تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)


الكتاب : الرد على الجهمية للدارمي
مصدر الكتاب : موقع جامع الحديث
http://www.alsunnah.com
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]

الرد على الجهمية للدارمي بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن برحمتك أخبرنا أبو المكارم عبد العظيم بن عبد اللطيف بن أبي نصر الشرابي الأصبهاني في كتابه إلينا قال : أخبرتنا الشيخ ة أم الصبح ضوء النساء بنت أبي الفتح عبد الرزاق بن محمد بن سهل الشرابي ، بقراءتي عليها في ربيع الثاني من سنة سبع وستين وخمسمائة قالت : أنبأ أبي الإمام أبو الفتح عبد الرزاق قراءة عليه في دارنا بأصبهان ، في صفر سنة تسع وعشرين وخمسمائة قال : ثنا الشيخ الإمام نجم الخطباء أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد المذكر الهروي المقيم بصع قرية من قرى هراة فيما قرأت عليه بها من أصل سماعه ، بخط الحافظ أبي الفتح بن سمكويه قلت له : أخبركم الشيخ الفقيه أبو روح ثابت بن محمد الأزدي السعدي في شهور سنة ست وخمسين وأربعمائ ة قال : أنبأ أبي أبو محمد محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل قال : ثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن إبراهيم القرشي ، أن الإمام أبا سعيد عثمان بن سعيد قال : الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ، يعلم سر خلقه وجهرهم ، ويعلم ما يكسبون ، نحمده بجميع محامده ، ونصفه بما وصف به نفسه ، ووصفه به الرسول ، فهو الله الرحمن الرحيم ، قريب ، مجيب ، متكلم قائل ، وشاء مريد ، فعال لما يريد ، الأول قبل كل شيء ، والآخر بعد كل شيء ، له الأمر من قبل ومن بعد وله الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ، وله الأسماء الحسنى ، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ، يقبض ويبسط ، ويتكلم ، ويرضى ويسخط ، ويغضب ، ويحب ، ويبغض ، ويكره ، ويضحك ، ويأمر وينهى ، ذو الوجه الكريم ، والسمع السميع والبصر البصير ، والكلام المبين ، واليدين والقبضتين ، والقدرة والسلطان والعظمة ، والعلم الأزلي ، لم يزل كذلك ولا يزال ، استوى على عرشه فبان من خلقه ، لا تخفى عليه منهم خافية ، علمه بهم محيط ، وبصره فيهم نافذ ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . فبهذا الرب نؤمن ، وإياه نعبد ، وله نصلي ونسجد ، فمن قصد بعبادته إلى إله بخلاف هذه الصفات ، فإنما يعبد غير الله ، وليس معبوده بإله ، كفرانه لا غفرانه ، فنشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، اصطفاه لوحيه ، وانتجبه لرسالته ، واختاره من خلقه لخلقه فأنزل عليه كلامه المبين ، وكتابه العزيز الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (1) ) ، ( قرآنا عربيا غير ذي عوج (2) ) ، ( يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين (3) ) . فيه نبأ الأولين وخبر الآخرين ، لا تنقضي عبره ، ولا تفنى عجائبه ، غير مخلوق ولا منسوب إلى مخلوق ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين (4) ) من لدن حكيم عليم . وقال ( وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم (5) ) وقال ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) ، من قال به صدق ، ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم ، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا (6) ) ، فقرأه كما أمر ، ودعا إليه سرا وجهرا ، فلما سمع المشركون آيات مبينات قالوا : ساحر وكاهن ، وشاعر ، ومعلم مجنون ( وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق (7) ) ، و ( إن هذا إلا قول البشر (8) ) ، ( لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين (9) ) ، وقالوا ( إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون (10) ) ، ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا (11) ) ( إنما يعلمه بشر (12) ) ، مخلوق بكلام مخلوق مختلق . فكذب الله عز وجل قولهم ، وأبطل دعواهم ؛ فقال تعالى : ( فقد جاءوا ظلما وزورا ) وقال تعالى ( قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما (13) ) وقال تعالى ( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنو وهدى وبشرى للمسلمين ) ، وقال : ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ) ، ثم قال : ( لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (14) ) . ثم ندبهم جميعا إلى أن يأتوا بمثله تخرصا وتعلما من الخطباء والشعراء وغيرهم إن كانوا صادقين ؛ فقال تبارك وتعالى : ( فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (15) ) ، ويأتوا بسورة مثله ، ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (16) ) . فلم يقدر الجن والإنس عربها وعجمها ، من عبدة الأوثان ، وعلماء أهل الكتابين أن يأتوا بسورة ولا ببعض سورة ، ولو علموا أنهم قادرون عليها لدعوا شهداءهم إلى ذلك ، وبذلوا فيها الرغائب من الأموال وغيرها لخطبائهم وشعرائهم ، وأحبارهم ، وأساقفتهم ، وكهنتهم وسحرتهم أن يأتوا بسورة مثلها ، تصديقا لما ادعوا من الزور تكذيبا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأنى يأتي المخلوق بمثل كلام الخالق ؟ وكيف يقدر عليه ؟ وقد قال الله تعالى : ( ولن تفعلوا (17) ) فلن تفعلوا إلى يوم القيامة ، فكما أنه ليس كمثله شيء فليس ككلامه كلام . فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا الناس إلى الله وإلى كتابه وكلامه سرا وجهرا ، محتملا لما ناله من أذاهم ، صابرا عليه حتى أظهره الله وأعزه ، وأنزل عليه نصره ، فضرب وجوه العرب والعجم بالسيوف ، حتى ذلوا ودانوا ، ودخلوا في الإسلام طوعا وكرها ، واستقاموا حياته وبعد وفاته ، لا يجترئ كافر ولا منافق متعوذ بالإسلام أن يظهر ما في نفسه من الكفر وإنكار النبوة ، فرقا من السيف ، وتخوفا من الافتضاح بل كانوا يتقلبون مع المسلمين بغم ، ويعيشون فيهم على رغم ، دهرا من الدهر ، وزمانا من الزمان . وكان أول من أظهر شيئا منه بعد كفار قريش : الجعد بن درهم بالبصرة ، وجهم بخراسان ، اقتداء بكفار قريش ، فقتل الله جهما شر قتلة ، وأما الجعد فأخذه خالد بن عبد الله القسري فذبحه ذبحا بواسط ، في يوم الأضحى على رؤوس من شهد العيد معه من المسلمين ، لا يعيبه به عائب ولا يطعن عليه طاعن بل استحسنوا ذلك من فعله ، وصوبوه من رأيه .
__________
(1) سورة : فصلت آية رقم : 42
(2) سورة : الزمر آية رقم : 28
(3) سورة : الإسراء آية رقم : 9
(4) سورة : الشعراء آية رقم : 193
(5) سورة : النمل آية رقم : 6
(6) سورة : الإسراء آية رقم : 106
(7) سورة : ص آية رقم : 6
(8) سورة : المدثر آية رقم : 25
(9) سورة : الأنفال آية رقم : 31
(10) سورة : الفرقان آية رقم : 4
(11) سورة : الفرقان آية رقم : 5
(12) سورة : النحل آية رقم : 103
(13) سورة : الفرقان آية رقم : 6
(14) سورة : الإسراء آية رقم : 88
(15) سورة : هود آية رقم : 13
(16) سورة : البقرة آية رقم : 23
(17) سورة : البقرة آية رقم : 24

(1/1)


مقدمة الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ، يعلم سر خلقه وجهرهم ، ويعلم ما يكسبون ، نحمده بجميع محامده ، ونصفه بما وصف به نفسه ، ووصفه به الرسول ، فهو الله الرحمن الرحيم ، قريب ، مجيب ، متكلم قائل ، وشاء مريد ، فعال لما يريد ، الأول قبل كل شيء ، الآخر بعد كل شيء ، له الأمر من قبل ومن بعد وله الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ، وله الأسماء الحسنى ، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ، يقبض ويبسط ، ويتكلم ، ويرضى ويسخط ، ويغضب ، ويحب ، ويبغض ، ويكره ، ويضحك ، ويأمر وينهى ، ذو الوجه الكريم ، والسمع السميع والبصر البصير ، والكلام المبين ، واليدين والقبضتين ، والقدرة والسلطان والعظمة ، والعلم الأزلي ، لم يزل كذلك ولا يزال ، استوى على عرشه فبان من خلقه ، لا تخفى عليه منهم خافية ، علمه بهم محيط ، وبصره فيهم نافذ ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . فبهذا الرب نؤمن ، وإياه نعبد ، وله نصلي ونسجد ، فمن قصد بعبادته إلى إله بخلاف هذه الصفات ، فإنما يعبد غير الله ، ليس معبوده بإله ، كفرانه لا غفرانه ، فنشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، اصطفاه لوحيه ، وانتجبه لرسالته ، واختاره من خلقه لخلقه فأنزل عليه كلامه المبين ، وكتابه العزيز الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد (1) ) ، ( قرآنا عربيا غير ذي عوج (2) ) ، ( يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين (3) ) . فيه نبأ الأولين وخبر الآخرين ، لا تنقضي عبره ، ولا تفنى عجائبه ، غير مخلوق ولا منسوب إلى مخلوق ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين (4) ) من لدن حكيم عليم . وقال ( إنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ) وقال ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) ، من قال به صدق ، ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم ، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا (5) ) ، فقرأه كما أمر ، ودعا إليه سرا وجهرا ، فلما سمع المشركون آيات مبينات قالوا : ساحر وكاهن ، وشاعر ، ومعلم مجنون ( وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق (6) ) ، و ( إن هذا إلا قول البشر (7) ) ، ( لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين (8) ) ، وقالوا ( إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون (9) ) ، ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا (10) ) ( إنما يعلمه بشر (11) ) ، مخلوق بكلام مخلوق مختلق . فكذب الله عز وجل قولهم ، وأبطل دعواهم ؛ فقال تعالى : ( فقد جاءوا ظلما وزورا ) وقال تعالى ( قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما (12) ) وقال تعالى ( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنو وهدى وبشرى للمسلمين ) ، وقال : ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ) ، ثم قال : ( لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (13) ) . ثم ندبهم جميعا إلى أن يأتوا بمثله تخرصا وتعلما من الخطباء والشعراء وغيرهم إن كانوا صادقين ؛ فقال تبارك وتعالى : ( فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (14) ) ، ويأتوا بسورة مثله ، ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (15) ) . فلم يقدر الجن والإنس عربها وعجمها ، من عبدة الأوثان ، وعلماء أهل الكتابين أن يأتوا بسورة ولا ببعض سورة ، ولو علموا أنهم قادرون عليها لدعوا شهداءهم إلى ذلك ، وبذلوا فيها الرغائب من الأموال وغيرها لخطبائهم وشعرائهم ، وأحبارهم ، وأساقفتهم ، وكهنتهم وسحرتهم أن يأتوا بسورة مثلها ، وتصديقا لما ادعوا من الزور تكذيبا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأنى يأتي المخلوق بمثل كلام الخالق ؟ ، وكيف يقدر عليه ؟ ، وقد قال الله تعالى : ( ولن تفعلوا (16) ) فلن تفعلوا إلى يوم القيامة ، فكما أنه ليس كمثله شيء فليس ككلامه كلام . فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا الناس إلى الله وإلى كتابه وكلامه سرا وجهرا ، محتملا لما ناله من أذاهم ، صابرا عليه حتى أظهره الله وأعزه ، وأنزل عليه نصره ، فضرب وجوه العرب والعجم بالسيوف ، حتى ذلوا ودانوا ، ودخلوا في الإسلام طوعا وكرها ، واستقاموا حياته وبعد وفاته ، لا يجترئ كافر ولا منافق متعوذ بالإسلام أن يظهر ما في نفسه من الكفر وإنكار النبوة ، فرقا من السيف ، وتخوفا من الافتضاح بل كانوا يتقلبون مع المسلمين بغم ، ويعيشون فيهم على رغم ، دهرا من الدهر ، وزمانا من الزمان . وكان أول من أظهر شيئا من بعد كفار قريش : الجعد بن درهم بالبصرة ، وجهم بخراسان ، اقتداء بكفار قريش ، فقتل الله جهما شر قتلة ، وأما الجعد فأخذه خالد بن عبد الله القسري فذبحه ذبحا بواسط ، في يوم الأضحى على رؤوس من شهد العيد معه من المسلمين ، لا يعيبه به عائب ولا يطعن عليه طاعن بل استحسنوا ذلك من فعله ، وصوبوه من رأيه .
__________
(1) سورة :
(2) سورة : الزمر آية رقم : 28
(3) سورة : الإسراء آية رقم : 9
(4) سورة : الشعراء آية رقم : 193
(5) سورة : الإسراء آية رقم : 106
(6) سورة : ص آية رقم : 6
(7) سورة : المدثر آية رقم : 25
(8) سورة : الأنفال آية رقم : 31
(9) سورة : الفرقان آية رقم : 4
(10) سورة : الفرقان آية رقم : 5
(11) سورة : النحل آية رقم : 103
(12) سورة : الفرقان آية رقم : 6
(13) سورة : الإسراء آية رقم : 88
(14) سورة : هود آية رقم : 13
(15) سورة : البقرة آية رقم : 23
(16) سورة : البقرة آية رقم : 24

