وستين ومائتين، ودفن قريباً من قبر الشافعي.

(1/98)


أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع الأموي أبو عبد الله المصري. )ح، د، ت، ن( الفقيه مفتي أهل مصر. عن عبد الرحمن بن القاسم وابن وهب، وعنه البخاري وأبو حاتم. قال ابن معين: كان من أعلم خلق الله كلهم برأى مالك. وقال أبو حاتم: كان من أجل أصحاب ابن وهب. وقال ابن يونس: كان مضطلعاً بالفقه والنظر. وله تصانيف حسان. وقال بعضهم: ما أخرجت مصر مثل أصبغ، وقال ابن اللباد: ما انفتح لي طريق الفقه إلا من أصول أصبغ. ولد بعد الخمسين ومائة، ومات يوم الأحد لأربع بقين من شوال سنة خمس وعشرين ومائتين.
سعيد بن كثير بن عفير أبو عثمان المصري. الحافظ العلامة قاضي الديار المصرية، روى عن مالك والليث، وكان فقيهاً نسابة إخبارياً، شاعراً كثير الاطلاع قليل المثل، صحيح النقل. ولد سنة ست وأربعين ومائة، ومات سنة ست وعشرين ومائتين.
عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد المصري. عن أبيه وابن وهب، وعنه مسلم وأبو داود والنسائي. قال في العبر: كان أحد الفقهاء، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين.
الحارث بن مسكين بن محمد بن يوسف الأموي أبو عمرو المصري. الحافظ الفقيه العلامة، روى عنه أبو داود والنسائي. قال الخطيب: كان فقيهاً على مذهب مالك. ثقة في الحديث، ثبتا. وله تصانيف. ولد سنة أربع وخمسين ومائة، ومات ليلة الأحد لثلاث بقين من ربيع الأول سنة خمسين ومائتين.
أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح الأموي مولاهم المصري الحافظ الفقيه العلامة. روى عن ابن عيينة وابن وهب، وعنه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، والسرح هو طاهر بن وهب. قال أبو حاتم: كان ثقة فهماً من الصالحين الأثبات. مات يوم الاثنين رابع عشرة ذي القعدة سنة خمسين ومائتين. وذكره ابن فرحون في طبقات المالكية، وقال: كان فقيهاً ثقة صدوقاً.
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري أبو عبد الله . ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة، وأخذ مذهب مالك عن ابن وهب، وأشهب، فلما قدم الشافعي مصر صحبه، وتفقه به، فلما مات الشافعي رجع إلى مذهب مالك. وانتهت إليه الرياسة بمصر. قال ابن يونس: كان المفتي بمصر في أيامه. وقال غيره: كان من العلماء الفقهاء، مبرزاً، من أهل النظر والمناظرة والحجة، وإليه كانت الرحلة من الغرب والأندلس في العلم والفقه، وكان فقيه مصر في عصره على مذهب مالك، ورسخ في مذهب الشافعي، وربما تخير قوله عند ظهور الحجة، وكان أفقه أهل زمانه؛ له مصنفات كثيرة. مات يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائتين.
يونس بن عبد الأعلى بن موسى الصدفي المصري الإمام أبو موسى الفقيه المقري المحدث. روى عن ابن عيينة، وتفقه على الشافعي، وقرأ على ورش، وتصدر للإقرار والفقه، وانتهت إليه رياسة العلم وعلو الإسناد في الكتاب والسنة. قال يحيى بن حبان: يونس كان ركناً من أركان الإسلام، وكان ورعاً صالحاً عابداً كبير الشأن. ولد في ذي الحجة سنة سبعين ومائة، ومات في ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين، روى عنه مسلم والنساي وابن ماجه.
ابن المواز العلامة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الإسكندراني. صاحب التصانيف، أحد عن أصبغ بن الفرج وعبد الله بن عبد الحكم، وانتهت إليه الرياسة في مذهب مالك، وإليه الرياسة في مذهب مالك، وإليه كان المنتهى في تفريع المسائل، وله اختيارات خارجة عن مذهب مالك؛ منها وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة. مات سنة إحدى وثمانين ومائتين.
قاسم بن محمد بن قاسم الأموي مولاهم. القرطبي الفقيه. محدث الأندلس. قال في العبر: له رحلتان إلى مصر، وتفقه على الحارث بن مسكين وابن عبد الحكم. وكان مجتهداً لا يقلد. قال رفيقه بقيّ بن مخلد: هو أعلم من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. وقال ابن عبد الحكم: لم يقدم علينا من الأندلس أعلم من قاسم. وقال محمد بن عمر بن لبابة: ما رأيت أفقه منه، روى عن إبراهيم بن المنذر الخزامي وطبقته. مات سنة ست وسبعين ومائتين.

(1/99)


محمد بن نصر المروزي الإمام أبو عبد الله. أحد أئمة الفقهاء. ولد ببغداد، ونشأ بنيسابور، واقام بمصر مدة ورجع؛ فاستوطن سمرقند. كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة والتابعين فمن بعدهم؛ وله تصانيف جليلة. وكان رأساً في الفقه، رأساً في الحديث، رأساً في العبادة، وقال شيخه في الفقه محمد بن عبد الله بن الحكم: كان محمد بن نصر عندنا إماماً؛ فكيف بخراسان! وقال غيره: لم يكن للشافعية في وقته مثله. وعنه أنه قال: مكثت في مصر مدة أنفق فيها في كل سنة عشرين درهماً. مات في المحرم سنة أربع وتسعين ومائتين وهو في عشر التسعين.
قال ابن كثير في تاريخه: روى أنه اجتمع في الديار المصري محمد بن نصر ومحمد بن جرير ومحمد بن المنذر؛ فجلسوا في بيت يكتبون الحديث؛ ولم يكن عندهم في ذلك اليوم شيء يقتاتونه؛ فاقترعوا فيما بينهم من يسعى لهم في شيء يأكلونه؛ ليدفعوا عنه ضرورتهم، فجاءت القرعة على أحدهم؛ فنهض إلى الصلاة، فجعل يصلي، ويدعو الله؛ وذلك وقت القيلولة، فرأى نائب مصر وهو نائم وقت القيلولة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول له: أنت هاهنا والمحمدون ليس عندهم شيء يقتاتونه! فانتبه الأمير من منامه؛ فسأل: من هاهنا من المحمدين؟ فذكر له هؤلاء الثلاثة، فأرسل إليهم في الساعة بألف دينار.
ويشبه هذا ما حكاه ابن كثير أيضاً في ترجمة الحسن بن سفيان الفسوي محدث خراسان، قال: من غريب ما اتفق له أنه كان هو وجماعة من أصحابه بمصر في رحلتهم للحديث؛ منهم محمد بن خزيمة ومحمد بن جرير ومحمد بن هارون الروياني؛ فضاق عليهم الحال حتى مكثوا ثلاثة أيام لا يأكلون شيئاً؛ واضطرهم الحال إلى السؤال؛ فأنفت نفوسهم من ذلك؛ ثم ألجأتهم الضرورة إلى تعاطي ذلك؛ فاقترعوا فيما بينهم، فوقعت القرعة على الحسن بن سفيان، فقام فاختلى في زاوية المسجد الذي هم فيه فصلى ركعتين طال فيها، واستغاث بالله وسأله بأسمائه العظام؛ فما انصرف من الصلاة حتى دخل المسجد رجل، فقال: أين الحسن ورفقته؟ فقالوا: ها نحن، فقال: الأمير ابن طولون يقرأ عليكم السلام، ويعتذر إليكم في تقصيره؟ وهذه مائة دينار؛ لكل واحد منكم؛ فقالوا له: ما الحامل له على هذا؟ فقال: إنه أحب اليوم أن يختلي بنفسه؛ فبينما هو الآن نائم إذ جاءه فارس في الهواء، بيده رمح؛ فدخل عليه المنزل، ووضع عقب الرمح في خاصرته، فوكزه به، وقال: قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه قم فأدركهم، قم فأدركهم، قم فأدركهم؛ فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع في المسجد الفلاني، فقال له: من أنت؟ قال: أنا رضوان خازن الجنان؛ فاستيقظ الأمير وخاصرته تؤلمه ألما شديدا؛ فبعث بالنفقة في الحال؛ ثم جاء لزيارتهم، واشترى ما حول ذلك المسجد، ووقفه على الواردين إليه.
أبو عبيد بن جويرية علي بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي قاضي مصر. أحد الأئمة. تفقه على أبي ثور؛ وكان يوافقه في كثير من اختياراته، ويوافق الشافعي تارة، وله اختيارات انفرد بها في نفسه، ومن مذهبه أنه منع من تعجيل الزكاة، وأوجب اجتناب الحائض في جميع بدنها.
قال النووي: وقد خالف في ذلك إجماع المسلمين، ولي قضاء واسط، ثم إقليم مصر، فأقام بها مدة طويلة، وكانت الخلفاء تعظمه، ثم استعفى من القضاء فاعفي، وعاد إلى بغداد، فمات بها في صفر سنة تسع وثلاثمائة.
أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي. قال الذهبي في العبر: له مصنفات في المذهب، وهو صاحب وجه. توفي بمصر في رجب سنة ثلاثين وثلاثمائة.
أبو إسحاق المروزي إبراهيم بن أحمد. أحد أئمة الدين، وأحد أصحاب الوجوه. تفقه على ابن سريج، وكان إماما جليلا غواصا على المعاني الدقيقة، بحرا خضما، ورعا زاهدا، انتهت إليه رياسة العلم ببغداد، وانتشر الفقه عن أصحابه في البلاد، وشرح مختصر المزني، وصنف الأصول، ثم انتقل في آخر عمره إلى مصر سنة القرامطة، وجلس في مجلس الشافعي، واجتمع الناس عليه، وضربوا إليه أكباد الإبل، وسار في الآفاق من مجلسه سبعون إماما من أصحاب الحديث. توفي بمصر سابع رجب سنة أربعين وثلاثمائة، ودفن عند الإمام الشافعي.

(1/100)


أبو بكر بن الحداد محمد أحمد بن جعفر الكناني المصري. الإمام الجليل، أحد أصحاب الوجوه. ولد يوم موت المزني، وأخذ الفقه عن أبي سعيد محمد بن عقيل الفريابي وبشر بن نصر بن غلام الله عرف وجالس أبا إسحاق المروزي لما ورد مصر، ودخل إلى بغداد، فاجتمع بابن جرير، وأخذ العربية عن محمد بن ولاد، وروى الحديث عن جماعة؛ منهم أبو عبد الرحمن النسائي ولزمه، وتخرج به؛ وكان يعرف الأسماء والكنى والنحو واللغة واختلاف الفقهاء وأيام الناس وسائر الجاهلية والشعر والنسب، وكان كثير التعبد يصوم يوما ويفطر يوما، ويختم في كل يوم وليلة ختمة. ولي قضاء بمصر، وصنف الباهر في الفقه في مائة جزء، وكتاب جامع الفقه، وكتاب أدب القضاء في أربعين جزءا، وكتاب المولدات وهو مشهور. كات في المحرم - وقيل في صفر - سنة أربع - وقيل خمس - وأربعين وثلاثمائة، ودفن بسفح المقطم.
الماسرجسي أبو الحسن محمد بن علي بن سهل النيسابوري شيخ القاضي أبي الطيب. أحد أصحاب الوجوه. قال الحاكم: كان من أعرف أصحابنا للمذهب. أخذ عن أبي إسحاق المروزي، وصحبه إلى مصر، ولازمه إلى أن توفي، فانصرف إلى بغداد، ودرس بها؛ ثم إلى خراسان، ومات بها يوم الأربعاء سادس جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن ست وسبعين سنة.
ابن شعبان أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان. كان رأس فقهاء المالكية بمصر في وقته، وأحفظهم لمذهب مالك، وكان شيخ الفتوى، حافظ البلد، انتهت إليه رياسة المالكية بمصر، وله تصانيف وأقوال وترجيحات. مات في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر أبو محمد البغدادي أحد الأعلام، وأحد أئمة المالكية المجتهدين في المذهب، له أقوال وترجيحات. تفقه على ابن القصار وابن الجلاب، وانتهت إليه رياسة المذهب. قال الخطيب: لم أر في المالكية مثله، ولا أفقه منه. ولي قضاء داريا ونحوها، وتحول إلى مصر لضيق حاله ببغداد، فأكرم بها، وتمول وسعد جدا فأدركه الموت، فكان يقول في مرضه: لا إله إلا الله، عندما عشنا متنا! مات بمصر في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة عن ستين سنة.
الحسن بن الخطير أبو النعماني الفارسي. كان فقيها حنفيا عالما بالتفسير والحساب والهيئة والطب، مبرزا في النحو واللغة والعروض والأدب والتاريخ، ألف تفسيرا، وشرح الجمع بين الصحيحين للحميدي، وكتابا في اختلاف الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار. أقام بالقاهرة مدة يدرس إلى أن مات بها سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وكان يقول: قد انتحلت مذهب أبي حنيفة، وانتصر له فيما وافق اجتهادي.
الشيخ عز الدين بن عبد السلام بن عبد العزيز بن أبي القاسم بن حسن بن محمد بن مهذب السلمي أبو محمد. شيخ الإسلام، سلطان العلماء. ولد سنة سبع - أو ثمان - وسبعين وخمسمائة، وتفقه على الفخر بن عساكر، وأخذ الأصول عن السيف الأبذي، وسمع الحديث من عمر بن طبرزد وغيره، وبرع في الفقه والأصول العربية. قال الذهبي في العبر: انتهت إليه معرفة المذهب، مع الزهد والورع، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقدم مصر، فأقام بها أكثر من عشرين سنة؛ ناشرا العلم، آمرا بالمعروف، ناهيا للمنكر، يغلظ على الملوك فمن دونهم. ولما دخل مصر بالغ الشيخ زكي الدين المنذري في الأدب معه، وامتنع من الإفتاء لأجله، وقال: كنا نفتي قبل حضوره، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه. وألقى التفسير بمصر دروسا. وهو أول من فعل ذلك.
وله من المصنفات: تفسير القرآن، ومجاز الفرسان، والفتاوي الموصلية، ومختصر النهاية، وشجرة المعارف، والقواعد الكبرى والصغرى، وبيان أحوال الناس يوم القيامة.
وله كرامات كثيرة، ولبس خرقة التصوف من الشهاب السهروردي. وكان يحضر عند الشيخ أبي الحسن الشاذلي: قيل لي: ما على وجه الأرض مجلس في الفقه أبهى من مجلس الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وما على وجه الأرض مجلس في الحديث أبهى من مجلس الشيخ زكي الدين عبد العظيم، وما على وجه الأرض مجلس في علم الحقائق أبهى من مجلسك!

(1/101)


وقال ابن كثير في تاريخه: انتهت إليه رياسة المذهب، وقصد بالفتاوي من الآفاق، ثم كان في آخر عمره لا يتقيد بالمذهب، بل اتسع نطاقه، وأفتى بما أدى إليه اجتهاده. وقال تلميذه ابن دقيق العيد: كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء. وقال الشيخ جمال الدين بن الحاجب: ابن عبد السلام أفقه من الغزالي. وحكى القاضي عز الدين البكاري أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أفتى مرة بشيء، ثم ظهر له أنه أخطأ، فنادى في مصر والقاهرة على نفسه: من أفتى له ابن عبد السلام بكذا، فلا يعمل به، فإنه خطأ. قال القطب اليونيني: وكان مع شدته وصلابته حسن المحاضرة بالنوادر والأشعار، يحضر السماع ويرقص فيه.
وقال ابن كثير: كان لطيفا يستشهد بالأشعار، توفي بمصر عاشر جمادى الأولى سنة ستين وستمائة.
القرافي العلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الصنهاجي البهنسي المصري. أحد الأعلام. انتهت إليه رياسة المالكية في عصره، وبرع في الفقه وأصوله والعلوم العقلية، ولازم الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي، وأخذ عنه أكثر فنونه، وألف التصانيف الشهيرة كالذخيرة والقواعد وشرح المحصول والتنقيح في الأصول وشرحه وغير ذلك. قال القاضي تقي الدين بن شكر: أجمع المالكية والشافعية على أن أفضل عصرنا بالديار المصرية ثلاثة: القرافي، وناصر الدين بن المنير وابن دقيق العيد. مات في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وستمائة ودفن بالقرافة.
ابن المنير العلامة ناصر الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن منصور الجذامي الإسكندري. أحد الأئمة المتبحرين في العلوم من التفسير والفقه والأصلين والنظر والعربية والبلاغة والأنساب. أخذ عن جماعة منهم ابن الحاجب. وكان الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول: الديار المصرية تفتخر برجلين في طرفيها: ابن دقيق العيد بقوص وابن المنير بالإسكندرية. ومن تصانيفه تفسير القرآن والانتصاف من الكشاف وأسرار الإسراء، ومناسبات تراجم البخاري، ومختصر التهذيب في الفقه. ولد سنة عشرين وستمائة. ومات في أول ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين بالإسكندرية.
أخوه زين الدين علي قاضي الإسكندرية بعد أخيه. قرأ على ابن الحاجب وغيره، وكان بعض الفضلاء يفضله على أخيه، وإن كان هو أشهر منه. وله شرح عظيم على البخاري. قال ابن فرحون: وكان ممن له أهلية الترجيح والاجتهاد في مذهب مالك.

