تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)


الكتاب : حسن المحاضرة في أخبار مصر و القاهرة
المؤلف : السيوطي
مصدر الكتاب : موقع الوراق
http://www.alwarraq.com
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]

باع طويل يد علياء مع قدمٍ ... لها رسوخ سواها ماله ظفر
النقل والعقل حقاً شاهدان رضاً ... بأنه فاق من يأتي ومن غبروا
أبان علم أصول الدين متضحاً ... وكم جلا شبهاً حارت بها الفكر
وفي الكتاب وفي آياته ظهرت ... آياته حين يتلوها ويعتبر
محقق كامل الآلات مجتهد ... وما عسى تبليغ الأبيات والسطر!
وفي الحديث أياديه قد انتشرت ... آثارها وشذا فياحها العطر
قد توج الفقه بالشرح المفيد وقد ... حلته بالسيرا أبحاثه الغرر
أنعم بنعمان عيناً حين يذكر في ... أصحابه الشيخ دامت فوقه الدرر
يسطو بسيف على الرازي مفتخراً ... لدى الأصول ما في القوم مفتخر
كلامه في علوم العرب أجمعها ... مغنى اللبيب إذا أعيت به الفكر
والنظم في الرتبة العلياء فضلته ... بحكيه فيه انسجام القطر والنهر
على هدى الأقدمين الغر منهجه ... علماً وقولاً وفعلاً ما به نكر
نقي عرضٍ تقي الدين لا دنس ... يشينه، لا ولا في شأنه غبر
سعى إليه قضاء العصر يخطبه ... فرده خائباً زهداً به حصر
له مكارم أخلاق يسود بها ... أكابر العصر إن طالوا وإن فخروا
وجود حاتم يجري من أنامله ... لوافديه وإن قلوا وإن كثروا
له فصاحة سحبان وشاهدها ... إجماع كل الورى والنص والنظر
لو يحلف الخلق بالرحمن إن له ... كل المحاسن والإحسان ما فجروا
عم الورى منه علم ماله مدد ... ومن فوائده ما ليس ينحصر
وكل أعيان أهل العصر مرتفع ... بالأخذ عنه لعلياء ومفتخر
المنهل العذب حقاً للورود فما ... عن غيره لهم ورد ولا صدر
شيخ الشيوخ ولا أوحشت من سكن ... ولا عفا ل ربع زانه الخفر
حياتك الحق في الدارين ثابتة ... ما العالمون بأموات وإن قبروا
قطعت عمرك إما ناشراً لهدىً ... أو نافعاً لفتى قد مسه الضرر
غرست دوحة علم للورى فهم ... من مستظل ومن دانٍ له الثمر
وكم قصدت إلى إيضاح مشكلة ... أو حل معضلة طارت بها الشرر
ولم تشنك ولايات القضاء فلا ... تراع من حاسب يحصى ويختبر
ومن يكن عمره التقوى بضاعته ... فلا يخاف، ونعم العمر والعمر
حزت العلا في الورى علماً ومنقبه ... سوى الذي لك عند الله مدخر
أبشر بروحٍ وريحان ودار رضاً ... ورحمة وصفاء ما به كدر
أبشر وبشراك صدق ما بها ريب ... كما بها يشهد التنزيل والأثر
يثنى عليك جميع الخلق قاطبة ... إن الثناء على هذا لمعتبر
يذكر الموت قرب الانتقال وما ... كمثل موت تقي الدين مدكر
فالله يخلفه في نسله كرماً ... والله أعظم من يرجى وينتظر
والله قضي بإسراع اللحوق فما ... للقلب بعد هداة الدين مصطبر
دهر عجيب يطم السمع منكره ... وما به الهدى عون ولا وزر
وكل وقت ترى الأخيار قد أفلت ... ضل الورى فلهم في غيتهم سكر
هم الألي تشرق الدنيا ببهجتها ... لا شمسها وأبو إسحاق والقمر
وإن تكن أعين الإسلام ذاهبة ... تترى فعما قليل يذهب الأثر
الشيخ أمين الدين، الأقصرائي يحيى بن محمد شيخ الحنفية في زمانه. ولد سنة نيف وتسعين وسبعمائة، وانتهت إليه رياسة الحنفية في زمانه. مات في أواخر المحرم سنة ثمانين وثمانمائة.
الشيخ سيف الدين الحنفي محمد بن محمد بن عمر بن قطلوبنا البكتمري العلامة الورع الزاهد العابد. ولد تقريباً على رأس ثمانمائة، وأخذ عن السراج قارئ الهداية والتفهني، ولازم ابن الهمام، وانتفع به، وبرع في الفقه والأصول والنحو، وكان شيخه ابن الهمام يقوله عنه: هو محقق الديار المصرية، مع ما هو عليه سلوك طريق السلف والعبادة والخير، وعدم التردد إلى أحد أبداً مدة عمره، ولم ير مثله تورعاً، وولي التدريس بأماكن، منها درس التفسير بالمنصورية، وآخر ما تولى مشيخة المؤيدية ثم الشيخونية. وله حاشية على التوضيح كثيرة الفوائد. مات في ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وثمانمائة.
وهو آخر شيوخي موتاً لم يتأخر بعده أحد ممن أخذت عنه العلم إلا رجل قرأت عليه ورقات من المنهاج. وقلت أرثيه:

(1/159)


مات سيف الدين منفرداً ... وغداً في اللحد منغمدا
عالم الدنيا وصالحها ... لم تزل أحواله رشدا
يبكيه دين النبي إذا ... ما أتاه ملحد كمدا
إنما يبكي على رجل ... قد غدا في الخير معتمدا
لم يكن في دينه وهن ... لا ولا للكبر منه ردا
عمره أفناه في نصب ... لإله العرس مجتهدا
من صلاةٍ أو مطالعة ... أو كتاب الله مقتصدا
لا يوافيه لمظلمة ... بشر أو مدع فندا
في الذي قد كان من ورع ... لم يخلف بعده أحدا
دنت الدنيا لمنصرم ... ورحيل الناس قد أفدا
ليت شعري من نؤمله ... بعد هذا الحبر ملتحدا!
ثلمة في الدين مؤتته ... مالها من جابر أبدا
قد روينا ذاك في خبر ... وهو موصول لنا سندا
فعليه هامعات رضاً ... ومن الغفران سحب ندى
وبعثنا ضمن زمرته ... مع أهل الصدق والشهدا
ذكر من كان بمصر من أئمة الفقهاء الحنابلة
هم الديار المصرية قليل جداً، ولم أسمع بخبرهم فيها إلا في القرن السابع وما بعده؛ وذلك إن الإمام أحمد رضي الله عنه كان في القرن الثالث، ولم يبرز مذهبه خارج العراق إلا في القرن الرابع، وفي هذا القرن ملكت العبيديون مصر، وافنوا من كان بها من أئمة المذاهب الثلاثة، قتلاً ونفياً وتشريداً، واقاموا مذهب الرفض والشيعة، ولم يزالوا منها إلى أواخر القرن السادس، فتراجعت إليها الأئمة من سائر المذاهب.
وأول إمام من الحنابلة علمت حلوله بمصر، الحافظ عبد الغني المقدسي صاحب العمدة، وقد مرت ترجمته في الحفاظ.
نجم الدين أبو عبد الله أحمد بن حمدان الحراني النميري الحنبلي العلامة الكبير شيخ الفقهاء. مصنف الرعاية الكبيرة، روى عن عبد القادر الرهاوي وفخر الدين بن تيمية، وانتهت إليه معرفة المذهب. مات بالقاهرة في صفر سنة خمس وتسعين وستمائة، وله اثنتان وتسعون سنة. قاله في العبر.
قاضي الديار المصرية عز الدين عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض المقدسي. قال ابن كثير: سمع الحديث، وبرع في المذهب، وولي قضاء الحنابلة بالقاهرة، وكان مشكور السيرة مات في صفر سنة ست وتسعين وستمائة وله خمسون وستون سنة.
قال في العبر: روى عن ابن اللتي وجعفر الهمذاني.
عفيف الدين عبد السلام بن محمد بن مزروع بن أحمد عواري المصري الحنبلي.
العالم القدوة. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة وسمع الحديث، وجاوؤ بالمدينة خمسين سنة، ومات بها في صفر سنة ست وتسعين.
قاضي القضاة شرف الدين عبد الغني بن يحيى بن عبد الله الحراني. لم يكن في زمانه مثله علماء ورياسة. ولد بحران سنة إحدى وتسعين وستمائة، وقدم مصر فولى نظر الخزانة وتدريس الصالحية ثم القضاة، وكان مشكور السيرة. مات في ربيع الأول سنة تسع وخمسين وسبعمائة.
سعد الدين الحارثي. مر في الحفاظ.
قاضي القضاة موفق الدين عبد الله بن عبد الملك المقدسي. أقام في القضاء بديار مصر أكثر من ثلاثين سنة. مات في المحرم سنة تسع وستين وسبعمائة.
أبو بكر بن محمد العراقي ثم المصري تقي الدين الحنبلي. قال الحافظ ابن حجر: كان من فضلاء الحنابلة. مات في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة.
قاضي القضاء ناصر الدين أبو الفتح نصر الله بن أحمد الكناني العسقلاني. أقام في قضاء الديار المصرية ستا وعشرين سنة، وكان مشكور السيرة. مات في شعبان سنة خمس وتسعين وسبعمائة.
ولده برهان الدين إبراهيم. ولد في رجب سنة ثمان وستين وسبعمائة، وولي القضاء بعد والده، وعمره بضع وعشرون سنة، وسلك طريق أبيه في الفقه والتعفف في الأحكام، مع بشاشة ولين جانب. وكان الظاهر برقوق يعظمه. مات في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة.
أخوه موفق الدين أحمد بن القاضي ناصر الدين. ولد في المحرم سنة تسع وستين وسبعمائة، وولي القضاء مرتين، ومات في رمضان سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة.
أبو بكر بن أبي المجد ماجد السعد الحنبلي عماد الدين. ولد سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وسمع من المزي والذهبي، وحصل طرفا صالحا من الحديث، واختصر تهذيب الكمال، وسكن مصر، فقرر طالبا بالشيخونية، فلم يزل بها حتى مات في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وثمانمائة. ومن تصانيفه تجريد الأوامر والنواهي من الكتب الستة.

(1/160)


نور الدين الحكري علي بن خليل بن علي. كان فاضلا نبيها، درس وأفاد، ولي قضاء الحنابلة عوضا عن موفق الدين، ثم عزل. مات في المحرم سنة ست وخمسين وثمانمائة.
عبد المنعم بن سليمان بن داود بن الشيخ شرف الدين البغدادي. ولد ببغداد، واشتغل بها وتفقه ومهر وأفتى، ودرس وأخذ الفقه عن الموفق الحنبلي وعين للقضاء غير مرة، واستوطن القاهرة إلى أن مات في شوال سنة سبع وخمسين وثمانمائة.
جلال الدين نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر البغدادي نزيل القاهرة. ولد سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وأخذ عن الكرماني وغيره، وولي غالب تداريس الحديث ببغداد، ثم قدم القاهرة، فولي تدريس الحنابلة بالبرقوقية، وغالب تداريس الحديث بمصر. مات في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة.
نجم الدين الباهي محمد بن محمد بن محمد بن عبد الدائم. سمع على العرضي وجماعة، وأفتى ودرس، وشارك في العلوم. قال الحافظ ابن حجر: كان أفضل الحنابلة بالديار المصرية، وأحقهم بولاية القضاء. مات سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة.
الحبتي شمس الدين محمد بن أحمد بن معالي. ولد سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ومهر في الفنون، وناب في الحكم، وتكلم على الناس. مات في المحرم سنة خمس وعشرين وثمانمائة.
ابن مغلي قاضي القضاة علاء الدين علي بن محمود بن أبي بكر الحموي. ولد سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وكان آية في سرعة الحفظ، ولي قضاء الديار المصرية، ومات في صفر سنة ثمان وعشرين وثمانمائة.
قاضي القضاة محب الدين أحمد بن العلامة جلال الدين نصر الله بن أحمد ابن محمد بن عمر البغدادي. ولد في صفر سنة خمس وستين وسبعمائة ببغداد، ونشأ على الخير والاشتغال بالعلوم، ثم رحل إلى دمشق، ثم دخل القاهرة، فقرر صوفيا بالبرقوقية، وناب في القضاء عن ابن مغلي والمجد بن سالم، ثم ولي قضاء الحنابلة بالقاهرة استقلالا. ومات في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وثمانمائة.
الزركشي زين الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد، أبو ذر. ولد في رجب سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، وتفقه على قاضي القضاة ناصر الدين بن نصر الله وغيره، وسمع صحيح مسلم على البياني، وولي تدريس الحنابلة بالأشرفية الجديدة، وله تصانيف.
أحمد بن إبراهيم بن نصر الله بن أحمد بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن هاشم بن إسماعيل بن نصر الله بن أحمد الكناني العسقلاني الأصل المصري المولد، شيخنا قاضي القضاة عز الدين أبو البركات بن قاضي القضاة برهان الدين بن قاضي القضاة ناثر الدين الحنبلي. قاضٍ مشى على طريقة السلف، وسعى إلى أن بلغ العلا لما كل غيره ووقف، من أهل بيت في العلوم والقضاء عريق، وبالرياسة والنفاسة حقيق، خدم فنون العلم إلى أن بلغ منها المنى، وتفرد بمذهب الإمام أحمد فما كان في عصره من يشير إلى نفسه بأنا، وولي القضاء فأحيا سنة التواضع والتقشف، وترك الناموس وطرح التكلف. سهل الباب، عديم الحجاب، خشن الأثواب، لين الخطاب، للدنيا به فخار، وللكسير به انجبار، تعتقده الملوك والأمراء، ويتردد إليه الفضلاء والفقراء، يصل إليه لتواضعه المرأة والصغير، وبها به لفرط دينه الجبار والأمير، ولم يزل على حاله الجميل، سائراً من أنواع المحاسن في أحسن سبيل، ما بين تأليف ومطالعة، وإفتاء ومراجعة؛ إلى أن أتاه من الموت ما لا محيد عنه، وحل به ما لابد منه، فضحك له وجه الدار الآخرة وأقبل، وبكى على فراقه مذهب ابن حنبل. ولد في ذي القعدة سنة ثمانمائة، وأخذ عن المحب بن نصر الله، والعز بن جماعة، والشيخ عبد السلام البغدادي وغيرهم، وسمع الكثير. وأجاز له العراقي والمراغي وخلق، وناب في القضاء عن ابن مغلي وله نحو العشرين سنة، ثم ولي قضاء الحنابلة بالديار المصرية، فباشره بعفة ونزاهة وتواضع مفرط بحيث لم يتخذ نقيباً ولا حاجباً، ودرس للحنابلة بغالب مدارس البلد، وله تعاليق وتصانيف ومسودات كثيرة، في الفقه وأصوله، والحديث والعربية والتاريخ وغير ذلك مات في جمادى الأولى سنة ست وسبعين وثمانمائة.
ذكر من كان بمصر من أئمة القراءات
عقبة بن عامر الجهني.
أبو تميم الجيشاني.
عبد الرحمن ن هرمز الأعرج.

(1/161)


ورش عثمان بن سعيد أبو سعيد المصري - وقيل أبو عمرو، وقيل أبو القاسم - أصله قبطي مولى آل الزبير بن العوام. ولد سنة خمس عشرة ومائة، وأخذ القراءة عن نافع، وهو الذي لقبه بورش لشدة بياضه، وقيل لقبه بالورشان ثم خفف. انتهت إليه رياسة الإفراء بالديار المصرية في زمانه، وكان ماهراً في العربية. مات بمصر سنة سبع وتسعين ومائة.
سقلاب بن شنينة أبو سعيد المصري. قرأ على نافع، وكان يقري في أيام ورش. أخذ عنه يونس بن عبد الأعلى ويعقوب بن الأزرق. مات سنة إحدى وتسعين ومائة.
معلى بن دحية أبو دحية. قرأ على نافع، وعليه يونس بن عبد الأعلى، وعبد القوي بن كمونة، وأبو مسعود المدني.
الغازي بن قيس مر.
داود بن أبي طيبة المصري أبو سليم بن هارون بن يزيد مولى آل عمر بن الخطاب. قرأ على ورش، وعليه ابنه عبد الرحمن. قال ابن يونس: مات في شوال سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
أبو سعيد بن يحيى بن سليمان الجعفي الكوفي المقرئ الحافظ نزيل مصر. سمع عبد العزيز الدراوردي وطبقته. مات سنة ثمان - وقيل سبع - وثلاثين ومائتين. قاله في العبر.
أبو يعقوب الأزرق يوسف بن عمرو بن يسار المدني ثم المصري. لزم ورشاً مدة طويلة، وأتقن عنه الأداء، وخلفه في الإقراء بالديار المصرية، وانفرد عنه يتغليط اللامات وترقيق الراءات. قال أبو الفضل الخزاعي: أدركت أهل مصر والمغرب على أبي يعقوب وورش، لا يعرفون غيرهما. توفي في حدود الأربعين ومائتين.
عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم العتقي أبو الأزهر المصري. أحد الأئمة الأعلام كوالده، حدث عن أبيه وابن عيينة وابن وهب، وقرأ القرآن على ورش، ولمكان أبي الأزهر اعتمد الأندلسيون على قراءة ورش، وهو أخو الفقيه موسى بن عبد الرحمن. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
سليمان بن داود الرشدي مر في المالكية.
أحمد بن صالح المصري مر في المجتهدين.
يونس بن عبد الأعلى مر في المجتهدين.
أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد، الحافظ أبو جعفر المصري المقري. قال في العبر: قرأ القرآن على أحمد بن صالح، وروى عن سعيد بن عفير وطبقته وفيه ضعف. قال ابن عدي: يكتب حديثه. مات سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
إسمعيل بن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن عبد الله أبو الحسن النحاس. مقرئ الديار المصرية. قرأ على أبي يعقوب الأزرق، وتصدر للإقراء مدة بجامع عمرو فقرأ عليه خلق لإتقانه وتحريره. قرأ عليه أبو الحسن بن شنبوذ. مات سنة بضع ثمان وعشرين.
أبو بكر بن عبد الله بن مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي المقرئ المصري. شيخ الإقليم في القراءات في زمانه. قرأ على أبي يعقوب الأزرق، وعمر دهراً طويلاً. حدث عن محمد بن رمح صاحب الليث بن سعد، وحدث عنه ابن يونس. مات في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثلثمائة.
محمد بن محمد بن عبد الله بن النقاح بن بدر الباهلي أبو الحسن البغدادي المقرئ. نزيل مصر، أخذ القراءة عن الدوري، وحدث عن أحمد بن إبراهيم الدورقي وإسحاق بن أبي إسرائيل. روى عنه حمزة الكناني وأبو سعيد بن يونس، وقال: كان ثقة ثبتاً صاحب حديث متقللاً من الدنيا. مات بمصر في ربيع الأول سنة أربعين وثلثمائة.
محمد بن سعيد الأنماطي أبو عبد الله المصري. قرأ على أبي يعقوب الأزرق وعبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم. قال أبو عمرو الداني: هو من كبار أصحابهما ومن جلة المصريين. أخذ عنه عبد المجيد بن مسكين ومحمد بن خيرون المقرئ.
أحمد بن محمد بن شبيب أبو بكر الرازي. نزيل مصر. أخذ عن موسى بن محمد بن هرون صاحب البزي والفضل بن شاذان، قرأ عليه أبو الفرج الشنبوذي. مات بمصر سنة اثنتي عشرة وثلثمائة.
أحمد بن عبد الله بن محمد بن هلال أبو جعفر الأزدي المصري. أحد الأئمة القراء بمصر، قرأ على أبيه وعلى إسماعيل بن عبد الله النحاس، وتصدر للإقراء. مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة وثلثمائة.
عامر بن أحمد بن حمدان أبو غانم المصري المقري النحوي. أحد أصحاب أحمد بن هلال وأضبطهم. قرأ عليه محمد بن علي الأدفوي وعامة أهل مصر، وله مؤلف في اختلاف السبعة. مات في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة.