(1/2)


1 - حدثنا القاسم بن محمد البغدادي ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب ، عن أبيه ، عن جده ، حبيب بن أبي حبيب قال : خطبنا خالد بن عبد الله القسري بواسط يوم الأضحى ، فقال : « أيها الناس ارجعوا فضحوا ، تقبل الله منا ومنكم ؛ فإني مضح بالجعد بن درهم ، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ، ولم يكلم موسى تكليما ، وتعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا . ثم نزل فذبحه » قال أبو سعيد : ثم لم يزالوا بعد ذلك مقموعين ، أذلة مدحورين ، حتى كان الآن بآخره ، حيث قلت الفقهاء ، وقبض العلماء ، ودعا إلى البدع دعاة الضلال ، فشد ذلك طمع كل متعوذ في الإسلام ، من أبناء اليهود والنصارى وأنباط العراق ، ووجدوا فرصة للكلام ، فجدوا في هدم الإسلام ، وتعطيل ذي الجلال والإكرام ، وإنكار صفاته ، وتكذيب رسله ، وإبطال وحيه إذ وجدوا فرصتهم ، وأحسوا من الرعاع جهلا ، ومن العلماء قلة ، فنصبوا عندها الكفر للناس إماما يدعونهم إليه ، وأظهروا لهم أغلوطات من المسائل ، وعمايات من الكلام ، يغالطون بها أهل الإسلام ، ليوقعوا في قلوبهم الشك ، ويلبسوا عليهم أمرهم ، ويشككوهم في خالقهم ، مقتدين بأئمتهم الأقدمين ، الذين قالوا : ( إن هذا إلا قول البشر (1) ) و ( إن هذا إلا اختلاق (2) ) . فحين رأينا ذلك منهم ، وفطنا لمذهبهم ، وما يقصدون إليه من الكفر وإبطال الكتب والرسل ، ونفي الكلام والعلم والأمر عن الله تعالى ، رأينا أن نبين من مذاهبهم رسوما من الكتاب والسنة وكلام العلماء ، ما يستدل به أهل الغفلة من الناس على سوء مذهبهم ، فيحذروهم على أنفسهم وعلى أولادهم وأهليهم ، ويجتهدوا في الرد عليهم ، محتسبين منافحين عن دين الله تعالى ، طالبين به ما عند الله . وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في هذا وما أشبهه ، وقد كانوا رزقوا العافية منهم ، وابتلينا بهم عند دروس الإسلام ، وذهاب العلماء ، فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ما أشبه هذا على أمته ، ويحذرها إياهم ، ثم الصحابة بعده والتابعون ، مخافة أن يتكلموا في الله وفي القرآن بأهوائهم فيضلوا ، ويتماروا به على جهل فيكفروا ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : « المراء في القرآن كفر » وحتى إن بعضهم كانوا يتقون تفسيره ، لأن القائل فيه إنما يقول على الله . قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : « أي أرض تقلني ، وأي سماء تظلني ، إذا قلت في كلام الله ما لا أعلم » وسئل عبيدة السلماني عن شيء ، من تفسير القرآن ، فقال : اتق الله ، وعليك بالسداد ، فقد ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن فهذا الصديق خير هذه الأمة بعد نبيها ، والخليفة بعده ، قد شهد التنزيل ، وعاين الرسول ، وعلم فيما أنزل القرآن ، إلا ما شاء الله ، ويتوقى أن يقول في القرآن ، مخافة أن لا يصيب ما عنى الله فيهلك ، ثم عبيدة السلماني بعده ، وكان من كبار التابعين ، فكيف بهؤلاء المنسلخين من الدين والعلم ، الذين ينقضونه نقضا ، ويفسرونه بأهوائهم خلاف ما عنى الله ، وخلاف ما تحتمله لغات العرب . ولقد قال بعض أهل العلم : لا تهلك هذه الأمة حتى تظهر فيهم الزندقة ، ويتكلموا في الرب تبارك وتعالى
__________
(1) سورة : المدثر آية رقم : 25
(2) سورة : ص آية رقم : 7

(1/3)


2 - حدثناه سويد بن سعيد الأنباري ، ثنا خلف بن خليفة ، عن الحجاج بن دينار ، عن منصور بن المعتمر ، قال : « ما هلك دين قط حتى تخلف المنانية ، قلت : وما المنانية ؟ قال : الزنادقة »

(1/4)


3 - وحدثنا محمد بن كثير العبدي ، أنبأ سفيان يعني الثوري ، عن سالم يعني ابن أبي حفصة ، عن أبي يعلى ، عن محمد ابن الحنفية ، رضي الله عنه قال : « لا تنقضي الدنيا حتى تكون خصومتهم في ربهم »

(1/5)


4 - وحدثناه يحيى الحماني ، ثنا عمرو بن ثابت ، عن سالم بن أبي حفصة ، قال أبو سعيد : وأحسبه عن أبي يعلى منذر الثوري ، عن محمد ابن الحنفية ، قال : « إنما تهلك هذه الأمة إذا تكلمت في ربها »

(1/6)


5 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار ، ثنا علي بن الحسن بن شقيق ، عن ابن المبارك ، قال : « لأن أحكي كلام اليهود والنصارى أحب إلي من أن أحكي كلام الجهمية »

(1/7)


6 - حدثنا سهل بن بكار ، ثنا أبو عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزالون يسألون حتى يقال لأحدكم : هذا الله خلقنا ، فمن خلق الله تبارك وتعالى ؟ » . قال أبو هريرة : وإني لجالس ذات يوم إذ قال رجل من أهل العراق : يا أبا هريرة هذا الله خلقنا ، فمن خلق الله تبارك وتعالى ؟ قال أبو هريرة : فوضعت أصبعي في أذني ، وصرخت : صدق الله ورسوله ، الله الواحد الأحد الصمد : ( لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد (1) )
__________
(1) سورة : الإخلاص آية رقم : 3

(1/8)


7 - وحدثناه يحيى بن بكير المصري ، ثنا الليث يعني ابن سعد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عروة بن الزبير ، أن أبا هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يأتي الشيطان العبد فيقول له : من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له : من خلق ربك ؟ فليستعذ بالله ولينته »

(1/9)


8 - حدثنا علي بن المديني ، ثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق السماء ؟ فيقول : الله عز وجل ، فيقول : من خلق الأرض ؟ فيقول : الله ، فيقول : من خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل : آمنا بالله »

(1/10)


9 - حدثني أحمد بن منيع ، ثنا محمد بن ميسر أبو سعد ، ثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، أن المشركين ، قالوا : يا رسول الله انسب لنا ربك قال : فأنزل الله عز وجل : ( قل هو الله أحد الله الصمد (1) ) قال : فالصمد : الذي ( لم يلد ، ولم يولد (2) ) ، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا سيورث ، وإن الله لا يموت ولا يورث . ( ولم يكن له كفوا أحد (3) ) قال : لم يكن له شبيه ، ولا عدل (4) ، وليس كمثله شيء
__________
(1) سورة : الإخلاص آية رقم : 1
(2) سورة : الإخلاص آية رقم : 3
(3) سورة : الإخلاص آية رقم : 4
(4) العدل : المساوي والنظير والمثيل

(1/11)


10 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا أبو هلال وهو الراسبي قال : ثنا رجل ، أن عبد الله بن رواحة ، قال للحسن : هل تصف ربك ؟ قال : « نعم ، بغير مثال »

(1/12)


11 - حدثنا أبو سلمة ، ثنا عبد الواحد يعني ابن زياد ، ثنا سالم ، يعني ابن أبي حفصة ، ثنا منذر أبو يعلى الثوري ، قال : قال محمد ابن الحنفية : « إن قوما ممن كانوا قبلكم أوتوا علما كانوا يكيفون فيه ، فسألوا عما فوق السماء وما تحت الأرض فتاهوا ، كان أحدهم إذا دعي من بين يديه أجاب من خلفه ، وإذا دعي من خلفه أجاب من بين يديه » قال أبو سعيد : ولولا مخافة هذه الأحاديث وما يشبهها ، لحكيت من قبح كلام هؤلاء المعطلة وما يرجعون إليه من الكفر حكايات كثيرة ، يتبين بها عورة كلامهم ، وتكشف عن كثير من سوءاتهم ، ولكنا نتخوف من هذه الأحاديث ، ونخاف أن لا تحتمله قلوب ضعفاء الناس ، فنوقع فيها بعض الشك والريبة ، لأن ابن المبارك قال : لأن أحكي كلام اليهود والنصارى أحب إلي من أن أحكي كلام الجهمية . وصدق ابن المبارك ، إن من كلامهم في تعطيل صفات الله تعالى ما هو أوحش من كلام اليهود والنصارى ، غير أنا نختصر من ذلك ما نستدل به على الكثير إن شاء الله تعالى

(1/13)


باب الإيمان بالعرش وهو أحد ما أنكرته المعطلة قال أبو سعيد : وما ظننا أنا نضطر ، إلى الاحتجاج على أحد ممن يدعي الإسلام في إثبات العرش والإيمان به ، حتى ابتلينا بهذه العصابة الملحدة في آيات الله ، فشغلونا بالاحتجاج لما لم تختلف فيه الأمم قبلنا ، وإلى الله نشكو ما أوهت هذه العصابة من عرى الإسلام ، وإليه نلجأ ، وبه نستعين . وقد حقق الله العرش في آي كثيرة من القرآن ، فقال تعالى : ( خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء (1) ) . وقال تعالى : ( الرحمن على العرش استوى (2) ) . وقال تعالى : ( ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا (3) ) . ( وترى الملائكة حافين من حول العرش (4) ) . في آي كثيرة سواها . فادعت هذه العصابة أنهم يؤمنون بالعرش ويقرون به ، لأنه مذكور في القرآن ، فقلت لبعضهم : ما إيمانكم به إلا كإيمان : ( الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم (5) ) . وكالذين ( إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون ) . أتقرون أن لله عرشا معلوما موصوفا فوق السماء السابعة ، تحمله الملائكة ، والله فوق كما وصف نفسه ، بائن من خلقه ؟ فأبى أن يقر به كذلك ، وتردد في الجواب ، وخلط ولم يصرح . قال أبو سعيد : فقال لي زعيم منهم كبير : لا ، ولكن لما خلق الله الخلق ، يعني السموات والأرض وما فيهن ، سمى ذلك كله عرشا له ، واستوى على جميع ذلك كله . قلت : لم تدعوا من إنكار العرش والتكذيب به غاية ، وقد أحاطت بكم الحجج من حيث لا تدرون ، وهو تصديق ما قلنا إن إيمانكم به كإيمان ( الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ) . فقد كذبكم الله تعالى به في كتابه ، وكذبكم به الرسول صلى الله عليه وسلم . أرأيتم قولكم : إن عرشه سمواته وأرضه وجميع خلقه ، فما تفسير قوله عندكم : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم (6) ) . أحملة عرش الله ، أم حملة خلقه ؟ . وقوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية (7) ) . أيحملون السموات والأرض ومن فيهن ، أم عرش الرحمن ؟ ، فإنكم إن قلتم قولكم هذا ، يلزمكم أن تقولوا : عرش ربك : خلق ربك أجمع ، وتبطلون العرش الذي هو العرش ، وهذا تفسير لا يشك أحد في بطوله واستحالته ، وتكذيب بعرش الرحمن تبارك وتعالى . فقال الله تبارك وتعالى : ( خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كان الله ولم يكن شيء ، وكان عرشه على الماء » . ففي قول الله تعالى وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالة ظاهرة أن العرش كان مخلوقا على الماء ، إذ لا أرض ولا سماء ، فلم تغالطون الناس بما أنتم له منكرون ؟ ولكنكم تقرون بالعرش بألسنتكم تحرزا من إكفار الناس إياكم بنص التنزيل ، فتضرب عليه رقابكم ، وعند أنفسكم أنتم به جاحدون ، ولعمري لئن كان أهل الجهل في شك من أمركم ، إن أهل العلم من أمركم لعلى يقين ، أو كما قلت لهم ، زاد أو نقص
__________
(1) سورة : هود آية رقم : 7
(2) سورة : طه آية رقم : 5
(3) سورة : الفرقان آية رقم : 59
(4) سورة : الزمر آية رقم : 75
(5) سورة : المائدة آية رقم : 41
(6) سورة : غافر آية رقم : 7
(7) سورة : الحاقة آية رقم : 17