(1/102)


ابن دقيق العيد الشيخ تقي الدين أبو الفتح محمد بن الشيخ مجد الدين علي بن وهب بن مطيع القشيري القوصي. قال ابن السبكي في الطبقات: شيخ الإسلام الحافظ الزاهد الورع الناسك المجتهد المطلق ذو الخبرة التامة بعلوم الشريعة، الجامع بين العلم والدين، والسالك سبيل السادة الأقدمين. أكمل المتأخرين. ولد بظهر البحر الملح قريبا من ساحل الينبع وأبواه متوجهان من قوص للحج يوم السبت خامس عشرين شعبان سنة خمس وعشرين وستماة، ونشأ بقوص وتفقه بها، ثم رحل إلى مصر والشام، وسمع الكثير. وأخذ من الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وحقق العلوم، ووصل إلى درجة الاجتهاد، وانتهت إليه رياسة العلم في زمانه، وشدت إليه الرحال. قال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس: لم أر مثله فيمن رأيت، ولا حملت عن أجل منه فيمن رويت. وكان للعلوم جامعا، وفي فنونها بارعا؛ مقدما في معرفة علل الحديث على أقرانه، منفردا بهذا الفن النفيس في زمانه، بصيرا بذلك، شديد النظر في تلك المسالك، أذكى ألمعية، وأزكى لوذعية، لا يشق له غبار، ولا يجري معه سواه في مضمار، وكان حسن الاستنباط للأحكام والمعاني من السنة والكتاب، بنكت تسحر الألباب، وفكر تستفتح له ما استغلق على غيره من الأبواب، مستعينا على ذلك بما رواه من العلوم، مبينا ما هنالك بما حواه من مدارك الفهوم، مبرزا في العلوم النقلية والعقلية، والمسالك الأثرية والمدارك النظرية، بحيث يقضى له من علم بالجميع، وسمع بمصر والشام والحجاز، على تحر في ذلك واحتراز، ولم يزل حافظا للسانه، مقبلا على شانه، وقف نفسه على العلوم وقصرها، ولو شاء العاد أن يحصر كلماته لحصرها؛ ومع ذلك فله بالتجريد تخلق، وبكرامات الصالحين تحقق، وله مع ذلك في الأدب باع، وكرم طباع، لم يخل في بعضها من حسن انطباع، حتى لقد كان الشهاب محمود الكاتب المحمود في تلك المذاهب، يقول: لم تر عيني آدب منه. وقال أبو حيان: هو أشبه من رأيناه يميل إلى الاجتهاد.
قال الشيخ تاج الدين السبكي: ولم أرد أحدا من أشياخنا يختلف في أن ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس المائة السابعة، المشار إليه في الحديث؛ فإنه أستاذ زمانه علما ودينا.
وله مصنفات، منها الإلمام في الحديث وشرحه الذي لم يؤلف أعظم منه لما فيه من الاستنباطات العظيمة، وشرح العمدة ، والاقتراح في مصطلح الحديث، وشرح العنوان في أصول الفقه، وكتاب في أصول الدين، وله ديوان خطب، وشعر حسن.
مات يوم الجمعة حادي عشر صفر سنة اثنتين وسبعمائة.
ورثاه الشرف محمد بن محمد بن عيسى القوصي بقوله:
سيطول بعدك في الطول وقوفي ... أروي الثرى من مدمعي المذروف
أبكي على فقد العلوم بأسرها ... والمكرمات بناظر مطروف
أمحمد بن علي بن وهب دعوة ... من قلب مشجون الفؤاد أسيف
لو كان يقبل فيك حتفك فدية ... لفديت من علمائنا بألوف
أو كان من جمر المنايا مانع ... منعتك سمر قنا وبيض سيوف
ما كنت في الدنيا على الدنيا إذا ... ولت بمحزون ولا مأسوف
سلمت عداتك لا عداتك كلها ... مذ كنت من مطل ومن تسويف
يا طالبي المعروف أين مسيركم ... مات الفتى المعروف بالمعروف
المشترى العليا بأغلى قيمة ... من غير ما بخس ولا تطفيف
ما عنف الجلساء قط ونفسه ... لم يخلها يوما من التعنيف
يا مرشد الفتيا إذا ما أشكلت ... طرق الصواب ومنجد الملهوف
من للضعيف يعينه أنى أتى ... مستصرخا يا غوث كل ضعيف
من لليتامى والأرامل كافل ... يرجونه في شتوة ومصيف
لم يثن عزمك من مواصلة العلا ... حسناء ذات قلائد وشنوف
أفنيت عمرك في تقى وعبادة ... وإفادة للعلم أو تصنيف
وسبحت في بحر العلوم مكابدا ... أمواجه والناس دون السيف
وبذلت سائر ما حويت فلم تدع ... لك من تليد في العلا وطريف
يا شمس مالك تطلعين ألم ترى ... شمس المعارف غيبت بكسوف
ولأنت كنت أحق من بدر الحجى ... والعلم يا بدر الدجى بخسوف
لهفي على حبر بكل فضيلة ... علياء من زمن الصبا مشغوف
كان الخفيف على تقي مؤمن ... لكن على الفجار غير خفيف

(1/103)


تبكي العلوم كأنها ليلى على ... فقدانه وكأنه ابن طريف
أمنت أحاديث الرسول به من ال ... تبديل والتحريف والتصحيف
والشرع يخشى عودة الداء الذي ... قد كان منه على يديه عوفي
عم المصاب به الطوائف كلها ... لما ألم وخص بساحة التكليف
ومضى وما كتبت عليه كبيرة ... من يوم حل بساحة التكليف
بشراك يا بن علي العالي الذرا ... إذ بت ضيفا عند خير مضيف
وخلعت من كبد الحسود ورومة ال ... جاني البغيض وجزت كل مخوف
ولقد نزلت على كريم غافر ... بالنازلين كما علمت رءوف
صبرا بنيه قوة من بعده ... صبر الكريم الماجد الغطريف
والله لو وفيتموه من حقه ... شيئا فليس الحزن فيه بموفي
ابن الرفعة الإمام نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن مرتفع الأنصاري. واحد مصر، وثالث الشيخين: الرافعي والنووي: في الاعتماد عليه في الترجيح. قال الإسنوي: كان إمام مصر بل سائر الأمصار، وفقيه عصره في جميع الأقطار، لم يخرج إقليم مصر بعد ابن الحداد من يدانيه، ولا يعلم في الشافعية مطلقا بعد الرافعي من يساويه؛ كان أعجوبة في استحضار كلام الأصحاب؛ لا سيما من غير مظانه، وأعجوبة في معرفة نصوص الشافعي، وأعجوبة في قوة التخريج.
ولد بالفسطاط سنة خمس وأربعين وستمائة، وتفقه على السديد والظهير التزمنتي وعلى الشريف العباسي، ودرس بالمعزية بمصر، وولي حسبة مصر، وصنف التصميفين العظيمين: الكفاية في عشرين مجلدا، والمطلب في ستين مجلدا. وله النفائس في هدم الكنائس، وتأليف في المكيال والميزان. مات بمصر في ثاني عشر رجب سنة عشر وسبع مائة.
ابن الزملكاني العلامة كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري. قال الذهبي: كان عالم العصر، وكان من بقايا المجتهدين، ومن أذكياء أهل زمانه، تخرج به الأصحاب. مولده بدمشق في شوال سنة سبع وستين وستمائة، وقرأ الأصول على الصفي الهندي، والنحو على بدر الدين بن مالك، وألف عدة تصانيف، وطلب لقضاء مصر، فقدم: فمات ببلبيس في سادس عشر رمضان سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وحمل إلى القاهرة ميتا، ودفن قريبا من قبر الإمام الشافعي رضي الله عنه.
السبكي العلامة تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن تمام بن حماد ابن يحيى بن عثمان بن علي بن سوار بن سليم الأنصاري. قال ولده في الطبقات: الإمام الفقيه المحدث الحافظ المفسر الأصولي المتكلم النحوي اللغوي الأديب الجدلي الخلافي النظار، شيخ الإسلام بقية المجتهدين، المجتهد المطلق. ولد بسبك من أعمال المنوفية في صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة، وتفقه على ابن الرفعة، وأخذ الحديث عن الشرف الدمياطي، والتفسير عن العلم العارقي، والقراءات عن التقي بن الصائغ، والأصول والمعقول عن العلاء الباجي، والنحو عن أبي حيان. وصحب في التصوف الشيخ تاج الدين بن عطاء الله، وانتهت إليه رياسة العلم بمصر. قال الإسنوي: كان أنظر من رأيناه من أهل العلم ومن أجمعهم للعلوم، وأحسنهم كلاما في الأشياء الدقيقة وأجلدهم على ذلك. وقال الصلاح الصفدي: الناس يقولون: ما جاء بعد الغزالي مثله، وعندي أنهم يظلمونه بهذا وما هو عندي إلا مثل سفيان الثوري، وقال ابنه في الترشيح: قال الشيخ شهاب الدين ابن النقيب، صاحب مختصر الكفاية وغيرها من المصنفات: جلست بمكة بين طائفة من العلماء وقعدنا نقول: لو قدر الله تعالى بعد الأئمة الأربعة في هذا الزمان مجتهدا عارفا بمذاهبهم أجمعين يركب لنفسه مذهبا من الربعة، بعد اعتبار هذه المذاهب المختلفة كلها، لازدان الزمان به، وانقاد الناس، فاتفق رأينا على أن هذه الرتبة لا تعدو الشيخ تقي الدين السبكي، ولا ينتهي لها سواه.

(1/104)


وله من المصنفات الجليلة الفائقة التي حقها أن تكتب بماء الذهب، لما فيها من النفائس البديعة، والتدقيقات النفيسة؛ منها الدر النظيم في تفسير القرآن العظيم، تكملة شرح المهذب للنووي وصل فيه إلى أثناء التفليس، الابتهاج في شرح المنهاج وصل فيه إلى الطلاق. الرقم الإبريزي شرح مختصر التبريزي، التحقيق في مسألة التعليق، رفع الشقاق في مسألة الطلاق، أحكام كل وما عليه دل، بيان حكم الربط في اعتراض الشرط، شفاء السقام في زيارة خير الأنام، السيف المسلول على من سب الرسول، التعظيم والمنة، في " لتؤمنن به ولتنصرنه " ، منية الباحث عن حكم دين الوارث، الرياض الأنيقة وقسمة الحديقة، الإقناع في إفادة " لو " للامتناع، وشيء الحلا في تأكيد النفي بلا، الاعتبار ببقاء الجنة والنار، ضرورة التقدير في تقويم الخمر والخنزير، كيف التدبير في تقويم الخمر والخنزير، السهم الصائب في قبض دين الغائب، الغيث المغدق في ميراث ابن المعتق، فصل المقال في هدايا العمال، مختصره، نور المصابيح في صلاة التراويح، ضياء المصابيح، ضوء المفاليح، تقييد التراجيح؛ ومصنفان آخران في ذلك، تكملة سبعة أجزاء، إبراز الحكم من حديث رفع القلم، الكلام على حديث: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " ، كشف الغمة في ميراث أهل الذمة، الاتساق في بقاء وجه الاشتقاق، الطوالع المشرقة في الوقف على طبقة بعد طبقة، النقول والمباحث المشرقة، طليعة الفتح والنصر في صلاة الخوف والقصر، القول الصحيح في تعيين الذبيح، القول المحمود في تنزيه داود، قطف النور مسائل الدور، الدور في الدور؛ وله فيه مؤلف ثالث ورابع وخامس، عقود الجمان في عقود الرهن والضمان، ورد الغلل في العلل، البصر الناقد في لا كملت كل واحد، الجمع في الحضر بعذر المطر، حسن الصنيعة في ضمان الوديعة، التهدي إلى معنى التعدي، بيان المحتمل في تعدية العمل، الحكم والأناه في إعراب قوله: " غير ناظرين إناه " ، القول الجد في تبعية الجد، الإغريض في الفرق بين الكناية والتعريض، المواهب الصمدية في المواريث الصفدية، تفسير " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات " الآية، كشف الدسائس في هدم الكنائس، تنزيل السكينة على قناديل المدينة، الطريقة النافعة في المساقاة والمخابرة واللمزارعة، من أقسطوا ومن غلوا في حكم من يقول لو، نيل العلا في العطف بلا، حفظ الصيام عن فوت التمام، معنى قول الإمام المطلبي: إذا صح الحديث فهو مذهبي. القول المختطف في أدلة " كان إذا اعتكف " ، كشف اللبس عن المسائل الخمس، غيرة الإيمان الجلي لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، بيع المرهون في غيبة المديون، الاقتناص في الفرق بين الحصر والاختصاص، تسريح الناظر في انعزال الناظر، جزء في تعدد الجمعة؛ وغير ذلك. وله فتاوى كثيرة جمعها ولده في ثلاثة مجلدات.
توفي بجزيرة الفيل على شاطئ النيل، يوم الاثنين رابع جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وسبعمائة.
ورثاه شاعر العصر الأديب جمال الدين بن نباتة بقوله:
نعاه للفضل والعلياء والنسب ... ناعيه للأرض والأفلاك والشهب
ندب رأيناه وجوب الندب حين مضى ... فأي حزن وقلب فيه لم يجب!
نعم إلى الأرض ينعى والسماء علا ... فقيدكم يا سراة المجد والحسب
بالعلم والعمل المبرور قد ملئت ... أرض بكم وسماء أب فأب
مقدم ذكر ماضيكم ووارثه ... في الوقت تقديم بسم الله في الكتب
آها لمجتهد في العلم يندبه ... من بات مجتهدا في الحزن والحرب
بينا وفود العلا والعلم ينزلهم ... إذ نازلتنا الليالي فيه عن كثب
وأقبلت نوب الأيام ثائرة ... إذ كان عونا على الأيام والنوب
ففاجأتنا يد التفريق مسفرة ... عن سفرة طال فيها شجو مرتقب
وجاء من نحو مصر مبتدا خبر ... لكن به السمع منصوب على النصب
قالت دمشق بدمع النهر واخبرا ... " فزعت فيه بآمالي إلى الكذب "
" حتى إذا لم يدع لي صدقه أملا ... شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي "
وكلمتنا سيوف الكتب قائلة: ... " السيف أصدق إنباء من الكتب "
وقال موت فتى الأنصار مغتبطا ... الله أكبر كل الحسن في العرب
لقد طوى الموت من ذاك الفريد حلى ... كانت جلا الدين والأحكام والريب

(1/105)