(1/162)


أحمد بن أسامة بن أحمد بن أسامة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن السمح أبو جعفر بن أبي سلمة التميمي مولاهم المصري المقرئ. قرأ لورش على إسماعيل بن عبد الله بن النحاس، قرأ عليه محمد بن النعمان، وعبد الرحمن بن يونس، وروايته في التيسير. مات سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة، وقد جاوز المائة. وقيل: مات في رجب سنة ست وخمسين وثلثمائة.
حمدان بن عون أبو جعفر الخولاني المصري. أحد الحذاق. قرأ على أحمد ابن هلال ثلثمائة ختمة، ثم على إسمعيل بن عبد الله النحاس ختمتين. قرأ عليه عمر بن محمد بن عراك. مات سنة خمس وأربعين وثلثمائة.
محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن منير أبو بكر بن أبي الأصبغ الحراني نزيل مصر: قرأ على أحمد بن هلال، وكان بصيراً بمذهب مالك. مات في شوال سنة تسع وثلاثين وثلثمائة.
أحمد بن عبد العزيز بن بدهن أبو الفتح البغدادي المقرئ نزيل مصر. قرأ على أحمد بن سهل الأشناني وابن مجاهد، وحذق ومهر، وطال عمره واشتهر، وكان من أطيب الناس صوتاً، وأفصحهم أداء. أخذ عنه عبد المنعم بن غليون وابنه طاهر. مات سنة تسع وخمسين وثلثمائة.
محمد بن عبد الله المعافري أبو بكر المصري. قرأ على أبي بكر بن حميد بن القباب، قرأ عليه خلف بن إبراهيم بن خاقان. مات بمصر سنة بضع وخمسين وثلثمائة.
عبد الله بن الحسين بن حسنون بن أحمد السامري البغدادي مسند القراء بالديار المصرية. قرأ على أحمد بن سهل الأشناني ويموت بن المزرع وابن مجاهد وابن شنبوذ، وسمع من أبي بكر بن أبي داود وابن الأنباري وجماعة. وكان عارفاً بالقراءات شديد العناية بها. قال الداني: مشهور ضابط ثقة مأمون؛ غير أن أيامه طالت فاختل حفظه ولحقه الوهم. أخذ عنه في وقت حفظه وضبطه فارس بن أحمد ومحمد بن الحسين بن النعمان وخلق من المصريين. ولد سنة خمس وتسعين ومائتين، ومات في المحرم سنة ست وثمانين وثلثمائة. قال الذهبي: آخر من قرأ عليه موتاً أبو العباس بن نفيس.
غزوان بن القاسم بن علي بن غزوان أبو عمرو المازني. أخذ عن ابن مجاهد وابن شنبوذ، وكان ماهراً ضابطاً شديد الأخذ، واسع الرواية. ولد سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة، ومات بمصر سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة.
محمد بن الحسن بن علي بن طاهر الأنطاكي. أحد أعلام القراء، نزيل مصر. أخذ عن إبراهيم بن عبد الرزاق، وأخذ عنه عبد المنعم بن غلبون وفارس الضرير، خرج من مصر إلى الشام، فمات في الطريق قيل سنة ثمانين وثلثمائة.
عبد العزيز بن علي بن محمد بن إسحاق بن الفرج أبو عدي المصري. يعرف بابن الإمام، مسند القراء في زمانه بمصر، تلى على أبي بكر بن عبد الله بن مالك بن سيف، قرأ عليه أئمة كطاهر بن غلبون ومكي بن أبي طالب وأبي عمر الطلمنكي وجماعة، آخرهم موتاً أبو العباس أحمد بن نفيس. مات في عاشر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وثلثمائة عن تسعين سنة أو أكثر.
محمد بن علي بن أحمد الإمام أبو بكر الأدفوي المصري المقري النحوي المفسر. قرأ القرآن على أبي غانم المظفر بن أحمد، ولزم أبا جعفر النحاس النحوي، وحمل عنه كتبه، وبرع في علوم القرآن، وكان سيد أهل عصره بمصر. قال الداني: انفرد أبو بكر بالإمامة في وقته في قراءة نافع، مع سعة علمه وبراعة فهمه وصدق لهجته وتمكنه من علم العربية، وبصره بالمعاني. له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلداً، وسماه كتاب الاستغناء في علوم القرآن. مات في سابع ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلثمائة.
عمر بن محمد بن عرك أبو حفص الحضرمي المصري. قرأ على حمدان بن عون وعبد الحميد بن مسكين، وكان متبحراً في قراءة ورش. مات سنة ثمان وثمانين وثلثمائة.
عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك أبو الطيب الحلبي المقري المحقق، مؤلف كتاب الإرشاد في القراءات. قال الذهبي: عداده في المصريين، سكنها مدة. قرأ على إبراهيم بن عبد الرزاق، قرأ عليه ولده مكي بن أبي طالب وأبو عمر الطلمنكي. وكان حافظاً للقراءة، ضابطاً، ذا عفاف ونسك وفضل، وحسن تصنيف. ولد في رجب سنة تسع وخمسين وثلثمائة، ومات بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين.

(1/163)


ولده أبو الحسن طاهر. أحد الحذاق المحققين، مصنف التذكرة في القراءات، برع في الفن، وكان من كبار المقرئين في عصره بالديار المصرية، قرأ عليه الداني، وقال: لم نر في وقته مثله. مات بمصر في سن الكهولة لعشر بقين من شوال سنة تسع وتسعين وثلثمائة.
عبد الباقي بن الحسن بن أحمد بن السقا أبو الحسن الخراساني أحد الحذاق قرأ على نظيف بن عبد الله الحلبي، وقرأ عليه فارس بن أحمد وجماعة، وكان إماماً في القراءات، عالماً بالعربية، بصيراً بالمعاني، خيراً مأموناً. قدم مصر، فقامت له بها شهرة عظيمة، وكنا لا نظنه هناك، إذ كان ببغداد. ومات بالإسكندرية سنة نيف وثمانين وثلثمائة.
محمد بن الحسن بن أحمد بن علي بن الحسين أبو مسلم الكاتب البغدادي نزيل مصر. كاتب الوزير أبي الفضل بن حنزابة، أخذ عن ابن مجاهد، وسمع الحديث من أبي القاسم البنوي وأبي بكر بن أبي داود وابن دريد ونفطويه وابن صاعد، روى عنه الداني والحافظ عبد الغني ورشا بن نظيف والقضاعي وخلق. قال الذهبي: هو آخر من روى عن البغوي وغيره، وآخر من روى السبعة عن ابن مجاهد. مات في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلثمائة.
خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن خاقان أبو القاسم المصري. أحد الحذاق في قراءة ورش، قرأ على أحمد بن أسامة التجيبي، قرأ عليه الداني وقال: كان مشهوراً بالفضل والنسك، واسع الرواية. مات بمصر سنة اثنتين وأربعمائة، وهو في عشر الثمانين.
عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي أبو القاسم. شيخ القراءة بمصر في زمانه، قرأ على أبي عدي عبد العزيز وأبي أحمد السامري. قرأ عليه الطاهر إسماعيل بن خلف صاحب العنوان. وله كتاب المجتبي في القراءات. مات غرة ربيع الأول سنة عشرين وأربعمائة.
قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري. من ساكني قرية أبي اليبس. قرأ على جده لأمه بن عبد الرحمن الظهراوي صاحب أبي بكر بن سيف، وكان ضابطاً لراوية ورش، يقصد فيها، وتؤخذ عنه، خيراً فاضلاً. مات سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلثمائة.
فارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي المقرئ الضرير. أحد الحذاق بهذا الشأن، ومؤلف كتاب المنشأ في القراءات الثمان، قرأ على أبي أحمد السامري وعبد الباقي بن السقا وأبي الفرج الشنبوذي. قرأ عليه ابنه عبد الباقي، والداني. مات بمصر سنة إحدى وأربعمائة وله ثمانون سنة وهو المذكور في باب التكبير من الشاطبية.
ولده عبد الباقي أبو الحسن المصري. جود القراءات على والده عمر بن عراك وقسيم الظهراوي، وجلس للإقراء وعمر دهراً، قرأ عليه ابن الفحام وابن بليمة. مات في حدود الخمسين وأربعمائة.
إسماعيل بن عمرو بن راشد الحداد أبو محمد المصري، المقرئ الصالح. قرأ على أبي عدي عبد العزيز بن الإمام وغزوان بن القاسم، قرأ عليه أبو القاسم الهذلي والمصريون، وحدث عنه أبو الحسن الخلعي، مات سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
إبراهيم بن ثابت بن أخطل أبو إسحق الأقليشي، نزيل مصر. قرأ على أبي الحسن طاهر بن غلبون وعبد الجبار الطرسوسي، وأقرأ الناس بمصر مكان عبد الجبار بعد موته. مات سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وقد شاخ.
إسمعيل بن محمود بن أحمد أبو الطاهر المحلي. خطيب جامع المحلة من ديار مصر، تصدر للإقراء، وكان ظاهر الصلاح. مات سنة نيف وثلاثين وأربعمائة.
الحسن بن محمد بن إبراهيم أبو علي البغدادي المقرئ المالكي. مصنف كتاب الروضة في القراءات. قرأ على أبي أحمد الفرضي وأبي الحسن. ابن الحمامي، وسكن مصر، وصار شيخ القراء بها، قرأ عليه أبو القاسم الهذلي وابن شريح صاحب الكافي. مات في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
أحمد بن علي بن هاشم، تاج الأئمة أبو العباس المصري. قرأ على عمرو ابن عراك وأبي عدي عبد العزيز بن الإمام وأبي الطيب بن غلبون، وأقرأ الناس دهراً طويلاً بمصر. قرأ عليه أبو القاسم الهذلي، وحدث عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي في مشيخته. مات في شوال سنة خمس وأربعين وأرعمائة.
محمد بن أحمد بن علي أبو عبد الله القزويني نزيل مصر. قرأ على طاهر بن غلبون. قرأ عليه يحيى بن الخشاب وعلي بن بليمة. مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.

(1/164)


أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس أبو العباس المصري. انتهى إليه علو الإسناد، قرأ على أبي أحمد السامري وعبد المنعم بن غلبون، وحدث عن أبي القاسم الجوهري صاحب المسند، قرأ عليه أبو القاسم الهذلي وابن الفحام، وحدث عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي. مات في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة وهو في عشر المائة.
نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح الفارسي الشيرازي أبو الحسين. مقرئ الديار المصري ومسندها، قرأ على أبي الحسن الحمامي، وحدث عن أبي الحسين ابن بشران. قرأ عليه ابن الفحام، وحدث عنه روزبة بن موسى. مات سنة إحدى وستين وأربعمائة.
إسمعيل بن خلف بن سعد بن عمران أبو الطاهر الأنصاري الأندلسي ثم المصري. مصنف العنوان في القراءات، أخذ عن عبد الجبار الطرسوسي، وتصدر للإقراء زماناً ولتعليم العربية، وكان رأساً في ذلك، اختصر كتاب الحجة لأبي علي الفارسي. مات في أول المحرم سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
يحيى بن علي بن الفرج الأستاذ أبو الحسين المصري المعروف بابن الخشاب. مثقري الديار المصرية في وقته. قرأ على ابن نفيس وإسماعيل بن خلف، وعليه ناصر بن الحسين وجماعة. مات سنة أربع وخمسمائة.
الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة الأستاذ أبو الحسن القيرواني. نزيل الإسكندرية، ومصنف كتاب تلخيص العبارات في القراءات. ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وعني بالقراءات، وتقدم فيها، وتصدر للإقراء مدة. مات بالإسكندرية في ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة.
عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف العلامة الأستاذ أبو القاسم بن الفحام الصقلي صاحب كتاب التجريد في القراءات. انتهت إليه رياسة الإقراء بالإسكندرية علواً ومعرفة. قال سليمان بن عبد العزيز الأندلسي: ما رأيت أحداً أعلم بالقراءات منه؛ لا بالمشرق ولا بالمغرب. قرأ العربية على ابن بابشاذ، وشرح مقدمته. ولد سنة اثنتين وعشرين وربعمائة، ومات في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة، روى عنه السلفي.
عبد الكريم بن الحسن بن المحسن بن سوار الأستاذ أبو علي المصري التككي المقرئ النحوي. سمع من الخلعي، ومنه السلفي، وقرأ على أبي الحسن علي ابن محمد بن حميد الواعظ، وبرع في القراءات وعللها والتفسير ووجوهه والعربية وغوامضها، وكان له حلقة إقراء بمصر. مات في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وخمسمائة، وله ثمان وستون سنة.
ناصر بن الحسن بن إسماعيل الشريف أبو الفتوج الزيدي الخطيب مقرئ الديار المصرية. قرأ على يحيى بن الخشاب، وسمع من ابن القطاع اللغوي وغير واحد. انتهت إليه رياسة الإقراء بالديار المصرية، وكان من جلة العلماء في زمانه. قرأ عليه غياث بن فارس، وآخر من روى عنه سماعاً القاضي أبو الكرم وأسعد بن قادوس المتوفي في حدود الأربعين وستمائة مات يوم عيد الفطر سنة ثلاث وستين وخمسمائة عن إحدى وثمانين سنة.
أبو العباس مر في المالكية.
عبد الرحمن بن خلف الله أبو القاسم الإسكندراني المالكي المقرئ المؤدب. قرأ على ابن الفحام وابن بليمة، وحدث عن أبي عبد الله الرازي، وأقرأ الناس مدة على صدق واستقامة. قرأ عليه أبو القاسم الصفراوي والفضل الهمداني، روى عنه علي ابن المفضل الحافظ. مات قريباً من سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
اليسع بن حزم أبو يحيى الغافقي الأندلسي الجياني. أخذ عن أبيه وغيره، وأجاز له أبو محمد بن عتاب، ورحل فسكن الإسكندرية، وأقرأ بها ثم رحل إلى مصر فأكرمه الناصر صلاح الدين بن أيوب، وكان فقيهاً مشاوراً مقرئاً، حافظاً نسابة. وله تاريخ المغرب، سماه المغرب. روى عنه المفضل المقسي. مات في رجب سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
عساكر بن علي بن إسماعيل الجيوشي المصري المقرئ النحوي الشافعي. ولد سنة تسعين وأربعمائة، وأخذ عن الشريف ناصر الزيدي وإبراهيم بن أغلب النحوي، وتفقه على مجلي، وتصدر للإقراء، وانتفع به الناس. أخذ عنه السخاوي وغيره. مات في المحرم سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
أحمد بن جعفر بن أحمد بن إدريس الإمام أبو القاسم الغافقي الخطيب المقرئ. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وقرأ على أبي البركات محمد بن عبد الله بن عمر المقرئ صاحب أبي معشر الطبري، وعليه أبو القاسم الصفراوي. مات سنة خمس وستين وستمائة بالإسكندرية.

(1/165)


القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الإمام أبو محمد وأبو القاسم الرعيني الشاطبي المقرئ الضرير. أحد الأعلام. ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، وقرأ على أبي عبد الله المقرئ الشريف، وسمع من أبي الحسن بن هذيل، وارتحل للحج، فسمع من السلفي، واستوطن مصر، واشتهر اسمه، وبعد صيته، وقصده الطلبة من النواحي. وكان إماماً علامة كثير الفنون، منقطع القرين، رأساً في القراءات، حافظاً للحديث، بصيراً بالعربية، واسع العلم، وقد سارت الركبان بقصيدته حرز الأماني والرائية، وخضع لهما فحول الشعراء وحذاق القراء. قرأ عليه أبو الحسن السخاوي والكمال الضرير، وآخر من روى عنه الشاطبية أبو محمد عبد الله بن عبد الوارث الأنصاري المعروف بابن فار اللبن، وهو آخر أصحابه موتاً.
قال ابن الأبار: انتهت إليه الرياسة في الإفراء. مات بمصر، في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة.
وقال الذهبي: كان موصوفاً بالزهد والعبادة والانقطاع، تصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية.
ومن شعره:
قل للأمير نصيحة ... لا تركنن إلى فقيه
إن الفقيه إذا أتى ... أبوابكم لا خير فيه
وترك الشاطبي أولاداً، منهم زوجة الكمال الضرير، ومنهم أبو عبد الله محمد، بقي إلى سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وروى عنه وعن البوصيري، وعاش قريباً من ثمانين سنة.
شجاع بن محمد بن سيدهم الإمام أبو الحسن المدلجي المصري المقرئ المالكي. ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وقرأ على أبي العباس بن الحطيئة، وسمع من السلفي، وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسين الحباب، وتصدر للإقراء بجامع مصر، وانتفع به الناس. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
محمد بن يوسف بن علي بن شهاب الدين، أبو الفضل الغزنوي المقرئ الفقيه النحوي. نزيل القاهرة. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وقرأ على أبي محمد سبط الخياط، وسمع من أبي بكر قاضي المارستان، وتصدر للإقراء، فأخذ عنه العلم السخاوي والجمال بن الحاجب، وروى عنه ابن خليل والضياء المقدسي والرشيد العطار، ودرس المذهب بمسجد الغزنوي المعروف به. مات بالقاهرة في نصف ربيع الأول سنة تسع وتسعين.
غياث بن فارس بن سكن. الأستاذ أبو الجود اللخمي المنذري المصري المقرئ الفرضي النحوي الضرير شيخ القراء بديار مصر. قرأ على الشريف ناصر، وسمع من عبد الله بن رفاعة السعدي. وتصدر للإقراء من شبيبته، وقرأ عليه خلق، ورحل إليه. ولد سنة ثماني عشرة وخمسمائة، ومات في تاسع رمضان سنة خمس وستمائة.
عبد الصمد بن سلطان بن أحمد بن الفرج أبو محمد الجذامي المصري المقرئ النحوي المعروف بالمعتمد بن قراقيش. ولد سنة أربعين وخمسمائة، وقرأ على الشريف ناصر؛ وكان متقناً للعربية، رأساً في الطب. مات في جمادى الآخرة سنة ثمان وستمائة.
عبد السلام بن عبد الناصر بن عبد المحسن أبو محمد المصري المقرئ. شيخ عالي الإسناد في القراءات، يعرف بابن عديسة. قرأ على الشريف ناصر، وأقرأ بدمياط مدة. مات سنة ثلاث عشرة وستمائة.
عيسى بن عبد العزيز بن عيسى الأستاذ أبو القاسم بن المحدث أبي محمد اللخمي الشريشي ثم الإسكندراني المقرئ. سمع من السلفي وغيره، وقرأ على أبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف وغيره، وعني بهذا الشأن، ورأس فيه، وتصدر مدة، روى عنه المنذري وغيره، وآخر من روى عنه بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان. مات في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وستمائة.
علي بن عبد الصمد بن محمد بن نفيع بن الرماح عفيف الدين أبو الحسن المصري المقرئ الشافعي. قرأ على عساكر وغياث، وسمع من السلفي، وتصدر للإقراء بالفاضلية. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة، ومات في جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
أبو الفضل الهمداني، ابن الصفراوي، ابن الحاجب، العلم السخاوي، البهاء بن الجميزي - مروا.
علي بن علي بن عبد الله بن ياسين بن نجم الدين الإمام أبو الحسن الكناني العسقلاني ثم التنيسي المصري. يعرف بابن البلان المقرئ النحوي. ولد سنة بضع وخمسين وخمسمائة، وقرأ على أبي الجود، والعربية على ابن بري، وسمع منه ومن شرف ابن علي الأنماطي، وتصدر بالجامع العتيق بمصر. مات في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وستمائة.