(1/14)


12 - حدثنا محمد بن كثير ، أنبأ سفيان وهو الثوري ، عن جامع بن شداد ، عن صفوان بن محرز ، عن عمران بن حصين ، رضي الله عنهما قال : جاء نفر من بني تميم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « يا بني تميم أبشروا » ، قالوا : قد بشرتنا ، فأعطنا . قال : فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فجاءه أهل اليمن ، فقال لأهل اليمن : « يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذا لم يقبلها بنو تميم » . قالوا : قد قبلنا ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ببدء الخلق والعرش . قال : فجاء رجل فقال : يا عمران راحلتك (1) تفلتت (2) . قال : فقمت ، وليتني لم أقم
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(2) التفلت : المباغتة والانسلاخ والتخلص من الشيء فجأة من غير تمكث

(1/15)


13 - وحدثنا محبوب بن موسى الأنطاكي ، أنبأ أبو إسحاق الفزاري ، عن الأعمش ، عن جامع بن شداد ، عن صفوان بن محرز ، عن عمران بن حصين ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعقلت (1) ناقتي بالباب ، ثم دخلت ، فأتاه نفر من بني تميم ، فقال : « اقبلوا البشرى يا بني تميم » . قالوا : قد بشرتنا ، فأعطنا - مرتين - ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن ، فقال : « اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها إخوانكم بنو تميم » . قالوا : قبلنا يا رسول الله ، أتيناك لنتفقه في الدين ونسألك عن أول هذا الأمر حيث كان . قال : « كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء ، ثم كتب في الذكر (2) كل شيء ، ثم خلق السموات والأرض » . قال : ثم أتاني رجل فقال : أدرك ناقتك ، فقد ذهبت ، فخرجت فوجدتها قد يقطع دونها السراب (3) ، وايم (4) الله لوددت أني تركتها قال أبو سعيد : ففي هذا بيان بين أن الله تعالى خلق العرش قبل السموات والأرض وما فيهن ، وتكذيب لما ادعوا من الباطل
__________
(1) عقل الدابة : ربطها بالعقال ، وهو الحبل الذي تُربط به الإبل ونحوها
(2) الذكر : اللوح المحفوظ
(3) السراب : لمعان يبدو من البعد كأنه ماء ناتج عن انكسار الضوء في شدة الحر ويظهر غالبا في الصحراء
(4) وايم الله : أسلوب قسم بالله تعالى وأصلها ايمُن الله

(1/16)


14 - وحدثنا عبد الله بن أبي شيبة ، قال : ثنا عبد الله بن بكر السهمي ، ثنا بشر بن نمير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « خلق الله الخلق ، وقضى القضية ، وأخذ ميثاق (1) النبيين ، وعرشه على الماء ، وأخذ أهل اليمين بيمينه ، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى ، وكلتا يدي الرحمن يمين ، ثم قال : يا أصحاب اليمين قالوا : لبيك ربنا وسعديك ، قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى ، ثم قال : يا أصحاب الشمال قالوا : لبيك ربنا وسعديك ، قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى ، قال : فخلط بعضهم ببعض ، فقال قائل : رب لم خلطت بيننا ؟ قال : ( لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون (2) ) . وقوله ( إنا كنا عن هذا غافلين (3) ) . ثم ردهم في صلب آدم »
__________
(1) الميثاق : العهد
(2) سورة :
(3) سورة : الأعراف آية رقم : 172

(1/17)


15 - قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خلق الله الخلق ، وقضى القضية ، وأخذ ميثاق (1) النبيين ، وعرشه على الماء ، وأهل الجنة أهلها ، وأهل النار أهلها » . قال : فقال قائل : يا نبي الله ففيم العمل ؟ قال : « أن يعمل كل قوم لمنزلتهم » ، فقال عمر : إذا نجتهد
__________
(1) الميثاق : العهد

(1/18)


16 - قال : وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأعمال ، فقيل : يا رسول الله أرأيت الأعمال ، أشيء يؤتنف ؟ ، أو فرغ منها ؟ قال : « بل فرغ منها »

(1/19)


17 - حدثنا يحيى الحماني ، ويحيى بن صالح الوحاظي ، قالا : ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن معاذ بن جبل ، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن في الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلى الجنة وأوسطها ، وفوقها عرش الرحمن ، ومنها تفجر أنهار الجنة ، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس »

(1/20)


18 - حدثنا محمد بن كثير ، أنبأ سفيان وهو الثوري ، ثنا أبو هاشم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : « إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا ، فكان أول ما خلق الله القلم ، فأمره وكتب ما هو كائن ، وإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه »

(1/21)


19 - حدثنا عبد الله بن صالح المصري ، قال : حدثني ابن لهيعة ، ورشدين بن سعد ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : « لما أراد الله تبارك وتعالى أن يخلق شيئا إذ كان عرشه على الماء ، وإذ لا أرض ولا سماء ، خلق الريح فسلطها على الماء حتى اضطربت أمواجه وأثار ركامه ، فأخرج من الماء دخانا وطينا وزبدا ، فأمر الدخان فعلا ، وسما ، ونمى ، فخلق منه السموات ، وخلق من الطين الأرضين ، وخلق من الزبد الجبال » قال أبو سعيد رحمه الله : ففي ما ذكرنا من كتاب الله عز وجل ، وفي هذه الأحاديث بيان بين أن العرش كان مخلوقا قبل ما سواه من الخلق ، وأن ما ادعى فيه هؤلاء المعطلة تكذيب بالعرش ، وتخرص بالباطل ، ولو شئنا أن نجمع في تحقيق العرش كثيرا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لجمعنا ، ولكن علمنا أنه خلص علم ذلك والإيمان به إلا النساء والصبيان ، إلا إلى هذه العصابة الملحدة في آيات الله ، طهر الله منهم بلاده ، وأراح منهم عباده

(1/22)


باب استواء الرب تبارك وتعالى على العرش وارتفاعه إلى السماء ، وبينونته من الخلق وهو أيضا مما أنكروه وقد قال الله تبارك وتعالى : ( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش (1) ) . وقال : ( تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ) . وقد قال : ( الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم ) . وقوله : ( إني متوفيك ورافعك إلي (2) ) . وقوله : ( وهو القاهر فوق عباده ، وهو الحكيم الخبير (3) ) . وقوله : ( يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون (4) ) . وقوله : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (5) ) . وقوله : ( ذي المعارج ، تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (6) ) . وقوله : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ، فستعلمون كيف نذير (7) ) . ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم (8) ) قال أبو سعيد : أقرت هذه العصابة بهذه الآيات بألسنتها ، وادعوا الإيمان بها ، ثم نقضوا دعواهم بدعوى غيرها ، فقالوا : الله في كل مكان ، لا يخلو منه مكان . قلنا : قد نقضتم دعواكم بالإيمان باستواء الرب على عرشه ، إذ ادعيتم أنه في كل مكان . فقالوا : تفسيره عندنا : أنه استولى عليه وعلاه . قلنا : فهل من مكان لم يستول عليه ولم يعله حتى خص العرش من بين الأمكنة بالاستواء عليه ، وكرر ذكره في مواضع كثيرة من كتابه ؟ فأي معنى إذا لخصوص العرش إذ كان عندكم مستويا على جميع الأشياء كاستوائه على العرش تبارك وتعالى . هذا محال من الحجج ، وباطل من الكلام ، لا تشكون أنتم إن شاء الله في بطوله واستحالته ، غير أنكم تغالطون به الناس . أرأيتم إذ قلتم : هو في كل مكان ، وفي كل خلق . أكان الله إلها واحدا قبل أن يخلق الخلق والأمكنة ؟ قالوا : نعم ، قلنا : فحين خلق الخلق والأمكنة ، أقدر أن يبقى كما كان في أزليته في غير مكان ؟ فلا يصير في شيء من الخلق والأمكنة التي خلقها بزعمكم ، أو لم يجد بدا من أن يصير فيها ، أو لم يستغن عن ذلك ؟ قالوا : بلى ، قلنا : فما الذي دعا الملك القدوس إذ هو على عرشه في عزه وبهائه ، بائن من خلقه ، أن يصير في الأمكنة القذرة وأجواف الناس والطير والبهائم ، ويصير بزعمكم في كل زاوية وحجرة ومكان منه شيء ؟ . لقد شوهتم معبودكم إذ كانت هذه صفته ، والله أعلى وأجل من أن تكون هذه صفته ، فلا بد لكم من أن تأتوا ببرهان بين على دعواكم من كتاب ناطق ، أو سنة ماضية ، أو إجماع من المسلمين ، ولن تأتوا بشيء منه أبدا . فاحتج بعضهم فيه بكلمة زندقة أستوحش من ذكرها ، وتستر آخر من زندقة صاحبه فقال : قال الله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ) . قلنا : هذه الآية لنا عليكم ، لا لكم ، إنما يعني أنه حاضر كل نجوى ، ومع كل أحد من فوق العرش بعلمه ، لأن علمه بهم محيط ، وبصره فيهم نافذ ، لا يحجبه شيء عن علمه وبصره ، ولا يتوارون منه بشيء ، وهو بكماله فوق العرش ، بائن من خلقه : ( يعلم السر وأخفى (9) ) . أقرب إلى أحدهم من فوق العرش من حبل الوريد ، قادر على أن يكون له ذلك ، لأنه لا يبعد عنه شيء ، ولا تخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض ، فهو كذلك رابعهم ، وخامسهم ، وسادسهم ، لا أنه معهم بنفسه في الأرض كما ادعيتم ، وكذلك فسرته العلماء . فقال بعضهم : دعونا من تفسير العلماء ، إنما احتججنا بكتاب الله ، فأتوا بكتاب الله قلنا : نعم ، هذا الذي احتججتم به هو حق ، كما قال الله عز وجل ، وبها نقول على المعنى الذي ذكرنا ، غير أنكم جهلتم معناه ، فضللتم عن سواء السبيل ، وتعلقتم بوسط الآية ، وأغفلتم فاتحتها وخاتمتها ، لأن الله عز وجل افتتح الآية بالعلم بهم ، وختمها به ، فقال : ( ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم (10) ) إلى قوله : ( ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ) . ففي هذا دليل على أنه أراد العلم بهم وبأعمالهم ، لا أنه نفسه في كل مكان معهم كما زعمتم ، فهذه حجة بالغة لو عقلتم ، وأخرى : أنا لما سمعنا قول الله عز وجل في كتابه : ( استوى على العرش ) . و ( استوى إلى السماء (11) ) . وقوله : ( ذي المعارج ، تعرج الملائكة والروح إليه ) . وقوله : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه (12) ) . و ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) . ( وهو القاهر فوق عباده ) . و ( إني متوفيك ورافعك إلي ) . وما أشبهها من القرآن آمنا به ، وعلمنا يقينا بلا شك أن الله فوق عرشه فوق سمواته كما وصف ، بائن من خلقه ، فحين قال : ( ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) . قلنا : هو معهم بالعلم الذي افتتح به الآية وختمها ، لأنه قال : في آي كثيرة ما حقق أنه فوق عرشه ، فوق سمواته ، فهو كذلك لا شك فيه ، فلما أخبر أنه مع كل ذي نجوى ، قلنا : علمه وبصره معهم ، وهو بنفسه على العرش بكماله كما وصف ، لأنه لا يتوارى منه شيء ، ولا يفوت علمه وبصره شيء في السماء السابعة العليا ، ولا تحت الأرض السابعة السفلى ، وهذا كقوله تعالى لموسى وهارون : ( إنني معكما أسمع وأرى (13) ) من فوق العرش . فهل من حجة أشفى وأبلغ مما احتججنا به عليك من كتاب الله تعالى ، ثم الروايات لتحقيق ما قلنا متظاهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ، سنأتي منها ببعض ما حضر إن شاء الله تعالى ، ثم إجماع من الأولين والآخرين ، العالمين منهم والجاهلين ، أن كل واحد ممن مضى وممن غبر إذا استغاث بالله تعالى ، أو دعاه ، أو سأله ، يمد يديه وبصره إلى السماء يدعوه منها ، ولم يكونوا يدعوه من أسفل منهم من تحت الأرض ، ولا من أمامهم ، ولا من خلفهم ، ولا عن أيمانهم ، ولا عن شمائلهم ، إلا من فوق السماء ، لمعرفتهم بالله أنه فوقهم ، حتى اجتمعت الكلمة من المصلين في سجودهم : سبحان ربي الأعلى ، لا ترى أحدا يقول : ربي الأسفل ، حتى لقد علم فرعون في كفره وعتوه على الله أن الله عز وجل فوق السماء ، فقال : ( يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا (14) ) . ففي هذه الآية بيان بين ودلالة ظاهرة أن موسى كان يدعو فرعون إلى معرفة الله بأنه فوق السماء ، فمن أجل ذلك أمر ببناء الصرح ، ورام الاطلاع إليه . وكذلك نمرود - فرعون - إبراهيم ، اتخذ التابوت والنسور ، ورام الاطلاع إلى الله لما كان يدعوه إبراهيم إلى أن معرفته في السماء . وكذلك كان محمد صلى الله عليه وسلم يدعو إليه الناس ، ويمتحن به إيمانهم بمعرفة الله عز وجل
__________
(1) سورة : الأعراف آية رقم : 54
(2) سورة : آل عمران آية رقم : 55
(3) سورة : الأنعام آية رقم : 18
(4) سورة : النحل آية رقم : 50
(5) سورة : فاطر آية رقم : 10
(6) سورة : المعارج آية رقم : 3
(7) سورة : الملك آية رقم : 16
(8) سورة : فصلت آية رقم : 9
(9) سورة : طه آية رقم : 7
(10) سورة : المجادلة آية رقم : 7
(11) سورة : البقرة آية رقم : 29
(12) سورة : السجدة آية رقم : 5
(13) سورة : طه آية رقم : 46
(14) سورة : غافر آية رقم : 36