وخص مغنى دمشق الحزن متصلا ... بفرقتين أبانتها على وصب
بين وموت يؤوب الغائبون ومن ... يجمع له مقسما بالله لم يؤب
كادت رياح الأسى والشجو يعكسها ... حتى الغصون بها معكوسة العذب
والجامع الرحب أضحى صدره حرجا ... والنسر ضم جناحيه من الرهب
وللمدارس هم كاد يدرسها ... لولا تدارك أبناء له نجب
من للهدى والندى لولا بنوه ومن ... للفضل يسحب أذبالا على السحب
من للفتوة والفتوى يجالسه ... في الضيعتين وللآداب والأدب
من للتواضع حيث القدر في صعد ... على النجوم وحيث الحكم في صبب
أمضى من النصل في نصر الهدى فإذا ... سلت نصال العدى أوفى من النكب
من للتصانيف فيها رتبة وهدى ... ورجم باغ فيا لله من شهب!
من للفضائل والإفضال قد جمعت ... متن السراة إلى دان بها درب
ذو همة في العلا والعلم قد بلغت ... شأو السماك وما ينفك في دأب
من للتهجد أو من للدعا بسطت ... به الوجود فينا راحتا تعب
حتى رأى العلم شفع الشافعي به ... فقال من ذا وذا أدركت مطلبي
من للمدائح فيه قد جلت وصفت ... كأنما افتر منها الطرس عن شنب
من للمدائح قد قامت خطابتها ... على معاليه في قاص ومقترب
لهفي وقد لبست حزنا لفرقته ... مدادها أسطر الأشعار والخطب
لهفي لمظلم مدح فكر أجمعهم ... بالهم لا بالذكا أمسى أبا لهب
كأن أيدي الورى تبت وقد قعدت ... من عي أقلامها حمالة الحطب
واقي الشريعة من تخليط من جهلوا ... فما يخوضون في جد ولا لعب
محجب غير ممنوع اللقا بسنا ... عليائه ومهيب غير محتجب
أضحى لسبك فخار من مناقبه ... على العراق فخار غير منتقب
لهفي لعلمين: مروي ومجتهد ... لهفي لفضلين: موروث ومكتسب
آها لمرتحل عنا وأنعمه ... مثل الحقائب والطلاب والحقب
إيمان حب على الأوطان حركه ... حتى قضى نحبه يا طول منتحب
لهفي لكل وقور من بنيه بكى ... وهو الصواب بصوب واكف السرب
وكل نادبة للحجب قلن لها ... " يا أخت خير أخ يا بنت خير أب "
إلى الحسين انتهى مسرى علي فلا ... منيت يا خارجي الهم بالغلب
يا ثاويا والثنا والمجد ينثره ... بقيت أنت وأفنتنا يد الكرب
ثم في مقام نعيم غير منقطع ... ونحن في نار حزن غير متئب
سهام حزن قسمناها عليك فإن ... تقسم برق وإن ترم الحشا تصب
ما أعجب الحال لي قلب بمصروفي ... دمشق جسم ودمع العين في حلب
من لي بمصر التي ضمتك تجمعنا ... ولو بطون الثرى فيها فيا طربي
بالرغم منا رثاء بعد مدحك لا ... يسلي ونحن مع الأيام في لجب
ما بين أكبادنا والهم فاصلة ... ولا نرى لصنيع الشعر من سبب
أما القريض فلولا نسلكم كسدت ... أسواقه وعدت مقطوعة الجلب
قاضي القضاة عزاء عن إمام تقي ... بالفضل أوصى وصاة المرء بالعقب
فأنت في رتبة عليا وما وسقت ... بحر يحدث عنه البحر بالعجب
ما غاب عنا سوى شخص لوالدكم ... وعلمه والتقى والجود لم يغب
جادت ثراك أبا السادات سحب رضا ... تزهى بذيل على مثواك منسحب
وسار نحوك منا كل شارقة ... سلام كل شجي القلب مكتئب
تحية الله نهديها ونتبعها ... فبعد فقدك ما في العيش من أرب
وخفف الحزن أنا لاحقون بمن ... مضى فامضي شباة الحارب الدرب
إن لم يسر نحونا سرنا إليه على ... أيامنا والليالي الدهم والشهب
إنا من الترب أشباح مخلقة ... فلا عجيب مآل الترب للترب
ورثاه الصلاح الصفدي بقوله:
أي طود من الشريعة مالا ... زعزعت ركنه للنون فمالا
أي ظل قد قلصته المنايا ... حين أعيا على الملوك انتقالا
أي بحر فاض بالعلم حتى ... كان منه بحر البسيطة آلآ
أي حبر مضى وقد كان بحرا ... فاض للواردين عذبا زلالا
أي شمس قد كورت في ضريح ... ثم أبقت يضي وهلالا
مات قاضي القضاة من كان يرقى ... رتب الاجتهاد حالا فحالا

(1/106)


مات من فضل علمه طبق الأ ... رض مسيرا وما تشكى كلالا
كان كالشمس في العلوم إذا ما ... أشرقت أصبح الأنام ذبالا
كان كل الأنام من قبل ذا العص ... ر عليه في كل علم عيالا
كان فرد الوجود في الدهر يزهى ... بمعالي أهل العلوم جمالا
فمضوا قبله وكان ختاما ... بعدهم فاعتدى الزمان وصالا
كملت ذاته بأوصاف علم ... علم البدر في الدياجي الكمالا
وأنام الأنام في مهد عدل ... شمل الخلق يمنة وشمالا
فلمن بعده نسد رحابا ... ولمن بعده نشد رحالا
وهو إن رمت مثله في علاه ... لم تجد في السؤال عنه سوى لا
أحسن الله للأنام عزاهم ... فهمو بالمصاب فيه ثكالى
ومصاب السبكي قد سبك القل ... ب وأودى منا الجلود انتحالا
خزرجي الأصول لو فاخر النجو ... م علا مجده عليه وطالا
خلق كالنسيم مر على الرو ... ض سحيرا وعرفه قد توالى
ويد جودها يفوق الغوادي ... تلك ما أنعمت ودامت نوالا
أيها الذاهب الذي حين ولى ... صار منه عز الدموع مذالا
لو أفاد الفداء شخصا لجدنا ... بنفوس على الفدا لا تغالى
نفس طال ما تنفس عنها ... منك كرب يكظها واستحالا
أنت بلغتها المنى في أمان ... فاستفادت عزا وعزت منالا
من لنا إن درجت شجوا شكونا ... من أذاها في الدهر داء عضالا
كنت تجلو ظلامها ببيان ... حل من عقلنا الأسير عقالا
من يعيد الفتوى إلى كل قطر ... منه جاءت جوابها يتلالا
قد أصبت الصواب فيها وأهدي ... ت هداها وقد محوت الضلالا
فيقول الورى إذا ما رأوها ... هكذا هكذا وإلا فلالا
فليقل ما يشا أما جاء أن ال ... موت أردى الغضنفر الرئبالا
وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الموت وحده والنزالا
قد تقضي قاضي القضاة تقي الد ... ين سبحان من يزيل الجبالا
فالدراري من بعده كاسفات ... وإذا ما بدا نراها خجالى
كان طودا في علمه مشمخرا ... مد في الناس من بنيه ظلالا
فبه عزها ونعمة تاج ... فوق فرق العلاء رف اعتدالا
هو قاضي القضاة صان حماه ... من عوادي الزمان ربى تعالى
وهداه للحكم في كل يوم ... فيه يرعى الأيتام والأطفالا
وحباه الصبر الجميل ووفا ... ه ثوابا يزجي سحابا ثقالا
ليفيد العدا جلادا ويعدو ... فيعيد الندى ويبدي الجدالا
ولده قاضي القضاة تاج الدين أبو النصر عبد الوهاب. ولد بمصر سنة تسع وعشرين وسبعمائة، ولازم الاشتغال بالفنون على أبيه وغيره حتى مهر وهو شاب، وصنف كتبا نفيسة، وانتشرت في حياته، وألف وهو في حدود العشرين. كتب مرة ورقة إلى نائب الشام يقول فيها: وأنا اليوم مجتهد الدنيا على الإطلاق، لا يقدر أحد يرد على هذه الكلمة، وهو مقبول فيما قال عن نفسه.
ومن تصانيفه: جمع الجوامع ومنع الموانع، وشرح مختصر ابن الحاجب، وشرح منهاج البيضاوي، والتوشيح، والطبقات، ومفيد النعم وغير ذلك. مات عشية يوم الثلاثاء سابع ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة.
البلقيني شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير بن صالح الكناني، مجتهد عصره، وعالم المائة الثامنة.
ولد في ثاني عشر رمضان سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وأخذ الفقه عن ابن عدلان والتقي والسبكي، والنحو عن أبي حيان، وبرع في الفقه والحديث والأصول، وانتهت إليه رياسة المذاهب والإفتاء، وبلغ رتبة الاجتهاد. وله ترجيحات في المذهب خلاف ما رجحه النووي، وله اختيارات خارجة عن المذهب، وأفتى بجواز إخراج الفلوس في الزكاة، وقال: إنه خارج عن مذهب الشافعي.
وله تصانيف في الفقه والحديث والتفسير منها، حواشي الروضة، وشرح البخاري، وشرح الترمذي، وحواشي الكشاف.
وولي تدريس الخشابية وغيرها، وتدريس التفسير بالجامع الطولني.
وكان البهاء ابن عقيل يقول: هو أحق الناس بالفتوى في زمانه، مات في عاشر ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة.

(1/107)


وسمعت ولده شيخنا قاضي القضاة علم الدين يقول: ذكر الشيخ كمال الدين الدميري أن بعض الأولياء قال له: إنه رأى قائلا يقول: إن الله يبعث على رأس كل مائة لهذه الأمة من يجدد لها دينها، بدئت بعمر، وختمت بعمر.
قلت: ومن اللطائف أن شرط المبعوثين على رءوس القرون مصريون: عمر بن عبد العزيز في الأولى، والشافعي في الثانية، وابن دقيق العيد في السابعة، والبلقيني في الثامنة؛ وعسى أن يكون المبعوث على رأس المائة التاسعة من أهل مصر.
وقال الحافظ ابن حجر يرثي البلقيني، وضمنها رثاء الحافظ أبي الفضل العراقي:
يا عين جودي لفقد البحر بالمطر ... واذري الدموع ولا تبقي ولا تذري
لو رد ترداد دمع ذاهبا سبقت ... شهب الدموع بعيني جرية النهر
تسقي الورى فمتى لام العذول أقل ... دعها سماوية تجري على قدر
يا سائلي جهرة عما أكابده ... " عدتك حالي لا سري بمستتر "
لم يعل مني سوى أنفاسي الصعدا ... ولست أبصر دمعي غير منحدر
أقضي نهاري في غم وفي حزن ... وطول ليلي في فكر وفي سهر
وغاص قلبي في بحر الهموم أما ... ترى سقيط دموعي منه كالدرر!
فرحمة الله والرضوان تشمله ... سلامة ما بكى باك على عمر
بحر العلوم الذي ما كدرته دلا ... من المسائل إن تشكل وإن تذر
والحبر كم حبرت طرسا براعته ... حتى تجانس بين الحبر والحبر
لم أنس حين يحف الطالبون به ... مثل الكواكب إذ يحففن بالقمر
فيقسم العلم في مفت ومبتدئ ... كقسمة الغيث بين النبت والشجر
ولم يخص ببشر منه ذا نسب ... بل عمهم فضله بالبشر والبشر
لقد أقام منار الدين متضحا ... سراجه فأضاء الكون للبشر
في القرن الأول والقرن الأخير لقد ... أحيا لنا العمران الدين عن قدر
في الاسم والعلم والتقوى قد اجتمعا ... وإنما افترقا في العصر والعمر
لكن أضاء سراج الدين منفردا ... وذاك مشترك في سبعة زهر
من للفضائل أو من للفواضل أو ... من للمسائل يلقيها بلا ضجر
من للفوائد أو من للعوائد أو ... من للقواعد يبنيها بلا خور
من للفتاوى وحل المشكلات إذا ... جل الخطاب وظل القوم في فكر
لمن يكون اختلاف الناس إن نعقت ... عمياء والحكم فيها غير مستطر
قالوا إذا عضلت نبه لها عمرا ... ونم فمن بعده للمشكل العسر!
من لو رآه ابن إدريس الإمام إذا ... أقر أو قر عينا منه بالنظر
قد كان بالأم برا حين هذبها ... تهذيب العقل لولا شاهد البصر
قالت حواسده لما رأوا غررا ... من بحثه خبرها يربو على الخبر
الله أكبر ما هذا سوى ملك ... وحاش لله ما هذا من البشر
عهدي بأكبرهم قدرا بحضرته ... مثل البغاث لدى صقر من الصغر
محدث قل لمن كانوا قد اجتمعوا ... ليسمعوا عنه: فزتم منه بالوطر
علوتم فتواضعتم على ثقة ... لما تواضع أقوام على غرر
محقق كم له بالفتح من مدد ... تحقيق رجوى نبي الله في عمر
حكى الجنيد مقامات بها فله ... تذكير ناس وتنبيه لمدكر
وبابه يتلقى فيه قاصده ... بشر وسهل ومعروف به وسرى
لو قال هذي السواري الخشب من ذهب ... قامت له حجج يشرقن كالدرر
وإن تكلم يوما في مناظرة ... يدق معناه عن إدراك ذي نظر
سل ابن عدلان عن تحقيقه وأبا ... حيان واعدل إذا حكمت واعتبر
مسدد الرأي حجاج الخصوم غدا ... في سعيه خير حجاج ومعتمر
كم حجة وغزاة قد سما بهما ... وكم حوى عمر الخيرات من عمر
أصم ناعيه آذانا، وقيد أذ ... هانا، وأطلق أجفانا لمنكسر
سعى إلينا به يوم الوقوف فما ... أجابه الركب إلا بالثنا العطر
نعاه في يوم تعريف الحجيج فقد ... عجوا وضجوا أسى من حادث نكر
يا من له جنة المأوى غدت نزلا ... ارقد هنيئا فقلبي منك في سفر
حباك ربك بالحسنى ورؤيته ... زيادة في رضاه عنك فافتخر
أزال عنك تكاليف الحياة فما ... تتلو إذا شئت إلا آخر الزمر
أوحشت صحف علوم كنت تجمعها ... ومنزلا بك معمورا من الخفر

(1/108)


لم يستملك لشاد أو لغانية ... بيت من الشعر أو بيت من الشعر
لكن عكفت على استنباط مسألة ... أو حل معضلة أعيت على الفكر
بالنصر قمت لنص تستدل به ... كالسيف دل على التأثير بالأثر
طويت عنا بساط العلم معتليا ... فاهنأ بمقعد صدق عند مقتدر
كنانة لك مأوى وهي منتسب ... الدار مصر غدت والبيت في مضر
تحمي قسي ركوع مع سهام دعا ... تحل حاشاك من خاط ومن خطر
بضعا وستين عاما ظلت منفردا ... برتبة العلم فيها أي مشتهر
فما برحت مجدا للعلا يقظا ... ولا انتبهت إلى كأس ولا وتر
قد كنت تحمي حمى الإسلام مجتهدا ... حتى تقلد منه الجيد بالدرر
فرقت جمع عدو الدين حيث نجوا ... بجمعهم بين تأنيث ومنكسر
طعنت غير محاب في مقالتهم ... بالسمهرية دون الوخز بالإبر
طورا بسيف الهدى في الملحدين سطا ... تارة بسهام الذكر في التتر
رزء عظيم يسر الملحدون به ... كالإتحادي والشيعي والقدري
ليت الليالي أبقت واحدا جمعت ... فيه هداية أهل النفع والضرر
وليتها إذ فدت عمرا فدت عمرا ... يطالبيه وأولاهم بذي عمر
هيهات لو قبل الموت الفدا بذلت ... في الشيخ من غير ثنيا أنفس البشر
عجبي لقبر حواه إنه عجب ... إذ بان منه اتساع الصدر للبحر
لهفي على فقد شيخ المسلمين لقد ... جل المصاب وفيه عز مصطبري
لهفي عليه سراجا كان متقدا ... يسمو ذكا بذكاء غير منحسر
لولا نداه خشينا نار فكرته ... لكنه بنداه مطفئ الشرر
من ناره ظل بحر النيل محترقا ... حزنا ألا فاعجبوا من فطنة النهر
لهفي وهل نافعي إبداع مرثية ... وكيف يغني كبير القلب بالفقر!
لهفي عليه لليل كان يقطعه ... نفلا وذكرا وقرآنا إلى السحر
لهفي عليه لعلم كان يجمعه ... يشق فيه عليه فرقه السهر
لهفي عليه لعان كان ينفعه ... فعلا وقولا فما يؤتى من الحصر
لهفي عليه لضد كان يدفعه ... عن الخلائق من بدو ومن حضر
نعم ويا طول حزني ما حييت على ... عبد الرحيم فحزني غير مقتصر
لهفي على حافظ العصر الذي اشتهرت ... أعلامه كاشتهار الشمس في الظهر
علم الحديث انقضى لما قضى ومضى ... والدهر يفجع بعد العين بالأثر
لهفي على فقد شيخي اللذين هما ... أعز عندي من سمعي ومن بصري
لهفي على من حديثي من كمالهما ... يحيي الرميم ويلهي الحي عن سمر
اثنان لم يرتق النسران ما ارتقيا ... نسر السما إن يلح والأرض إن يطر
ذا شبه فرخ عقاب حجة صدقت ... وذا جهينة إن يسأل عن الخبر
لا ينقضي عجبي عن وفق عمرهما ... العام كالعام حتى الشهر كالشهر
عاشا ثمانين عاما بعدها سنة ... وربع عام سوى نقص لمعتبر
الدين تتبعه الدنيا مضت بهما ... رزية لم تهن يوما على بشر
بالشمس وهو سراج الدين يتبعه ... بدر الدياجي زين الدين في الأثر
ما أظلم الأفق في عيني وقد أفلت ... شمس المنيرة عني وامحي قمري
قد ذقت من بين أحبابي العذاب وهم ... لاح النعيم فساروا سير مبتدر
يا قلب ساروا وما وافقتهم فعلوا ... إلى الرفيق لدى الجنات والنهر
وعشت بعد نواهم مظهرا جلدا ... تكابد الشوق ما أقساك من حجر
وأنت يا طرف لا تنظر لغيرهم ... ما أنت عندي إن تنظر بذي نظر
ولا يغرنك بشر من خلافهم ... ولو أنار فكم نور بلا ثمر
وقل لأسود عيني بعد أبيضه ... يا آخر الصفو هذا أول الكدر
ما بعدهم غاية يا موت تطلبها ... بلغت للأفق في المرقى فلا تطر
بدور تم خلت منهم منازلهم ... والقلب ذو كدر والطرف ذو سهر
غصون روض ذوت في التراب أوجههم ... واوحشتاه لذاك المنظر النضر
دمعي عليهم وشعري في رثائهم ... كالدر ما بين منظوم ومنتثر
دارت كؤوس المنايا حين غبت على ... أحباب قلبي فليت الكأس لم تدر
خرجت أنى ألقاهم ففات، فقد ... زهدت في وطني إذ فاتني وطري