(1/166)


زيادة بن عمران بن زيادة أبو النماء المصري المالكي المقرئ الضرير. قرأ على أبي الجود، وتفقه على أبي المنصور ظافر، وتصدر للإقراء بمصر وبالفاضلية. مات في شعبان سنة تسع وعشرين وستمائة.
عبد الكريم بن غازي بن أحمد الفقيه أبو نصر الواسطي المقرئ المصري ابن الأعلاقي. قدم مصر، واقرأ بها. مات في نصف رجب سنة أربعين وستمائة بالقاهرة.
عبد القوي بن المغربل تقي الدين المقرئ. قرأ على أبي الجود، وتصدر وأقرأ، أخذ عنه البرهان الوزيري. مات سنة أربعين وستمائة.
عبد القوي بن غزون بن داود أبو محمد المصري. أخذ عن أبي الجود، وسمع من البوصيري والخشوعي. مات سنة أربعين وستمائة، وله ثلاث وسبعون سنة.
منصور بن عبد الله بن جامع بن مقلد الأنصاري المصري المقرئ الأستاذ شرف الدين أبو علي الدهشوري. قرأ على أبي الجود وأبي اليمن الكندي، واقرأ بالفيوم، وكان بصيراً بهذا الشأن. مات سنة أربعين وستمائة.
عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر الإمام رشيد الدين أبو محمد الجذامي المصري المقرئ الضرير. قرأ على أبي الجود، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وبرع في العربية وتصدر للإقراء، وانتهت إليه رياسة الفن في زمانه، وكان ذا جلالةٍ ظاهرة، وحرمة وافرة، وخبرة تامة بوجوه القراءات. مات في جمادى الأولى سنة ست وأربعين وستمائة، وهو والد الكاتب البليغ محيي الدين بن عبد الظاهر.
أحمد بن علي بن محمد بن علي بن سكن الإمام أبو العباس الأندلسي، أحد الحذاق. قرأ على أبي الفضل جعفر الهمذاني، وسكن الفيوم. اختصر التيسير، وشرح الشاطبية. مات في حدود الأربعين وستمائة.
السديد أبو القاسم عيسى بن أبي الحرم مكي بن حسين بن يقظان العامري المصري. إمام جامع الحاكم. قرأ القراءات على الشاطبي، وأقرأها مدة. مات في شوال سنة تسع وأربعين وستمائة عن ثمانين سنة.
منصور بن سرار بن عيسى بن سليم أبو علي الأنصاري الإسكندراني المعروف بالمسدي. كان من حذاق القراء؛ نظم أرجوزة في القراءات. ولد سنة سبعين وخمسمائة، ومات في رجب سنة إحدى وخمسين وستمائة.
ابن وثيق شيخ القراء أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأموي الإشبيلي. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، وأخذ عن أصحاب أبي الحسن بن شريح، وتنتقل في البلاد، وقرأ، بمصر والشام والموصل، وكان عالي الإسناد. مات بالإسكندرية في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة.
الناشري البارع تقي الدين عبد الرحمن بن مرهف المصري. قرأ على أبي الجود، وتصدر للإقراء، وبعد صيته. مات سنة إحدى وستين وستمائة عن نيف وثمانين سنة.
الكمال الضرير شيخ القراء أبو الحسن علي بن شجاع بن سالم الهاشمي العباسي المصري صاحب الشاطبي، وزوج بنته. وقرأ على الشاطبي وشجاع المعطي وأبي الجود، وسمع من البوصيري وطائفة، وتصدر للإقراء دهراً، وانتهت إليه رياسة القراء، وكان إماماً يجري في فنون العلم. مات في سابع ذي الحجة سنة إحدى وستين وستمائة.
ابن فار اللبن معين الدين أبو الفضل عبد الله بن محمد بن عبد الوارث الأنصاري المصري. آخر من قرأ الشاطبية على مؤلفها، قرأها عليه البدر التاذفي. مات سنة أربع وستين وستمائة.
أبو الحسن الدهان علي بن موسى السعدي المصري المقري الزاهد. قال في العبر: ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على جعفر الهمداني وغيره، وتصدر بالفاضلية، وكان ذا علم وعمل. مات في رجب سنة خمس وستين وستمائة.
علي بن عبد الله بن أبي بكر الإمام زين الدين أبو الحسن بن القلال الجزائري: نزيل مصر. مات بالقاهرة سنة ثمان وستين وستمائة.
القصال أبو عبد الله محمد بن محمد المغربي نزيل الصعيد. قرأ على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي؛ والتقى ابن ماسوية، وتصدر للإقراء. مات سنة بضع وخمسين وستمائة.
عبد الهادي بن عبد الكريم بن علي أبو الفتح القيسي المصري. خطيب جامع المقياس. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وقرأ على أبي الجود، وسمع من قاسم ابن إبراهيم المقدسي، وأجاز له أبو الطاهر بن عوف وأبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي وتفرد بالرواية عنهم. مات في شعبان سنة إحدى وسبعين وستمائة.
الكمال المحلى أحمد بن علي الضرير شيخ القراء القاهرة. انتفع به جماعة مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وستمائة عن إحدى وخمسين سنة.

(1/167)


الكمال بن فارس أبو إسحاق إبراهيم بن الوردي بن نجيب الدين أحمد بن إسماعيل ابن فارس التميمي الإسكندراني. آخر من قرأ بالرواية على الكندي. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة، ومات في صفر سنة ست وسبعين وستمائة.
إسماعيل بن هبة الله بن علي أبو الطاهر الحليمي المصري. قرأ على أبي الجود غياث بن فارس، وعمر دهراً، واحتيج إلى إسناده العالي، فقرأ عليه جماعة منهم أبو حيان، وختم بموته أصحاب أبي الجود، وكان تاركاً للفن؛ وإنما ازدحموا عليه لعلو روايته. مات في رمضان سنة إحدى وثمانين وستمائة.
عبد الله بن محمد بن عبد الله القاضي معين الدين أبو النكزاوي الإسكندراني النحوي المقرئ. ولد بالإسكندرية سنة أربع عشرة وستمائة، وقرأ على أبي القاسم الصفراوي، وصنف كتاباً في القراءات، وتصدر وأفاد، وتخرج به جماعة. مات سنة ثلاث وثمانين وستمائة.
برهان الدين إبراهيم بن إسحاق بن المظفر المصري الوزيري. ولد سنة تسع عشرة وستمائة، وقرأ على أصحاب الشاطبي وأبي الجود، واقرأ بدمشق. مات في ذي الحجة سنة أربع وثمانين وستمائة.
الرضة الشاطبي. يأتي في النحاة واللغويين.
عبد النصير المريوطي أبو محمد. من كبار القراء بالإسكندرية، قرأ على أبي القاسم الصفراوي وأبي الفضل الهمداني. قرأ عليه أبو حيان. مات سنة ثمانين وستمائة.
الراشدي المقرئ الأستاذ أبو علي الحسن بن عبد الله بن ويحيان، الرجل الصالح. تصدر للإقراء والإفادة، وأخذ عنه مثل الشيخ مجد الدين التونسي وشهاب الدين بن جبارة، ولم يقرأ على غير الكمال الضرير. مات في صفر سنة خمس وثمانين وستمائة بالقاهرة؛ ذكره في العبر.
الصفي خليل بن أبي بكر بن محمد بن صديق المراغي الفقيه الحنبلي المقرئ. ولد سنة بضع وتسعين وخمسمائة، سمع من الحرستاني وابن ملاعب، وتفقه على الموفق المقدسي. وقرأ القراءة على ابن باسوية، وهو آخر من قرأ عليه، وتصدر بالقاهرة للإقراء، وناب في القضاء، مع وفور الديانة والورع. مات في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وستمائة، روى عنه المزني وابن حيان.
الجرائدي تقي الدين يعقوب بن بدران بن منصور المصري شيخ القراء في وقته بالديار المصرية. أخذ عن السخاوي، وتصدر. مات في شعبان سنة ثمان وثمانين وستمائة، عن نيف وثمانين سنة، وقد حدث عن ابن الزبيدي وابن المنجي وابن اللتي.
نور الدين بن الكفتي أبو الحسن علي بن ظهير بن شهبا الدين المصري شيخ القراء بديار مصر، أخذ عن ابن وثيق أبي الجود، واشتهر بالاعتناء بالقراءات وعللها، وسمع من ابن الجميزي، مع الورع والتقي والجلالة. مات في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وستمائة.
المكين الأسمر عبد الله بن منصور الإسكندراني. شيخ القراء بالإسكندرية. أخذ عن أبي القاسم بن الصفراوي، وأقرأ الناس مدة. مات في ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وستمائة عن نيف وثمانين سنة.
شمس الدين محمد بن عبد العزيز الدمياطي المقرئ. أخذ عن السخاوي، وتصدر، واحتيج إلى علو روايته. مات في صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وله نيف وسبعون وسنة.
شهاب الدين أحمد بن عبد البارئ الصعيدي ثم الإسكندراني. قرأ على أبي القاسم عيسى، وروى عن الصفراوي والهمداني، وكان أحد الصالحين. مات في أوائل سنة خمس وتسعين وستمائة عن ثلاث وثمانين سنة.
سحنون العلامة صدر الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحكيم بن عمران الأوسي الدكالي المالكي المقرئ النحوي. قرأ على الصفراوي، وسمع منه ومن علي بن مختار. وكان إماماً عارفاً بالمذهب مفتياً. مات بالإسكندرية في شوال سنة خمس وتسعين وستمائة، وقد جاوز الثمانين.
يحيى بن أحمد بن عبد العزيز الإمام شرف الدين أبو الحسين بن الصواف الجذامي الإسكندراني. ولد سنة تسعين وستمائة، وقرأ على أبي القاسم بن الصفراوي؛ وهو آخر من قرأ عليه وفاة، وآخر من حدث عن ابن عماد وجماعة، سمع منه المزي والبرزالي وابن سيد الناس والسبكي. مات في شعبان سنة خمسين وسبعمائة، ونزل القراء بموته درجة.
إبراهيم بن فلاح بن محمد بن حاتم برهان الدين أبو إسحاق الجذامي الإسكندراني. قرأ على علم الدين القاسم وغيره، وتفقه بالنووي وأفتى ودرس، وتصدر للإقراء مدة طويلة. قرأ عليه البدر بن نصحان. مات بدمشق في شوال سنة اثنتين وسبعمائة، وهو في عشر الثمانين.

(1/168)


إسحاق بن البرهان الوزيري السابق أبو الفضل. اعتنى به أبوه فأسمعه من الكمال الضرير والحافظ عبد العظيم، وقرأ القراءات على والده والكمال بن فارس. ولد سنة خمس وخمسين وستمائة، ومات بعد السبعمائة.
محمد بن عبد المحسن شمس الدين المصري الضرير الملقب بالمرزاب. قرأ على الكمال المحلي وابن فارس. مات سنة ثلاث وسبعمائة وقد جاوز الستين.
محمد بن نصير بن صالح الإمام أبو عبد الله المصري المقرئ الصوفي نزيل دمشق. ولد في حدود سنة خمسين وستمائة، وقرأ على الرشيد بن أبي الدر والزواوي، وجلس لقراء، وكان شيخ الإقراء بدار الحديث الأشرفية. مات بعد السبعمائة.
علي بن يوسف بن جرير اللخمي الشطنوفي الإمام الأوحد نور الدين أبو الحسن. شيخ الإقراء بالديار المصرية. ولد بالقاهرة سنة أربع وأربعين وستمائة، وقرأ على التقي الجرائدي والصفي خليل، وسمع من النجيب عبد اللطيف، وتصدر للإقراء بالجامع الأزهر، وتكاثر عليه الطلبة. مات في ذي الحجة سنة ثلاث عشرة وسبعمائة.
محمد بن أحمد بن علي بن غدير شمس الدين الواسطي. ولد في حدود سنة سبعين وستمائة، وقرأ على العز الفاروثي وغيره، وعني بهذا الشأن حتى تقدم فيه، وصار من كبار المقرئين، تحول إلى مصر فسكنها.
محمد بن عبد الله بن عبد المنعم بن رضوان أمين الدين أبو بكر الكناني المصري يعرف بابن الصواف. تصدر بجامع عمرو لإقراء القرآن، وأخذ عنه جماعة. مات سنة خمس عشرة وسبعمائة.
محمد بن أبي بكر بن عبد الرزاق الصقلي الضرير شرف الدين. قرأ على الكمال الضرير، واقرأ زماناً. ولد سنة بضع وعشرين وستمائة، ومات بالقاهرة سنة ثلاثين وسبعمائة.
محمد بن مجاهد الضرير شرف الدين الملقب بالوراب. قرأ على أبي طاهر المليجي، وتصدر بالقاهرة لإقراء القرآن، ومات سنة خمس عشرة وسبعمائة.
إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل القوصي جلال الدين أبو طاهر. تصدر مدة بجامع ابن طولون لإقراء القرآن والنحو، ومات سنة خمس عشرة وسبعمائة.
الصدر بن الأعمى محمد بن عثمان بن عبد الله المدلجي. قرأ على إسماعيل بن المليجي، وتصدر. مات بالقاهرة سنة سبع عشرة وسبعمائة.
أبو العلاء رافع بن محمد بن هجرس بن شافع الصمدي السلامي المقرئ المحدث جمال الدين، والد الحافظ تقي الدين محمد بن رافع. تفقه في مذهب الشافعي على العلم العراقي، وأخذ النحو عن البهاء من النحاس، وسمع من أبي الحسن بن البخاري وجماعة، وتلا على أبي عبد الله محمد بن الحسن الإربلي الضرير، وتصدر للإقراء بالفاضلية ولد بدمشق سنة ثمان وستين وستمائة، ومات بالقاهرة في ذي الحجة سنة ثماني عشرة وسبعمائة.
التقي الصائغ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الخالق المصري شيخ القراء في عصره. قرأ على الكمال الضرير والكمال إبراهيم بن فارس، ورحلت إليه الطلبة من أقطار الأرض لانفراده بالقراءة دراية ورواية. وكان أيضاً فقيهاً شافعياً مشاركاً في فنون أخرى. ولد في جمادى سنة ست وثلاثين وستمائة، ومات بمصر في صفر سنة خمس وعشرين وسبعمائة، ذكره ابن مكتوم في ذيله.
وذكر الإسنوي في طبقاته أنه بلغ من العمر أربعاً وتسعين سنة.
ضياء الدين موسى بن علي بن يوسف الزرازري القطبي، لسكنه بالمدرسة القطبية بالقاهرة. قرأ على أبي الحسن بن الكفتي، وتصدر للإقراء بالجامع الظاهري، وحدث عن أبي الفرج الحراني وأبي عيسى بن علاق. ولد سنة إحدى وستين وستمائة ومات في رجب سنة ثلاثين وسبعمائة.
أبو حيان. يأتي في النحاة.
شمس الدين محمد بن محمد بن نمير المعروف بابن السراج. قرأ على ابن الكفتي والمكين الأسمر وتصدر للإقراء، وأخذ عنه جماعة، وكتب الخط المنسوب، وبرع فيه، وصار معلماً له بالجامع الأزهر. ولد بعد السبعين وستمائة، ومات بالقاهرة في شعبان سنة سبع وأربعين وسبعمائة.
برهان الدين إبراهيم بن لاجين الرشيدي. كان عالماً بالقراءات والنحو شافعياً. تصدر بجامع أمير حسين مدة، وانتفع به الناس، وولي درس التفسير بالمنصورية بعد موت أبي حيان. مات بالطاعون في شوال سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
برهان الدين إبراهيم بن عبد الله بن علي الحكري. كان إماماً في القراءات نحوياً مفسراً، يضرب به المثل في حسن التلاوة. تصدر للإقراء، وانتفع به الخلق. مات بالطاعون في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة.