(1/23)


20 - حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، ثنا أبان وهو ابن يزيد العطار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم السلمي ، رضي الله عنه قال : كانت لي جارية ترعى غنما لي في قبل أحد والجوانية ، وإني اطلعت يوما اطلاعة فوجدت ذئبا ذهب منها بشاة ، وإني رجل من بني آدم ، آسف كما يأسفون ، فصككتها (1) صكة (2) ، فعظم ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : أفلا أعتقها ؟ ، فقال : « ادعها » ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « أين الله ؟ » قالت : في السماء . قال : « فمن أنا ؟ » قالت : أنت رسول الله قال : « أعتقها ، فإنها مؤمنة » وحدثناه يحيى ، ثنا إسماعيل ابن علية ، عن الحجاج الصواف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) صك : ضرب ولطم
(2) الصكة : الضربة

(1/24)


21 - وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، قال : قرأت على مالك بن أنس ، عن هلال بن أسامة ، عن عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم ، أنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن جارية (1) لي ترعى غنما ، فجئتها ، ففقدت شاة من الغنم ، فسألتها عنها فقالت : أكلها الذئب ، فأسفت عليها ، وكنت من بني آدم ، فلطمت وجهها ، وعلي رقبة ، أفأعتقها ؟ ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أين الله ؟ » قالت : في السماء قال : « من أنا ؟ » قالت : أنت رسول الله قال : « أعتقها » قال أبو سعيد : ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا دليل على أن الرجل إذا لم يعلم أن الله عز وجل في السماء دون الأرض فليس بمؤمن ولو كان عبدا فأعتق لم يجز في رقبة مؤمنة ، إذ لا يعلم أن الله في السماء . ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أمارة إيمانها معرفتها أن الله في السماء ؟ وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أين الله ؟ » تكذيب لقول من يقول : هو في كل مكان ، لا يوصف ب « أين » ، لأن شيئا لا يخلو منه مكان يستحيل أن يقال : « أين هو ؟ » ، ولا يقال : « أين » إلا لمن هو في مكان يخلو منه مكان . ولو كان الأمر على ما يدعي هؤلاء الزائغة لأنكر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قولها وعلمها ، ولكنها علمت به ، فصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهد لها بالإيمان بذلك ، ولو كان في الأرض كما هو في السماء لم يتم إيمانها حتى تعرفه في الأرض ، كما عرفته في السماء . فالله تبارك وتعالى فوق عرشه ، فوق سمواته ، بائن من خلقه ، فمن لم يعرفه بذلك لم يعرف إلهه الذي يعبد ، وعلمه من فوق العرش بأقصى خلقه وأدناهم واحد ، لا يبعد عنه شيء ، ( لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض (2) ) سبحانه وتعالى عما يصفه المعطلون علوا كبيرا
__________
(1) الجارية : الأمة المملوكة أو الشابة من النساء
(2) سورة : سبأ آية رقم : 3

(1/25)


22 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار ، ثنا علي بن الحسن بن شقيق ، عن ابن المبارك ، قال : قيل له : كيف نعرف ربنا ؟ قال : « بأنه فوق السماء السابعة على العرش ، بائن من خلقه » قال أبو سعيد رحمه الله : وما يحقق قول ابن المبارك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية : « أين الله » ؟ ، يمتحن بذلك إيمانها ، فلما قالت : في السماء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أعتقها ، فإنها مؤمنة » والآثار في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة ، والحجج متظاهرة والحمد لله على ذلك

(1/26)


23 - حدثنا مسدد ، ثنا سفيان ، عن عمرو يعني ابن دينار ، عن أبي قابوس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء »

(1/27)


24 - حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري ، أنبأ الليث بن سعد ، عن زيادة بن محمد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن فضالة بن عبيد ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا اشتكى أحدكم شيئا ، أو اشتكى أخ له ، فليقل : ربنا الله الذي في السماء ، تقدس اسمك ، أمرك في السماء والأرض ، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض ، واغفر لنا حوبنا (1) ، وخطايانا ، أنت رب الطيبين ، أنزل شفاء من شفائك ، ورحمة من رحمتك على هذا الوجع ، فيبرأ »
__________
(1) الحوب : الإثم والذنب

(1/28)


25 - حدثني محمد بن بشار العبدي ، ثنا وهب بن جرير ، ثنا أبي ، قال : سمعت محمد بن إسحاق ، يحدث عن يعقوب بن عتبة ، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : جاء رجل أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد هلكت المواشي ، ونهكت الأموال ، وإنا نستشفع بك على الله ، وبالله عليك ، فادع الله أن يسقينا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « يا أعرابي ، ويحك ، وهل تدري ما تقول ؟ إن الله أعظم من أن يستشفع عليه بأحد من خلقه ، إن الله فوق عرشه ، فوق سمواته ، وسمواته فوق أرضيه مثل القبة - وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده مثل القبة (1) - وإنه ليئط (2) أطيط (3) الرحل بالراكب »
__________
(1) القبة : هي الخيمة الصغيرة أعلاها مستدير أو البناء المستدير المقوس المجوف
(2) أط : صوت والمراد اشتكى من الحمل الثقيل
(3) الأطيط : صوت الإبل ، والمراد الإبل

(1/29)


26 - حدثنا محمد بن الصباح البغدادي ، ثنا الوليد بن أبي ثور ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، رضي الله عنه قال : كنت بالبطحاء في عصابة ، وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرت سحابة ، فنظر إليها فقال : « ما تسمون هذه ؟ » ، قالوا : السحاب قال : « والمزن (1) ؟ » ، قالوا : والمزن . قال : « والعنان ؟ » ، قالوا : والعنان . قال : فقال : « ما بعد بين السماء والأرض ؟ » قالوا : لا ندري . قال : « فإن بعد ما بينهما إما واحدة ، وإما اثنتان ، وإما ثلاث وسبعون سنة ، والسماء فوقها كذلك » حتى عد سبع سموات ، وفوق السماء السابعة بحر ، بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء إلى السماء ، وفوق ذلك ثمانية أوعال (2) ، ما بين أظلافهن (3) وركبهن مثل ما بين السماء إلى السماء ، وعلى ظهورهن العرش ، بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء إلى السماء ، ثم الله عز وجل فوق ذلك تبارك وتعالى «
__________
(1) المزن : السحاب
(2) الأوعال : المراد ملائكة تتصور بهيئة الغزلان
(3) الأظلاف : جمع ظِلف وهو للبقر والشاة والظبي بمنزلة الحافر للدابة والخف للبعير

(1/30)


27 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد وهو ابن سلمة ، ثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به مرت رائحة طيبة ، فقال : « يا جبريل ما هذه الرائحة ؟ » ، فقال : هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها ، كانت تمشطها ، فوقع المشط من يدها ، فقالت : بسم الله فقالت ابنته : أبي ؟ قالت : لا ، ولكن ربي ورب أبيك الله ، فقالت أخبر بذلك أبي ؟ فقالت : نعم ، فأخبرته ، فدعا بها ، فقال : من ربك ؟ ، هل لك رب غيري ؟ قالت : ربي وربك الذي في السماء ، فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ، ثم دعا بها وبولدها فألقاهم فيها . وساق أبو سلمة الحديث بطوله

(1/31)


28 - حدثنا مسدد ، ثنا أبو الأحوص ، ثنا أبو إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لم يرحم من في الأرض لم يرحمه من في السماء »

(1/32)


29 - حدثنا أبو هشام الرفاعي ، ثنا إسحاق بن سليمان ، ثنا أبو جعفر الرازي ، عن عاصم ابن بهدلة ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما ألقي إبراهيم في النار قال : اللهم إنك في السماء واحد ، وأنا في الأرض واحد أعبدك »

(1/33)


30 - حدثنا مسدد ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس ، رضي الله عنه قال : أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسر (1) عنه ثوبه حتى أصابه ، فقلنا : يا رسول الله لم صنعت هذا ؟ قال : « لأنه حديث عهد بربه » قال أبو سعيد : ولو كان على ما يقول هؤلاء الزائغة في كل مكان ، ما كان المطر أحدث عهدا بالله من غيره من المياه والخلائق
__________
(1) حسر : كشف

(1/34)


31 - حدثنا عبد الله بن أبي شيبة ، ثنا محمد بن فضيل ، عن أبيه ، عن نافع ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه : أيها الناس إن كان محمد إلهكم الذي تعبدون فإن إلهكم قد مات ، وإن كان إلهكم الله الذي في السماء ، فإن إلهكم لم يمت ، ثم تلا : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم (1) ) . حتى ختم الآية
__________
(1) سورة : آل عمران آية رقم : 144

(1/35)


32 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا جرير بن حازم ، قال : سمعت أبا يزيد يعني المدني ، قال : لقيت امرأة عمر ، يقال لها : خولة بنت ثعلبة - وهو يسير مع الناس - فاستوقفته ، فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها رأسه ، حتى قضت حاجتها وانصرفت ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ، حبست رجالات قريش على هذه العجوز ؟ ، فقال : ويلك وهل تدري من هذه ؟ قال : لا . قال : « هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات ، هذه خولة بنت ثعلبة ، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت عنها حتى تقضي حاجتها ، إلا أن تحضر صلاة فأصليها ، ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها »

(1/36)


33 - حدثنا أحمد بن يونس ، ثنا أبو شهاب الحناط ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، أن عبد الله ، قال : « إن العبد ليهم بالأمر من التجارة أو الإمارة ، حتى إذا تيسر له نظر الله إليه من فوق سبع سموات ، فيقول للملك : اصرفه عنه قال : فيصرفه ، فيتظنى بحيرته : سبقني فلان ، وما هو إلا الله »

(1/37)


34 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد يعني ابن سلمة ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه قال : « ما بين السماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام ، وبين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام ، وبين السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي إلى الماء خمسمائة عام ، والعرش على الماء ، والله تعالى فوق العرش ، وهو يعلم ما أنتم عليه »

(1/38)


35 - حدثنا سعيد بن أبي مريم المصري ، أنبأ يحيى بن أيوب ، حدثني عمارة بن غزية ، عن قدامة بن إبراهيم بن محمد بن حاطب ، أنه حدثه أن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وقع (1) بجارية له ، فقالت له امرأته : فعلتها ؟ قال : أما أنا فأقرأ القرآن ، فقالت : أما أنت فلا تقرأ القرآن وأنت جنب ، فقال : أنا أقرأ لك ، فقال : شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا وتحمله ملائكة كرام ملائكة الإله مسومينا (2) فقالت : آمنت بالله وكذبت البصر
__________
(1) وقع : جامع
(2) المُسَوَّم : المُعَلَّمُ بعلامة تميزه

(1/39)