(1/109)


لقد رجونا لها قاضي القضاة جلا ... ل الدين حيث لنا أدى السفر
ولى عهد أبيه كان نص على اس ... تخلافه، فانتظر يا خير منتظر
فتى سن وفي المقدار شبه أب ... هذا اتفاق فتى السن والكبر
جارى أباه وأخلق أن يساويه ... والبدر في شفق كالبدر في سحر
له مناقب تسري ما سرى قمر ... وسيرة سار فيها أعدل السير
علم وحلم وعدل شامل وتقى ... وعفة ونوال غير منحصر
خلائق في العلا لما سمعت ونمت ... فاحت ولاحت لنا كالزهر والزهر
يا كامل الأصل داني الفضل وافره ... بسيط فضل العطايا غير منبتر
يا سيدا في المعالي طال مطلبه ... ملكتها عنوة بالحق فاقتصر
إن فهت بالفقه فقت الأقدمين ذكا ... وصلت بالحق صول الصارم الذكر
وإن تكلمت في الأصلين فاعل وطل ... وقل ولا فخر، مالرازي بمفتخر
وإن تفسر تحقق كل مشتبه ... وسيف ذهنك شفاق على الطبري
وليس يرفع رأسا سيبويه إذا ... نصبت للنحو طرفا غير منكسر
ومن قديم زمان للحديث لقد ... رقيت في الحفظ والعليا إلى الزهر
مولاي صبرا فما يخفاك أن لنا ... في رزئنا أسوة في سيد البشر
واعذر محبك في إبطاء تعزية ... لغربة ظلت فيها أي معتذر
ولا تقولن لي في غير معتبة ... علي لما أطلت المكث في سفري
أبعد حول توافينا بمرثية ... هلا ونحن على عشر من العشر
وحق رأسك لولا القرب منك لما ... راجعت فكري ولا حققت في نظري
بأي ذهن أقول الشعر وبي ... غم يغم على الألباب والفكر
فكر وحزن بقلبي والحشا سكنا ... وغربة ظلت فيها أي منكسر
هذا على أن رزء الشيخ ليس له ... عندي انقضاء إلى أن ينقضي عمري
فقدت في سفري إذ مات منه دعا ... فالفقد أوجد ما لاقيت في سفري
دامت على لحده سحب الرضا ديما ... ما ناحت الورق في الآصال والبكر
أيقنت أن رياضا قبره فهمت ... عيني عليه بمنهل ومنهمر
ودم لنا أنت ما عن الهلال وما ... غنى المطوق في زاه من الزهر
ودام مجدك محروسا بأربعة: ... العز والنصر والإقبال والظفر
ترجمة مؤلف هذا الكتاب عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي.
وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدثين قبلي، فقل أن ألف أحد منهم تاريخا إلا وذكر ترجمته فيه؛ وممن وقع له ذلك الإمام عبد الغافر الفارسي في تاريخ نيسابور، وياقوت الحموي في معجم الأدباء، ولسان الدين ابن الخطيب في تاريخ غرناطة، والحافظ تقي الدين الفارسي في تاريخ مكة، والحافظ أبو الفضل بن حجر في قضاة مصر، وأبو شامة في الروضتين؛ وهو أروعهم وأزهدهم، فأقول: أما جدي الأعلى همام الدين؛ فكان من أهل الحقيقة، ومن مشايخ الطريق، وسيأتي ذكره في قسم الصوفية، ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرياسة؛ منهم من ولي الحكم ببلده، ومنهم من ولي الحسبة بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون، وبنى مدرسة باسيوط، ووقف عليها أوقافا، ومنهم من كان متمولا، ولا أعرف منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا ولدي، وسيأتي ذكره في قسم الفقهاء الشافعية.
وأما نسبتنا بالخضيري، فلا أعلم ما تكون إليه هذه النسبة إلا بالخضيرية، محلة ببغداد؛ وقد حدثني من أثق به، أنه سمع والدي رحمه الله تعالى يذكر أن جده الأعلى كان أعجميا أو من الشرق؛ فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة، وكان مولدي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة.

(1/110)


وحملت في حياة أبي إلى الشيخ محمد المجذوب، رجل كان من كبار الأولياء بجوار المشهد النفيسي، فبرك علي، ونشأت يتيما، فحفظت القرآن ولي دون ثماني سنين ثم حفظت العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك؛ وشرعت في الاشتغال بالعلم، من مستهل سنة أربع وستين، فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشار مساحي الذي كان يقال إنه بلغ السن العالية وجاوز المائة بكثير، والله أعلم بذلك؛ قرأت عليه في شرحه على المجموع، وأجزت بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين.
وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شيء ألفته الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظا، ولازمته في الفقه إلى أن مات؛ فلازمت ولده، فقرأت عليه من أول التدريب لوالده إلى الوكالة، وسمعت عليه من أول الحاوي الصغير إلى العدد، ومن أول المنهاج إلى الزكاة، ومن أول التنبيه إلى قريب من باب الزكاة، وقطعة من الروضة من باب القضاء، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي؛ ومن إحياء الموات إلى الوصايا أو نحوها، وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وحضر تصديري.
فلما توفي سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوي. فقرأت عليه قطعة من المنهاج، وسمعته عليه في التقسيم إلا مجالس فاتتني، وسمعت دروسا من شرح البهجة، ومن حاشية عليها، ومن تفسير البيضاوي.
ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي، فواظبته أربع سنين، وكتب لي تقريظا على شرح ألفية ابن مالك وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي، وشهد لي غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه، ورجع إلى قولي مجردا في حديث؛ فإنه أورد في حاشيته على الشفاء حديث أبي الجمرا في الإسرا، وعزاه إلى تخريج ابن ماجه، فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجه في مظنته، فلم أجده، فمررت على الكتاب كله، فلم أجده، فاتهمت نظري، فمررت مرة ثانية فلم أجده، فعدت ثالثة فلم اجده؛ ورأيته في معجم الصحابة لابن قانع، فجئت إلى الشيخ وأخبرته، فبمجرد ما سمع مني ذلك أخذ نسخته، وأخذ القلم فضرب على لفظ ابن ماجه، وألحق ابن قانع في الحاشية؛ فاعظمت ذلك وهبته لعظم منزله الشيخ في قلبي، واحتقاري في نفسي، فقلت: ألا تصبرون، لعلكم تراجعون! فقال: لا، إنما قلدت في قولي ابن ماجه البرهان الحلبي. ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات.
ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود محيي الدين الكافيجي أربع عشرة سنة؛ فأخذت عنه الفنون من التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك؛ وكتب لي إجازة عظيمة.
وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسا عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح، والعضد.
وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتاب سوى ما غسلته ورجعت عنه.
وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور، ولما حججت شربت من ماء زمزم، لأمور؛ منها أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر.
وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين.
وعقدت إملاء الحديث من مستهل سنة اثنتين وسبعين.
ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع؛ على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة. والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والنقول التي اطلعت عليها فيها، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي؛ فضلا عمن هو دونهم، وأما الفقه فلا أقول ذلك فيه؛ بل شيخي فيه أوسع نظرا، وأطول باعا؛ ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه والجدل والتصريف، ودونها الإنشاء والتوسل والفرائض، ودونها القراءات، ولم آخذها عن شيخ، ودونها الطب، وأما علم الحساب فهو أعسر شيء علي وأبعده عن ذهني؛ وإذا نظرت في مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلاً أحمله.

(1/111)


وقد كملت عندي الآن آلات الجهاد بحمد الله تعالى؛ أقول ذلك تحدثاً بنعمة الله تعالى لا فخراً؛ واي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها بالفخر، وقد أزف الرحيل، وبدا الشيب، وذهب أطيب العمر! ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفاً بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية، ومداركها ونقوصها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل الله، لا بحولي ولا بقوتي، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.
وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئاً في علم المنطق، ثم ألق الله كراهته في قلبي. وسمعت أن أبي الصلاح أفتى بتحريمه فتركته لذلك، فعوضني الله تعالى عنه علم الحديث الذي هو أشرف العلوم.
وأما مشايخي في الرواية سماعاً وإجازة فكثير؛ أوردتهم في المعجم الذي جمعتهم فيه، وعدتهم نحو مائة وخمسين؛ ولم أكثر من سماع الرواية لاشتغالي بما هو أهم وهو قراءة الدراية.
وهذه أسماء مصنفاتي لتستفاد: فن التفسير وتعليقاته والقراءات: الإتقان في علوم القرآن، الدر المنثور في التفسير المأثور. ترجمان القرآن في التفسير. المسند، أسرار التنزيل يسمى قطف الأزهار في كشف الأسرار، لباب النقول في أسباب النزول، مفحمات الأفران في مبهمات القرآن، المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب، الإكليل في استنباط التنزيل، تكملة تفسير الشيخ جلال الدين المحلي، التحبير في علوم التفسير، حاشية على تفسير البيضاوي، تناسق الدرر في تناسب السور، مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع، مجمع البحرين ومطلع البدرين في التفسير، مفاتيح الغيب في التفسير، الأزهار لالفائحة على الفاتحة، شرح الاستعاذة والبسملة، الكلام على أول الفتح، وهو تصدير ألقيته لما باشرت التدريس بجامع شيخون بحضرة شيخنا البلقيني، شرح الشاطبية، الألفية في القراءات العشر، خمائل الزهر في فضائل السور، فتح الجليل للعبد الذليل في الأنواع البديعية المستخرجة من قوله تعالى: )الله ولي الذين آمنوا....( الآية، وعدتها مائة وعشرون نوعاً، القول الفصيح في تعيين الذبيح، اليد البسطى في الصلاة الوسطى، معترك الأقران في مشترك القرآن.

(1/112)


فن الحديث وتعلقاته: كشف المغطى في شرح الموطا، إسعاف المبطا برجال الموطا، التوشيح على الجامع الصحيح، الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود، شرح ابن ماجه، تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، شرح ألفية العراقي، الألفية وتسمى نظم الدرر في علم الأثر وشرحها يسمى قطر الدرر، التهذيب في الزوائد على التقريب، عين الإصابة في معرفة الصحابة، كشف التلبيس عن قلب أهل التدليس، توضيح المدرك في تصحيح المستدرك، الآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، النكت البديعات على الموضعات، الذيل على القول المسدد، القول الحسن في الذب عن السنن، لب اللباب في تحرير الأنساب، تقريب العزيب، المدرج إلى المدرج، تذكرة المؤتسى بمن حدث ونسى، تحفة النابه بتلخيص المتشابه، الروض المكلل والورد المعلل في المصطلح، منتهى الآمال في شرح حديث إنما الأعمال، المعجزات والخصائص النبوية، شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور، والبدور السافرة عن أمور الآخرة، ما وراء الواعون في أخبار الطاعون، فضل موت الأولاد، خصائص يوم الجمعة، منهاج السنة، ومفتاح الجنة، تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش، بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال، مفتاح الجنة في الاعتصام بالسنة، مطلع البدرين فيمن يؤتى أجرين، سهام الإصابة في الدعوات المجابة، الكلم الطيب، القول المختار في المأثور من الدعوات والأذكار، أذكار الأذكار، الطب النبوي، كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة، الفوائد الكامنة في إيمان السيدة آمنة، ويسمى أيضاً التعظيم والمنة في أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، المسلسلات الكبرى، جياد المسلسلات، أبواب السعادة في سباب الشهادة، أخبار الملائكة، الثغور الباسمة في مناقب السيدة آمنة، مناهج الصفا في تخريج أحاديث الشفا، الأساس في مناقب بني العباس، در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة، زوائد شعب الإيمان للبيهقي، لم الأطراف وضم الأتراف، أطراف الأشراف بالإشراف على الأطراف، جامع المسانيد، الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة، الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة، تخريج أحاديث الدرة الفاخرة، تخريج أحاديث الكفاية يسمى تجربة العناية، الحصر والإشاعة لأشراط الساعة، الدرر المتنثرة في الأحاديث المشتهرة، زوائد الرجال على تهذيب الكمال، الدر المنظم في الاسم المعظم، جزء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، من عاش من الصحابة مائة وعشرين، جزء في أسماء المدلسين، اللمع في أسماء من وضع، الأربعون المتباينة، درر البحار في الأحاديث القصار، الرياضة الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة، المرقاة العلية في شرح الأسماء النبوية، الآية الكبرى في شرح قصة الإسرا، أربعون حديثاً من رواية مالك عن نافع عن ابن عمرن فهرست المرويات، بغية الرائد في الذيل على مجمع الزوائد، أزهار الآكام في أخبار الأحكام، الهبة السنية في الهيئة السنية، تخريج أحاديث شرح العقائد، فضل الجلد، الكلام على حديث ابن عباس: " احفظ الله يحفظك " ، هو تصدير ألقيته لما وليت درس الحديث بالشيخونية، أربعون حديثاً في فضل الجهاد، أربعون حديثاً في رفع اليدين في الدعاء، التعريف بآداب التأليف، العشاريات، القول الأشبه في حديث : " من عرف نفسه فقد عرف ربه " ، كشف النقاب عن الألقاب، نشر العبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير، من وافقت كنيته كنية زوجة من الصحابة، ذم زيارة الأمراء، زوائد نوادر الأصول للحكيم الترمذي، تخريج أحاديث الصحاح يسمى فلق الصباح، ذم المكس، آداب الملوك.
فن الفقه وتعلقاته: الأزهار الغضة في حواشي الروضة، الحواشي الصغرى، مختصر الروضة يسمى القنية، مختصر التنبيه، يسمى الوافي، شرح التنبيه، الشباه والنظائر، اللوامع والوارق في الجوامع والفوارق، نظم الروضة يسمى الخلاصة، شرحه يسمى رفع الخصاصة، الورقات المقدمة، شرح الروض، حاشية على القطعة للإسنوي، العذب السلسل في تصحيح الخلاف المرسل، جمع الجوامع، الينبوع فيما زاد على الروضة من الفروع، مختصر الخادم؛ يسمى تصحين الخادم، تشنيف الأسماع بمسائل الإجماع، شرح التدريب، الكافي، زوائد المهذب على الوافي، الجامع في الفرائض، شرح الرحيبة في الفرائض، مختصر الأحكام السلطانية للماوردي.