(1/169)


محمد بن مسعود المقرئ المالكي. تلا بالسبع على التقي الصائغ، وكان متصدراً للإقراء حتى إن القاضي محب الدين ناظر الجيش كان يقرأ عليه. مات سنة خمس وسبعين وسبعمائة.
التقي الواسطي مرّ في المحدثين.
العسقلاني إمام جامع ابن طولون فتح الدين أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد المصري. ولد بعد العشرين وسبعمائة، وتلا على التقي الصائغ، وسمع عليه الشاطبية، وكان خاتمة أصحابه بالسماع، وأقرأ الناس بأخرة، فتكاثروا عليه. مات في المحرم سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
نور الدين علي بن عبد الله بن عبد العزيز الدميري أخو القاضي تاج الدين بهرام. كان إماماً في القراءات، مشاركاً في فنون، ولي مشيخة القراء بالشيخونية. مات سنة ثمان وتسعين وسبعمائة.
خليل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الجليل المقرئ، المعروف بالمشبب أقرأ الناس بالقرافة دهراً طويلاً، وكان منقطعاً بسفح الجبل، وللسلطان وغيره فيه اعتقاد كبير. مات في ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة.
علي بن محمد بن الناصح نور الدين المقرئ. قرأ على المجد الكفتي، ونظم قصيدة في القراءات، وكان يقرئ بجامع الماردني. مات في ذي الحجة سنة إحدى وثمانمائة.
عثمان بن عبد الرحمن المخزومي البلبيسي، فخر الدين الضرير إمام لجامع القاهرة، أقتن القراءة والعروض، مات في ذي الحجة سنة ثلاثين وثمانمائة.
الزراتيتي شمس الدين محمد بن علي بن محمد الغزولي. ولد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، واشتغل بالعلم، وعني بالقراءات من سنة ثلاث وستين وهلم جرا. مات في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثمانمائة.
ذكر من كان بمصر من الصلحاء والزهاد والصوفية
سليم بن عتر. ابن حجيرة. أبو عقيل. زهرة بن معبد. الحارث بن يزيد الحضرمي. ولده عبد الكريم بن الحارث الحضرمي. عبد الرحيم بن ميمون المدني. حيوة بن شريح. أبو الأسود النضر بن عبد الجبار المرادي.
السيدة نفيسة بنت الأمير حسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. كان أبوها أمير المدينة للمنصور، وله رواية في سنن النسائي، ودخلت هي مصر مع زوجها المؤتمن إسحاق بن جعفر الصادق، فأقامت بها، وكانت عابدة زاهدة، كثيرة الخير. وكانت ذات مال؛ فكانت تحسن إلى الزمنى والمرضى وعموم الناس. ولما ورد الشافعي مصر كانت تحسن إليه، وربما صلى بها في شهر رمضان. ولما توفي أمرت بجنازته فأدخلت إليها المنزل، فصلت عليه. ماتت في رمضان سنة ثمان ومائتين. وكان عزم زوجها على أن ينقلها فيدفنها بالمدينة النبوية؛ فسأله أهل مصر أن يدفنها عندهم، فدفنت بمنزلها بدرب السباع؛ محلة بين مصر والقاهرة.
ذو النون المصري ثوبان بن إبراهيم أبو الفيض، أحد مشايخ الطريق المذكورين في رسالة القشيري؛ وهو أول من عبر عن علوم المنازلات، وأنكر عليه أهل مصر، وقالوا: أحدث علما لم تتكلم فيه الصحابة، وسعوا به إلى الخليفة المتوكل، ورموه عنده بالزندقة، وأحضره من مصر على البريد، فلما دخل سر من رأى، وعظمه، فبكى المتوكل، ورده مكرما. وكان مولده بإخميم، وحدث عن مالك والليث وابن لهيعة، روى عنه الجنيد وآخرون. وقد قارب التسعين. قال السلمي: كان أهل مصر يسمونه الزنديق، فلما أظلت الطير الخضر جنازته ترفرف عليه إلى أن وصل إلى قبره، فلما دفن غابت، فاحترم أهل مصر بعد ذلك قبره.
القاضي بكار. مر في الحنفية.
أبو بكر أحمد بن نصر الدقاق الكبير، من أقران الجنيد وأكابر مشايخ مصر. قال الكتاني: لما مات الدقاق انقطعت حجة الفقراء في دخولهم إلى مصر. ومن كلامه: من لم يصحبه التقي في فقره، أكل الحرام المحض. وقال: كنت مارا في تيه بني إسرائيل، فخطر ببالي أن علم الحقيقة مباين لعلم الشريعة، فهتف بي هاتف من تحت شجرة: كل حقيقة لا تتبع الشريعة، فهي كفر.
فاطمة بنت عبد الرحمن بن أبي صالح الحرانية الصوفية أم محمد. من الصالحات المتعبدات. قال الخطيب: ولدت ببغداد، وحملت إلى مصر، فطال عمرها؛ حتى جاوزت الثمانين، وأقامت ستين سنة لا تنام إلا وهي في مصلاها بغر وطاء، سمعت من أبيها، وروى عنها ابن أخيها عبد الرحمن بن القاسم. ماتت سنة اثنتي عشرة وثلثمائة.

(1/170)


أبو الحسن ابن بنان بن محمد بن حمدان الحمال الزاهد الواسطي. نزيل مصر وشيخها. من كبار مشايخ مصر ومقدميهم، قال ابن فضل الله في المسالك: صحب الخزاز، وإليه ينتمي، مات في التيه؛ وذلك أنه ورد عليه وارد فهام على وجهه، فمات به. ومن كلامه: اجتنبوا رياء الأخلاق كما تجتنبوا الحرام. وقال: الوحدة جلسة الصديقين. وقال: ذكر الله باللسان يورث الدرجات، وذكر الله بالقلب يورث القبابات.
وقال الذهبي في العبر: صحب الجنيد، وحدث عن الحسن بن محمد الزعفراني وجماعة، وكان ذا منزلة عظيمة في النفوس، وكانوا يضربون بعبادته المثل. وثقة ابن يونس، وقال: توفي في رمضان سنة ست عشرة وثلاثمائة، وخرج في جنازته أكثر أهل مصر؛ وكان شيئا عجبا، ومن كراماته أنه أنكر على ابن طولون يوما شيئا من المنكرات، وأمره بالمعروف، فأمر به فألقي بين يدي الأسد؛ فكان يشمه ويحجم عنه؛ فرفع من بين يديه، وزاد تعظيم الناس له. وسأله بعض الناس: كيف كان حالك وأنت بين يدي الأسد؟ فقال: لم يكن على بأس؛ ولكن كنت أفكر في سؤر السباع: أهو طاهر أم نجس؟ وجاءه رجل، فقال: لي على رجل مائة دينار، وقد ذهبت الوثيقة، وأخشى أن ينكر، فادع لي، فقال له. إني رجل قد كبرت، وأنا أحب الحلوى، فاذهب فاشتر لي رطلا، وائتني به حتى أدعو لك، فذهب الرجل فاشترى فوضع له البائع الحلوى في ورقة، فإذا هي وثيقة بالمائة دينار؛ فجاء إلى الشيخ فأخبره، فقال: خذ الحلوى فأطعمها صبيانك.
أبو علي الروذباري. مر في الشافعية.
أبو الحسن علي بن محمد بن سهل الدينوري الصائغ الزاهد.
قال في العبر: أحد المشايخ الكبار، توفي بمصر في رجب سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة، ومن كلامه: من أيقن أنه لفترة فما له يبخل بنفسه.
قال ابن كثير: ومن كراماته أنه رئي يصلي بالصحراء في شدة الحر، ونسر قد نشر جناحيه يظله من الحر.
وحكى صاحب المرآة أنه أنكر على تكين أمير مصر شيئا - وكان تكين ظالما - فسيره تكين إلى القدس، فلما وصل القدس، قال: كأني بالبائس - يعني تكين - وقد جيء به في تابوت إلى هنا، فإذا أدنى من الباب عثر على البغل، ووقع التابوت، فبال عليه البغل. فلم نلبث إلا مدة يسيرة، وإذا بقائل يقول: قد وصل تكين، وهو ميت في تابوت، فلما وصل إلى الباب عثر على البغل في المكان الذي أشار إليه الدينوري، فوقع التابوت وغفل عنه المكاري، فبال عليه البغل، وخرج الدينوري، فقال للتابوت: جئت بالبائس إلى المكان الذي نفانا إليه! ثم ركب الدينوري، وعاد إلى مصر، فمات بها. ودفن بالقرافة.
أبو الخير الأقطع المعروف بالتيناتي. أصله من المغرب، وصحب أبا عبد الله ابن الجلاد وغيره، وكان أوحد عصره في طريقة التوكل، وكانت السباع والهوام تأنس به، وله فراسة حادة. مات سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة.
أبو علي الحسن بن أحمد الكاتب المصري. من كبار مشايخ المصريين، صحب أبا بكر المصري وأبا علي الروذباري وغيرهما، وكان أوحد مشايخ وقته، ومن كلامه: إذا انقطع العبد إلى الله بكليته، أول ما يفيده الله الاستغناء به عن الناس. وقال: يقول الله: من صبر علينا وصل إلينا. وقال: إذا سكن الخوف في القلب، لم ينطق اللسان بما لا يعنيه. مات سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة.
أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل الرملي النابلسي. قال في العبر: كان عابدا صالحا زاهدا قوالا بالحق، قال: لو كان معي عشرة أسهم، رميت الروم بسهم ورميت بني عبيد بتسعة، فبلغ صاحب مصر المعز فقتله في سنة ثلاث وستين وثلثمائة.
حكى صاحب المرآة أن كافورا الإخشيدي بعث إليه بمال، فرده وقال: قال الله تعالى: )إياك نعبد وإياك نستعين(، فالاستعانة بالله تكفي. فرد كافور الرسول بالمال إليه، وقال: قل له: قال الله تعالى: )له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى(، فأين ذكر كافور هنا! فقال أبو بكر: صدق، الملك والمال لله، كافور صوفي لا أنا، ثم قبل المال.
عيسى بن يوسف المصري الزاهد. مات بعد السبعين وثلثمائة.
ابن الترجمان محمد بن الحسين بن علي الغزي شيخ الصوفية بديار مصر. قال في العبر: مات بمصر في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وله خمس وتسعون سنة، ودفن بتربة ذي النون.

(1/171)


أبو القاسم الصامت أحد الصالحين، وقبره أحد المزارات بالقرافة، مات في رمضان سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، ذكره ابن ميسر.
عبد الرحيم بن أحمد بن حجون القنائي الشريف السيد الكبير الإمام الشهير. أصله من سبتة، وقدم من المغرب فأقام بمكة سبع سنين، ثم قدم قنا فأقام بها سنين كثيرة إلى أن مات. قال الحافظ المنذري: كان أحد الزهاد المشهورين، والعباد المذكورين، ظهرت بركاته على جماعة ممن صحبه، وتخرج به جماعة من أعيان الصالحين بصالح أنفاسه. وكان مالكي المذهب، وكراماته كثيرة. مات في تاسع صفر سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
وكان للشيخ ولد يقال له الحسن، كان أيضاً من الصوفية الفقهاء الفضلاء العلماء أرباب الأحوال والكرامات وعلو المقامات؛ روى عنه المنذري من شعره، وتبرك بدعائه. مات بقنا في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وستمائة، وقد قارب الثمانين.
وللحسن هذا ولد يقال له محمد، جمع بين العلم والعبادة، والورع والزهادة، فقيها مالكيا، ويقرئ مذهب الشافعي، نحويا فرضيا، حاسبا، انتفع بعلومه وبركته طوائف من الخلق، وله كرامات ومكاشفات؛ حكى عنه أنه قال: كنت في بعض السياحات، فكنت أمر بالحشائس فتخبرني من منافعها. مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين وستمائة.
علي بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف، الشيخ أبو الحسن الصباغ القوصي. صاحب المعارف والكرامات، أخذ عن الشيخ عبد الرحيم القنائي. قال المنذري وظهرت بركاته على الذين صحبوه، وهدى الله به خلقا، وكان حسن التربية للمريدين، وصحبه جماعة من العلماء منهم الشيخ مجد الدين بن دقيق العيد. مات بقنا منتصف شعبان سنة ثلاث عشرة وستمائة، وفي العبر سنة اثنتي عشرة.
يوسف بن محمد بن علي بن أحمد الهاشمي أبو الحجاج المغاوري. قدم من المغرب، فأقام بقنا إلى أن توفي بها، وصحب الشيخ أبا الحسن بن الصباغ. وكان من المشهورين بالولاية، وله كرامات كثيرة. مات في صفر سنة تسع عشرة وستمائة؛ ويقال إنه عاش مائة وثلاثين سنة. ذكره في الطالع السعيد.
الشيخ أبو العباس البصير أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن جزي الخزرجي الأنصاري الأندلسي. كان أبوه من ملوك المغرب، فولد له الشيخ أبو العباس أطمس العينين، فخافت أمه سطوة أبيه، فأمرت به فألقي في البرية فأرضعته الغزلان. ثم إن والده خرج إلى الصيد فلقيه فأخذه، وهو لا يشعر أنه ابنه وقال لزوجته: ربيه، لهل الله أن يجعل لنا فيه خيرا. فلما كبر قرأ القرآن، واشتغل بالعلوم الشرعية إلى أن برع فيها، وصحب في التصوف جعفر بن عبد الله بن شيندبونة الخزاعي الأندلسي، ثم سافر على قدم التجريد، فدخل الصعيد، وأقام بالقاهرة يقرئ الناس وينفعهم. قال الشيخ برهان الدين الأبناسي في ترجمته: كان الشيخ أبو العباس يشغل الناس بالقراءات السبع، وكان حافظا بارعا في علم الحديث، حافظا لمتونه، عارفا بعلله ورجاله، حسن الاستنباط بذهن وقاد، وكانت له الأحوال الغريبة، والأساليب العجيبة، أجاز سبعة آلاف رجل بالقراءات السبع. توفي سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وقد بلغ ثلاثا وستين سنة، ودفن بالقرافة.
يحيى بن موسى بن علي القنائي يعرف بابن الحلاوي. قال الحافظ رشيد الدين العطار: كان من المشايخ المعروفين والصلاح، سمعته يقول: سمعت الشيخ العارف عبد الرحيم بن أحمد بن حجون المغربي - وكان شيخ وقته وإمام عصره - يقول في قوله صلى الله عليه وسلم: " من طلب العلم تكفل الله برزقه " ، معناه والله أعلم: محضه بالحلال من الرزق لمكان طلب العلم. قال الرشيد: وسمعت منه جزءا منتخبا من كلام شيخه عبد الرحيم. مات بقنا في ذي القعدة سنة خمس وعشرين وستمائة.
ابن الفارض شرف الدين أبو القاسم عمر بن علي بن مرشد الحموي الأصل المصري. ولد بالقاهرة في ذي القعدة سنة ست وسبعين وخمسمائة؛ وكان أبوه يكتب فروض النساء. ترجمه الرشيد العطار في معجمه، فقال: الشيخ الفاضل الأديب. كان حسن النظم، متوقد الخاطر، وكان يسلك طريق التصوف، وينتحل مذهب الشافعي، وأقام بمكة مدة، وصحب جماعة من المشايخ. وترجمه أيضاً المنذري في معجمه وغيره. مات في ثالث جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.

(1/172)


أبو الحجاج الأفصري الشيخ العارف يوسف بن عبد الرحيم بن غزي، شيخ الزمان وواحد الأوان، صاحب المعارف والكرامات والمكاشفات والاستغراقات. انتفع به خلق من أصحابه، وكان في أول أمره مشارف الديوان ثم تجرد، وصحب الشيخ عبد الرزاق تلميذ الشيخ أبي مدين، فحصل له من الفتح ما حصل. توفي في رجب سنة اثنتين وأربعين وستمائة بالأقصر من الصعيد الأعلى.
وولده نجم الدين أحمد. مشهور أيضا بالصلاح، له كرامات ومكاشفات. مات ببلده سنة نيف وثمانين وستمائة.
وولد نجم الدين هذا جمال الدين محمد، له أيضاً مكاشفات؛ منها أنه أخبر بفتح عكا يوم وقوعه. توفي في شعبان ست وتسعين وستمائة.
أبو السعود بن أبي العشائر بن شعبان بن الطيب الباذييني. مولده بباذبين بلد يقرب واسط العراق؛ ذكره كذلك المنذري في معجمه، وقال: سمعته يقول: ينبغي للسالك الصادق في سلوكه أن يجعل كتابه قلبه. قال: ومات بالقاهرة يوم الأحد تاسع شوال سنة أربع وأربعين وستمائة، ودفن بسفح المقطم.
أبو بكر وأبو يحيى بن شافع القنائي، شيخ عصره. صحب الشيخ أبا الحسن بن الصباغ، وله كرامات استفاضت وأحوال اشتهرت، ومعارف بهرت، وانتفع به جماعة. مات في شوال سنة سبع وأربعين وستمائة.
مفرج بن موفق بن عبد الله الدماميني أبو الغيث. صاحب المكاشفات الموصوفة، والمعاني المعروفة، صحب أبا الحسن بن الصباغ، قال الحافظ الرشيد العطار: كان من مشاهير الصالحين، وممن ترجى بركاته، واشتهرت كراماته. مات في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وستمائة، وقد قارب التسعين.
إسماعيل بن إبراهيم بن جعفر المنفلوطي ثم القنائي الشيخ علم الدين. أحد أصحاب أبي الحسن بن الصباغ. كان ممن جمع الشريعة والحقيقة، فقيها مالكيا. له كرامات ومكاشفات ومعارف صوفية. مات بقنا في صفر سنة اثنتين وخمسين وستمائة.
رفاعة بن أحمد بن رفاعه القنائي الجذامي. من أصحاب أبي الحسن ابن الصباغ. أحمد المشهورين بالصلاح والكرامات والمقامات، حكى الشيخ عبد الغفار ابن نوح أن الشيخ أبا الحسن بن الصباغ تحدث مع والي قوص أن يعزل والي قنا، فامتنع، وكان رفاعة حاضرا، فقال رفاعة: يا سيدي، أقول؟ قال: لا، فلما خرج سأله الفقراء، ما الذي كنت تريد تقول؟ فقال: إن الوالي لما رد على الشيخ عزل في ساعته. فأرخوا ذلك في الوقت، فجاء المرسوم بعزله في ذلك التاريخ.
إبراهيم بن علي بن عبد الغفار بن أبي القاسم بن محمد بن فضل بن أبي الدنيا الأندلسي ثم القنائي. قال الأدفوي في الطالع السعيد: كان من المشهورين بالكرامات، وذكروا أن الشيخ عبد الرحيم كان يذكره، ويقول: يأتي بعدي رجل من الغرب يكون له شأن، فقدم هذا. مات بقنا يوم الجمعة مستهل صفر سنة ست وخمسين وستمائة.
الشيخ أبو الحسن الشاذلي شيخ الطائفة الشاذلية. هو الشريف تقي الدين علي بن عبد الله بن عبد الجبار. قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: ما رأيت أعرف بالله من الشاذلي. وقال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله: منشؤه بالغرب الأقصى، ومبدأ ظهوره بشاذلة، وله السياحات الكثيرة، والمنازلات الجليلة، والعلوم الكثيرة، لم يدخل في طريق الله حتى كان يعد للمناظرة في العلوم الظاهرة، وعلوم جمة، جاء في هذا الطريق بالعجب العجاب، وشرح من علم الحقيقة الأطناب، ووسع للسالكين الركاب. وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يحضر مجلسه، ويسمع كلامه. قال الشيخ تاج الدين: أخبرني والدي قال: دخلت على الشيخ أبي الحسن الشاذلي، فسمعته يقول: والله لقد يسألونني عن المسألة لا يكون لها عندي جواب، فأرى الجواب مسطرا في الدواة والحصير والحائط. مات في ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة بصحراء عيذاب متوجها إلى مكة.
أبو القاسم بن منصور بن يحيى المالكي الإسكندري المعروف بالقباري. أحد العباد المشهورين بكثرة الورع والتحري والانقطاع، أفرد ناصر الدين بن المنير ترجمته بتأليف. مات بظاهر الإسكندرية في سادس شعبان سنة اثنتين وستين وستمائة عن خمس وسبعين سنة. ومن غريب ما حكي عنه أنه باع دابة لرجل، فأقامت أياما تأكل عنده شيئا فجاء إليه وأخبره، فقال له الشيخ: ما صنعتك؟ قال: رقاص عند الوالي، فقال: إن دابتنا لا تأكل الحرام، ثم رد إليه دراهمه.