36 - وحدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا جويرية يعني ابن أسماء ، قال : سمعت نافعا ، يقول : قالت عائشة رضي الله عنها : وايم (1) الله ، إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلت - تعني عثمان - ولكن علم الله من فوق عرشه أني لم أحب قتله
__________
(1) وايم الله : أسلوب قسم بالله تعالى وأصلها ايمُن الله

(1/40)


37 - حدثنا النفيلي ، ثنا زهير بن معاوية ، ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، حدثني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، أنه حدثه ذكوان ، حاجب عائشة رضي الله عنها ، أن ابن عباس رضي الله عنهما دخل على عائشة وهي تموت ، فقال لها : « كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيبا ، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات ، جاء بها الروح الأمين ، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله تعالى يذكر فيه الله إلا وهي تتلى فيه آناء (1) الليل والنهار »
__________
(1) آناء : أوقات وساعات

(1/41)


38 - حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى ، ثنا موسى أبو محمد ، من موالي عثمان بن عفان ، قال : وكان من خيار الناس ، عن خالد بن يزيد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، قال : خطب علي الناس الخطبة التي لم يخطب بعدها ، فقال : « الحمد لله الذي دنا في علوه ، وناء في دنوه (1) ، لا يبلغ شيء مكانه ، ولا يمتنع عليه شيء أراده »
__________
(1) الدنو : الاقتراب

(1/42)


39 - حدثنا نعيم بن حماد ، ثنا ابن المبارك ، أنبأ سليمان بن المغيرة ، عن ثابت البناني ، ثنا رجل ، من أهل الشام ، وكان يتبع عبد الله بن عمرو بن العاص ويسمع منه ، قال : كنت معه فلقي نوفا ، فقال نوف : ذكر لنا أن الله تعالى قال لملائكته : ادعوا لي عبادي ، فقالوا : يا رب كيف والسموات السبع دونهم ، والعرش فوق ذلك ؟ قال : إنهم إذا قالوا : لا إله إلا الله ، فقد استجابوا لي

(1/43)


40 - قال : يقول عبد الله بن عمرو : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب ، أو قال غيرها ، شك سليمان ، فقعد رهط (1) أنا فيهم ينتظرون الصلاة الأخرى ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرع المشي ، كأني أنظر إلى رفعه إزاره (2) كي يكون أخف له في المشي ، فانتهى إلينا ، فقال : « ألا أبشروا ، هذا ربكم أمر بباب في السماء الوسطى ، أو قال : باب السماء ، ففتحه ، ففاخر بكم الملائكة ، فقال : انظروا إلى عبادي ، أدوا حقا من حقي ، ثم انتظروا أداء حق آخر يؤدونه »
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
(2) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن

(1/44)


41 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا أبو هلال ، ثنا قتادة ، قال : قالت بنو إسرائيل : يا رب أنت في السماء ونحن في الأرض ، فكيف لنا أن نعرف رضاك وغضبك ؟ قال : « إذا رضيت عنكم استعملت عليكم خياركم ، وإذا غضبت عليكم استعملت عليكم شراركم »

(1/45)


42 - حدثنا عبد الله بن صالح المصري ، قال : حدثني الليث وهو ابن سعد قال : حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، أن زيد بن أسلم ، حدثه عن عطاء بن يسار ، قال : أتى رجل كعبا وهو في نفر ، فقال : يا أبا إسحاق حدثني عن الجبار . فأعظم القوم قوله ، فقال كعب : دعوا الرجل ، فإن كان جاهلا تعلم ، وإن كان عالما ازداد علما ، ثم قال كعب : « أخبرك أن الله خلق سبع سموات ، ومن الأرض مثلهن ، ثم جعل ما بين كل سماءين كما بين السماء الدنيا والأرض ، وكثفهن (1) مثل ذلك ، ثم رفع العرش فاستوى عليه ، فما في السموات سماء إلا لها أطيط (2) كأطيط الرحل العلافي أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهن »
__________
(1) الكثف : السُّمْك والارتفاع
(2) الأطيط : أصوات الإبل والمراد وجود أصوات شديدة دلالة على كثرة الملائكة وازدحامها

(1/46)


43 - حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث ، قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني سالم بن عبد الله ، أن كعب الأحبار ، قال لعمر رضي الله عنه : « ويل (1) لسلطان الأرض من سلطان السماء . قال عمر : إلا من حاسب نفسه . فقال كعب : إلا من حاسب نفسه . وكبر عمر وخر ساجدا »
__________
(1) الويل : الحزن والهلاك والعذاب وقيل وادٍ في جهنم

(1/47)


44 - حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، ثنا أبي ، عن نضر أبي عمر الخزاز ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « سيد السموات السماء التي فيها العرش ، وسيد الأرضين التي نحن عليها ، وسيد الشجر العوسج ، ومنه عصا موسى »

(1/48)


45 - حدثنا القعنبي ، ثنا ثابت بن قيس أبو الغصن ، عن أبي سعيد المقبري ، عن أسامة بن زيد ، رضي الله عنهما قال : قلت : يا رسول الله رأيتك تصوم من الشهر شيئا ما لا تصومه من الشهور أكثر إلا رمضان قال : « أي شهر ؟ » ، قلت : شعبان . قال : « هو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم »

(1/49)


46 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ، فإذا كانت صلاة الفجر نزلت ملائكة النهار ، فشهدوا معكم الصلاة ، وصعدت ملائكة الليل ، ومكثت فيكم ملائكة النهار ، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم : ما تركتم عبادي يصنعون ؟ ، فيقولون : جئناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون ، فإذا كانت صلاة العصر نزلت ملائكة الليل فشهدوا معكم الصلاة ، ثم صعدت ملائكة النهار ، ومكثت معكم ملائكة الليل » قال : « فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم فيقول : ما تركتم عبادي يصنعون ؟ » قال : « فيقولون : جئناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون قال : فحسبته أنه قال : » فاغفر لهم يوم الدين «

(1/50)


47 - حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن زيد ، عن عاصم ، عن زر ، قال : أتيت حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما ، فقلت : أخبرني عن صلاة ، رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت المقدس ليلة أسري (1) به . قال : ما يخبرك ذاك ؟ ، قلت : القرآن ، فقرأت : ( سبحان الذي أسرى بعبده من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) . قال : هكذا هو في قراءة عبد الله . قال : هل تراه صلى فيه يا أصلع ؟ قلت : لا ، قال : فإنه أتاه بدابة ، فوصفها عاصم بحمار ، فحمله عليها ، أحدهما رديف (2) صاحبه ، ثم انطلقا ، فأري ما في السموات ، وأري ، ثم عادا عودهما على بدئهما ، فلم يصل فيه ، ولو صلى فيه لكانت سنة
__________
(1) الإسراء : السير ليلا
(2) الرديف : الراكب خلف قائد الدابة

(1/51)


48 - حدثنا عمرو بن خالد الحراني ، ثنا ابن لهيعة ، عن بكر بن سوادة ، عن أبي تميم الجيشاني ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس ، فعرج به إلى الرب في راحته ، فيقول : أي رب عبدك هذا ذكر أم أنثى ؟ فيقضي الله إليه ما هو قاض ، ثم يقول : أي رب أشقي أم سعيد ؟ فيكتب بين عينيه ما هو لاق » قال : وتلا أبو ذر من فاتحة التغابن خمس آيات « قال أبو سعيد رحمه الله : وإلى من يعرج الملك بالمني ، والله بزعمكم الكاذب في رحم المرأة وجوفها مع المني ؟

(1/52)


49 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن أبي موسى ، رضي الله عنه قال : قام بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات ، فقال : « إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره » قال أبو سعيد رحمه الله : فإلى من ترفع الأعمال ، والله بزعمكم الكاذب مع العامل بنفسه في بيته ، ومسجده ، ومنقلبه ، ومثواه ؟ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا . والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ، والتابعين ، ومن بعدهم في هذا أكثر من أن يحصيها كتابنا هذا ، غير أنا قد اختصرنا من ذلك ما يستدل به أولو الألباب أن الأمة كلها والأمم السالفة قبلها لم يكونوا يشكون في معرفة الله تعالى أنه فوق السماء ، بائن من خلقه ، غير هذه العصابة الزائغة عن الحق ، المخالفة للكتاب وأثارات العلم كلها ، حتى لقد عرف ذلك كثير من كفار الأمم وفراعنتهم . ( وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب ، أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى (1) ) . واتخذ فرعون إبراهيم النسور والتابوت يرومون الاطلاع إلى الله تعالى في السماء ، وذلك لما أن الأنبياء عليهم السلام كانوا يدعونهم إلى الله بذلك ، وقالت بنو إسرائيل : يا رب أنت في السماء ونحن في الأرض . وأشباه هذا كثير ، يطول إن ذكرناها وظاهر القرآن وباطنه كله يدل على ذلك ، لا لبس فيه ، ولا تأول إلا لمتأول جاحد يكابر الحجة ، وهو يعلم أنها عليه . قال الله تبارك وتعالى : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب (2) ) . وقوله : ( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ، وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان (3) ) . وقوله : ( حم تنزيل من الرحمن الرحيم (4) ) . ( تنزيل من حكيم حميد (5) ) . ( إنا أنزلناه في ليلة القدر (6) ) . ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة (7) ) . ( سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات (8) ) . وما أشبه هذا في كتاب الله كثير ، كل ذلك دليل على أن الله عز وجل أنزله من السماء من عنده ، ولو كان على ما يدعي هؤلاء الزائغة أنه تحت الأرض وفوقها كما هو على العرش فوق السماء السابعة لقال جل ذكره في بعض الآيات : إنا أطلعناه إليك ، ورفعناه إليك ، وما أشبهه . وقال : ( وما نتنزل إلا بأمر ربك (9) ) و ( نزل به الروح الأمين (10) ) و ( قل نزله روح القدس من ربك بالحق (11) ) . ولم يقل : ما نخرج من تحت الأرض ، ولا يصعد منها قال أبو سعيد رحمه الله : فظاهر القرآن وباطنه يدل على ما وصفنا من ذلك ، نستغني فيه بالتنزيل عن التفسير ، ويعرفه العامة ، والخاصة ، فليس منه لمتأول تأول ، إلا لمكذب به في نفسه ، مستتر بالتأويل . ويلكم إجماع من الصحابة والتابعين وجميع الأمة ، من تفسير القرآن والفرائض والحدود والأحكام : نزلت آية كذا في كذا ، ونزلت آية كذا في كذا ، ونزلت سورة كذا في مكان كذا . لا نسمع أحدا يقول : طلعت من تحت الأرض ، ولا جاءت من أمام ، ولا من خلف ، ولكن كله : نزلت من فوق . وما يصنع بالتنزيل من هو بنفسه في كل مكان . إنما يكون شبه مناولة ، لا تنزيلا من فوق السماء مع جبريل ، إذ يقول سبحانه وتعالى : ( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ) . والرب بزعمكم الكاذب في البيت معه ، وجبريل يأتيه من خارج . هذا واضح ، ولكنكم تغالطون ، فمن لم يقصد بإيمانه وعبادته إلى الله الذي استوى على العرش فوق سمواته ، وبان من خلقه ، فإنما يعبد غير الله ، ولا يدري أين الله
__________
(1) سورة : غافر آية رقم : 36
(2) سورة : الكهف آية رقم : 1
(3) سورة : آل عمران آية رقم : 3
(4) سورة : فصلت آية رقم : 1
(5) سورة : فصلت آية رقم : 42
(6) سورة : القدر آية رقم : 1
(7) سورة : الدخان آية رقم : 3
(8) سورة : النور آية رقم : 1
(9) سورة : مريم آية رقم : 64
(10) سورة : الشعراء آية رقم : 193
(11) سورة : النحل آية رقم : 102

(1/53)