(1/113)


الأجزاء المفردة في مسائل مخصوصة على ترتيب الأبواب: الظفر بقلم الظفر، الاقتناص في مسألة التماص، المستطرفة في أحكام دخول الحشفة، السلالة في تحقيق المقر والاستحالة، الروض الأريض في طهر المحيض، بذل العسجد لسؤال المسجد، الجواب الحزم عن حديث التكبير جزم، القذاذة في تحقيق محل الاستعاذة، ميزان المعدلة في شأن البسملة، جزء في صلاة الضحى، المصابيح في صلاة التراويح، بسط الكف في إتمام الصف، اللمعة في تحقيق الركعة لإدراك الجمعة، وصول الأماني بأصول التهاني، بلغة المحتاج في مناسك الحاج، السلاف في التفصيل بين الصلاة والطواف، شد الأثواب في سد الأبواب في المسجد النبوي، قطع المجادلة عند تغيير المعاملة، إزالة الوهن عن مسألة الرهن، بذل الهمة في طلب براءة الذمة، الإنصاف في تمييز الأوقاف، أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب، الزهر الباسم فيما يزوج فيه الحاكم، القول المضي في الحنث في المضي، القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق، فصل الكلام في ذم الكلام، جزيل المواهب في اختلاف المذاهب، تقرير الإسناد في تيسير الاجتهاد، رفع منار الدين وهدم بناء المفسدين، تنزيه الأنبياء عن تسفيه الأغبياء، ذم القضاء، فضل الكلام في حكم السلام، نتيجة الفكر في الجهر بالذكر، طي اللسان عن ذم الطيلسان، تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك، أدب الفتيا، إلقام الحجر لمن زكى سباب أبي بكر وعمر، الجواب الحاتم عن السؤال الخاتم، الحجج المبينة في التفضيل بين مكة والمدينة، فتح المغالق من أنت طالق، فصل الخطاب في قتل الكلاب، سيف النظار في الفرق بين الثبوت والتكرار.
فن العربية وتعلقاته: شرح ألفية ابن مالك، يسمى البهجة المضية في شرح الألفية، الفريدة في النحو والتصريف والخط، النكت على الألفية والكافية والشافعية والشذور والنزهة، الفتح القريب على مغنى اللبيب، شرح شواهد المغني، جمع الجوامع، شرحه يسمى همع الهوامع، شرح الملحة، مختصر الملحة، مختصر الألفية ودقائقها، الأخبار المروية في سبب وضع العربية، المصاعد العلية في القواعد النحوية، الاقتراح في أصول النحو وجدله، رفع السنة في نصب الزنة، الشمعة المضيئة، شرح كافية ابن مالك، در التاج في إعراب مشكل المنهاج، مسألة ضربي زيداً قائماً، السلسلة الموشحة، الشهد، شذا العرف في إثبات المعنة للحرف، التوشيح على التوضيح، السيف الصقيل في حواشي ابن عقيل، حاشية على شرح الشذور، شرح القصيدة الكافية في التصريف، قطر الندا في ورود الهمزة للندا، شرح تصريف العزي، شرح ضروري التصريف لابن مالك، تعريف الأعجم بحروف المعجم، نكت على شرح الشواهد للعيني، فجر الثمد في إعراب أكمل الحمد، الزند الوري في الجواب عن السؤال الكندري.
فن الأصول والبيان والتصوف: شرح لمعة الإشراق في الاشتقاق، الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع، شرحه، شرح الكوكب الوقاد في الاعتقاد، نكت على التلخيص يسمى الإفصاح، عقود الجمان في المعاني والبيان، شرحه، شرح أبيات تلخيص المفتاح، مختصره، نكت على حاشية المطول لابن الفنري رحمه الله تعالى، حاشية على المختصر، البديعية، شرحها، تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة الشاذلية، تشييد الأركان في ليس في الإمكان أبدع مما كان، درج المعالي في نصرة الغزالي على المنكر المتغالي، الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال، مختصر الإحياء، المعاني الدقيقة في إدراك الحقيقة، النقابة في أربعة عشر علماً، شرحها، شوارد الفوائد، قلائد الفرائد، نظم التذكرة، ويسمى الفلك المشحون، الجمع والتفريق في الأنواع البديعية.

(1/114)


فن التاريخ والأدب: تاريخ الصحابة وقد مر ذكره، طبقات الحفاظ، طبقات النحاة: الكبري والوسطى والصغرى، طبقات شعراء العرب، تاريخ الخلفاء، تاريخ مصر هذا، تاريخ سيوط معجم شيوخي الكبير يسمى حاطب ليل وجارف سيل، المعجم الصغير يسمى المنتقى؛ ترجمة النووي، ترجمة البلقينين، الملتقط من الدرر الكامنة، تاريخ العمر؛ وهو ذيل على إنباء الغمر، رفع الباس عن بني العباس، النفحة المسكية والتحفة المكية، على نمط عنوان الشرف، درر الكلم وغرر الحكم، ديوان خطب، ديوان شعر، المقامات، الرحلة الفيومية، الرحلة المكية، الرحلة الدمياطية، الرسائل إلى معرفة الأوائل، مختصر معجم البلدان، ياقوت الشماريخ في علم التاريخ، الحمانة، رسالة في تفسير ألفاظ متداولة، مقاطع الحجاز، نور الحديقة من نظم القول، المجمل في الرد على المهمل، المنى في الكنى، فضل الشتاء، مختصر تهذيب الأسماء للنووي، الأجوبة الزكية عن الألغاز السبكية، رفع شأن الحبشان، أحاسن الأقباس في محاسن الاقتباس، تحفة المذاكرة في المنتقى من تاريخ ابن عساكر، شرح بانت سعاد، تحفة الظرفاء بأسماء الخلفاء، قصيدة رائية، مختصر شفاء الغليل في ذم الصاحب والخليل.
ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث
أبو ذر، عبد الله بن عمرو بن العاص، عقبة بن عامر الجهني؛ الثلاثة صحابة؛ ذكرهم الذهبي في طبقات الحفاظ؛ وقد مروا.
أبو الخير مرثد، مكحول، نافع مولى ابن عمر، يزيد بن ابن حبيب، عبيد الله بن أبي جعفر؛ مروا.
الأعرج عبد الرحمن بن داود المدني صاحب أبي هريرة ؛ أحد الحفاظ والقرء، أخذ القراءة عن أبي هريرة وابن عباس، وأكثر من السنن عن أبي هريرة. أخذ القراءة عنه نافع بن أبي نعيم، وعنه، قال البخاري: أصح أسانيد أبي هريرة أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. قال الذهبي في طبقات القراء: كان الأعرج أول من برز في القرآن والسنن، وقالوا: هو أول من وضع العربية بالمدينة؛ أخذ عن أبي الأسود، وله خبرة بأنساب قريش، وافر العلم، مع الثقة والأمانة؛ خرج إلى الإسكندرية؛ فأدركه أجله بها. مات في سنة سبع عشرة ومائة.
عقيل بن خالد الأيلي أبو خالد ، مولى عثمان؛ عن عكرمة ونافع، وعنه ابن لهيعة والليث. مات بمصر سنة إحدى وأربعين ومائة.
يونس بن يزيد الأيلي أبو يزيد الرقاشي . عن الزهري ونافع. مات بالصعيد سنة تسع وخمسين ومائة.
عمرو بن الحارث، حيوة بن شريح، يحيى بن يوب الغافقي، الليث بن سعد بن لهيعة، المفضل بن فضالة، مروا.
بكر بم مضر بن حكم بن سليمان أبو محمد المصري. عن يزيد بن أبي حبيب وغيره. كان ثقة عابداً صالحاً؛ ولد سنة اثنتين ومائة؛ ومات يوم عرفة سنة أربع وسبعين.
ابن وهب، ابن القاسم، الإمام الشافعي، مروا.
أسد السنة أسد بن موسى بن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الآمدي المصري. عن شعبة وروح، وعنه الربيع الجيزي، وأحمد بن صالح ولد بمصر سنة اثنتين وثلاثين ومائة؛ ومات بها في المحرم سنة اثنتي عشرة ومائتين.
سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمد بن سالم الجمحي المصري الحافظ المصري، أبو محمد . عن مالك والليث؛ قال ابن يونس: كان فقيهاً، ولد سنة أربع وأربعين ومائة، ومات سنة أربع وعشرين ومائتين.
عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني مولاهم أبو صالح؛ )ح، د، ت(؛ كاتب الليث، مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين.
عبد الله بن يوسف التنيسي أبو محمد الدمشقي. قال البخاري: كان من أثبت الشاميين، مات بمصر سنة ثماني عشرة ومائتين؛ عن ثمانين سنة.
عبد الله بن الزبير الحميدي أبو بكر. أحد الأئمة، صاحب المسند، كان بمصر ملازماً للإمام الشافعي، فلما مات رجع إلى مكة يفتي بها إلى أن مات سنة تسع عشرة ومائتين. قال أبو حاتم: هو رئيس أصحاب ابن عيينة، وهو ثقة إمام.
نعيم بن حمار المروزي أبو عبد الله. نزيل مصر. أول من جمع المسند، أخرج منها في فتنة القول بخلق القرآن، فحبس بسامرا سنة ثمان وعشرين ومائتين.
يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم المصري. راوي الموطأ؛ صنف التصانيف. مات في صفر سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
أصبغ بن فرج، سعيد بن عفير، حرملة، أحمد بن صالح المصري، مروا.

(1/115)


أبو عبد الله محمد بن رمح بن مهاجر التجيبي مولاهم. المصري الحافظ. سمع من الليث وابن لهيعة. قال النسائي: ما أخطأ في حديث واحد. وقال ابن يونس: ثقة ثبت؛ كان من أعلم الناس بأخبار بلدنا، مات في شوال سنة اثنتين وأربعين ومائتين.
الحارث بن مسكين، يونس بن عبد الأعلى، مرا.
الحسن بن عبد العزيز الوزير الجذامي أبو علي الجروي المصري .
روى عن بشر بن بكر، وعنه البخاري؛ وقال الدراقطني: لم ير مثله فضلاً وزهداً؛ حمل من مصر إلى العراق؛ فلم يزل بها حتى مات سنة سبع وخمسين ومائتين.
محمد بن سنجر أبو عبد الله الجرجاني الحافظ . صاحب المسند؛ عن أبي نعيم وطبقته. قال في العبر: مات بصعيد مصر في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين.
محمد بن عبد الحكم، مر.
الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم . أبو محمد المصري، صاحب الإمام الشافعي وراوي كتبه، والمؤذن بجامع الفسطاط. روى عنه أصحاب السنن الأربعة، والطحاوي وأبو زرعة وغيرهم. وأملى الحديث بجامع طولون؛ وهو أول من أملى به، ووصله ابن طولون يومئذ بجائزة سنية؛ ولد سنة أربع وسبعين ومائتين، ومات يوم الاثنين لعشر بقين من شوال سنة سبع ومائتين.
قبيطة الحافظ الثقة، أبو علي الحسن بن سليمان البصري. نزيل مصر. عن أبي نعيم، وعنه ابن خزيمة. مات سنة إحدى وستين ومائتين.
أبو بكر محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي. عن أسد السنة، وعنه أبو داود والنسائي. وثقه ابن يونس، وذكره ابن فرحون في طبقات المالكية، وقال: له تصانيف في الحديث وغيره. مات سنة تسع وأربعين ومائتين.
ابن أخت غزال الإمام أبو بكر محمد بن علي بن داود البغدادي نزيل مصر. قال ابن يونس: كان ثقة في الحديث، مات بها في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين.
محمد بن حماد الطهراني الرازي؛ أحد من رحل إلى عبد الرازق. حدث بمصر والشام والعراق. وكان ثقة. مات سنة إحدى وسبعين ومائتين؛ قاله في العبر.
يحيى بن عثمان بن صالح البهمي المصري. روى عن ابيه وأصبغ بن فرج وخلف، وعنه ابن ماجه وآخرون. قال ابن يونس: كان حافظاً للحديث. توفي سنة سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
عبدان أبو محمد بن محمد بن عيسى المروزي الفقيه الحافظ، مفتي مرو وعالمها وزاهدها. أقام بمصر سنين، وقرأ على المزني والربيع، ثم انتقل؛ وهو الذي أظهر مذهب الشافعي بخراسان؛ تفقه به ابن خزيمة وأبو إسحاق المروزي وخلق صاروا أئمة، وصنف كتاب المعرفة في مائة جزء، وكتاب الموطأ، وكان يرجع إليه في الفتاوي والمعضلات. ولد ليلة عرفة سنة عشرين ومائتين، ومات ليلة عرفة سنة ثلاث وتسعين؟ النسائي أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن يحيى القاضي الحافظ الإمام شيخ الإسلام. أحد الأئمة المبرزين، والحفاظ المثقفين والأعلام المشهورين، جال البلاد، واستوطن مصر، فأقام بزقاق القناديل. قال أبو علي النيسابوري: رأيت من أئمة الحديث أربعة في وطني وأسفاري: النسائي بمصر، وعبدان بالأهواز، ومحمد بن إسحاق، وإبراهيم ابن أبي طالب بنيسابور. وقال الحاكم: كان النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعرفهم بالصحيح والسفيم من الآثار، وأعرفهم بالرجال. وقالالذهبي: هو أحفظ من مسلم. له من المصنفات السنن الكبرى والصغرى وهي إحدى الكتب الستة، وخصائص علي، ومسند علي، ومسند مالك. ولد سنة خمس وعشرين ومائتين. قال ابن يونس: كان خروجه من مصر سنة اثنتين وثلاثمائة، ومات بمكة - وقيل بالرملة - في صفر سنة ثلاث وثلاثمائة.
علي بن سعيد بن بشير مهران الحافظ البارع أبو الحسن الرازي. يعرف بعلبك. نزيل مصر ومحدثها. قال ابن يونس: كان يفهم ويحفظ. مات في ذي القعدة سنة سبع وتسعين ومائتين.
يحيى بن زكريا بن النيسابوري أبو زكريا الأعرج. أحد الحفاظ، وهو عم محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيوة، روى عن قتيبة وابن راهويه. قال في العبر: دخل مصر على كبر السن، ومات بها سنة سبع وثلاثمائة.
محمد بن محمد بن النفاح بن بدر الباهلي أبو الحسن. قال في العبر: بغدادي حافظ متعفف، روى عن ابن إسرائيل وطبقته. توفي بمصر في ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثلاثمائة.

(1/116)


الطحاوي الإمام العلامة الحافظ. صاحب التصانيف البديعة أبو جعفر أحمد ابن محمد بن سلامة بن مسلمة الأزدي المصري الحنفي، ابن أخت المزني. تفقه بالقاضي أبي حازم، وكان ثقة ثبتاً، فقيهاً لم يخلف بعده مثله، انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر. وله معاني الآثار، وأحكام القرآن، والتاريخ الكبير، واختلاف العلماء، وكتاب الشروط. ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين، ومات في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
مكحول الحافظ أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن عبد السلام البيروني؛ عن ابن عبد الحكم، وعنه ابن زبر. كان من الثقات العالمين بالحديث، مات في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
الطحان الحافظ الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن جابر الرملي. عن بكار ابن قتيبة، وعنه ابن زبر. مات سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
ابن يونس الحافظ الإمام أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن الإمام يونس ابن عبد الأعلى الصدفي المصري، صاحب تاريخ مصر. ولد سنة إحدى وثمانين ومائتين، وسمع أباه والنسائي، ولم يرحل ولا سمع بغير مصر، ولكنه إمام في هذا الشأن، متيقظ حافظ مكثر، خبير بأيام الناس وتواريخهم. مات في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وثلاثمائة.
ابن الحداد، مر.
حمزة بن محمد بن علي بن العباس الكناني المصري الحافظ الزاهد العالم أبو القاسم. مملي جزء البطاقة، عن النسائي وأبي يعلى، وعنه الدار قطني وابن سعيد. قال الحاكم: متفق على تقدمه في معرفة الحديث، يذكر بالورع والزهد والعبادة. مات في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
ابن السكن الحافظ الحجة أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي. نزيل مصر. ولد سنة أربع وتسعين ومائتين، وسمع أبا القاسم البغوي وابن جوصا، وعنه عبد الغني بن سعيد، وعني بهذا الشأن وصنف الصحيح المنتقى؛ مات في المحرم سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.
النقاش الحافظ الإمام الجوال أبو بكر محمد بن علي بن حسن المصري نزيل تنيس. ولد سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وسمع النسائي وأبا علي، وعنه الدار قطني. مات رابع شعبان سنة تسع وستين وثلاثمائة.
الحسن بن رشيق الإمام أبو بكر محمد العسكري المصري. عن النسائي، وعنه الدار قطني وعبد الغني؛ قال ابن الطحان: ما رأيت عالماً أكثر حديثاً منه؛ ولد في صفر سنة ثلاث وثمانين ومائتين، ومات في جمادى الآخرة سنة سبعين وثلاثمائة.
ابن النحاس المصري الحافظ الإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى بن الجراح، نزيل نيسابور. كان ذا رحلة واسعة. سمع أبا القاسم البغوي، ومنه الحاكم. مات سنة ست وسبعين وثلاثمائة، عن خمس وثمانين سنة.
ابن مسرور الحافظ الجوال أبو الفتح عبد الواحد من محمد بن أحمد بن مسرور البلخي. عن أبي سعيد بن يونس، وعنه عبد الغني. وطن بمصر، ومات في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.
أحمد بن أبي الليث نصر بن محمد الحافظ أبو العباس النصيبي المصري. قال الحاكم: باقعة في الحفظ. مات سنة ست وثمانين وثلاثمائة.
ابن حنزابة الوزير الكامل الحافظ أبو الفضل جعفر بن الوزير أبي الفتح الفضل بن الفرات البغدادي. نزيل مصر، وزر لصاحب مصر كافور الخادم، وحدث عن محمد بن هارون الحضرمي وغيره. ورحل إليه الدارقطني، وعزم على التأليف على مسنده. قال السلفي: كان من الحفاظ المتقنين، يملي ويروي في حال الوزارة، عندي من أماليه، ومن كلامه على الحديث، الدال على حدة فهمه وقوة علمه. وحنزابة اسم جدته أم أبيه. ولد سنة ثمان وثلاثمائة، ومات في ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين.
عبد الغني بن سعيد بن علي الأزدي الحافظ المتقن النسابة. إمام زمانه في علم الحديث وحفظه؛ قال البرقاني: ما رأيت بعد الدار قطني أحفظ منه؛ له مؤلفات؛ منها المؤتلف والمختلف وغيره. ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة؛ ومات في سابع صفر سنة تسع وأربعمائة.
أبو سعيد الماليني أحمد بن محمد بن أحمد بن إسماعيل؛ كان أحد الحفاظ المكثرين الراحلين في الحديث إلى الآفاق، روى عن ابن عدي. مات بمصر في شوال سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.