(1/173)


أبو الحسن بن قفل. ذكره ابن فضل الله في المسالك في صوفية مصر وقال: من كلامه: إن شئت أن تصير من الأبدال، فحول خلقك إلى بعض خلق الأطفال، ففيهم خمس خصال لو كانت في الكبار لكانوا أبدالا: لا يهتمون ولا يشكون من خالقهم إذا مرضوا، ويأكلون الطعام مجتمعين، وإذا تخاصموا وتسارعوا إلى الصلح، وإذا خافوا جرت عيونهم بالدموع.
الجنيد بن مقلد السمهودي. من المشهورين بالصلاح والكرامات. مات ببلده سنة اثنتين وسبعين وستمائة، ذكره في الطالع السعيد.
الشاطبي الزاهد نزيل الإسكندرية أبو عبد الله محمد بن سليمان المعافري. كان أحد المشهورين بالعبادة والتأله. مات سنة اثنتين وسبعين وستمائة عن بضع وثمانين سنة.
أبو العباس الملثم أحمد بن محمد. كان مقيما بالصعيد، وله كرامات وعجائب. صحب الشيخ عبد الغفار. مات بقوص في رجب سنة اثنتين وسبعين وستمائة.
مسلم البرقي صاحب الرباط بالقرافة. كان صالحا متعبدا يقصد للتبرك بدعائه. مات سنة ثلاث وسبعين وستمائة. ذكره ابن كثير.
خضر بن أبي بكر المهراني. له حال وكشف، وكان الظاهر بيبرس يخضع له، ثم تغير عليه، فاراد قتله في سنة إحدى وسبعين، فقال له: إنما بيني وبينك في الموت شيء يسير، فوجم لها السلطان وتركه، فأقام إلى أن مات في سادس المحرم سنة ست وسعمائة، ومات الظاهر بعده باثنين وعشرين يوما.
سيدي أحمد البدوي، هو أبو الفتيان أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر القدسي الأصل الملثم. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة مع أبيه وأهله، وأقام بمكة إلى أن مات أبوه سنة سبع وعشرين، وعرف بالبدوي لملازمته اللثام. ولبس لثامين لا يفارقهما، وعرض على التزويج فأبى، لإقباله على العبادة. وكان حفظ القرآن، وقرأ شيئا من الفقه على مذهب الشافعي، واشتهر بالعطاب لكثرة ما يقع بمن يؤذيه من الناس، ثم لازم الصمت حتى كان لا يتكلم إلا بالإشارة، واعتزل الناس جملة، وظهر عليه الوله. فلما كان في المحرم سنة ثلاث وثلاثين، ذكر أنه رأى في النوم من بشره بأنه ستكون له حالة حسنة. ثم إن أخاه حسن بن علي دخل العراق، وعهو صحبته، ولازم أحمد الصيام، وأدمن عليه حتى كان يطوي أربعين يوما لا يتناول طعاما ولا شرابا، ولا ينام وهو في أكثر حاله، شاخص البصر إلى السماء وعيناه كالجمرتين، ثم صار إلى مصر سنة أربع وثلاثين، فأقام بطندتا من الغربية على سطح دار لا يفارقه، وإذا عرض له الحال يصيح صياحا متصلا. وكان طوالا غليظ الساقين، عبل الذراعين، كبير الوجه، ولونه بين البياض والسمرة، وتؤثر عنه كرامات وخوارق، من أشهرها قصة المرأة التي أسر الفرنج ولدها، فلاذت به، فأحضره إليها في قيوده، ومر به رجل يحمل قربة لبن فأومأ إليها باصبعه، فانقدت فانسكب اللبن، فخرجت منه حية قد انتفخت. توفي يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وستمائة.
ابن النعمان القدوة الزاهد أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان التلمساني ثم المرسي. قد الإسكندرية شابا، فسمع بها من الصفراي، وكان عارفا بمذهب مالك، راسخ القدم في العبادة والنسك، ولد سنة سبع وستمائة، ومات في رمضان سنة ثلاث وثمانين ودفن بالقرافة ذكره في العبر.
شرف الدين محمد بن الحسن بن إسماعيل الإخميمي الزاهد. قال في العبر: كان صاحب توجه وتعبد، وللناس فيه عقيدة عظيمة. مات بدمشق في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وسبعمائة.
الشيخ أبو العباس المرسي. أحمد بن عمر الأنصاري العارف الشهير. قكب زمانه ورأس أصحاب الشيخ أبي الحسن الشاذلي، ذكر الشيخ تاج الدين بن عطاء الله عنه أنه قال يوما: والله حجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي مع المسلمين. مات بالإسكندرية سنة ست وثمانين وستمائة.
الجعبري أبو إسحاق إبراهيم بن معضاد الزاهد الواعظ المذكر. قال في العبر: روى عن السخاوي، وسكن القاهرة وكان لكلامه وقع في القلوب لصدقه وإخلاصه وصدعه بالحق. مات في المحرم سنة سبع وثمانين وستمائة عن سبع وثمانين سنة وشهر.
ولد ناصر الدين محمد. كان صالحا معتقدا يعظ الناس مكان والده ولوعظه رونق. مات سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.
الإمام أبو محمد بن أبي جمرة المقرئ المالكي العالم البارع الناسك. قال ابن كثير: كان قوالا أمارا بالمعروف. مات بمصر في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وستمائة.

(1/174)


الشيخ كمال الدين بن عبد الظاهر علي بن جعفر الهاشمي الجعفري القوصي. صاحب المناقب المأثورة والكرامات المشهورة ولد بقوص، وتفقه بالمجد بن دقيق العيد، وأجازه بالتدريس ثم تصوف وانقطع للذكر والعبادة، وصحب الشيخ إبراهيم الجعبري بالقاهرة، ثم استوطن وانتصب لتذكير الناس، وانتفع كثيرون. مات بها في رجب سنة إحدى وسبعمائة.
وله ولد يقال له أبو العباس، نحوه في العلم والعمل والاجتهاد وتذكير الناس. انتفع به الخلق الكثير. ومات بإخميم في رجب سنة سبع وخمسين وسبعمائة.
عبد الغفار بن أحمد بن عبد المجيد الأقصري ثم القوصي المعروف بابن نوح. صحب أبا العباس الملثم وعبد العزيز المنوفي، وتجرد زمانا وتعبد، وله أحوال وكرامات. ألف الوحيد في علم التوحيد، وله شعر حسن. مات بالقاهرة في ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة وله ثلاث وستون سنة.
الشيخ تاج الدين بن عطاء الله أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الكريم الجذامي الإسكندراني الإمام المتكلم على طريقة الشاذلي. كان جامعا لأنواع العلوم من تفسير وحديث ونحو وأصول وفقه على مذهب مالك وصحب في التصوف، الشيخ أبا العباس المرسي - وكان أعجوبة زمانه فيه - أخذ عنه التقي السبكي. وله تصانيف منها التنوير في إسقاط التدبير، والحكم ولطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس والشيخ أبي الحسن، والمرقى إلى القدس الأبقى، ومختصر تهذيب المدونة للبرادعي في الفقه. مات بالمدرسة المنصورية من القاهرة في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة تسع وسبعمائة ودفن بالقرافة.
عمر بن أبي الفتوح الدماميني. صاحب كرامات ومكاشفات. مات بالقاهرة في ذي القعدة سنة أربع عشرة وسبعمائة، ومولده سنة سبع وأربعين وستمائة. ذكره في الطالع السعيد.
نصر بن سلمان بن عمر المنجي أبو الفتح. القدوة العابد شيخ مصر. حدث عن إبراهيم بن خليل، وتلا على الكمال الضرير، وتفقه على مذهب أبي حنيفة، ثم اعتزل وزاره السلطان والأعيان والعلماء. مات بزاويته، بالحسينية في جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وسبعمائة عن بضع وثمانين سنة.
ياقوت بن عبد الله الحبشي القرشي العارف، تلميذ الشيخ أبي العباس المرسي تسبك عليه، قال ابن أيبك: كان شيخا صالحا مباركا ذا هيبة ووقار. أخذ الطريق عن الشيخ أبي العباس المرسي وصحبه مدة وسمع من كلامه، وكان يقصد للدعاء والتبرك، ولم يخلف بناحيته بعده مثله. مات بالإسكندرية ليلة الثامن عشر من جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وهو من أبناء الثمانين.
عبد العال خليفة سيدي البدوي. كان له شهرة بالصلاح، يقصد للزيارة والتبرك. مات بطندتا في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة.
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إبراهيم المرشدي. من أهل منية مرشد من الوجه البحري، ذكره ابن فضل الله في صوفية مصر، وقال: إنه كان مع اشتهاره بالصلاح فقيها على مذهب الشافعي، يفتي من استفتاه من غير أن يكتب خطه. مات في شعبان سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.

(1/175)


عبد الله بن محمد بن سليمان المنوفي. قال ابن فضل الله: جمع بين العلم والعمل والصلاح تفقه على مذهب مالك، واعتزل، وانقطع بالمدرسة الصالحية مقتصرا على خويصة نفسه، لا يكاد يخرج إلا إلى الصلاة، وله كرامات ظاهرة حكى الأمير الجائي الدوادار قال: وقع في نفسي إشكال في مسألة، وكان لي صاحب من الفقهاء الحنفيه أتردد إليه، فركبت إليه لأسأله على تلك المسألة فلم أجده، فأتيت الشيخ عبد الله المنوفي فلما جلست قال لي: كأنك مشتغل بشيء من الفقه! فقلت: نعم، قال: فما قولك في كذا وكذا؟ لتلك المسألة بعينها، فقلت، منكم تستفاد، فأخذ يتكلم في تلك المسألة وما عليها من الإيرادات - وذكر الإشكال الذي وقع في نفسي - ثم شرع يجيب عنه حتى انجلى، فسألته عن شيء آخر، قال: لا، قم مع السلامة، والقصد قد حصل. ولد سنة ست وثمانين وستمائة، وتوفي في رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة، رأيت بخط الشيخ كمال الدين الشمني قال: سمعت شيخنا الحافظ أبا الفضل العراقي يقول: لم أر قط جنازة الشيخ عبد الله المنوفي، وذلك أنه صادف اليوم الذي خرج فيه أهل مصر ليدعوا ربهم لما كثر الفناء. قال العراقي: وكان الناس إنما خرجوا في الحقيقة لأجل جنازة الشيخ. قال: ثم رأيت بعد ذلك في مناقب الشيخ التي جمعها تلميذه الشيخ خليل، قال: لما حصل الفناء، وأراد الناس أن يخرجوا ليدعوا ربهم جئت إلى الشيخ، وطلبت منه الحضور مع الناس، فقال لي: نعم، أنا أكون معهم في ذلك اليوم؛ ولكن لا أظهر؛ فكان ذلك يوم موته، ففهمت أنه أشار إلى خفائه عنهم بالكفن.
مسلم السلمي. كان مقيما بجامع الفيلة، وكان صالحا عابدا، له كرامات. رئي سبعا فصار عنده كالهر يدور في البيوت، فلما مات الشيخ أخذه السباعون، فتوحش عندهم في الغابة وعجزوا عنه. مات سنة أربع وستين وسبعمائة.
سيدي يوسف العجمي العارف المسلك جمال الدين أبو المحاسن عبد الله بن عمر بن علي بن خضر الكوراني. إمام المسلكين في عصره، وله رسالة في التصوف. مات سنة ثمان وستين وسبعمائة، وقبره مشهور بالقرافة.
يحيى بن علي ين يحيى الصنافيريس المجذوب. صاحب كرامات ومكاشفات وأحوال خارقة، وكان الغالب عليه السكرة. مات في شعبان سنة اثنتين وسبعمائة.
صالح بن نجم المصري. كان على قدم عظيم من العبادة والزهد والورع، وللناس فيه اعتقاد كبير بمنية السيرج في رمضان سنة ثمان وسبعمائة.
نهار المغربي السكندري المجذوب. صاحب كرامات وأحوال. مات في جمادى الأولى سنة ثمانين وسبعمائة.
الشيخ عبد الله الجيرتي الزيلعي. أحد الصلحاء المعتقدين. مات في المحرم سنة ثمانين وسبعمائة، وقبره مشهور بالقرافة.
حسن بن عبد الله الفرات. أحد المشايخ المعتقدين. قال الحافظ بن حجر: كان أبي يعتقده. قال: وذكر لي شمس الدين الأسيوطي أنه غضب عليه، فرمى بسهم في الهواء، فقال: أصابه، فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات. مات الشيخ حسن في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وسبعمائة.
إسماعيل بن يوسف الإنبابي. صاحب الزاوية بإنبابة. نشأ إلى طريقة حسنة، واشتغل بالعلم، ثم انقطع بزاويته. مات في شعبان سنة تسعين وسبعمائة.
حسن بن عبد الله الحبار. صحب ياقوت العرشي، وتزوج بابنته، وجلس للوعظ، وانتفع به الناس. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.
ابن المليق قاضي القضاة ناصر الدين أبو المعالي محمد بن عبد الدائم بن محمد بن سلامة المصري الشاذلي. ولد سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، واشتغل وحصل، وتصوف وتزهد، وتكلم على الناس دهرا، ثم ولي قضاء الشافعية فباشره بعفة ونزاهة. مات سنة سبع وتسعين وسبعمائة.
الزهوري أحمد بن أحمد بن عبد الله العجمي نزيل القاهرة. كان صاحب مكاشفات، وللناس فيه اعتقاد كثير، وكان برقوق يجله ويجلسه معه في مجلسه العام على المقعد الذي هو عليه، وكان يسب برقوقا بحضرة الأمراء، ورما بصق في وجهه ولا يتأثر. مات سنة إحدى وثمانمائة.
خلف بن حسين بن عبد الله الطوخي. أحمد المعتقدين بمصر. كان كثير الثلاوة، ملازما لداره والخلق يهرعون إليه، وشفاعاته مقبولة عند السلطان فمن دونه.
مات في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانمائة.
صلاح الدين محمد الكلائي. أحد المذكرين على طريقة الشاذلية. صحب حسن الحبار، وخلفه في مكانه، فصار يذكر الناس. مات في ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة.

(1/176)


إبراهيم بن عبد الله الرفا. كان مقيما بزاوية في مصر، وللناس فيه اعتقاد كبير، وله كرامات. مات في جمادى الأولى سنة أربع وثمانمائة.
محمد بن عبد الله الخواص. أحد من كان يعتقد بمصر. مات بالروضة في جمادى الآخرة سنة خمس وثمانمائة.
محمود بن عبد الله الصامت. كان لا يتكلم البتة. أقام بالجزيرة مدة طويلة، وللناس فيه اعتقاد كبير. مات في ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة.
محمد بن حسن بن الشيخ مسلم السلمي. أحد مشايخ المعتقدين بمصر. مات في ربيع الأول سنة ست وثمانمائة.
سيدي علي بن وفا الشاذلي العارف الكبير أبو الحسن بن العارف الكبير سيدي محمد بن محمد. ولد بالقاهرة سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وكان يقظا حاد الذهن، مالكي المذهب، وله نظم كثير، وكان أبوه معجبا به، وأذن له في الكلام على الناس وهو دون العشرين. مات في ذي الحجة سنة سبع وثمانمائة.
ابن زقاعة برهان الدين إبراهيم بن محمد بن بهادر الغزي. ولد سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وأخذ القراءة من الحكري، والفقه عن ناصر الدين القونوي، والتصوف عن الشيخ عمر حفيد عبد القادر، وسمع الحديث من نور الدين الفوي، واشتغل بالآداب، وقال الشعر، ثم ساح في الأرض، وتجرد وتزهد، وعظم قدره، وشاع ذكره. مات في ذي الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة.
شمس الدين البلالي بن علي بن جعفر العجلوني. نزيل القاهرة. ولد قبل الخمسين وسبعمائة، واشتغل بالعلم قليلا، وسلك طريق الصوفية، فمهر، وصارت له بإحياء علوم الدين ملكة، واختصره اختصارا حسنا، وولي مشيخة سعيد السعداء، وكان خيرا معتقدا. مات في شوال سنة اثنتي عشرة وثمانمائة.
يوسف بن إسماعيل بن يوسف الإنبابي. ولد سنة ست...، وأخذ عن العراقي وابن جماعة، وكان أبوه ممن يعتقد في ناحيته، ثم صار ابنه كذلك، مع ملازمة الاشتغال والإشغال والخشوع والتعبد. مات في شوال سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.
ابن عرب أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد اليماني الزاهد بالشيخونية. نشأ نشأة حسنة، واشتغل ونسخ بالأجرة ثم انقطع عن الناس، فلم يكن يجتمع بأحد، واختار العزلة مع مواظبته على الجمعة والجماعة، واقتصر على ملبس خشن جدا، وقنع بيسير من القوت، وأقام على هذه الطريقة أكثر من ثلاثين سنة، ولم يكن في عصره ما داناه في طريقته، وكان يدري القراءات. مات في ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.
أبو بكر بن عبد الله بن أيوب بن أحمد الملوي الشاذلي الشيخ زين الدين. كان جده أيوب معتقدا، وولد هذا سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وصحب القراء، وتلمذ للشيخ حسن الحبار، ثم لازم صاحبه صلاح الدين الكلاعي، وصار يتكلم على الناس، وكان كثير الذكر والعبادة، يتكسب بدلالة الغزل، وللناس فيه اعتقاد كبير. مات ليلة الجمعة خامس ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة.
الشيخ شمس الدين الحنفي محمد بن حسن بن علي الشاذلي. ولد سنة خمس وسبعين وسبعمائة، وأخذ . . . ابن هشام وغيره، وأخذ طريق القوم عن الشيخ ناصر الدين بن المليق، وحضر إملاء الشيخ زين الدين العراقي، وسمع على غالب سيرة ابن سيد الناس، واشتهر اسمه، وشاع ذكره. مات في ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وثمانمائة.
الشيخ أبو العباس الحنفي أحمد بن محمد عبد الغني المرسي صاحب الشيخ شمس الدين الحنفي. وكان يقال إنه أعظم منه، وكان الشيخ كمال الدين بن الهمام يتردد إليه، وأتى إليه يوما ومعه تأليف التحرير في أصول الفقه، فنظره الشيخ أبو العباس، فقال: هو كتاب مليح، إلا أنه لا ينتفع به أحد، فكان الأمر كما قال. مات الشيخ أبو العباس في جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وثمانمائة.