50 - حدثنا مهدي بن جعفر الرملي ، ثنا جعفر بن عبد الله ، وكان ، من أهل الحديث ثقة ، عن رجل قد سماه لي ، قال : جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال : يا أبا عبد الله ( الرحمن على العرش استوى (1) ) ، كيف استوى ؟ قال : فما رأينا مالكا وجد (2) من شيء كوجده من مقالته ، وعلاه الرحضاء (3) ، وأطرق ، وجعلنا ننتظر ما يأمر به فيه . قال : ثم سري (4) عن مالك ، فقال : « الكيف غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وإني لأخاف أن تكون ضالا . ثم أمر به فأخرج » قال أبو سعيد رحمه الله : وصدق مالك ، لا يعقل منه كيف ، ولا يجهل منه الاستواء ، والقرآن ينطق ببعض ذلك في غير آية . فهذه الأشياء التي اقتصصنا في هذا الباب ، قد خلص علم كثير منها إلى النساء والصبيان ، ونطق بكثير منها كتاب الله تعالى ، وصدقته الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه والتابعين ، وليس هذا من العلم الذي يشكل على أحد من العامة والخاصة ، إلا على هذه العصابة الملحدة في آيات الله ، لم يزل العلماء يروون هذه الآثار ، ويتناسخونها ، ويصدقون بها على ما جاءت ، حتى ظهرت هذه العصابة ، فكذبوا بها أجمع ، وجهلوهم ، وخالفوا أمرهم ، خالف الله بهم . ثم ما قد روي في ، قبض الأرواح ، وصعود الملائكة بها إلى الله تعالى من السماء ، وما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من قصته حين أسري به ، فعرج به إلى سماء بعد سماء ، حتى انتهي به إلى سدرة المنتهى التي ينتهي إليها علم الخلائق فوق سبع سموات ، ولو كان في كل مكان كما يزعم هؤلاء ، ما كان للإسراء والبراق والمعراج إذا من معنى ، وإلى من يعرج به إلى السماء ، وهو بزعمكم الكاذب معه في بيته في الأرض ، ليس بينه وبينه ستر ، تبارك اسمه ، وتعالى عما تصفون
__________
(1) سورة : طه آية رقم : 5
(2) الوجد : الغضب ، والحزن والمساءة وأيضا : وَجَدْتُ بِفُلانَة وَجْداً، إذا أحْبَبْتها حُبّا شَديدا.
(3) الرحضاء : العرق الكثير
(4) سري عنه : أفاق من إغماءة أخذته

(1/54)


51 - حدثنا عبد الله بن صالح المصري ، قال : حدثني الليث يعني ابن سعد ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه قال : كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل ، فعرج بي إلى السماء الدنيا ، فلما جئنا السماء الدنيا قال جبريل لخازن سماء الدنيا : افتح قال : من هذا ؟ قال : هذا جبريل . قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم ، معي محمد . قال : أرسل إليه ؟ قال : نعم . قال : فافتتح ، فلما علونا السماء الدنيا . » وساق الحديث إلى قوله : قال أنس : فذكر أنه وجد في السموات آدم ، وإدريس ، وموسى ، وعيسى وإبراهيم

(1/55)


52 - قال ابن شهاب : وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري رضي الله عنهما يقولان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثم عرج بي ، حتى ظهرت لمستوى أسمع صريف (1) الأقلام » قال : « ثم انطلق بي ، حتى انتهي بي إلى سدرة المنتهى ، فغشيها ألوان لا أدري ما هي » حدثنا أحمد بن صالح ، عن ابن وهب ، عن يونس ، بإسناده نحو معناه
__________
(1) الصريف : الصوت

(1/56)


53 - حدثنا عبد الله بن أبي شيبة أبو بكر ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن البراء ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة ، أنزل الله إليه من السماء ملائكة . » وساق الحديث . قال : « فيخرج روحه ، فيصعدون به ، حتى ينتهوا به إلى السماء ، فيستفتح ، فيفتح له ، حتى ينتهى به إلى السماء السابعة ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين (1) في السماء السابعة ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى . وأما الكافر » قال : « ينتهى به إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون ، فلا يفتح له » ، ثم قرأ : ( لا تفتح لهم أبواب السماء (2) ) الآية . قال : « فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في سجين ، في الأرض السفلى ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى . فيطرح طرحا . » وساق الحديث بطوله « قال أبو سعيد : ففي قوله تبارك وتعالى : ( لا تفتح لهم أبواب السماء ) دلالة ظاهرة أن الله عز وجل فوق السماء ، لأن أبواب السماء إنما تفتح لأرواح المؤمنين ، ولرفع أعمالهم إلى الله عز وجل منها ، ولما سوى ذلك مما يشاء الله تعالى ، فإذا كان مع الميت والعامل بنفسه في الأرض فإلى من يعرج بأرواحهم وأعمالهم ؟ ولم تفتح أبواب السماء لقوم وتغلق عن آخرين ، إذا كان الله بزعمكم في الأرض ؟ وما منزلة قول الله عز وجل عندهم إذ ( لا تفتح لهم أبواب السماء ) . فمن آمن بهذا القرآن الذي احتججنا منه بهذه الآيات ، وصدق هذا الرسول الذي روينا عنه هذه الروايات ، لزمه الإقرار بأن الله بكماله فوق عرشه ، فوق سمواته ، وإلا فليحتمل قرآنا غير هذا ؛ فإنه غير مؤمن بهذا . ومما يحقق قولنا ويبطل دعواهم احتجاب الله عز وجل من الخلق فوق السموات العلى
__________
(1) عِلِّيُّون : اسم للسماء السابعة، وقيل : هو اسمٌ لدِيوَان الملائكة الحَفَظَة، تُرْفَع إليه أعمالُ الصالحين من العباد، وقيل : أراد أعْلَى الأمْكِنَة وأشْرَفَ المرَاتِب من اللّه في الدار الآخرة.
(2) سورة : الأعراف آية رقم : 40

(1/57)


باب الاحتجاب قال الله تبارك وتعالى : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب (1) )
__________
(1) سورة : الشورى آية رقم : 51

(1/58)


54 - حدثنا علي بن المديني ، ثنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفاكه الأنصاري ، ثم السلمي قال : سمعت طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمة الأنصاري ، ثم السلمي يقول : سمعت جابر بن عبد الله ، رضي الله عنهما يقول : نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « يا جابر ما لي أراك مهتما ؟ » قال : قلت : استشهد أبي وترك دينا عليه وعيالا . فقال : « ألا أخبرك ؟ ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب (1) ، وكلم أباك كفاحا (2) ، فقال : يا عبدي ، تمن علي أعطك » وساق علي الحديث «
__________
(1) الحجاب : الحاجز والمانع والساتر
(2) كفاحا : مواجهة أي ليس بينهما حجاب ولا رسول

(1/59)


55 - حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، أنبأ هشيم ، عن داود ، عن الشعبي ، قال : ثنا مسروق ، قال : بينا أنا عند عائشة أم المؤمنين ، فقالت : يا أبا عائشة من زعم أن محمدا ، رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ، وتلت : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير (1) ) . ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب (2) )
__________
(1) سورة : الأنعام آية رقم : 103
(2) سورة : الشورى آية رقم : 51

(1/60)


56 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن أبي موسى ، رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع ، فقال : « إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات (1) وجهه كل شيء أدركه بصره »
__________
(1) السبحات : جمع سبحة وهي النور والضياء والبهاء

(1/61)


57 - حدثنا محبوب بن موسى الأنطاكي ، أنبأ أبو إسحاق الفزاري ، عن سفيان ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما قال : « احتجب الله من خلقه بأربع : بنار وظلمة ، ونور وظلمة »

(1/62)


58 - حدثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة ، ثنا حماد وهو ابن سلمة قال : أنبأ أبو عمران الجوني ، عن زرارة بن أوفى ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل : « هل رأيت ربك ؟ . فانتفض جبريل وقال : يا محمد إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور ، لو دنوت من أدناها لاحترقت » قال أبو سعيد : من يقدر قدر هذه الحجب التي احتجب الجبار بها ؟ ومن يعلم كيف هي غير الذي أحاط بكل شيء علما ؟ ( وأحصى كل شيء عددا (1) ) . ففي هذا أيضا دليل أنه بائن من خلقه ، محتجب عنهم ، لا يستطيع جبريل مع قربه إليه الدنو من تلك الحجب ، وليس كما يقول هؤلاء الزائغة : إنه معهم في كل مكان ، ولو كان كذلك ما كان للحجب هناك معنى ، لأن الذي هو في كل مكان لا يحتجب بشيء من شيء ، فكيف يحتجب من هو خارج الحجاب كما هو من ورائه ؟ فليس لقول الله عز وجل : ( من وراء حجاب (2) ) عند القوم مصداق . والآثار التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نزول الرب تبارك وتعالى تدل على أن الله عز وجل فوق السموات على عرشه ، بائن من خلقه
__________
(1) سورة : الجن آية رقم : 28
(2) سورة : الشورى آية رقم : 51

(1/63)


باب النزول قال أبو سعيد رحمه الله : فمما يعتبر به من كتاب الله عز وجل في النزول ، ويحتج به على من أنكره ، قوله تعالى : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة (1) ) . وقوله : ( وجاء ربك والملك صفا صفا (2) ) . وهذا يوم القيامة إذا نزل الله ليحكم بين العباد ، وهو قوله : ( ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ، الملك يومئذ الحق للرحمن ، وكان يوما على الكافرين عسيرا (3) ) . فالذي يقدر على النزول يوم القيامة من السموات كلها ليفصل بين عباده قادر أن ينزل كل ليلة من سماء إلى سماء ، فإن ردوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول ، فماذا يصنعون بقول الله عز وجل تبارك وتعالى ؟
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 210
(2) سورة : الفجر آية رقم : 22
(3) سورة : الفرقان آية رقم : 25

(1/64)


59 - حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، أنبأ أبو عوانة ، عن أبي إسحاق ، عن الأغر أبي مسلم ، قال : أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل هبط فقال : من تائب فيتاب عليه ؟ من داع فيستجاب له ؟ من مستغفر ؟ من مذنب ؟ من سائل فيعطى ؟ »

(1/65)


60 - حدثنا يحيى بن بكير المصري ، ثنا مالك وهو ابن أنس ، عن ابن شهاب ، عن أبي عبد الله الأغر ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني أستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ ومن يستغفرني فأغفر له ؟ » قال أبو سعيد وزادني فيه أحمد بن صالح ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، بإسناده

(1/66)


61 - قال : وقال هشام الدستوائي : عن يحيى وهو ابن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، أن رفاعة الجهني ، حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا مضى ثلث الليل ، أو شطر (1) الليل ، أو ثلثا الليل ، يتنزل الله إلى سماء الدنيا ، فيقول : لا أسأل عن عبادي أحدا غيري ، من يستغفرني أغفر له ؟ من يدعوني أستجيب له ؟ ومن يسألني أعطيه ؟ حتى ينفجر (2) الصبح »
__________
(1) الشطر : النصف
(2) ينفجر : ينشق ويظهر ضياؤه

(1/67)


62 - حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري ، أنبأ الليث يعني ابن سعد ، قال : حدثني زيادة بن محمد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن فضالة بن عبيد ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله تبارك وتعالى ينزل في ثلاث ساعات من الليل يفتح الذكر ، فينظر الله في الساعة الأولى منهن في الكتاب الذي لم يره غيره ، فيمحو ما يشاء ، ويثبت ما يشاء ، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن ، وهي داره التي لم ترها عين ، ولم تخطر على قلب بشر ، وهي مسكنه ، ولا يسكنها معه من بني آدم غير ثلاثة : النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، ثم يقول : طوبى (1) لمن دخلك ، ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته ، فتنتفض ، فيقول : قومي بعزتي ثم يطلع إلى عباده ، فيقول : هل من مستغفر أغفر له ؟ وهل من داع أجيب ؟ حتى تكون صلاة الفجر » ، ولذلك يقول : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا (2) ) يشهده الله وملائكة الليل والنهار «
__________
(1) طوبى : اسم الجنة ، وقيل هي شجرة فيها
(2) سورة : الإسراء آية رقم : 78

(1/68)


63 - حدثنا حفص بن عمر النمري أبو عمر الحوضي ، ثنا هشام وهو الدستوائي ، عن يحيى وهو ابن أبي كثير ، عن أبي جعفر ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا بقي ، أو قال : مضى ثلث الليل ينزل الله إلى سماء الدنيا فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسترزقني فأرزقه ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستكشف الضر أكشف عنه ؟ حتى ينفجر (1) الصبح »
__________
(1) ينفجر : ينشق ويظهر ضياؤه

(1/69)


64 - حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، أنبأ خالد يعني عبد الله ، عن الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله يفتح أبواب السماء في ثلث الليل ، فيهبط إلى السماء الدنيا ، فيبسط يديه ، فيقول : ألا عبد يسألني فأعطيه ؟ إلى طلوع الفجر »

(1/70)