(1/117)


أبو نصر السجزي الحافظ عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري نزيل مصر. كان متقنا مكثرا بصيرا بالحديث والسنة، واسع الرحلة. قال أبو طاهر الحافظ: سألت الحبال عن الصوري والسجزي: أيهما أحفظ؟ فقال: السجزي أحفظ من خمسين مثل الصوري؛ مات في المحرم سنة أربع وأربعين وأربعمائة.
الحبال الحافظ الإمام المتقن؛ محدث مصر، أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني مولاهم المصري. ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وسمع عبد الغني ابن سعيد وابن نظيف، ومنه أبو بكر عبد الباقي؛ وآخر من روى عنه بالإجازة ابن ناصر الحافظ، وجمع عوالي سفيان بن عيينة وغير ذلك، وكان ثقة حجة صالحا ورعا كبير القدر. مات سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.
السلفي الحافظ أبو طاهر عماد الدين أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني. كان إماما حافظا متقنا، ناقدا ثبتا دينا خيرا، انتهى إليه علو الإسناد. روى عنه الحفاظ في حياته. وله تصانيف، وكان أوحد زمانه في علم الحديث، وأعلمهم بقوانين الرواية؛ وكان مقيما بالإسكندرية. توفي يوم الجمعة خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة وله مائة وست ستين.
عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الحنبلي الحافظ الإمام. أوحد زمانه في علم الحديث والحفظ؛ تقي الدين أبو محمد الزاهد العابد، صاحب العمدة والكمال وغير ذلك من التصانيف. نزل مصر في آخر عمره، ومات بها يوم الاثنين ثالث عشر ربيع الأول سنة ستمائة؛ وله تسع وخمسون سنة، ودفن بالقرافة.
أبو الحسن علي بن فاضل بن سعد الله الصوري ثم المصري. قال الذهبي: أكثر عن السلفي، ورأس في الحديث؛ مات بمصر سنة ثلاث وستمائة.
أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المالكي المقدسي ثم السكندري، الحافظ العلامة شرف الدين. ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وتخرج بالسلفي، وكان من حفاظ الحديث وأئمة المذهب العارفين به؛ وله تصانيف. مات بالقاهرة في شعبان سنة إحدى عشرة وستمائة.
ابن الأنماطي الحافظ البسارع تقي الدين أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الله ابن عبد المحسن المصري الشافعي. ولد في حدود سنة سبع وخمسمائة، وسمع ابن الخشوعي، ومنه المنذري. وكان إماما حافظا مبرزا مفيدا. مات في رجب سنة تسع عشرة وستمائة.
ابن دحية الإمام العلامة الحافظ الكبير أبو الخطاب عمر بن حسن الأندلسي السبتي؛ كان بصيرا بالحديث معتنيا به، له حظ وافر من اللغة، ومشاركة في العربية؛ وله تصانيف، وطن مصر، وأدب الملك الكامل، ودرس بدار الحديث الكاملة، مات رابع عشر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وستمائة عن نيف وثمانين سنة.
المنذري الحافظ الكبير الإمام شيخ الإسلام زكي الدين أبو محمد عبد العظيم ابن عبد القوي بن عبد الله المصري الشافعي. ولد بمصر في غرة شعبان سنة إحدى وثمانين وخسمائة، وتفقه، وطلب هذا الشأن فبرع فيه، وتخرج بالحافظ أبي الحسن ابن المفضل، وولي مشيخة الكاملية، وانقطع بها عشرين سنة، وكان عديم النظير في معرفة علم الحديث على اختلاف فنونه، متبحرا في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله، قيما بمعرفة غريبه، إماما حجة بارعا في الفقه والعربية والقراءات، ورعا متبحرا. قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في حقه: كان أدين مني، وأنا أعلم منه. ألف الترغيب والترهيب، وشرح التنبيه، وغير ذلك. مات يوم السبت رابع ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة.
الرشيد العطار الإمام الحافظ، رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله الأموي النابلسي ثم المصري المالكي. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة؛ وتخرج بابن المفضل، وتقدم في فن الحديث، وانتهت إليه رياسة الحديث بالديار المصرية، وألف وخرج. ومات في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وستمائة.
الصدر البكري أبو علي الحسن بن محمد النيسابوري ثم الدمشقي. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وعني بهذا الشأن، وألف وخرج، وتحول إلى مصر، فمات بها في ذي الحجة سنة ست وخمسين وستمائة.

(1/118)


ابن العماد الإمام الحافظ وجيه الدين أبو المظفر منصور بن سليمان الهمداني الإسكندراني الشافعي. ولد في صفر سنة سبع وستمائة، وعني بالحديث وفنونه ورجاله وبالفقه، وألف في الحديث وأنواعه وفي الفقه، وألف في الحديث وأنواعه وفي الفقه، وألف تاريخ الإسكندرية ومعجم شيوخه وغير ذلك، روى عنه الدمياطي، مات في شوال سنة ثلاث وسبعين وستمائة، ولم يخلف بعده في الثغر مثله.
الأبيوردي الإمام المحدث الحافظ زين الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن أبي بكر. نزيل القاهرة؛ ولد سنة إحدى وستمائة؛ وسمع من السخاوي وغيره، وألف وخرج، مات في جمادى الأولى سنة سبع وستين وستمائة.
الإسعردي الإمام الحافظ مفيد القاهرة تقي الدين أبو القاسم عبيد بن محمد ابن عباس. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وشرح الكثير، وبرع في التخريج وأسماء الرجال والعالي والموافقة. مات في شعبان سنة اثنتين وتسعين وستمائة.
الشريف عز الدين نقيب الأشراف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسني الحلبي ثم المصري، الحافظ المؤرخ. روى عن فخر القضاء أحمد بن الحباب وأكثر أصحاب البوصيري، وعني بالحديث وبالغ. مات في سادس المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة. ذكره في العبر.
ابن الظاهري الحافظ الزاهد القدوة جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله الحلبي الحنفي المقرئ. كان أحد من عني بهذا الشأن، وكتب عن سبعمائة شيخ، وخرج وأعاد. مات بزاويته بالمقس بظاهر القاهرة، في ربيع الأول سنة ست وتسعين وستمائة، وله سبعون سنة.
الدمياطي الإمام العلامة الحافظ الحجة الفقيه النسابة شيخ المحدثين شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف التوني الشافعي. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة، وتفقه، وبرع وطلب الحديث، فرحل وجمع فأوعى، وتخرج بالمنذري وألف. قال المزني: ما رأيت في الحديث أحفظ منه، وكان واسع الفقه، رأسا في النسب جيد العربية، عزيز اللغة. مات فجأة سنة خمس وسبعمائة.
ابن شامة الإمام الحافظ الحجة الفقيه النسابة، مفيد مصر، شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن شامة الحنبلي. روى عن ابن عبد الدائم، وكتب الكثير؛ وكان جيدا بمعرفة الحديث. مات في ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة عن سبع وأربعين سنة.
ابن دقيق العيد، مر.
الحارثي قاضي القضاة سعيد الدين أبو محمد مسعود بن أحمد العراقي ثم المصري الحنبلي. ولد سنة اثنتين وخمسين وستمائة، وسمع من النجيب وعدة، وتقدم في هذا الشأن، وخرج وألف شرحا على سنن أبي داود، وكان عارفا بمذهبه. مات في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وسبعمائة.
القطب الحلبي مفيد الديار المصرية وشيخها الحافظ قطب الدين أبو علي عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحنفي. ولد في رجب سنة أربع وستين وستمائة وعني بالفن، وبرع فيه، وألف شرح البخاري وشرح سيرة عبد الغني، وتاريخ مصر في بضعة عشر مجلدا، وغير ذلك. مات في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.
فتح الدين ابن سيد الناس الإمام العلامة الحافظ الأديب البارع أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري الأندلسي الأصل المصري. ولد في ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وستمائة، ولازم ابن دقيق العيد، وتخرج به، وكان أحد الأعلام الحفاظ؛ أديبا شاعرا بليغا مترسلا، ولي درس الحديث بالظاهرية وغيرها، وألف السيرة النبوية، وشرح الترمذي، ومات في شعبان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة.
التقي السبكي، مر.
أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي الدمياطي الحافظ شهاب الدين أبو الحسين محدث مصر. ولد سنة سبعمائة، وبرع في الفن، وخرج وألف. مات في رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالطاعون.
أحمد بن أحمد بن أحمد بن الحسين الهكاري شهاب الدين أبو الحسين.
كان عارفا بالرجال، ألف كتابا في رجال الصحيحين، وأعاد بالجامع الحاكم. مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وسبعمائة.
البهائي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن خليل العثماني المكي نزيل القاهرة، الشافعي الحافظ الفقيه الزاهد القدوة، أبو محمد. ولد سنة أربع وتسعين وستمائة. وعني بالفقه وبرع فيه. مات بالقاهرة في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبعمائة.

(1/119)


الزبلعي جمال الدين عبد الله بن يوسف بن محمد الحنفي. سمع من أصحاب النجيب، وأخذ عن الفخر الزيلعي شارح الكنز والعلائي بن التركماني وابن عقيل، وألف تخريج أحاديث الهداية، وتخريج أحاديث الكشاف. مات في محرم سنة اثنتين وستين وسبعمائة.
الحافظ ابن جماعة قاضي القضاة الشيخ عز الدين أبو عمر قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الشافعي. ولد في المحرم سنة أربع وتسيعن وستمائة، وأكثر السماع، فبلغت شيوخه ألفا وثلاثمائة نفس، وعني بالشأن، وصنف تخريج أحاديث الرافعي وغيره، وولي القضاء بالدار المصرية، وتدريس الخشابية، وكانت معرفته بالحديث أمثل من معرفته بالفقه. مات بمكة في جمادى الأولى سنة سبع وستين وسبعمائة.
مغلطاي بن قليج الحنفي الإمام الحافظ علاء الدين. ولد سنة تسع وثمانين وستمائة، وكان حافظا عارفا بفنون الحديث، علامة في الأنساب، وله أكثر من مائة تصنيف، كشرح البخاري وشرح ابن ماجه وغير ذلك؛ مات في شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة.
ابن سند الحافظ شمس الدين أبو العباس محمد بن موسى بن سند المصري، ولد في ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وسبعمائة، وأخذ عن الإسنوي، ولازم التاج السبكي، وألف وخرج. مات في صفر سنة اثنتين وتسيعن وسبعمائة.
البلقيني مر.
ابن الملقن، يأتي في الفقهاء.
العراقي الحافظ الإمام الكبير؛ زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن، حافظ العصر. ولد بمنشاة المهراني بالقاهرة في جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وعني بالفن، فبرع فيه وتقدم بحيث كان شيوخ عصره يبالغون في الثناء عليه بالمعرفة، كالسبكي والعلائي وابن كثير وغيرهم؛ ونقل ابن سيد الناس. وله مؤلفات في الفن بديعة، كالألفية التي اشتهرت في الآفاق وشرحها ونظم الاقتراح، وتخريج أحاديث الإحياء، وتكملة شرح الترمذي لابن سيد الناس؛ وشرع في إملاء الحديث من سنة ست وتسعين فأحيا الله تعالى به سنة الإملاء بعد أن كانت دائرة، فأملى أكثر من أربعمائة مجلس. وكان صالحا متواضعا ضيق المعيشة. مات في ثامن شعبان سنة ست وثمانمائة.
ورثاه الحافظ ابن حجر بقوله:
مصاب لم ينفس للخناق ... أصار الدمع جارا للمآقي
فروض العلم بعد الزهو ذاو ... وروح الفضل قد بلغ التراقي
وبحر الدمع يجري باندلاق ... وبدر الصبر يسري في المحاق
وللأحزان بالقلب اجتماع ... ينادي الصبر: حي على افتراق
فأما بعد بأس من تلاق ... فهذا صبره مر المذق
لقد عظمت مصيبتنا وجاءت ... تسوق أولي العلوم إلى السباق
وأشراط القيامة قد تبدت ... وأذن بالنوى داعي الفراق
وكان بمصر والبيت البقايا ... وكانوا بالفضائل في استباق
فلم تبق الملاحم والرزايا ... بأرض الشام للفضلاء باق
وطاف بأرض مصر كل علمٍ ... بكأس الحين للعلماء ساقي
فأطفات المنون سراج علمٍ ... ونور لاح لا داعي النفاق
وأخلقت الرجا في ابن الحسين ال ... إمام فألحقته بالسباق
فيا أهل الشآم ومصر فابكوا ... على عبد الرحيم بن العراقي
على الحبر الذي شهدت قروم ... له بالإنفراد على اتفاق
ومن فتحت له قدماً علوم ... غدت عن غيره ذات انغلاق
وجاز إلى الحديث قديم عهد ... فأحرز دونه خيل السباق
وبالسبع القراءات العوالي ... أقل بما إلى السبع الطباق
فسل إحيا علوم الدين عنه ... أما داواه مع ضيق النطاق!
فصير ذكره يسمو وينمو ... بتخريج الأحاديث الرفاق
وشرح الترمذي لقد ترقى ... به قدماً إلى أعلى المراقي
ونظم ابن الصلاح له صلاح ... وهذا شرحه في الأفق راق
وفي نظم الأصول له وصول ... إلى منهاج حق باستباق
ونظم السيرة الغرا يجازي ... عليها الأجر من راقى البراق
دعاه بحافظ العصر الإمام الكبير الإسنوي لدى الطباق
وعلى قدره السبكي وابن العلائي والأئمة باتفاق
ومن ستين عاماً لم يجاري ... ولا طمع المجاري في اللحاق
ويقضي اليوم في تصنيف علمٍ ... وطول تهجد في الليل راق
فأصبح بالكرامة في اصطباح ... وبالتحف الكريمة في اغتباق

(1/120)