(1/177)


أحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن خالد الشيخ شهاب الدين الأبشيطي العلامة الصالح الزاهد الولي الكبير، والإمام الشهير. رجل يستسقي به الغيث. ويهابه لفرط صلاحه الليث، معرض عن الدنيا، حال بالمرتبة العليا، بعيد عن الخلق، قريب من الحق، مواظب على الصلاة والصيام، قائم بخدمة مولاه والناس نيام، هذا مع تفنن وعلوم كثيرة، وتصانيف ما بين منظومة ومنثورة، ازدان به هذا الزمان، وانتفع بإقرائه الإنس والجان، اتخذ طيبة المشرفة دارا، وفاز بجوار سيد المرسلين وما أكرمه جارا، إلى أن جاءه الرسول من ربه بالبشرى، والارتحال من دار الدنيا إلى الدار الأخرى. كان مولده بأبشيط، وأخذ عن البرهان البيجوري والشمس البرماوي، وجماعة، ونبغ في العلوم. وألف تصانيف نظماً ونثراً، ثم تزهد وانقطع، وسافر إلى المدينة فأقام بها إلى أن نات سنة ثمان وثمانين وثمانمائة. اجتمعت به لما حججت، فسألته أن يحدثني بشيء لأكتبه عنه في المعجم، فامتنع، فقلت له: لم يا سيدي، وهذا خير؟ فقال: قال الشافعي رضي الله عنه:
فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها
فعلمت أنه يشير إلى أن ذلك من أمور الدنيا.
ذكر من كان بمصر من أئمة النحو واللغة
عبد الملك بن هشام بن أيوب المعافري أبو محمد. صاحب السيرة، هذب سيرة ابن إسحاق فصارت تنسب إليه. كان إماماً في اللغة والنحو والعربية، أديباً أخباراً نسابة. قال الذهبي: سكن مصر ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين.
وقال ابن كثير: كان مقيماً بديار مصر وقد اجتمع به الشافعي حين وردها، وتناشدا من أشعار العرب أشياء كثيرة. مات لثلاث خلت من ربيع الآخر.
محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر. قال ابن يونس في تاريخ مصر: كان نحوياً يعلم أولاد الملوك النحو، حدث عن القاضي بكار، وأم بالجامع العتيق بمصر. مات يوم السبت لأربع وعشرين خلت من ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاثمائة.
ابن ولاد أبو العباس أحمد بن محمد بن الوليد التميمي المصري. مصنف كتاب الانتصار لسيبويه على المبرد. قال في العبر: كان شيخ الديار المصرية في العربية مع أبي جعفر النحاس. توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
أبو جعفر النحاس أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي المصري النحوي. قال في العبر: كان ينظر بابن الأنباري ونفطويه ببلده، له تصانيف كثيرة. مات في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وقد أخذ عن الأخفش الصغير وغيره، وروى الحديث عن النسائي. ومن تصانيفه: تفسير القرآن، والناسخ والمنسوخ، وشرح أبيات سيبويه، وشرح المعلقات. غرق تحت المقياس ولم يد أين يذهب.
ابن الجبي محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندي المصري. أحد أئمة النحو كان يلقب سيبويه، لاعتنائه بذلك. مات في صفر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، ومولده سنة أربعين وثمانين ومائتين.
أبو بكر الأدفوي. مر في القراء.
الحوفي صاحب إعراب القرآن الإمام أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد. كان إماماً في العربية والنحو والأدب، وله تصانيف كثيرة، وهو من قرية يقال لها شبرا من أعمال الشرقية. قال في العبر: أخذ عن الأدفوي، وانتفع به أهل مصر. مات مسهل ذي الحجة سنة ثلاثين وأربعمائة.
ابن بابشاذ أبو الحسن طاهر بن أحمد المصري الجوهري صاحب التصانيف، دخل بغداد تاجراً في الجوهر، وأخذ عن علمائها، وخدم بمصر في ديوان الإنشاء ثم تزهد بأخرة. ومن تصانيفه: المقدمة وشرحها، وشرح الجمل، وتعليقة في النحو نحو خمسة عشر مجلداً. سقط من سطح جامع عمرو بن العاص، فمات في ساعته في رجب سنة تسع وستين وأربعمائة.
محمد بن إسحاق بن أسباط الكندي أبو النضر المصري. أخذ عن الزجاج، وكان شيخ أهل الأدب. صنف في النحو المغنى وغيره.
محمد بن بركات بن هلال أبو عبد الله السعيدي المصري النحوي اللغوي. سمع من كريمة والقضاعي وعبد العزيز بن الصراب. مات في ربيع الآخر سنة عشرين وخمسمائة، وله مائة سنة وثلاثة أشهر.
ابن القطاع أبو القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي الصقلي، ثم المصري اللغوي، مصنف كتاب الأفعال. قدم مصر في حدود سنة خمسمائة. فأكرمه أهلها، وأقام بها إلى أن مات سنة خمس عشرة وخمسمائة، وقد جاوز الثمانين.

(1/178)


عبد الله بن بري بن عبد الجبار أبو محمد المصري النحوي اللغوي. صاحب التصانيف. قال في العبر: روى عن أبي صادق المديني، وطائفة، وانتهى إليه علم العربية واللغة في زمانه، وقصد من البلاد لتحققه. وقال غيره: له حواش على صحاح الجوهري: ولد بمصر في رجب سنة تسع وتسعين وأربعمائة، ومات بها يوم الأحد تاسع عشر شوال سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
يحيى بن معط بن عبد النور زين الدين الزواوي. كان إماماً مبرزاً في العربية، شاعراً محسناً، قرأ على الجزولي، وتصدر بجامع عمرو لإقراء النحو، وحمل الناس عنه. وصنف الألفية المشهور والفصول. ولد سنة أربع وستين وخمسمائة، ومات سنة ثمان وعشرين وستمائة.
أمين الدين المحلي محمد بن علي بن موسى الأنصاري. أحد أئمة النحو بالقاهرة. تصدر لإقرائه، وانتفع به الناس. وله تصانيف حسنة، مات في ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وستمائة.
حافي رأسه محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن محيي الدين الإسكندراني. ولد بتاهرت بظاهر تلمسان سنة ست وستمائة، وكان من أئمة العربية تصدر لإقرائها أزماناً. قال أبو حيان: كان شيخ أهل الإسكندرية في النحو. تخرج به أهلها. مات في رمضان سنة ثلاث وتسعين وستمائة.
الرضي الشاطبي محمد بن علي بن يونس. ولد ببلنسية سنة إحدى وستمائة، وكان إمام عصره في اللغة. تصدر بالقاهرة، وأخذ عنه الناس، روى عنه أبو حيان وغيره. مات سنة أربع وثمانين وستمائة.
صاحب لسان العرب، محمد بن مكرم الإفريقي المصري جمال الدين أبو الفضل. ولد سنة ثلاثين وستمائة ومات في شعبان سنة إحدى عشرة وسبعمائة.
أبو حيان الإمام أثير الدين محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي الغرناطي. نحوي عصره ولغويه ومقرئه. ولد في شوال سنة أربع وخمسين وستمائة، وأخذ عن أبي الحسن الأبذي وابن الصائغ وخلق. وأخذ بمصر عن البهاء بن النحاس، وتقدم في النحو في حياة شيوخه، واشتهر اسمه، وطار صيته، وألف الكتب المشهورة، وأخذ عنه أكابر عصره وتقدموا في حياته. مات في صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
ورثاه الصلاح الصفدي بقوله:
مات لأثير الدين شيخ الورى ... فاستعر البارق واستعبرا
ورق من حسنٍ نسيم الصبا ... واعتل في الأسحار لما سرى
وصادحات الأيك في نوحها ... رثته في السجع على حرف را
يا عين جودي بالدموع التي ... يروى بها ما ضمه من ثرى
وأجري دماً فالخطب في شأنه ... قد اقتضى أكثر مما جرى
مات إمام كان في علمه ... يرى إماماً والورى من ورا
أمسى منادي للبلا مفردا ... فضمه القبر على ما ترى
يا أسفا كان هدى ظاهراً ... فعاد في تربته مضمرا
وكان جمع الفضل في عصره ... صح فلما أن قضى كسرا
وعرف الفضل به برهة ... والآن لما أن مضى نكرا
وكان ممنوعاً من الصرف لا ... يطرق من وافاه خطب عرا
لا أفعل التفضيل ما بينه ... وبين من أعرفه في الورى
لا بدل عن نعته بالتقي ... ففعله كان له مصدرا
لم يدغم في اللحد إلا وقد ... فك من الصبر وثيق العرا
بكى له زيد وعمرو فمن ... أمثلة النحو وممن قرا
ما عقل التسهيل من بعده ... فكم له من عمره يسرا
وجسر الناس على خوضه ... إذ كان في النحو قد استبحرا
من بعده قد حال تمييزه ... وحظه قد رجع القهقري
شارك من ساواه في فنه ... وكم له فن به استأثرا
دأب بني الآداب أن يغسلوا ... بدمعهم فيه بقايا الكرى
والنحو قد سار الردى نحوه ... والصرف للتصريف قد غيرا
واللغة الفصحى غدت بعده ... يلغي الذي في ضبطها قررا
تفسيره البحر المحيط الذي ... يهدي إلى وارده الجوهرا
فوائد من فضله جمة ... عليه فيها نعقد الخنصرا
وكان ثبتاً نقله حجة ... مثل ضياء الصبح إذ أسفرا
ورحلة في سنة المصطفى ... أصدق من تسمع إن خبرا
له الأسانيد التي قد علت ... فاستسفلت عنها سوامي الذرا
ساوى بها الأحفاد أجدادهم ... فاعجب لماض فاته من طرا
وشاعرا في نظمه مغلقا ... كم حرر اللفظ وكم حبرا
له معان كلما خطها ... تستر ما يرقم في تسترا

(1/179)


أفديه من ماض لأمر الردى ... مستقبلا من ربه بالقرى
ما بات في أبيض أكفانه ... إلا وأضحى سندساً أخضرا
تصافح الحور له راحةً ... كم تعبت في كل ما سطرا
إن مات فالذكر له خالد ... يحيا به من قبل أن ينشرا
جاد ثرى واراه غيث إذا ... مساه بالسقيا له بكرا
وخصه من ربه رحمة ... تورده في حشره الكوثرا
ابن أم القاسم المرادي بدر الدين حسن بن قاسم بن عبد الله بن علي. ولد بمصر، وأخذ عن أبي حيان وغيره، وأتقن العربية والقراءات، وألف كتباً، منها شرح التسهيل، وشرح الألفية، وشرح المفصل والجني الداني في حروف المعاني. مات يوم عيد الفطر سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
ابن هشام جمال الدين عبد الله بن يوسف بن عبد الله المصري الإمام المشهور. ولد في ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة، ولازم الشهاب عبد اللطيف بن المرحل، وتلا على ابن السراج، وأتقن العربية، ففاق الأقران بل الشيوخ، وتخرج به خلق، وانفرد بالفوائد الغريبة، والمباحث الدقيقة، والاستدراكات العجيبة، والتحقيق البالغ، والاطلاع المفرط والاقتدار على التصرف في الكلام. قال ابن خلدون: ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه. مات في ذي القعدة سنة إحدى وستين وسبعمائة.
السمين صاحب الإعراب اتلمشهور شهاب الدين أحمد بن يوسف بن عبد الله الدائم الحلبي نزيل القاهرة. قال الحافظ ابن حجر: تعاني النحو، فمهر فيه، ولازم أبا حيان إلى أن فاق أقرانه، وأخذ القراءات عن التقي الصائغ، ومهر فيها، وولي تدريس القراءات بجامع ابن طولون، والإعادة بالشافعي وناب في الحكم، وله تفسير القرآن والإعراب وشرح التسهيل وشرح الشاطبية. مات في جمادى الأولى سنة ست وخمسين وسبعمائة.
ابن عقيل قاضي القضاة بهاء الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل العقبلي من ولد عقيل بن أبي طالب. ولد في المحرم سنة ثمان وتسعين وستمائة، وأخذ القراءات عنه التقي الصائغ، والفقه عن الزين الكتناني، ولازم العلاء القونوي والجلال القزويني وأبا حيان، وتفنن في العلوم، وولي قضاء الديار المصرية وتدريس الخشابية، والتفسير بالجامع الطولوني. وله تصانيف، منها المساعد في شرح التسهيل، وشرح الألفية. مات في ربيع الأول سنة تسع وستين وسبعمائة.
ناظر الجيش محب الدين محمد بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم الحلبي. ولد سنة سبع وتسعين وستمائة، واشتغل ببلاده، ثم قدم القاهرة، ولازم أبا حيان والجلال القزويني والتاج التبريزي، وتلا على التقي الصائغ، ومهر في العربية وغيرها، وله شرح التسهيل وشرح التلخيص، وولي نظر الجيش، ودرس التفسير بالمنصورية. مات في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة.
برهان الدين إبراهيم بن عبد الله الحكري المصري. كان عارفاً بالعربية شرح الألفية. مات في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعمائة.
محب الدين محمد بن الشيخ جمال الدين بن هشام. ولد سنة خمس وسبعمائة وكان أوحد عصره في تحقيق النحو. مات سنة تسع وتسعين وسبعمائة.
الغماري شمس الدين محمد بن محمد بن علي بن عبد الرزاق. أخذ عن أبي حيان، وغيره، وسمع من اليافعي والشيخ خليل المالكي، وحدث. وكان عارفاً باللغة والعربية بارعاً فيهما، كثير المحفوظ للشعر، قال بعضهم: تفرد على رأس الثمانمائة خمسة بخمسة: البلقيني بالفقه، والعراقي بالحديث، والغماري بالنحو، وصاحب القاموس باللغة، وابن الملقن بكثرة التصانيف.
ولد الغماري في ذي القعدة سنة عشرين وسبعمائة، ومات في شعبان سنة اثنتين وثمانمائة.
شمس الدين الأسيوطي محمد بن الحسن. كان عالماً بالعربية ماهراً فيها انتفع به خلق. مات سنة سبع وثمانمائة.
شمس الدين محمد بن إبراهيم. وقيل ابن أبي بكر. الشطنوفي. ولد بعد الخمسين وسبعمائة، ومهر في العربية، وتصدر بالجامع الطولوني في القراءات وبالشيخونية في الحديث، وانتفع به خلق، منهم شيخنا الشمني. مات في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة.

(1/180)


ابن الدماميني بدر الدين محمد بن أبي بكر بن عمر الإسكندراني. ولد بالإسكندرية سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وتعاني الآداب ففاق في النحو والنظم والنثر، وشارك في الفقه وغيره، ومهر واشتهر ذكره، وتصدر بالجامع الأزهر لإقراء النحو، وصنف حاشية على مغني اللبيب وشرح التسهيل وشرح البخاري وشرح الخزرجية. مات بالهند في شعبان سنة سبع وعشرين وثمانمائة.
ذكر من كان بمصر من أرباب المعقولات
وعلوم الأوائل والحكماء والأطباء والمنجمين
بليطان. طبيب نصراني. كان بديار مصر. ذكره ابن فضل الله في المسالك. مات سنة ست وثمانين ومائة.
سعيد بن ترفيل. طبيب نصراني، كان في خدمة أحمد بن طولون. ذكره ابن فضل الله في حكماء مصر.
سعيد بن البطريق. نصراني مشهور بالطب. له مؤلفات. مات في رجب سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
محمد بن أحمد بن سعيد التميمي أبو عبد الله. من أطباء مصر. له مؤلفات، كان في خدمة العزيز بن المعز. مات في حدود سنة سبعين وثلاثمائة.
أبو الحسن علي بن الإمام الحافظ أبي سعيد بن يونس صاحب تاريخ مصر. قال ابن كثير: كان منجماً شديد الاعتناء بعلم الرصد، له زيج مفيد يرجع إليه أصحاب أهل الفن، كما يرجع المحدثون إلى أقوال أبيه وتواريخه، ويسمى الزيج الحاكمي. وله شعر جيد، وكان مغفلاً. مات سنة تسع وتسعين وثلثمائة.
أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني الأندلسي. قال في العبر: كان ماهراً في علوم الأوائل، رأساً في معرفة الهيئة والنجوم والموسيقى والطبيعي والرياضي والإلهي، كثير التصانيف بديع النظم. مات سنة ثمان وعشرين وخمسمائة عن ثمان وستين سنة.
الرشيد بن الزبير الأسواني أبو الحسن أحمد بن أبي الحسن علي بن إبراهيم. قال العماد في الخريدة: كان ذا علم غزير، وفضل كثير، عالماً بالهندسة والمنطق وعلوم الأوائل، شاعراً، تولى نظر الإسكندرية ثم قتل بها في المحرم سنة ثلاث وستين وخمسمائة.
المبشر بن فاتك الأموي أبو الوفا. قال ابن أبي أصيبعة: من أعيان أمراء مصر وأفاضل علمائها إمام في الهيئة والعلوم الرياضية والطب، وله تصانيف جليلة في المنطق وغيره.
شرف الدين عبد الله بن علي الشيخ السديد، شيخ الطب بالديار المصرية. قال في العبر: أخذ الصناعة عن الموفق بن العين زربي، وخدم العاضد، صاحب مصر، وعمر دهراً. أخذ عنه نفيس الدين بن الزبير. مات سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
الحسين بن منصور أبو علي الحسام الطبيب الإسنائي. قال في الطالع السعيد: اشتهر بصناعة الطب، فكان بها قيماً، وكان أديباً فاضلاً. توفي في أوائل المائة السادسة.
الفخر. الفارسي أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد الشيرازي نزيل مصر. كان فاضلاً بارعاً، له مصنفات في الأصول والكلام. مات بمصر في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وقد نيف على التسعين.
القطب المصري قطب الدين أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد السلمي. أصله من المغرب، ثم انتقل إلى مصر، وأقام بها مدة، ثم سافر إلى العجم، وأخذ عن الإمام فخر الدين، وكان من أشهر تلامذته، عالماً بالمعقولات، وألف كتباً كثيرة في الطب والحكمة، منها شرح كليات القانون قتله التتار بنيسابور لما استولوا عليها وقتلوا أهلها سنة ثماني عشرة وستمائة.
الموفق عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي موفق الدين أبو محمد. كان عالماً بأصول الدين والنحو واللغة والطب والفلسفة والتاريخ، في غاية الذكاء شافعياً محدثاً. ولد ببغداد سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وتفقه، على ابن فضلان، وصنف التصانيف الكثيرة في أنواع من العلوم، منها شرح المقامات والجامع الكبير في المنطق والطبيعي والإلهي عشرة مجلدات. قام بمصر، ومات ببغداد في ثاني عشر المحرم سنة تسع وعشرين وستمائة.
السيف الآمدي أبو الحسن علي بن علي. صاحب التصانيف النافعة منها، الأحكام وغيره. ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة واشتغل بمذهب الحنابلة، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، ومهر في المعقولات حتى لم يكن في زمانه الحنابلة، ثم سكن مصر، وتصدر مدة للإقراء بالجامع الظافري، وانتفع به الناس ثم حسده جماعة ونسبوه إلى فساد العقيدة فخرج إلى الشام فمات بها في ثالث صفر سنة إحدى وثلاثين وستمائة.