65 - حدثنا عبد العزيز بن يوسف الحراني أبو الأصبغ ، قال : حدثني محمد يعني ابن سلمة الحراني ، عن محمد بن إسحاق ، عن سعيد المقبري ، عن عطاء ، مولى أم صبية ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « » لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ، ولأخرت العشاء الآخرة حتى يذهب ثلث الليل ، فإنه إذا ذهب ثلث الليل الأول هبط الله إلى السماء الدنيا ، فلا يزال بها حتى يطلع الفجر ، يقول قائل : ألا من سائل فيعطى ، ألا من داع فيستجاب له ؟ ، ألا من مريض يستشفى فيشفى ؟ ألا من مذنب يستغفر فيغفر له ؟ « » حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق ، بإسناده نحوه . قال عمرو : وثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ، قال : وحدثني عمي عبد الرحمن بن يسار ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه

(1/71)


66 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا أبو عوانة ، عن طارق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : إن الله يمهل حتى إذا مضى ثلث الليل هبط إلى سماء الدنيا ، ثم قال : هل من تائب فيتاب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من سائل يعطى ؟

(1/72)


67 - حدثنا الزهراني أبو الربيع ، ثنا حماد يعني ابن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن عبيد بن عمير ، قال : إذا مضى ثلث ، أو : بقي نصف الليل ، ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا ، فيقول : « من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه ؟ »

(1/73)


باب النزول ليلة النصف من شعبان

(1/74)


68 - حدثنا الأصبغ بن الفرج المصري ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن عبد الملك ، عن مصعب بن أبي الحارث ، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر ، عن أبيه ، أو عن عمه ، عن جده أبي بكر ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ينزل ربنا تبارك وتعالى ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لكل نفس إلا مشرك بالله ومشاحن »

(1/75)


باب النزول يوم عرفة

(1/76)


69 - حدثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة ، وعلي بن عثمان اللاحقي ، قالا : ثنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن عاصم بن أبي النجود ، قال : قالت أم سلمة رضي الله عنها : « نعم اليوم يوم عرفة ، ينزل فيه رب العزة إلى السماء الدنيا »

(1/77)


باب نزول الرب تبارك وتعالى يوم القيامة للحساب

(1/78)


70 - حدثنا نعيم بن حماد ، عن إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يجمع الله الناس يوم القيامة ، فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه » ، وساق الحديث إلى قوله : « وتبقى هذه الأمة ، فيقولون : هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاء ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله عز وجل ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا ، فيتبعونه » ، وساق نعيم الحديث إلى آخره «

(1/79)


71 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد وهو ابن سلمة ، عن ثابت ، وحميد ، وعلي بن زيد ، عن الحسن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يأتينا ربنا يوم القيامة ونحن على مكان رفيع ، فيتجلى (1) لنا ضاحكا »
__________
(1) يتجلى : يظهر

(1/80)


72 - حدثنا نعيم بن حماد ، ثنا ابن المبارك ، أنبأ سليمان التيمي ، عن أبي نضرة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : ينادي مناد بين يدي الساعة : أتتكم الساعة ، حتى يسمعها كل حي وميت . قال : فينادي المنادي : ( لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار (1) )
__________
(1) سورة : غافر آية رقم : 16

(1/81)


73 - حدثنا عبد الله بن صالح المصري ، قال : حدثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه أنه قال وتلا هذه الآية : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض (1) ) قال : يبدلها الله يوم القيامة بأرض من فضة ، لم يعمل عليها الخطايا ، ينزل عليها الجبار تبارك وتعالى
__________
(1) سورة : إبراهيم آية رقم : 48

(1/82)


74 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد وهو ابن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في هذه الآية : ( يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا (1) ) قال : ينزل أهل سماء الدنيا ، وهم أكثر من أهل الأرض ومن الجن والإنس ، فيقول أهل الأرض : أفيكم ربنا ؟ فيقولون : لا ، وسيأتي ، ثم تشقق السماء الثانية . وساق أبو سلمة الحديث إلى السماء السابعة قال : فيقولون : أفيكم ربنا ؟ فيقولون : لا ، وسيأتي ، ثم يأتي الرب تبارك وتعالى في الكروبيين ، وهم أكثر من أهل السموات والأرض
__________
(1) سورة :

(1/83)


75 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا أبو عوانة ، ثنا الأجلح ، ثنا الضحاك بن مزاحم ، قال : « إن الله يأمر السماء يوم القيامة فتنشق بمن فيها ، فيحيطون بالأرض ومن فيها ، ويأمر السماء الثانية ، حتى ذكر سبع سموات ، فيكونون سبعة صفوف قد أحاطوا بالناس . قال : ثم ينزل الله في بهائه وجماله ، ومعه ما شاء من الملائكة ، على مجنبته اليسرى جهنم ، فإذا رآها الناس تلظى وسمعوا زفيرها وشهيقها ند الناس في الأرض ، فلا يأتون قطرا من أقطارها إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة ، وذلك قول الله عز وجل : ( يوم التناد (1) ) . يقول : يند الناس ، فيقول الله عز وجل : ( إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا ، لا تنفذون إلا بسلطان (2) ) . وذلك قوله عز وجل : ( إذا دكت الأرض دكا دكا ، وجاء ربك والملك صفا صفا ، وجيء يومئذ بجهنم (3) ) . و ( ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا (4) ) . ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ، والملك على أرجائها (5) ) . قال : قلت : فما أرجاؤها ؟ قال : حافتها »
__________
(1) سورة : غافر آية رقم : 32
(2) سورة : الرحمن آية رقم : 33
(3) سورة : الفجر آية رقم : 21
(4) سورة : الفرقان آية رقم : 25
(5) سورة : الحاقة آية رقم : 16

(1/84)


باب نزول الله لأهل الجنة

(1/85)


76 - حدثنا هشام بن خالد الدمشقي ، وكان ثقة ، ثنا محمد بن شعيب وهو ابن شابور ، أنبأ عمر بن عبد الله ، مولى غفرة قال : سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل وفي يده كهيئة المرآة البيضاء ، وفيها نكتة سوداء ، قلت : ما هذه يا جبريل ؟ قال : هذه الجمعة ، بعث بها إليك ربك ، تكون عيدا لك ولأمتك من بعدك ، قلت : وما لنا فيها ؟ قال : لكم فيها خير كثير ، أنتم الآخرون السابقون يوم القيامة ، وفيها ساعة لا يوافقها عبد يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه ، قلت : ما هذه النكتة السوداء ؟ قال : هذه الساعة ، تكون يوم الجمعة ، وهو سيد الأيام ، ونحن نسميه عندنا يوم المزيد ، قلت : وما المزيد يا جبريل ؟ قال : ذلك بأن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة من أيام الآخرة هبط الرب تبارك وتعالى عن عرشه إلى كرسيه ، وحف الكرسي بمنابر من نور ، فيجلس عليها النبيون ، وحف المنابر بكراسي من ذهب ، فيجلس عليها الصديقون والشهداء ، ويهبط أهل الغرف من غرفهم ، فيجلسون على كثبان المسك ، لا يرون لأهل المنابر والكراسي عليهم فضلا في المجلس ، ثم يتبدى لهم ذو الجلال والإكرام ، فيقول : سلوني فيقولون بأجمعهم : نسألك الرضا ، فيشهدهم على الرضا ، ثم يسألونه ، حتى تنتهي نهية كل عبد منهم ، ثم يسعى عليهم بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ثم يرتفع الرب عن كرسيه إلى عرشه ، ويرتفع أهل الغرف إلى غرفهم ، وهي غرفة من لؤلؤة بيضاء ، أو زبرجدة (1) خضراء ، أو ياقوتة (2) حمراء ، ليس فيها قصم ، ولا وصم ، مطردة فيها أنهارها ، متدلية فيها ثمارها ، فيها أزواجها وخدمها ومساكنها ، فليس أهل الجنة إلى شيء أشوق منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا قربا من الله ورضوانا »
__________
(1) الزبرجد : الزمرد وهو حجر كريم
(2) الياقوت : حجر كريم من أجود الأنواع وأكثرها صلابة بعد الماس ، خاصة ذو اللون الأحمر

(1/86)


77 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا جرير ، عن ليث ، عن عثمان بن أبي حميد ، عن أنس ، رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أتاني جبريل في كفه كالمرآة البيضاء ، فيها كالنكتة السوداء ، فقلت : ما هذا الذي في يدك ؟ قال : الجمعة ، قلت : وما الجمعة ؟ قال : لكم فيها خير ، وهو عندنا سيد الأيام ، ونحن نسميه يوم القيامة المزيد ، قلت » ولم ذاك ؟ قال : لأن الرب تبارك وتعالى اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة ينزل على كرسيه من عليين ، أو نزل من عليين على كرسيه ، ثم حف الكرسي بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر ، ثم يجيء النبيون حتى يجلسوا على تلك المنابر ، ثم ينزل أهل الغرف حتى يجلسوا على ذلك الكثيب ، ثم يتجلى لهم ربهم فيقول : أنا الذي صدقتكم وعدي ، وأتممت عليكم نعمتي ، وهذا محل كرامتي ، فسلوني « وساق عثمان بن أبي شيبة الحديث إلى قوله : » وذلك مقدار منصرفهم من الجمعة ، ثم يرتفع إلى عرشه عن كرسيه ، ويرتفع معه النبيون والصديقون والشهداء ، أو النبيون والشهداء والصديقون ، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم «

(1/87)