فما شغلته كأس بالتثام ... ولا ألهاه طبي باعتناق
فتى كرم يزيد وشيخ علمٍ ... يرى الطلاب مع حمل المشاق
فيقرئ طالبي علم ووفرٍ ... قرىً؛ وقراه في ذات اتساق
فيا أسفا ويا حزناً عليه ... أرق من النسيمات الرفاق
ويا أسفا لتقييدات علمٍ ... تولت بعد ذات انطلاق
عليه سلام ربي كل حينٍ ... يلاقيه الرضا فيما يلاقي
وأسقت لحده سحب الغوادي ... إذا انهملت هممت ذات انطباق
وزانت رئيه في كل يوم ... تحيات إلى يوم التلاقي
الهيثمي الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان، رفيق أبي الفضل العراقي. ولد سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، ورافق العراقي في السماع، ولازمه، وألف وجمع. مات في تاسع عشر رمضان سنة سبع وثمانمائة.
ابن عشائر، الحافظ ناصر الدين أبو المعالي محمد بن علي السالمي الحلبي. ولد في ربيع سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، وأخذ عن التاج السبكي وابن قاضي الجبل والأعمى، والبصير، وله مجاميع وتاريخ وتعاليق. مات بمصر في ربيع سنة تسع وثمانين وسبعمائة.
الأقفهسي صلاح الدين خليل بن محمد عبد الرحمن المصري. ولد سنة ثلاث وستين وسبعمائة وعني بالفن وخرج، وصنف. مات سنة إحدى وعشرين وثمانمائة.
ولي الدين أبو زرعة أحمد بن الحافظ أبو الفضل العراقي الإمام العلامة الحافظ الفقيه الأصولي، ذو الفنون. ولد في ذي الحجة اثنتين وستين وسبعمائة، وتخرج في الفن بوالده، ولازم البلقيني في الفقه، وبرع في الفنون؛ وألف الكتب النافعة المشهورة، كشرح البهجة والنكت، ومختصر المهمات، وشرح جمع الجوامع في الأصلين، وشرح تقريب الأسانيد لوالده، وغير ذلك. وأملى أكثر من ستمائة مجلس، وولي قضاء الديار المصرية. مات في سابع عشرين شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة.
البوصيري شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل الكناني. ولد في المحرم سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وسمع الكثير وعني بالفن، وألف وخرج. مات في المحرم سنة وأربعين وثمانمائة.
ابن حجر، إمام الحفاظ في زمانه، قاضب القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي الكناني العسقلاني ثم المصري. ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، وعانى أولاً الأدب وعلم الشعر فبلغ فيه الغاية، ثم طلب الحديث، فسمع الكثير، ورحل وتخرج بالحافظ أبي الفضل العراقي، وبرع فيه، وتقدم في جميع فنونه، وانتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها، فلم يكن في عصره حافظ سواه، وألف كتباً كثيرة كشرح البخاري، وتعليق التعليق، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، ولسان الميزان، والإصابة في الصحابة، ونكت ابن الصلاح، ورجل الأربعة، والنخبة وشرحها، والألقاب، وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه، وتقريب المنهج بترتيب المدرج؛ وأملى أكثر من ألف مجلس؛ توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وختم به الفن.
حدثني الشهاب المنصوري شاعر العصر أنه حضر جنازته، فأمطرت السماء على نعشه وقد قرب إلى المصلى ولم يكن زمان مطر. قال: فأنشدت في ذلك الوقت:
قد بسكت السحب على ... قاضي القضاة بالمطر
وانهدم الركن الذي ... كان مشيداً من حجر
وقال شيخنا الأديب شهاب الدين الحجازي يرثيه:
كل البرية للمنية صائره ... وقفوا لها شيئاً فشيئاً سائره
والنفس إن رضيت بذا ربحت وإن ... لم ترض كانت عند ذلك خاسره
وأنا الذي راض بأحكام مضت ... عن ربنا البر المهيمن صادره
لكن سئمت العيش من بعد الذي ... قد خلف الأفكار منا حائره
هو شيخ الإسلام المعظم قدره ... من كان أوحد عصره والنادره
قاضي القضاة العسقلاني الذي ... لم ترفع الدنيا خصيماً ناظره
وشهاب دين الله ذي الفضل الذي ... أربى على عدد النجوم مكاثره
لا تعجبوا لعلوه فأبوه في الد ... نيا علا من قبله والآخرة
هو كيمياء العلم كم من طالب ... بالكسر جاء له فأضحى جابره
لا بدع إن عادت علوم الكيميا ... من بعد ذا الحجر المكرم بائره
لهفي على من أورثني حسرةً ... درس الدروس عليه إذ هي خاسرة
لهفي على المدح استحالت للرثا ... وقصور أبياتي غدت متقاصره

(1/121)


لهفي عليه عالماً، بوفاته ... درست دروس والمدارس داثره
لهفي على الإملاء عطل بعده ... ومعاهد الأسماع إذ هي شاغرة
لهفي عليه حافظ العصر الذي ... قد كان معدوداً لكل مناظره
لهفي على الفقه المهذب والمحر ... ر حاوي المقاصد عند كل محاضره
لهفي على النحو الذي تسهيله ... مغني اللبيب مساعد لمذاكره
لهفي على اللغة الغريبة كم أرا ... نا معرباً بصحاحها المتظاهره
لهفي على علم العروض تقطعت ... أسبابه بفواصل متغايره
لهفي عليه خزانة العلم التي ... كانت بها كل الأفاضل ماهره
لهفي على شيخي الذي سعدت به ... صحب وأوجه ناظريه ناظره
لهفي على التقصير مني حيث لم ... أملا النواحي بالنواح صادره
لهفي على عذري عن استيفاء ما ... يحوي، وعجزي أن أعد مآثره
لهفي على لهفي، وهل ذا مسعدي ... أو كان ينفعني شديد محاذره!
لهفي على منعام للهنا ... تأتي الوفود إلى حماه مبادره
والآن في ذا العام جاءوا للقرا ... فيه، وعادوا بالدموع الهامره
قد خلف الدنيا خراباً بعده ... لكنما الأخرى لديه عامره
وبموته شغر الفؤاد وأعلم الع ... ين انثنت في حالتيها شاغره
ولي المحاجر طابقت إذ للرثا ... أنا ناظم، وهي المدامع ناثره
فكأنه في قبره سر غدا ... في الصدر والأفهام عنه قاصره
وكأنه في اللحد منه ذخيرة ... أعظم بها درر العلوم الفاخره
وكأنه في رمسه سيف ثوى ... في الغمد مخبوء ليوم مثائره
قهرتني الأيام فيه فليتني ... في مصر مت وما رأيت القاهره
هجرتني الأحلام بعدك سيدي ... وا حر قلبي قد رمى بالهاجره
من شاء بعدك فليمت أنت الذي ... كانت عليك النفس قدماً حاذره
وسهرت مذ صدح النعي يزجره ... فإذا هم من مقلتي بالساهره
ورزئت فيه فليت أبي لم أكن ... أوليت أبي قد سكنت مقابره
رزء جميع الناس فيه واحد ... طوبى لنفس عند ذلك صابره
يا نوم عيني لا تلك بمقلتي ... فالنوم لا يأوي لعينٍ ساهره
يا دمع واسقي تربه ولو إنها ... بعلومه جرت البحار الزاخره
يا صبري ارحل ليس قلبي فارغاً ... سكنته أحزان غدت متكاثره
يا نار شوقي بالفراق تأججي ... يا أدمعي بالمزن كوني ساخره
يا قبر طب قد صرت بيت العل أو ... عيناً به إنسان قطب الدائره
يا موتن إنك قد نزلت بذي الندى ... ومذ استضفت حباك نفساً حاضره
يا رب فارحمه واسق ضريحه ... بسحائب من فيض فضلك غامره
يا نفس صبراً فالتأسي لائق ... بوفاة أعظم شافعٍ في الآخرة
المصطفى زين النبيين الذي ... حاز العلا والمعجزات الباهره
صلى عليه الله ما جال الردى ... فينا وجرد للبرية باترة
وعلى عشيرته الكرام وآله ... وعلى صحابته النجوم الزاهرة
ذكر من كان بمصر من المحدثين
الذين لم يبلغوا درجة الحفظ والمنفردين بعلو الإسناد
بكر بن سهل الدمياطي المحدث. عن عبد الله بن يوسف التنيسي وطائفة. مات في ربيع الأول سنة تسع وثمانين ومائتين.
الدينوري صاحب المجالسة، أبو بكر أحمد بن مروان المالكي. نزيل مصر، وبها مات. أخذ عن القاضي إسماعيل ويحيى بن معين؛ وغلب عليه الحديث، وله كتاب في فضائل مالك. مات في صفر سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وله أربع وثمانون سنة؛ ذكره ابن فرحون في طبقات المالكية.
أبو شيبة داود بن إبراهيم بروزبة البغدادي عن محمد بن بكار بن الريان وطائفة. مات بمصر سنة عشر وثلاثمائة.
علي بن الحسن بن خلف بن فرقد أبو القاسم المصري المحدث. روى عن محمد ابن رمح وحرملة. مات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وله بضع وثمانون سنة.
علي بن أحمد بن سليمان بن الصيقل أبو الحسن المصري، ولقبه علان المعدل. عن محمد بن رمح وطائفة. مات في شوال سنة سبع عشرة وثلاثمائة عن تسعين سنة.
محمد بن زبان بن حبيب أبو بكر المصري. عن زكريا بن يحيى، كاتب العمري، ومحمد بن رمح. مات في جمادى الأولى سنة عشر وثلاثمائة، عن اثنتين وتسعين سنة.

(1/122)


إسماعيل بن داود بن وردان المصري البزاني. عن زكريا كاتب العمري ومحمد ابن رمح. مات في ربيع الآخر سنة عشرة وثلاثمائة، عن اثنتين وتسعين سنة.
أحمد بن عبد الوارث بن جرير أبو بكر الأسواني العسال، آخر من حدث عن محمد بن رمح، وثقه ابن يونس. مات في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
قاضي مصر أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المالكي. من أهل العلم والحفظ، وحدث بكتب أبيه كلها من حفظه بمصر، ولم يكن معه كتاب، وهي إحدى وعشرون مصنفاً. قال في العبر: ولي قضاء مصر شهرين ونصف شهر، ومات بها في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج وأبو محمد الرشيدي المهري المصري الناسخ. عن أبي الطاهر بن السرح، وسلمة بن شبيب. مات ست وعشرين وثلاثمائة.
أبو عبد الله بن أحمد بن بدر الربعي البغدادي. عن عباس الدوري وطبقته. ولي قضاء مصر، وله عدة تصانيف، ضعفه غير واحد في الحديث. مات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وله بضع وسبعون سنة.
محمد بن أيوب بن الصمت الرقي. نزيل مصر. روى عن هلال بن العلاء وطائفة. مات سنة إحدى وأربعين وثلثمائة.
عثمان بن محمد بن أحمد أبو عمري السمرقندي. قال في العبر: روى بمصر عن أحمد بن شيبان الرملي وأبي أمية الطرسوسي وطائفة. مات سنة خمس وأربعين وثلثمائة، وله خمس وتسعون سنة.
الوزير الماذرائي أبو بكر محمد بن علي البغدادي الكاتب. وزر لخمارويه صاحب مصر، وحدث عن العطاردي. وكان من صلحاء الكبراء. مات سنة خمس وأربعين وثلثمائة عن نحو تسعين سنة. وأما معروفة فإليه المنتهى، أعتق في عمره مائة ألف رقبة، وأنفق في حجة حجها مائة ألف دينار، وبلغ ارتفاع مغله بمصر من أملاكه في العام أربعمائة ألف دينار. قاله في العبر.
أحمد بن مهران أبو الحسن السيرافي. حدث عن الربيع المرادي والقاضي بكار. مات سنة ست وأربعين وثلاثمائة.
أبو الفوارس الصابوني أحمد بن محمد بن حسين بن السندي. الثقة المعمر مسند ديار مصر. عن يونس بن عبد الأعلى والمزني والكبار وآخرين. روى عنه ابن نظيف. مات في شوال سنة تسع وأربعين وثلثمائة، وله مائة وخمس سنين.
أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن جامع السكري. عن علي بن عبد العزيز البغوي. مات بمصر سنة إحدى وخمسين وثلثمائة.
أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن عطية البغدادي. يعرف بابن الحداد. عن بكر ابن سهل الدمياطي. مات بمصر سنة أربع وخمسين وثلثمائة.
الرافعي أبو الفضل العباس بن محمد بن نصر بن السري بن هلال بن العلاء. مات بمصر ينة ست وخمسين وثلثمائة.
أبو علي الحسن بن الخضر الأسيوطي. عن النسائي والمنجنيقي. مات في ربيع الأول سنة إحدى وستين وثلثمائة.
محمد بن بدر الحمامي الأمير أبو بكر الطولوني. عن بكر بن سهل الدمياط والنسائي. وثقه أبو نعيم. مات سنة أربع وستين وثلثمائة.
أبيض بن محمد بن أبيض بن أسود الفهري المصري. آخر من روى عن النسائي. مات سنة سبع وسبعين وثلثمائة.
أبو بكر بن المهتدي بالله أحمد بن محمد بن إسماعيل. محدث ديار مصر. عن البغوي ومحمد بن محمد الباهلي، مات سنة خمس وثمانين وثلثمائة.
أبو الحسن الاذني القاضي علي بن الحسين بن بندار المحدث. نزيل مصر. روى الكثير عن ابن قبيل وعلي الغضائري وأبي عروبة ومحمد بن الفيض الدمشقي. مات في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثلثمائة.
أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن خلف بن سهل المصري البزاز، ويعرف بابن غالب. عن محمد بن أحمد الباهلي وعلي بن أحمد علان. وكان من كبراء المصريين ومتموليهم. مات سنة سبع وثمانين وثلثمائة.
عبد الوهاب بن عيسى أبو العلاء ماهان البغدادي، ثم المصري. روى صحيح مسلم عن أبي بكر أحمد بن محمد الأشقر، سوى ثلاثة أجزاء يرويها عن الجلودي. مات سنة ثمان وثمانين وثلثمائة.
أحمد بن عبد الله بن حميد بن رزيق البغدادي أبو الحسن. نزيل مصر، يروي عن المحاملي ومحمد بن مخلد، وكان صاحب حديث. مات سنة إحدى وتسعين وثلثمائة.
المؤمل بن أحمد بن أبي القاسم الشيباني البزاز. بغدادي ثقة، نزل مصر وحدث عن البغوي وابن صاعد، وعمر دهراً. مات سنة إحدى وتسعين وثلثمائة.

(1/123)


أبو محمد الضراب الحسن بن إسماعيل المصري المحدث. راوي المجالسة، عن الدينوري. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وثلثمائة، وله تسع وسبعون سنة.
أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت البغدادي. نزيل مصر، حدث عن البغوي وابي بكر بن أبي داود. مات بمصر سنة أربع وتسعين وثلثمائة.
أبو الحسين محمد بن أحمد أبو العباس الإخميمي المصري. عن محمد بن زيان بن حبيب وعلي بن أحمد علان. مات سنة أربع وتسعين وثلثمائة.
محمد بن أحمد بن شاكر القطان أبو عبد الله المصري. مؤلف فضائل الشافعي. روى عن عبد الله بن الورد. مات في المحرم سنة سبع وأربعمائة.
أبو الحسن بن ثرثال أحمد بن عبد العزيز بن أحمد التميمي البغدادي. عن المحاملي ومحمد بن مخلد، وله جزء واحد رواه عنه الصوري والحبال. مات بمصر في ذي القعدة سنة ثمان وأربعمائة، وله إحدى وتسعون سنة.
منير بن الحسن بن علي بن منير الخشاب أبو العباس المصري العدل. شيخ الخلص، عن علي بن عبد الله بن أبي مطير، قال الحبال: كان ثقة لا يجوز عليه تدليس. مات في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
أحمد بن محمد بن يحيى أبو العباس الإشبيلي المعدل. سمع عثمان بن محمد السمرقندي وأبا الفوارس الصابوني. تفقه عليه أبو نصر السجزي. مات بمصر في صفر سنة خمس عشرة وأربعمائة.
القاضي أبو الحسين الحصيب بن عبد الله بن محمد بن الحسين، ابن الحصيب المصري. حدث عن أبيه وعثمان بن السمرقندي. مات سنة ست عشرة واربعمائة. قاله في العبر.
أبو محمد بن النحاس عبد الرحمن بن عمر المصري البزاز. مسند الديار المصرية ومحدثها. عن ابن الأعرابي وأبي الطاهر المديني وعلي بن عبد الله بن أبي مطر. مات سنة ست عشرة واربعمائة، وله بضع وتسعون سنة.
أبو النعمان تراب بن عمر بن عبيد الكاتب المصري. عن أبي أحمد بن الناصح. مات في ذي القعدة سنة سبع وعشرين واربعمائة، وله خمس وثمانون سنة.
محمد بن الفضل بن نظيف أبو عبد الله المصري الفراء. مسند الديار المصرية، عن أبي الفوارس الصابوني والعباس بن محمد الرافقي. وكان شافعياً. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، عن تسعين وشهرين.
علي بن منير بن أحمد الخلال أبو الحسن المصري. عن أبي حامد الناصح والذهلي. مات في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن نصر الحكيمي المصري الوراق. عن أبي الطاهر الذهلي. مات يوم الأضحى سنة أربعين وأربعمائة، وله إحدى وثمانون سنة.
علي بن ربيعة أبو الحسن التميمي. المصري البزاز. راوية الحسن بن رشيق مات في صفر سنة أربعين وأربعمائة.
أبو الحسن علي بن عمر الحراني المصري الصواف. يعرف بابن حمصة.
راوي جزء البطاقة عن حمزة الكناني. مات في رجب سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.
أبو القاسم علي بن محمد بن علي. مسند الديار المصري، أكثر عن أبي أحمد بن الناصح والذهلي وابن رشيق. مات في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
ابن الطفال أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد النيسابوري، ثم المصري المقرئ البزاز. ولد سنة تسع وخمسين وثلثمائة، وروى عن ابن حيوة وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق؛ مات سنة ثمان وأربعين وأربعمائة.
علي بن بقاء أبو الحسن المصري الوراق. محدث ديار مصر. عن القاضي أبي الحسين المحاملي. مات سنة خمسين وأربعمائة.
أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري. عن أبي الحسن الحكيمي ومحمد بن أحمد الإخميمي. مات بمصر في جمادى الأولى سنة إحدى وستين وأربعمائة، عن ست وسبعين سنة.
الخلعي يأتي في الفقهاء.
ابن رفاعة.
أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني ثم المصري. عن أبي الحسن بن الطفال وعلي بن محمد الفارسي. وكان أسند من بقي بمصر، مع الثقة والخير. مات في ذي القعدة سنة سبع عشرة وخمسمائة، عن سنٍ عالية.
أبو عبد الله الرازي، صاحب السداسيات والمشيخة محمد بن أحمد بن إبراهيم. يعرف بابن الحطاب، مسند الديار المصرية، وأحد عدول الإسكندرية. مات في جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وخمسمائة، عن إحدى وتسعين سنة.