(1/181)


أفضل الدين الخونجي محمد بن ناماوار بن عبد الملك الفيلسوف. ولد سنة تسعين وخمسمائة، وبرع في علوم الأوائل حتى صار أوحد وقته فيها، وصنف الموجز في المنطق والجمل، وكشف الأسرار في الطبيعي، وشرح مقالة ابن سينا وغير ذلك. ولي قضاء الديار المصرية بعد عزل الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
قلت: فاعتبروا يا أولي الأبصار، يعزل شيخ الإسلام وإمام الأئمة شرفاً وغرباً ويولي عوضه رجل فلسفي! ما زال الدهر بالعجائب! مات الخونجي في رمضان سنة اثنتين وأربعين وستمائة.
ابن البيطار الطبيب البارع ضياء الدين عبد الله بن أحمد المالقي. أوحد زمانه صاحب كتاب الأودية المفردة. انتهت إليه معرفة تحقيق النبات وصفاته وأماكنه ومنافعه. خدم الملك الكامل، ثم ابنه الصالح. مات بدمشق في شعبان سنة ست وأربعين وستمائة.
قيصر بن أبي القاسم بن عبد الغني بن مسافر. ينعت بالعلم، ويعرف بتعاسيف الأصفوني. كان عالماً بالرياضيات وأنواع الحكمة والموسيقى عارفاً بالقراءات فقيهاً حنفياً، ولد بأصفون من الصعيد سنة أربع وستين وخمسمائة، وتوفي بدمشق في رجب سنة تسع وأربعين وستمائة.
جعفر بن مطهر بن نوفل الأدفوي، نجم الدين. قال في الطالع السعيد: كان عالماً بعلوم الأوائل من الطب والفلسفة، أديباً شاعراً فاضلاً. توفي ببلده في حدود الستين.
ابن النفيس العسلامة علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي. شيخ الطب بالديار المصرية وصاحب التصانيف: الموجزة وشرح القانون وغير ذلك، وأحد من انتهت إليه معرفة الطب؛ مع الذكاء المفرط والذهن الحاذق بالمشاركة في الفقه والأصول والحديث والعربية والمنطق. مات في ذي القعدة سنة سبع وثمانين وستمائة، وقد قارب الثمانين، ولم يخلف بعده مثله.
الأصبهاني شارح المحصول شمس الدين محمد بن محمود. كان إماماً بارعاً في الأصلين والجدل والمنطق. صنف كتاباً في هذه العلوم سماه القواعد، وكان عارفاً بالنحو والشعر، مشاركاً فيما عداها. ولد بأصبهان سنة ست عشرة وستمائة، واشتغل ببغداد، وقدم القاهرة فولاه تاج الدين بن بنت الأعز قضاء قوص، فانتفع به خلق هناك، وعاد فولى تدريس الشافعي ومشهد الحسين. مات بالقاهرة ليلة الثلاثاء والعشرين من رجب سنة ثمان وثمانين وستمائة، ودفن بالقرافة.
الخويي قاضي المقضاة شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن قاضي القضاة شمس الدين، أحمد بن الخليل بن سعادة الشافعي. كان من أعلم أهل زمانه بالفتوى. له تصانيف منها كتاب في عشرين فناً، ونظم علوم الحديث لابن الصلاح، وكفاية المتحفظ وروى عن ابن أحمد اللتي وابن المقير. ولي قضاء الديار المصرية وقضاء الشام، ومات بها في رمضان سنة ثلاث وتسعين وستمائة عن سبع وستين سنة.
التقي شبيب بن حمدان بن شعيب الحراني الطبيب الكحال الشاعر. له نظم فائق وتقدم في الطب، روى عن أبي الحسن بن روزبة وغيره. ومات سنة خمس وتسعين وستمائة بمصر. ذكره في العبر.
شمس الدين محمد بن أبي بكر بن محمد الفارسي المعروف بالأيكي. كان إماماً في الأصلين والمنطق وعلوم الأوائل، شرح مختصر ابن الحاجب، ودرس بالغزالية بدمشق، ثم قدم مصر فولي مشيخة الشيوخ بها، فتكلم فيه الصوفية، فرجع إلى دمشق، فمات بالمزة يوم الجمعة ثالث رمضان سنة سبع وعشرين وستمائة.
عز الدين إسماعيل بن هبة الله بن علي الحميري الإسنائي. كان إماماً في العلوم العقلية. أخذ عن الشمس الأصفهاني والبهاء بن النحاس وانتصب للإقراء، وتخرج به خلق، وألف. مات بمصر سنة خمس وخمسين وسبعمائة.
أخوه المفضل. قال الإسنوي في طبقاته: كان ذكياً إلى الغاية، فاضلاً يضرب به المثل ولكن غلب عليه علم الطب والحكمة والمنطق، ومهر فيها إلى أن فاق أبناء جنسه. مات وهو شاب.
وقال في الطالع السعيد: تميز في الفقه والأصول والنحو وغلب عليه الطب والحكمة والمنطق والفلسفة، وألف في الترياق مجلداً. مات بمصر في حدود تسعين وستمائة.
العلم بن أبي خليفة رئيس الطب بمصر. مات سنة ثمان وسبعمائة.

(1/182)


علاء الدين الباجي علي بن محمد بن عبد الرحمن بن خطاب، كان إماماً في الأصلين والمنطق فاضلاً فيما سواهما، وكان أنظر أهل زمانه لا يكاد ينقطع في المباحث. ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وتفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام، واستوطن القاهرة، وصنف مختصرات في علوم متعددة، وأخذ عنه التقي السبكي. مات يوم الأربعاء سادس ذي القعدة سنة أربع عشرة وسبعمائة.
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن عبد الله الجزري ثم المصري. قال الإسنوي: كان فقيهاً عارفاً بالأصلين والنحو والبيان والمنطق والطب. ولد سنة سبع وثلاثين وستمائة، واشتغل بقوص على قاضيها الشمس الأصفهاني، ثم استوطن مصر، ودرس بالشريفة وشرح منهاج البيضاوي وأسئلة الأرموي على التحصيل. مات بمصر في ذي القعدة سنة إحدى عشرة وسبعمائة.
الصفي الهندي محمد بن عبد الرحمن بن محمد. كان فقيهاً أصولياً متكلماً ديناً متعبداً. ولد بالهند في ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وستمائة، ودخل الديار المصرية فأقام بها أربع سنين، وانتقل إلى دمشق يدرس ويفتي ويصنف. مات بها في صفر سنة خمسين وسبعمائة.
تاج الدين محمد بن علي البارنباري الشافعي الملقب طوير الليل. كان فاضلاً في الفقه والأصلين والعربية والمنطق. ولد سنة أربع وخمسين وستمائة، واشتغل على الأصفهاني شارح المحصول، ومات بالقاهرة سنة سبع عشرة وسبعمائة.
فخر الدين أحمد بن سلامة بن أحمد الإسكندراني المالكي العلامة الأصولي البارع. ولي قضاء دمشق، ومات بها في ذي الحجة سنة ثمان عشرة وسبعمائة عن سبع وخمسين سنة.
التاج التبريزي أبو الحسن علي بن عبد الله نزيل القاهرة. كان عالماً في علوم كثيرة، تخرج به فضلاؤها له تصانيف. مات بالقاهرة سنة ست وأربعين وسبعمائة.
وقال الصلاح الصفدي يرثيه:
يقول تاج الدين لما قضي: ... من ذا رأى مثلي بتبرير
وأهل مصر بات إجماعهم ... يقضي على الكل بتبريزي
الأصفهاني شمس الدين أبو الثناء محمود بن عبد الرحمن بن أحمد. كان إماماً بارعاً في العقليات، عارفاً بالأصلين، فقيهاً. ولد سنة أربع وسبعين وستمائة، واشتغل بتبريز، وقدم الديار المصرية فولي تدريس المعزية بمصر ومشيخة خانقاه قوصون بالقرافة. وصنف الكتب المحررة النافعة، وانتشرت تلاميذه. مات شهيداً بالطاعون في أواخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
محمد بن إبراهيم المتطبب صلاح الدين المعروف بابن الدهان. قال ابن فضل الله: قرأ على ابن نفيس وغيره، والمعقولات على الشمس محمود الأصفهاني، وكان طبيباً حكيماً، فاضلاً متفلسفاً.
أرشد الدين محمود بن قطلوشاه السراي. كان غاية في العلوم العقلية والأصول والطب أقدمه صرغتمش بعد وفاة القوام الإتقاني، فولاه مدرسته، فلم يزل بها إلى أن مات في رجب سنة خمس وسبعين وسبعمائة وقد جاوز الثمانين.
شمس الدين محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن المصري. مدرس الأطباء بجامع ابن طولون. كان فاضلاً له نظم. مات في شوال سنة ست وسبعين وسبعمائة.
محمد بن محمد التبريزي. قال ابن حجر: قدم من بلاد العجم، وأخذ عن القطب التحتاني وبرع في المعقول، وشغل الناس كثيراً بالقاهرة وانتفعوا به. مات في ذي الحجة سنة ست وسبعين وسبعمائة.
صلاح الدين يوسف بن عبد الله المعروف بابن المغربي الطبيب، رئيس الأطباء بالقاهرة وصاحب الجامع الذي على الخليج الحاكي. مات في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين وسبعمائة.
العلاء علي بن أحمد بن محمد بن أحمد السراي علاء الدين. كان من أكابر العلماء بالمعقولات وإليه المنتهى في علم المعاني والبيان، استدعى به برقوق، فقرره شيخاً في مدرسته. مات في جمادى الأولى سنة تسعين وسبعمائة وقد جاوز السبعين.
ضياء الدين عبد الله بن سعد القرمي الشافعي. كان إماماً في المعقولات. أخذ عنه العز بن جماعة، ودرس بالشيخونية بعد البهاء بن السبكي. مات في ذي الحجة سنة ثمانين وسبعمائة، وكانت لحيته طويلة جداً تصل إلى رجليه وإذا نام يجعلها في كيس، وإذا ركب انفرقت فرقتين، فكل من رآه يقول: سبحان الخالق: فكان يقول أشهد أن العوام مؤمنون بالاجتهاد لا بالتقليد، لأنهم يستدلون بالصنعة على الصانع.

(1/183)


مولانا زاده شهاب الدين أحمد بن أبي يزيد بن محمد السراي الحنفي. كان إماماً في فنون العلم لا سيما دقائق المعاني والعربية. ولي تدريس الحديث بالصرغتمشية والبرقوقية وانتفع به الخلق. مات في المحرم سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ومولده سنة أربع وخمسين.
ابن صغير الرئيس علاء الدين علي بن عبد الواحد بن محمد الطبيب. كان أعجوبة الدهر في الفن. ولي رياسة الطب دهراً طويلاً، وله فيه المعرفة التامة، بحيث كان يصف الدواء الواحد للمريض الواحد بما يساوي ألفاً وبما يساوي درهماً، وكان الشيخ عز الدين بن جماعة يثني على فضائله. مات في ذي الحجة سنة ست وتسعين وسبعمائة.
قنبر بن عبد الله السبزواني. استغل في بلاده، وقدم الديار المصرية قبل التسعين، فأقام بالجامع الأزهر يشغل الطلبة وكان ماهراً في العلوم العقلية حسن التقرير، معرضاً عن الدنيا، قانعاً باليسير، لا يتردد إلى أحد، مذكور بالتشيع. يمسح على رجليه من غير خف، وكان يحب السماع والرقص. مات في شعبان سنة إحدى وثمانمائة.
الشيخ زاده الخرزباني. كان فاضلاً في المعقول والهيئة والحكمة والمنطق والعربية وله تصانيف واقتدار على حل المشكلات، طلبه برقوق من صاحب بغداد، فولاه مشيخة الشيخونية عوضاً عن الكلستاني. مات في ذي الحجة سنة ثمان وثمانمائة، ودفن بالشيخونية مع شيخها أكمل الدين.
السيرامي سيف الدين محمد بن عيسى. كان عالماً فاضلاً، نشأ بتبريز، ثم قدم حلب، ثم استدعاه الظاهر برقوق من حلب، فقرره شيخاً بمدرسته عوضا عن علاء الدين السيرامي سنة تسعين، ثم ولاه مشيخة الشيخونية، بعد وفاة عز الدين الرازي مضافة إلى الظاهرية، وأذن له أن يستنيب عنه في الظاهرية ولده، فباشر مدة ثم ترك الشيخونية، واقتصر على الظاهرية، وكان الشيخ عز الدين بن جماعة يثني على فضائله. مات في ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة.
ابن جماعة الشيخ عز الدين محمد بن شرف الدين أبي بكر بن قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن قاضي القضاة بدر الدين محمد. ولد سنة تسع وخمسين وسبعمائة، واشتغل صغيراً، ومال إلى فنون المعقول فأتقنها إتقاناً بالغاً إلى أن صار هو المشار إليه في الديار المصرية والمفاخر به علماء العجم، تخضع له الرقاب وتسلم إليه المقاليد. وله تصانيف عديدة تقرب من ألف مصنف. مات بالطاعون في جمادي الآخرة سنة تسع عشرة وثمانمائة.
الشيخ همام الدين همام بن أحمد الخوارزمي. ولد في حدود الأربعين وسبعمائة وقدم القاهرة شيخاً فدرس بها، وكان يقرر الكشاف والعربية، ولي مشيخة الجمالية ومات سنة تسع عشرة وثمانمائة.
الهروي قاضي القضاة شمس الدين بن عطاء الله بن محمد بن أحمد بن محمود ولد بهراة سنة سبع وستين وسبعمائة، واشتغل في بلاده بالعلوم وفاق في العقليات، ثم قدم القاهرة فولي قضاء الشافعية وكتابة السر. مات في ذي القعدة سنة تسع وعشرين وثمانمائة.
علاء الدين الرومي علي بن موسى بن إبراهيم. تفنن في العلوم ببلاده ودخل بلاد العجم ولقي الكبار، ثم قدم القاهرة سنة سبع وعشرين، فولي مشيخة الأشرفية. مات في شعبان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة.
الشيخ علاء الدين البخاري علي بن محمد بن محمد الحنفي. علامة الوقت، ولد سنة تسع وسبعين وسبعمائة، وأخذ عن أبيه وعمه والشيخ سعد الدين التفتازاني ورحل إلى القطار، وأخذ عن علماء، عصره حتى برع في المعقول وصار إمام عصره. قدم القاهرة، وتصدر للإقراء بها، وأخذ عنه غالب أهلها، وكان مع ما اشتمل عليه من العلم غاية في الورع والزهد والتحري وعدم التردد إلى بني الدنيا. مات في رمضان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة.
الشيخ باير زين الدين أبو بكر بن إسحاق بن خالد الكختاوي. ولد في حدود سنة سبعين وسبعمائة، وكان إماماً بارعاً في العلوم وتفرد بالمعاني والبيان وولي مشيخة الشيخونية. مات في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وثمانمائة.
البساطي وابن الهمام. مرا.
الشرواني شمس الدين محمد علامة الوقت في المعقولات والتحقيق. مات سنة سبع وأربعين وثمانمائة.

(1/184)


الكافيجي شيخنا العلامة محيي الدين محمد بن سليمان بن سعد بن مسعود الإمام المحقق علامة الوقت أستاذ الدنيا في المعقولات. ولد قبل ثمانمائة تقريبا، وأخذ عن البرهان حيدرة، والشمس ابن العنزي وجماعة، وتقدم في فنون المعقول حتى صار إمام الدنيا فيها، وله تصانيف كثيرة.
مات ليلة الجمعة رابع جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وثمانمائة.
وقال الشهاب المنصوري يرثيه:
بكت على الشيخ محيي الدين كافيجي ... عيوننا بدموع من دم المهج
كانت أسارير هذا الدهر من درر ... تزهي فبدل ذاك الدر بالسبج
فكم نفى بسماح من مكارمه ... فقرا وقوم بالإعطاء من عوج
يا نور أراه اليوم منطفئا ... وكانت الناس تمشي منه في سرج
فلو رأيت الفتاوي وهي باكية ... رأيتها من نجيع الدمع في لجج
ولو سرت بثناء عنه ريح صبا ... لاستنشقوا من شذاها أديب الأرج
يا وحشة العلم من فيه إذا اعتركت ... أبطاله فتوارت في دجى الرهج
لم يلحقوا شأو علم من خصائصه ... أنى ورتبته في أرفع الدرج!
قد طال ما كان يقرينا ويقرئنا ... في حالتيه بوجه منه مبتهج
سقيا له، وكساه الله نور سنا ... من سندس بيد الغفران منتسج
ذكر من كان بمصر من الوعاظ والقصاص
سليم بن عنزة.
عبد الرحمن بن حجيرة.
توبة بن نمر.
عقبة بن مسلم التجيبي.
الحلاج.
أبو كثير.
موسى بن وردان.
دراج أبو السمح.
خير بن نعيم.
أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن الحسن الواعظ البغدادي ثم المصري. قال ابن كثير: ارتحل إلى مصر، فأقام بها حتى عرف بالمصري. روى عنه الدار قطني وغيره. وكان له مجلس وعظ عظيم.
وقال في العبر: كان مقدم زمانه في الوعظ، وله مصنفات كثيرة في الحديث والوعظ والزهد. مات في ذي القعدة سنة ثلاث وثلثمائة، وله سبع وثمانون سنة.
ابن نجا الواعظ زين الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نجا الدمشقي، الحنبلي نزيل مصر. ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وتفقه ببغداد، وعاد إلى دمشق وقد مصر وصحب السلطان صلاح الدين بن أيوب وحظي عنده، وكان له مكانة بمصر. مات في رمضان سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
زين الدين أحمد بن محمد الأندلسي الأصل المعروف بكثاكث والمصري الواعظ الأديب الشاعر. كان إماما في الوعظ. ولد سنة خمس وستمائة. ومات بالقاهرة في ربيع الآخرة سنة أربع وثمانين وستمائة.
شهاب الدين أبو العباس أحمد بن ميلق الشاذلي الواعظ. كان يجلس للوعظ ولوعظه تأثير في القلوب. مات سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
ذكر من كان بمصر من المؤرخين
سعيد بن عفير.
عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم.
محمد بن الربيع الجيزي. مروا.
عمارة بن وثيمة بن موسى أبو رفاعة الفارسي، صاحب التاريخ على السنين. قال ابن كثير: ولد بمصر، وحدث عن أبي صالح كاتب الليث وغيره. مات سنة تسع وثمانين ومائتين.
الطحاوي - مر.
الحسن بن القاسم بن جعفر بن دحية أبو علي الدمشقي. من أبناء المحدثين. قال ابن كثير: كان أخباريا له في ذلك مصنفات، حدث عن العباس بن الوليد السدوسي وغيره. مات بمصر سنة سبع وعشرين وثلثمائة، وقد أناف على الثمانين.
أبو سعيد بن يونس، صاحب تاريخ مصر، مر في الحفاظ.
أبو عمر الكندي محمد بن يوسف بن يعقوب، صنف فضائل مصر، وكتاب قضاة مصر. كان في زمن كافور.
ابن زولاق أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الحسين المصري المؤرخ. صنف كتابا في فضائل مصر، وذيلا على قضاة مصر للكندي. مات في ذي القعدة سنة سبع وثمانين وثلثمائة عن إحدى وثمانين سنة.
المسبحي الأمير المختار عز الملك محمد بن عبد الله بن أحمد الحراني صاحب التصانيف. قال في العبر: كان رافضياً، صنف تاريخ مصر، وكتاباً في النجوم وكتاب التلويح والتصريح من الشعر، وكتاب أنواع الجماع. مات سنة عشرين وأربعمائة عن أربع وخمسين سنة.
القضاعي. مر في الشافعية.
القفطي الوزير جمال الدين علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني. وزير حلب، صاحب تاريخ النحاة، وتاريخ اليمن، وتاريخ مصر، وتاريخ بني بويه وتاريخ بني سلجوق. ولد بقفط سنة ثمان وستين وخمسمائة ومات بحلب سنة ست وأربعين وستمائة.