(1/124)


أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى العثماني الديباجي. محدث الإسكندرية بعد السلفي في الرتبة، روى عن أبي القاسم بن الفحام والطرسوسي وخلق. مات في شوال سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، عن ثمان وتسعين سنة.
أبو المفاخر المأموني - راوي صحيح مسلم بمصر - سعد بن الحسين بن سعيد العباسي. مات سنة ست وسبعين وخمسمائة بالقاهرة.
الأثير محمد بن محمد بن أبي الطاهر محمد بن بيان الأنماري ثم المصري الكاتب. روى عن أبي صادق مرشد المديني وغيره، وروى ببغداد صحاح الجوهري عن أبي البركات الصوفي. مات في ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة، وولد سنة تسع وثمانين.
أبو القاسم البوصيري هبة الله بن علي بن مسعود الأنصاري الكاتب الأديب. مسند الديار المصرية، ولد سنة ست وخمسمائة، وسمع من أبي صادق المديني ومحمد بن بركات السعيدي وطائفة، وتفرد في زمانه، ورحل إليه؛ مات في ثاني صفر سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي بن حمزة بن موقا الأنصاري التاجر. مسند الإسكندرية، وآخر من حدث عن أبي عبد الله الرازي. مات في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وله أربع وتسعون سنة.
علي بن حمزة أبو الحسن البغدادي الكاتب. حاجب باب النوبي. حدث بمصر عن أبي الحصين. مات في شعبان سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
صنيعة الملك القاضي أبو محمد هبة بن يحيى بن علي بن حيدرة المصري. يعرف بابن ميسر العدلي، راوي كتاب السيرة. مات في ذي الحجة سنة ستمائة.
عبد الرحمن الرومي عتيق أحمد بن يافا البغدادي. قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري، وروى صحيح البخاري بمصر والإسكندرية عن أبي الوقف مات في ذي القعدة سنة ثمان وستمائة.
عبد الرحمن بن عبد الجبار العثماني أبو محمد الإسكندراني التاجر الكارمي المحدث. أكثر عن السلفي. مات في ذي الحجة سنة أربع عشرة وستمائة، عن سبعين سنة.
أبو طالب أحمد بن عبد الله بن الحسين بن حديد الإسكندراني المالكي. من بيت قضاء وحشمة، روى عن السلفي وغيره. مات في جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وستمائة.
الحسين بن يحيى بن أبي الرداد المصري: آخر من روى بمصر عن ابن رفاعة الخلعيات. مات في ذي القعدة سنة عشرين وستمائة.
ابن الحباب القاضي الأسعد أبو البركات عبد القوي بن القاضي الجليس عبد العزيز بن الحسين التميمي السعدي الأغلبي المصري المالكي الأخباري المعدل. راوي السيرة عن ابن رفاعة، كان ذا فضل ونبل وسؤدد وعلم ووقار وحلم، جمالاً لبلده. مات في شوال سنة إحدى وعشرين وستمائة، وله خمس وثمانون سنة.
أبو الحسن علي بن أبي الكرم نصر بن المبارك القرافي الخلال المعروف بابن النباراوي. جامع الترمذي عن الكرخي. وحدث بمصر والإسكندرية وقبرص. مات بمكة في صفر سنة اثنتين وعشرين وستمائة.
نظام الدين علي بن محمد بن يحيى يعرف بابن رحال العدل. سمع السلفي وغيره. مات في شوال سنة ثمان وعشرين وستمائة.
عبد الغفار بن سخي المحلي الشروطي. عن السلفي وغيره. مات في شوال سنة تسع وعشرين وستمائة.
يعقوب بن محمد بن حسن الأمير شرف الدين الهذياني الإربلي. عن يحيى الثقفي. كان ذا علم وأدب. مات بمصر في ربيع الأول سنة ست وأربعين وستمائة.
منصور بن سندي الدباغ أبو علي الإسكندراني النحاس. عن السلفي. مات في ربيع الأول سنة ست وأربعين وستمائة.
عبد العزيز بن عبد الوهاب بن العلامة أبي طاهر إسماعيل بن مكي الزهري العوفي الإسكندراني المالكي. سمع من جده الموطأ، وكان ذا زهد وورع. مات في صفر سنة سبع وأربعين وستمائة عن ثمانين سنة.
جمال الدين السماوي يوسف بن محمود أبو يعقوب المصري الصوفي. عن السلفي وابن بري. مات في رجب سنة سبع وأربعين وستمائة عن ثمانين سنة.
فخر القضاة بن الحباب أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسن السعدي المصري. عن المأموني والسلفي وابن بري. مات في رمضان سنة ثمان وأربعين وستمائة، عن سبع وثمانين سنة.
ابن رواج المحدث رشيد الدين أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح الإسكندراني المالكي. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وسمع من السلفي، وخرج الأربعين، وكان ذا دين وفقه وتواضع. مات في ثامن عشر ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وستمائة.

(1/125)


مظفر بن السري أبي منصور بن عبد الملك بن عتيق الفهري الإسكندراني المالكي الشاهد. عن السلفي. مات في ثامن عشر ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وستمائة، عن تسعين سنة.
هبة الله بن محمد بن الحسين بن مفرج جمال الدين أبو البركات المقدسي ثم الإسكندري. يعرف بابن الواعظ. من عدول الثغر، عن السلفي. مات في صفر سنة خمسين وستمائة، عن إحدى وثمانين سنة.
صالح بن شجاع بن محمد بن سيدهم، أبو البقاء المدلجي المصري. روى صحيح مسلم عن أبي المفاخر المأموني. مات في صفر سنة إحدى وخمسين وستمائة.
سبط السلفي جمال الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن الطرابلسي الإسكندراني. ولد سنة سبعين وخمسمائة، وسمع من جده السلفي الكثير، وأجاز له عبد الحق. وشهده، وانتهى إليه علو الإسناد بالديار المصرية. مات بمصر في رابع شوال سنة إحدى وخمسين وستمائة.
ابن المقدسية العدل شرف الدين أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد السلام التميمي السفاقسي الأصل، الإسكندراني. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة وأحضره خاله الحافظ ابن المفضل عند السلفي، وله مشيخة خرجها له الحافظ منصور ابن سليم. مات في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وستمائة.
أبو الكرم لاحق بن عبد المنعم بن قاسم الأنصاري الأرتاحي اللبان. سمع من عم جده أبي عبد الله الأرتاحي، وتفرد بالإجازة من ابن المبارك بن الطباخ. مات بمصر جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وستمائة.
أبو العباس أحمد بن حامد بن أحمد الأنصاري. سمع جده لأمه أبي عبد الله الأرتاحي وابن ياسين والبوصيري والحافظ عبد الغني. مات في رجب سنة تسع وخمسين وستمائة.
المتيجي محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى ضياء الدين الإسكندراني المحدث الرحال. أحد من عني بالحديث، روى عن عبد الرحمن بن موقا فمن بعده. مات في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وستمائة.
الضياء عيسى بن سليمان بن رمضان الثعلبي المصري العراقي. آخر من روى البخاري عن منجب المرشدي مولى المديني. مات في رمضان سنة ستين وستمائة عن تسعين سنة.
ابن عرق الموت أبو بكر بن محمد بن فتوح بن خلوف بن يخلف بن مصال الهمداني الإسكندراني. عن التاج المسعودي وابن موقا. أجاز له أبو سعد بن أبي عضرون والكبار، وتفرد عن جماعة. مات في جمادى الأولى سنة ستين وستمائة.
أبو بكر بن علي بن مكارم بن فتيان الأنصاري المصري. عن البوصيري. مات في المحرم سنة ستين وستمائة.
الحسن بن علي بن منتصر أبو الفارسي ثم الإسكندراني. آخر أصحاب عبد المجيد بن دليل. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وستين وستمائة.
ابن بنين أثير الدين عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وسمع من عشير الحنبلي؛ فكان آخر أصحابه، وأجاز له ابن بري، وانتهى إليه علو الإسناد بمصر. مات في ثالث ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة.
إسماعيل بن صارم أبو الطاهر الكناني العسقلاني، ثم المصري. عن الأبوصيري وابن ياسين. مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وستمائة.
ابن سراقة الإمام محيي الدين أبو بكر محمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الشاطبي. شيخ دار الحديث الكاملية. ولد سنة انتين وتسعين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم أحمد بن بقي، وبالعراق عن أبي علي بن الجواليقي، وله مؤالفات في التصوف. مات في العشرين من شعبان سنة اثنتين وستين وستمائة.
إسماعيل بن عبد القوي بن غزون زين الدين أبو الطاهر الأنصاري المصري. عن البوصيري وابن ياسين، مات في المحرم سنة سبع وستين وستمائة.
شرف الدين أبو الطاهر محمد بن الحافظ أبي الخطاب عمر بن دحية. ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع أباه وجماعة، وولي مشيخة دار الحديث الكاملية، وحدث. وكان فاضلاً. مات سنة سبعين وستمائة.
أحمد بن قاضي القضاة زين الدين علي بن يوسف بن بندار معين الدين. عن البوصيري وابن ياسين. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة؛ مات في رجب سنة سبعين وستمائة.
أبو البركات أحمد بن عبد الله بن محمد الأنصاري الإسكندراني النحاس. عن عبد الرحمن بن موقا. مات في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وستمائة.

(1/126)


النجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم بن الصيقل أبو الفرج الحراني الحنبلي. مسند الديار المصري، عن ابن كليب وابن المعطوش وابن الجوزي وابن أبي المجد. ولي مشيخة دار الحديث الكاملية. ولد سنة سبع وسبعين وخسمائة، مات في صفر سنة اثنتين وسبعين وستمائة.
ابن علاق أبو عيسى عبد الله بن عبد الواحد بن محمد بن علاق الأنصاري المصري. يعرف بابن الحجاج، آخر من روى عن البوصيري وإسماعيل بن ياسين. مات في ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وله ست وثمانون سنة.
يكن الدين الحصني المحدث أبو الحسن بن عبد العظيم بن أحمد المصري. ولد سنة ستمائة، وسمع الكثير، وتعب واجتهد، وكان فاضلاً. مات في رجب سنة أربع وسبعين.
محمد بن مهلهل بن بدران سعد الدين أبو الفضل الهيثمي. عن الأرتاحي والحافظ عبد الغني. مات في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وستمائة.
أبو الفتح عثمان بن هبة الله بن عبد الرحمن بن مكي بن إسماعيل ابن عوف الزهري الإسكندراني. آخر أصحاب عبد الرحمن بن موقا. مات سنة أربع وسبعين وستمائة.
ابن الننن شمس الدين محمد بن عبد الله بن محمد البغدادي. عن عبد العزيز بن منينا سليمان الموصلي. مات بالإسكندرية في رجب سنة إحدى وسبعين وستمائة عن ثمانين سنة.
المجد ابن الخليل عبد العزيز بن الحسين الداري المصري. والد الصاحب فخر الدين. عن أبي الحسن بن جبير الكناني، والفتح بن عبد السلام. وكان رئيساً ديناً خيراً. مات في ربيع الأول سنة ثمانين وستمائة عن إحدى وثمانين سنة.
أبو بكر بن الحافظ أبي الطاهر إسماعيل بن الأنماطي. ولد سنة تسع وستمائة وسمع من الكندي وابن الحرستاني وابن ملاعب. مات بالقاهرة في ذي الحجة سنة أربع وثمانين وستمائة.
السراج بن فارس أبو بكر عبد الله بن أحمد بن إسماعيل التميمي الإسكندراني. عن التاج الكندي وابن الحرستاني. مات بإسكندرية في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وستمائة.
ابن المهتار المحدث الورع مجد الدين يوسف بن محمد بن عبد الله المصري، ثم الدمشقي. قارئ دار الحديث الأشرفية. ولد سنة عشر وستمائة، وسمع من ابن الزبيدي وابن الصباح، وروى الكثير. مات في تاسع ذي القعدة سنة خمس وثمانين.
جمال الدين أبو صادق محمد بن الحافظ رشيد الدين يحيى العطار. سمع من محمد ابن عمار وابن باقا، وخرج الموافقات. مات في ربيع الآخر سنة ست وثمانين وستمائة عن بضع وستين سنة.
عز الدين عبد العزيز بن عبد المنعم بن الصيقل الحراني أبو العز. مسند الوقت. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وسمع من أبي حامد ويوسف بن كامل، وأجاز له ابن كليب، وكان آخر من روى عن أكثر شيوخه. استوطن مصر إلى أن مات بها في رجب سنة ست وثمانين وستمائة.
النجيب أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن المؤيد بن علي الهمذاني ثم المصري المحدث. أجاز له ابن طبرزد وعفيفة، وسمع من عبد القوي بن الحباب وابن باقا. مات في ذي القعدة سنة سبع وثمانين وستمائة.
محمد بن عبد الخالق بن طرخان شرف الدين أبو عبد الله الأموي الإسكندراني. أجاز له أسعد بن روح، وسمع من علي بن البناء والحافظ بن المفضل. مات سنة سبع وثمانين وستمائة عن اثنتين وثمانين سنة.
غازي الحلاوي أبو محمد بن أبي الفضل بن عبد الوهاب الدمشقي. عن حنبل وابن طبرزد. عمر دهراً، وانتهى إليه علو الإسناد بمصر. مات بالقاهرة في صفر سنة تسعين وستمائة عن خمس وتسعين سنة.
محمد بن إبراهيم بن ترجم أبو عبد الله المصري. آخر من روى عن الترمذي، عن علي بن البناء. مات سنة اثنتين وتسعين وستمائة.
التاج إسماعيل بن إبراهيم بن قريش المخزومي المصري المحدث. عن جعفر الهمداني وابن المقير. مات في رجب سنة أربع وتسعين وستمائة.
ابن الحامض أبو الخطاب محفوظ بن عمر بن أبي بكر البغدادي. عن عبد السلام الزاهدي. مات بمصر يوم الأضحى سنة أربع وتسعين وستمائة.
سعد الدين عبد الرحمن بن علي بن القاضي الأشرف أحمد بن القاضي الفاضل عبد الرحيم. عن عبد الصمد الغضاري وجعفر الهمداني. مات في رجب سنة خمس وتسعين وستمائة، وقد قارب السبعين.
ابن الدميري محيي الدين عبد الرحيم بن عبد المنعم المصري. آخر من سمع من الحافظ علي بن المفضل وأبي طالب بن حديد، وأكثر عن الفخر الفارسي. مات في المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة، وله تسعون سنة.

(1/127)