(1/185)


محمد بن عبد العزيز الإدريسي الشريف الفاوي. كان من فضلاء المحدثين وأعيانهم، سمع الكثير وألف: المفيد في أخبار الصعيد. ولد في رمضان سنة ثمان وستين وخمسمائة؛ وتوفي بالقاهرة في صفر سنة تسع وأربعين وستمائة.
ولده جعفر. ولد بالقاهرة في شوال سنة إحدى عشرة وستمائة، وسمع من ابن الجميزي وابن المقير، روى عنه الدمياطي وأبو حيان. وكان نسابة الشرفاء بمصر أديباً، صنف تاريخاً للقاهرة، ومات سنة ست وسبعين وستمائة.
ابن خلكان قاضي شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الإربلي الشافعي. صاحب وفيات الأعيان. ولد سنة ستمائة، وأجاز له المؤيد، الطوسي، وتفقه بابن يونس وابن شداد، ولقي كبار العلماء، وسكن مصر مدة، وناب في القضاء بها، ثم ولي قضاء الشام عشر سنين ثم عزل فأقام بمصر سبع سنين ثم رد إلى قضاء الشام. قال في العبر: كان سرياً ذكياً أخبارياً عارفاً بأيام الناس. مات في رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة.
أبو الحسن بن سعيد علي بن موسى بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأديب الأخباري الشهير صاحب التصانيف الأديبة. ولد بغرناطة سنة عشر وستمائة، وأخذ عن الشلوبين وغيره، وجال في الأقطار، ودخل مصر والشام وبغداد، وألف المغرب في حلى المغرب، والمشرق في حلى المشرق، والطالع السعيد في تاريخ بلده. مات بتونس سنة خمس وثمانين وستمائة.
الأمير ركن الدين بيبرس المنصوري الدوادار صاحب التاريخ المسمى بزبدة الفكرة، في أحد عشر مجلداً والتفسير. مات سنة خمس وعشرين وسبعمائة.
ابن المتوج تاج الدين محمد بن عبد الوهاب ابن المتوج بن صالح الزبيري. أحد العدول بمصر. ولد بها في ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وستمائة، وسمع وحدث، وألف تاريخ مصر سماه: إيقاظ المتغفل واتعاظ المتأمل. روى عنه البدر بن جماعة. مات بمصر في المحرم سنة ثلاثين وسبعمائة.
الكمال الأدفوي أبو الفضل جعفر بن ثعلب بن جعفر. كان فاضلاً أديباً شاعراً. صنف الطالع السعيد في تاريخ الصعيد، والإمتاع في أحكام السماع. مات بالطاعون بالقاهرة سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وقد قارب التسعين.
النويري شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب بن أحمد البكري المؤرخ صاحب التاريخ المشهور. مات في رمضان سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة.
القطب الحلبي، مر في الحفاظ.
ابن الفرات ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسن المصري الحنفي. كان لهجاً بالتاريخ، فكتب تاريخاً كبيراً جداً، وسمع من أبي بكر بن الصناج، وأجاز له أبو الحسن البندنيجي وتفرد بهما. مات ليلة عيد الفطر سنة خمس وسبعين وثمانمائة، وله اثنتان وسبعون سنة.
صارم الدين إبراهيم بن محمد بن دقماق. مؤرخ الديار المصرية. جمع تاريخاً على الحوادث، وتاريخاً على التراجم، وطبقات الحنفية. مات في ذي الحجة سنة تسعين وسبعمائة وقد جاوز الثمانين.
شهاب الدين الأوحدي أحمد بن عبد الله بن الحسن بن طوغان. ولد سنة إحدى وستين وسبعمائة، وكان لهجاً بالتاريخ، ألف كتاباً كبيراً في خطط مصر والقاهرة وكان مقرئاً أديباً، تلا على التقي البغدادي. مات في جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وثمانمائة.
المقريزي تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد مؤرخ الديار المصرية. ولد سنة تسع وستين وسبعمائة، واشتغل في الفنون وخالط الأكابر، وولي حسبة القاهرة، ونظم ونثر، وألف كتباً كثيرة، منها درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة، والمواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، وعقد جواهر الأسقاط من أخبار مدينة الفسطاط، واتعاظ الخفاء بأخبار الفاطميين الخلفاء، والسلوك بمعرفة دول الملوك، والتاريخ الكبير، وغير ذلك مات سنة أربعين وثمانمائة.
ابن حجر، مر في الحفاظ.
شيخنا العز الحنبلي، مر في الحنابلة.
ذكر من كان بمصر من الشعراء والأدباء
جميل بن عبد الله بن معمر العذري. صاحب بثينة، أحد عشاق العرب. شاعر إسلامي من أفصح الشعراء في زمانه. قال: إن ميسر وغيره: قدم مصر على عبد العزيز ابن مروان فأكرمه، ومات بها سنة عشرين وثمانمائة.
وأنشد لما احتضر:
بكر النعمي وما كأن بجميلٍ ... وثوى بمصر ثواء غير قفول
قومي بثينة فاندبي بعويل ... وأبكى خليلك قبل كل خليل

(1/186)


كثيرة عزة بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر أبو صخر الخزاعي. يقال إنه أشعر الإسلاميين. مات سنة خمسين - وقيل سبعين - ومائة. أقام بمصر مدة يمدح عبد العزيز بن مروان وهو في كنفه، وزار قبر صاحبته عزة بها.
عزة بنت جميل بن حفص أم عمرو الضمرية صاحبة كثير. كانت أبرع الخلق أدباً، وأحلاهم حديثاً، وقد أمر عبد الملك بن مروان بإدخالها على حرمه ليتعلمن من أدبها. قال ابن كثير: ماتت بمصر في أيام عبد العزيز بن مروان وقد زار كثير قبرها، ورثاها، وتغير شعره بعدها، فقال له قائل: ما بال شعرك قد قصرت فيه! فقال: ماتت عزة فلا أطرب، وذهب الشباب فلا أعجب، ومات عبد العزيز بن مروان فلا أرغب، وإنما الشعر عن هذه الخلال.
نصيب بن رباح الشاعر أبو محجن مولى عبد العزيز بن مروان. من الطبقة السادسة من شعراء الإسلام ومن شعراء الحماسة. كان بمصر ايام مولاه. مات سنة ثمانين ومائة. قاله في المرآة.
أبو نواس الحسن بن هانئ الشاعر المشهور. أقام بمصر مدة، وركب ذات يوم في النيل، فحذر من التمساح، فقال:
أضمرت للنيل عجرانا وتقليةً ... إذ قيل لي إنما التمساح في النيل
مات ببغداد سنة خمس وتسعين ومائة.
أبو تمام حبيب بن أوس الطائي المشهور صاحب الحماسة ملك شعراء العصر، قال ابن خلكان: أصله من قرية جاسم بالقرب من طبرية، وكان بدمشق، ثم صار إلى مصر وهو في شبيبته.
وقال الخطيب: هو شامي، وكان بمصر في حداثته يسقي الماء في المسجد الجامع، ثم جالس الأدباء وأخذ عنهم حتى قال الشعر فأجاد، وشاع ذكره، وسار شعره. وبلغ المعتصم خبره، فحمله إليه، فقدم بغداد، فجالس الأدباء، وعاشر العلماء، وتقدم على شعراء وقته. مات بالموصل سنة ثمان وعشرين ومائتين، وقيل بعد الثمانين.
أبو العباس الناشي الشاعر المتكلم المعتزلي عبد الله بن محمد. أصله من الأنبار وأقام ببغداد مدة، ثم انتقل إلى مصر، فمات بها سنة ثلاث وتسعين ومائتين. وكان شاعراً مطيقاً مفنناً في علوم منها المنطق، ذكياً فطناً، وله قصيدة في فنون من العلم على روىٍ واحد تبلغ أربعة آلاف بيت، وله عدة تصانيف وأشعار كبيرة.
أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا الشريف الحسني أبو القاسم المصري الشاعر. كان نقيب الطالبيين بمصر، مات في شعبان سنة خمس وأربعين وثلاثمائة.
كشاجم اسمه محمود بن محمد بن الحسين بن السدي بن شاهك. يكنى أبا نصر. قال صاحب سجع الهديل: كان أقام بمصر مدة فاستطابها، ثم رحل عنها، فكان يتشوق إليها، ثم عاد إليها فقال:
قد كان شوقي إلى مصر يؤرقني ... فالآن عدت وعادت مصر لي دارا
المتنبي أحمد بن الحسين أبو الطيب الشاعر المشهور. أقام بمصر مدة أربع سنين عند كافور الأخشيدي يمدحه. ولد بالكوفة سنة ست وثلثمائة، وقتل ف رمضان سنة أربع وخمسين، وسبب قتله أنه كان يركب في جماعة من مماليكه فتوهم منه كافور فجفاء، فخاف منه المتنبي وهرب، فأرسل كافور في أثره فأعجزه، فقيل لكافور: ما قيمة هذا حتى تتوهم منه! فقال: هذا رجل أراد أن يكون نبياً بعد محمد صل الله عليه وسلم، فهلا يروم أن يكون ملكاً بديار مصر! قدس إليه من قتله.
تميم بن صاحب القاهرة الخليفة المعز العبيدي. كان من أكابر أمراء دولة أبيه وأخيه العزيز، وكان شاعراً، وله فضل. ذكره ابن سعيد في شعراء مصر، وتبعه ابن فضل الله في المسالك، فقال: تشبه بابن عمه ابن المعتز، وتشبث بذيله فما قدر أن يبتز، وهو وإن لم يزاحم ابن المعتز، فإنه لا يقع دون مطاره، ولا يقصر ذهبه الموزون عن قنطاره.
قال ابن كثير: وقد اتفق له كائنة غريبة وهي أنه أرسل إلى بغداد، فاشتريت له جارية مغنية بمال جزيل، وكانت تحب شخصياً ببغداد، فلما حضرت عند تميم، غنت فاشتد طربه. فقال لها. لابد أن تسأليني حاجةً. فقالت: عافيتك، فقال: ومع هذا؟ قالت: أحج وأمر على بغداد. فأرسلها مع بعض أصحابه فأحججها، ثم سار بها على طريق العراق، فلما كانت على مرحلة من بغداد، ذهبت في الليل فلم يدر أين ذهبت! فلما وصل الخبر إلى تميم تألم ألماً شديداً.
مات تميم سنة ثمان وستين وثمانمائة.
علي بن النعمان القيرواني. قاضي قضاة مصر للدولة العبيدية. قال في العبر: كان شيعياً غالياً، شاعراً مجوداً. مات سنة أربع وسبعين وثلثمائة.

(1/187)


المقداد المصري. ذكره ابن فضل الله في شعراء مصر، وقال: جاء بالبيان وحبره، وحقق الإحسان وحرره، وجاء بسحر عظيم، ودرٍ نظيم.
أبو الرقعمق الشاعر صاحب المجون والنوادر أبو حامد أحمد بن محمد الأنطاكي. دخل مصر، ومدح المعز وأولاده والوزير ابن كلس، ومات سنة تسع وتسعين وثلثمائة. قاله في العبر.
صريع الدلاء الشاعر المشهور الماجن أبو الحسن علي بن عبد الواحد البغدادي. له مقصورة في الهزل، عارض بها مقصورة ابن دريد، يقول فيها:
وألف حملٍ من متاع تشتري ... أنفع للمسكين من لقط النوى
من طبخ الديك ولا يذبحه ... طار من القدر إلى حيث انتهى
من أدخلت في عينه مسلة ... فسله من ساعته كيف العمى
والذقن شعر في الوجوه طالع ... كذلك العقصة من خلف القفا
إلى إن حتمها بالبيت الذي حسد عليه وهو قوله:
من فاته العلم وأخطاه الغني ... فذاك والكلب على حدٍ سوا
قال ابن كثير: قدم مصر، ومدح صاحبها، فمات بها في رجب سنة اثنتين عشرة وأربعمائة.
صناجة الدوح محمد بن القاسم بن عاصم. شاعر الحاكم. ذكره ابن فضل الله في شعراء مصر، وهو صاحب البيت المشهور:
ما زلزلت مصر من سرد يراد بها ... لكنها رقصت من عدله فرحا
هاشم بن العباس المصري. قال ابن فضل الله: ما حكت مصر بمثله إقليمها ولا حكت شبيه فضله قديمها. ومن شعره:
كأن بياض البدر من خلف نخلةٍ ... بياض بنانٍ في إخضرار نقوش
علي بن عباد الإسكندري. شاعر، كان يمدح ابن الأفضل، فلما قتل الحافظ بن الأفضل قتل هذا معه.
إبراهيم بن شعيب المصري. ذكره ابن فضل الله وأورد له:
يا ذا الذي يدخر أمواله ... عن مثل هذا الأسمر الفائق
ما الذهب الصامت إنفاقه ... مستنكر في الذهب الناطق
أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي مر.
ظافر بن القاسم الحداد الجذامي الإسكندري الشاعر المحسن، صاحب الديوان. مات سنة تسع وعشرين، وخمسمائة.
أبو الغمر محمد بن علي الهاشمي الإسنائي. ذكره العماد في الخريدة، وقال: كان أشعر أهل زمانه، وأفضل أقرانه. مات سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
محمود بن إسماعيل بن قادوس أبو الفتح الدمياطي. كاتب الإنشاء بالديار المصرية وشيخ القاضي الفاضل، وكان يسميه ذا البلاغتين، ذكره العماد الكاتب في الخريدة. مات سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
عبد العزيز بن الحسين بن الحباب الأغلبي السعدي القاضي أبو المعالي المعروف بالجليس، لأنه يجالس صاحب مصر. ذكره العماد في الخريدة، وقال: له فضل مشهور، وشعر مأثور. مات سنة إحدى وستين وخمسمائة.
الرشيد بن الزبير الأسواني. مر.
الحسن بن علي بن إبراهيم الأسواني المعروف بالمهذب بن الزبير، أخو الرشيد ابن الزبير. ذكره العماد في الخريدة، وقال: لم يكن بمصر في زمنه أشعر منه، وأنه أعرف به من أخيه الرشيد. توفي سنة إحدى وستين وخمسمائة.
القاضي موفق الدين يوسف بن محمد المصري أبو الحجاج بن الخلال صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية، اشتعل على القاضي الفاضل في هذا الفن، وتخرج به. مات في جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.
ابن قلاقس الإسكندري نصير الدين عبد الله بن مخلوف بن علي بن عبد القوي اللخمي، ويلقب بالقاضي الأعز. من شعراء الدولة الصلاحية، قال ابن خلكان: كان شاعراً مجيداً فاضلاً نبيلاً، ولم يكن له لحية، صحب السلفي فانتفع به. ولد بالإسكندرية في ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، ومات ثالث شوال سنة سبع وستمائة في عيداب عن خمس وثلاثين سنة.
عمارة اليمني مر.
فخر الدولة الأسواني إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن نصر الأديب الشاعر الكاتب. كتب الإنشاء للملك الناصر صلاح الدين بن أيوب، ثم كتب لأخيه العادل. مات بحلب سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
علي بن عمر أبو الحسن الهاشمي القوصي. ذكره العماد في الخريدة، فقال: شاب بقوص، له بالأدب خصوص.

(1/188)


القاضي الفاضل أبو محمد علي عبد الرحيم بن علي بن الحسن اللخمي البيساني ثم العسقلاني ثم المصري محيي الدين. وقيل مجير الدين. الوزير صاحب ديوان الإنشاء وشيخ البلاغة. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وقيل: إن مسودات رسائله لو جمعت بلغت مائة جلد، وكان له حدبة يخفيها الطيلسان، وله آثار جميلة وأفعال حميدة. مات في سابع ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة، ودفن بالقرافة.
العماد الكاتب الوزير العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني. ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة بأصبهان، وتفقه ببغداد على ابن الرزاز، وأتقن الفقه والخلاف والعربية، ثم تعاني الكتابة، والترسل والنظم، ففاق الأقران، وحاز قصب السبق، وصنف التصانيف الأدبية، وحتم به هذا الشأن. مات في رمضان سنة سبع وتسعين.
علي بن أحمد بن عرام الربعي الأسواني. ذكره العماد في الخريدة، وقال: شيخ من أهل الادب بأسوان، واثنى عليه. مات في حدود الثمانين وخمسمائة.
الأسعد بن الخطير مهذب بن مماتي المصري الكاتب الشاعر، من شعراء الدولة الصلاحية. كان ناظر الدوادين، وفيه فضائل، وله مصنفات عديدة ونظم السيرة الصلاحية، ونظم كتاب كليلة ودمنة، وله ديوان شعر. مات في جمادى الأولى سنة ست عشرة وستمائة عن اثنتين وستين سنة، وجده مماتي نصراني.
السعيد أبو القاسم هبة الله بن الرشيد جعفر بن سنساه الملك المصري الشاعر المشهور. صاحب الديوان البديع الموشحات، الذي سماه در الطراز. كان أحد الفضلاء الرؤساء النبلاء، أخذ الحديث عن السلفي والنحو عن ابن بري، وكتب بديوان الإنشاء مدة، وكان بارع الترسل والنظم، واختصر كتاب الحيوان للجاحظ، وسماه روح الحيوان. ولد في حدود خمسين وخمسمائة، ومات سنة ثمان وخمسين وستمائة.
وجيه الدين علي بن الحسين بن الذروي أبو الحسن. من مشاهير الشعراء بمصر، كان فاضلاً نبيلاً، ذا معرفة تامة له نظم فائق، ونثر رائق.
علي بن المنجم أبو الحسن المصري. كان أشعر أهل زمانه، وأفضل أقرانه، وكان من أعلام أدباء مصر المشاهير. مدح الملوك والوزراء وفيه فضائل. ولد في المحرم سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ومات سنة ست عشرة وستمائة.
النجيب بن الدباغ المصري الشاعر الأديب. ولد في جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وأقام بمصر مدة، وكان له فضل مشهور، وشعر مأثور. مات في ربيع الآخر سنة عشرين وستمائة.
جعفر بن شمس الخلافة محمد بن مختار المصري أبو الفضل الأفضلي الشاعر. يلقب مجد الملك الأديب الكبير، له ديوان وتصانيف. ولد في المحرم سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، ومات في المحرم سنة اثنتين وعشرين وستمائة.
مظفر بن إبراهيم بن جماعة بن علي العيلاني الحنبلي الأعمى. ولد في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمسمائة، ومات في المحرم سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
ابن النبيه علي بن محمد بن النبيه الشاعر المشهور، أحد شعراء العصر. مات سنة إحدى وعشرين وستمائة.
راجح بن إسماعيل الحلي الأديب شرف الدين الشاعر. سار شعره ومدائحه للملوك. مات في شعبان سنة سبع وعشرين وستمائة.
البرهان بن الفقيه نصر. من شعراء مصر، ولي النظر على ديوان الخراج بالصعيد، وكان حسن الأدب. ذكره ابن فضل الله.
الحسن بن شاور بن العاضد، ذكره ابن فضل الله، وأورد له:
لا تثق من آدمي ... في ودادٍ بصفاء
كيف ترجو منه صفوا ... وهو من طين وماء!
شرف الدين الديباجي محمد بن الحسن بن أحمد. كان أبوه وزير الكامل وأخيه إسماعيل بن العادل. وكان هو وابنه ممن جريا في الأدب إلى غاية. ذكره ابن فضل الله.
ابن بصاقة كاتب الإنشاء فخر القضاة نصر الله بن هبة الله بن عبد الباقي الغفاري. كان أكتب أهل زمانه بلا مدافعة، وأعرفهم بالقواعد الإنشائية وأجودهم ترسلا، وأحسنهم عبارة، وأطولهم باعاً في الأدب، وله ديوان شعر. ولد بقوص سنة سبع وسبعين وخمسمائة ومات بدمشق في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وستمائة.
ابن مطروح الصاحب جمال الدين أبو الحسن يحيى بن عيسى بن إبراهيم بن مطروح المصري. أحد الشعراء المجيدين، وصاحب التصانيف المفيدة في الأدب. توفي سنة أربع وخمسين وستمائة.

(1/189)