78 - حدثنا عبد الله بن صالح المصري ، قال : حدثني حرملة بن عمران ، عن سليمان بن حميد ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي ، يحدث عن عمر بن عبد العزيز ، قال : فإذا فرغ الله عز وجل من أهل الجنة والنار ، أقبل الله عز وجل ( في ظلل من الغمام والملائكة (1) ) . فسلم على أهل الجنة في أول درجة ، فيردون عليه السلام . قال القرظي : وهذا في القرآن ( سلام قولا من رب رحيم (2) ) . فيقول : سلوني قال : ففعل ذلك بهم في درجهم حتى يستوي في مجلسه ، ثم يأتيهم التحف من الله تحملها الملائكة إليهم قال أبو سعيد : فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن ، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا ، لا ينكرها منهم أحد ولا يمتنع من روايتها ، حتى ظهرت هذه العصابة فعارضت آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم برد ، وتشمروا لدفعها بجد ، فقالوا : كيف نزوله هذا ؟ قلنا : لم نكلف معرفة كيفية نزوله في ديننا ، ولا تعقله قلوبنا ، وليس كمثله شيء من خلقه فنشبه منه فعلا أو صفة بفعالهم وصفتهم ، ولكن ينزل بقدرته ولطف ربوبيته كيف يشاء ، فالكيف منه غير معقول ، والإيمان بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في نزوله واجب ، ولا يسأل الرب عما يفعل كيف يفعل وهم يسألون ، لأنه القادر على ما يشاء أن يفعله كيف يشاء ، وإنما يقال لفعل المخلوق الضعيف الذي لا قدرة له إلا ما أقدره الله تعالى عليه : كيف يصنع ؟ وكيف قدر ؟ . ولو قد آمنتم باستواء الرب على عرشه ، وارتفاعه فوق السماء السابعة بدءا إذ خلقها ، كإيمان المصلين به ، لقلنا لكم : ليس نزوله من سماء إلى سماء بأشد عليه ، ولا بأعجب من استوائه عليها إذ خلقها بدءا ، فكما قدر على الأولى منهما كيف يشاء ، فكذلك يقدر على الأخرى كيف يشاء . وليس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في نزوله بأعجب من قول الله تبارك وتعالى : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) . ومن قوله : ( وجاء ربك والملك صفا صفا (3) ) . فكما يقدر على هذا يقدر على ذاك . فهذا الناطق من قول الله عز وجل ، وذاك المحفوظ من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخبار ليس عليها غبار ، فإن كنتم من عباد الله المؤمنين ، لزمكم الإيمان بها ، كما آمن بها المؤمنون ، وإلا فصرحوا بما تضمرون ، ودعوا هذه الأغلوطات التي تلوون بها ألسنتكم ، فلئن كان أهل الجهل في شك من أمركم ، إن أهل العلم من أمركم لعلى يقين . قال : فقال قائل منهم : معنى إتيانه في ظلل من الغمام ، ومجيئه والملك صفا صفا ، كمعنى كذا وكذا . قلت : هذا التكذيب بالآية صراحا ، تلك معناها بين للأمة ، لا اختلاف بيننا وبينكم وبين المسلمين في معناها المفهوم المعقول عند جميع المسلمين ، فأما مجيئه يوم القيامة ، وإتيانه في ظلل من الغمام والملائكة ، فلا اختلاف بين الأمة أنه إنما يأتيهم يومئذ كذلك لمحاسبتهم ، وليصدع بين خلقه ويقررهم بأعمالهم ، ويجزيهم بها ، ولينصف المظلوم من الظالم ، لا يتولى ذلك أحد غيره تبارك اسمه وتعالى جده ، فمن لم يؤمن بذلك لم يؤمن بيوم الحساب . ولكن إن كنتم محقين في تأويلكم هذا وما ادعيتم من باطلكم ، ولستم كذلك ، فأتوا بحديث يقوي مذهبكم فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو بتفسير تأثرونه صحيحا عن أحد من الصحابة أو التابعين كما أتيناكم به عنهم نحن لمذهبنا ، وإلا فمتى نزلت الجهمية من العلم بكتاب الله وبتفسيره المنزلة التي يجب على الناس قبول قولهم فيه ، وترك ما يؤثر من خلافهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه ، وعن التابعين بعدهم . هذا حدث كبير في الإسلام ، وظلم عظيم أن يتبع تفسيركم كتاب الله بلا أثر ، ويترك المأثور فيه الصحيح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ، رضي الله عنهم ؟ . ومتى ما قدرتم أن تجامعوا أهل العلم في مجالسهم ، أو تنتحلوا شيئا من العلم في آباد الدهر إلا منافقة واستتارا ، حتى تتقلدوا اليوم من تفسير كتاب الله ما كان يتوقى أوضح منه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ لقد عدوتم طوركم ، وأنزلتم أنفسكم المنزلة التي بعدكم الله منها ، ثم المسلمون . ولو لم يوجد فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه خبر ولا أثر لم تكونوا مؤتمنين على كتاب الله وتفسيره أن يلتفت إلى شيء من أقاويلكم ، أو يعتمد على شيء من تفسيركم كتاب الله ، لما ظهر للأمة من إلحادكم ، فكيف إذا هم خالفوكم ؟ . قال أبو سعيد رحمه الله : ومما يرد هذا ويبطله قوله تعالى : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك (4) ) الآية . فهذا مما يحقق دعوانا ويبطل دعواكم التي تخرصتموها عدوا بغير علم في إتيان الله تعالى ومجيئه يوم القيامة والملك صفا صفا . فإن أبيتم إلا لزوما لتفسيركم هذا ، ومخالفة لما احتججنا به من كتاب الله وآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه ليس لكم من الرسوخ في العلم والمعرفة بالكتاب والسنة ما يعتمد فيه على تفسيركم لو قد أصبتم الحق ، فكيف إذا أنتم أخطأتموه . ولكن بيننا وبينكم حجة واضحة يعقلها من شاء الله من النساء والولدان ، ألستم تعلمون أنا قد أتيناكم بهذه الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه والتابعين ، منصوصة صحيحة عنهم ، أن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا ، وقد علمتم يقينا أنا لم نخترع هذه الروايات ، ولم نفتعلها ، بل رويناها عن الأئمة الهادين الذين نقلوا أصول الدين وفروعه إلى الأنام ، وكانت مستفيضة في أيديهم ، يتنافسون فيها ، ويتزينون بروايتها ، ويحتجون بها على من خالفها ، قد علمتم ذلك ورويتموها كما رويناها إن شاء الله ، فائتوا ببعضها ، أنه لا ينزل منصوصا كما روينا عنهم النزول منصوصا ، حتى يكون بعض ما تأتون به ضدا لبعض ما أتيناكم به ، وإلا لم يدفع إجماع الأمة وما ثبت عنهم في النزول منصوصا بلا ضد منصوص من قولهم ، أو من قول نظرائهم ، ولم يدفع شيء بلا شيء ، لأن أقاويلهم ورواياتهم شيء لازم وأصل منيع ، وأقاويلكم ريح ليست بشيء ، ولا يلزم أحدا منها شيء إلا أن تأتوا فيها بأثر ثابت مستفيض في الأمة كاستفاضة ما روينا عنهم ، ولن تأتوا به أبدا ، هذا واضح بين يعقله كثير من ضعفاء الرجال والنساء ، وتعقلونه أنتم إن شاء الله ، فإنه ليس لكم من الغفلة كل ما لا تعلمون أن هذه الحجج آخذة بحلوقكم ، غير أنكم تقصدون شيئا لا ينقاد إلا بدفع هذه الحجج والآثار كلها ، تزعمون أن إلهكم الذي كنتم تعبدون في كل مكان ، واقع على كل شيء ، لا حد له ولا منتهى عندكم ، ولا يخلو منه مكان بزعمكم . ثم قلتم : إنما يوصف بالنزول من هو في مكان دون مكان ، فأما من هو في كل مكان فكيف ينزل إلى مكان ؟ . قلنا : هذه صفة خلاف صفة رب العالمين ، ولا نعرف بهذه الصفة شيئا إلا هذا الهواء الداخل في كل مكان ، النازل على كل شيء ، فإن لم يكن ذلك إلهكم الذي تعبدون ، فقد غلبكم عن عبادة الله رأسا ، وصرتم في عبادة ما تعبدون أسوأ منزلة من عبادة الأوثان ، وعبادة الشمس والقمر ، لأن كل صنف منهم عبد شيئا هو عند الخلق شيء ، وعبدتم أنتم شيئا هو عند الخلق لا شيء ، لأن الكلمة قد اتفقت من الخلق كلهم أن الشيء لا يكون إلا بحد وصفة ، وأن لا شيء ليس له حد ولا صفة ، فلذلك قلتم : لا حد له ، وقد أكذبكم الله تعالى ، فسمى نفسه : أكبر الأشياء ، وأعظم الأشياء ، وخلاق الأشياء . قال تعالى : ( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم (5) ) . وقال ( كل شيء هالك إلا وجهه (6) ) . فهو سمى نفسه : أكبر الأشياء ، وأعظم الأشياء ، وخلاق الأشياء ، وله حد ، وهو يعلمه لا غيره
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 210
(2) سورة : يس آية رقم : 58
(3) سورة : الفجر آية رقم : 22
(4) سورة : الأنعام آية رقم : 158
(5) سورة : الأنعام آية رقم : 19
(6) سورة : القصص آية رقم : 88

(1/88)


79 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار البغدادي ، ثنا علي بن الحسن بن شقيق ، عن ابن المبارك ، أنه سئل : بم نعرف ربنا ؟ قال : « بأنه فوق العرش ، فوق السماء السابعة على العرش ، بائن من خلقه » قال : قلت : بحد ؟ قال : « فبأي شيء ؟ » قال أبو سعيد رحمه الله : والحجة لقول ابن المبارك رحمه الله قول الله تبارك وتعالى : ( وترى الملائكة حافين من حول العرش (1) ) . فلماذا يحفون حول العرش إلا لأن الله عز وجل فوقه ، ولو كان في كل مكان لحفوا بالأمكنة كلها ، لا بالعرش دونها ، ففي هذا بيان بين للحد ، وأن الله فوق العرش ، والملائكة حوله حافون يسبحونه ويقدسونه ، ويحمل عرشه بعضهم ، قال الله تعالى : ( الذين يحملون العرش ، ومن حوله يسبحون بحمد ربهم (2) ) . قال أبو سعيد رحمه الله : فسمعت محتجا ، يحتج عنهم في إنكارهم الحد والنزول ، وفي قولهم : هو في كل مكان ، بحديث : « أربعة أملاك التقوا : أحدهم جاء من المشرق ، والآخر من المغرب ، والثالث من السماء ، والرابع من الأرض ، فقالوا أربعتهم : جئنا من عند الله فقلت : إن أفلس الناس من الحديث وأفقرهم فيه الذي لا يجد من الحديث ما يدفع به تلك الأحاديث الصحيحة المشهورة في تلك الأبواب إلا هذا الحديث ، وهو أيضا من الحديث أفلس ، لأن هذا الحديث لو صح كان عليه لا له ، فالحمد لله إذ ألجأتهم الضرورة إلى هذا وما أشبهه ، لأنهم لو وجدوا حديثا منصوصا في دعواهم لاحتجوا به لا بهذا ، ولكن حين أيسوا من ذلك وأعياهم طلبه تعلقوا بهذا الحديث المشتبه على جهال الناس ليروجوا بسببه عليهم أغلوطة ، وسنبين لهم ما اشتبه عليهم من هذا الحديث إن شاء الله ، حتى يعلموا أنه عليهم لا لهم . قلنا : هذا الحديث لو صح لكان معناه مفهوما معقولا ، لا لبس له ، أنهم جاءوا كلهم من عند الله كما قالوا ، لأن الله تعالى على عرشه ، فوق سماواته ، وسماواته فوق أرضه كالقبة ، وكما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو ينزل ملائكة من عنده بالمشرق ، وملائكة بالمغرب ، وملائكة إلى تخوم الأرض ، للأمر من أموره ، ولرحمته ، ولعذابه ، ولما يشاء من أموره ، فلو أنزل أحد هؤلاء الأربعة بالمشرق ، والثاني بالمغرب ، والثالث أنزله من السماء إلى تخوم الأرض للأمر من أموره ، ثم عرجوا منها ، والتقوا جميعا في ملتقى من الأرض مع رابع ، نزل من ملتقاهم من السماء ، فسئلوا جميعا من أين جاءوا ، فقالوا جميعا : جئنا من عند الله ، لكان المعنى فيه صحيحا على مذهبنا ، لا على مذهبكم ، لأن كلا بعثهم الله تعالى من السماء ، وكلا نزلوا من عنده في مواطن مختلفة ، ولو نزل مائة ألف ملك في مائة ألف مكان من الأرض لجاءوا من عند الله ، وإنما قيل : من عند الله ، لأن الله تبارك وتعالى فوق السماء ، والملائكة في السموات ، وبعضهم حافون بعرشه ، فهم أقرب إلى عرش الرحمن من أهل الأرض ، ومما يبين ذلك قوله تعالى : ( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون (3) ) ، ففي هذه الآية بيان لتحقيق ما ادعينا للحد ، فإنه فوق العرش بائن من خلقه ، ولإبطال دعوى الذين ادعوا أن الله في كل مكان ، لأنه لو كان في كل مكان ما كان لخصوص الملائكة أنهم ( عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ) معنى ، بل كانت الملائكة والجن والإنس وسائر الخلق كلهم عند ربك في دعواهم بمنزلة واحدة ، إذ لو كان في كل مكان ، إذا لذهب معنى قوله : ( لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) لأن أكثر أهل الأرض من الجن والإنس من يستكبر عن عبادته ، ولا يسجد له ، ولكن خص الله بهذه الصفة الملائكة الذين هم عنده في السموات ، فأوطئوا بهذه الآية ، واقرعوا بها رءوسهم عند دعواهم : إن الله في كل مكان ، فإنها آخذة بحلوقهم ، لا مفر لهم منها إلا بجحود ، فإن أقروا أنهم من الملائكة الذين عنده دون من سواهم ، فقد أصابوا ما أراد الله ، ونقضوا قولهم : إن الله في كل مكان ، وأقروا له بالحد ، وأنه فوق السموات ، والملائكة عنده : ( لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه ، وله يسجدون ) ، وإن لم يقروا به كانوا بذلك جاحدين لتنزيل الله تعالى ، ويلزمهم في دعواهم أن يشهدوا لجميع عبدة الأوثان ، وعبدة الشمس والقمر ، والجن والإنس ، وكفرة أهل الكتابين والمجوس أنهم كلهم ( عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) لأن الله تعالى قد أخبر أن الذين عنده كذلك صفاتهم ، فإن يكن الخلق كلهم في دعواهم عنده وهو عندهم ، وكل يسبح له ، ويسجد له ، ولا يستكبر عن عبادته ، ومن قال هذا فقد كفر بكتاب الله ، وجحد بآيات الله ، لأن الله تعالى وصف الملائكة الذين عنده بهذه الصفة ، ووصف كفار الجن والإنس ، وعبدة الأوثان بالعتو والاستكبار عن عبادته ، والنفور عن طاعته . قال تعالى : ( لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا (4) ) . ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ، أنسجد لما تأمرنا (5) ) . فافهموا هذه الآية ، فإنها قاطعة لحججهم
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 75
(2) سورة : غافر آية رقم : 7
(3) سورة : الأعراف آية رقم : 206
(4) سورة : الفرقان آية رقم : 21
(5) سورة : الفرقان آية رقم : 60

(1/89)


باب الرؤية قال أبو سعيد رحمه الله : قال الله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة (1) ) . وقال : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ، ثم إنهم لصالوا الجحيم ، ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ) . ففي هذا دليل أن الكفار كلهم محجوبون عن النظر إلى الرحمن عز وعلا ، وأن أهل الجنة غير محجوبين عنه
__________
(1) سورة : القيامة آية رقم : 22

(1/90)


80 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أيما والد جحد ولده احتجب الله منه وفضحه على رءوس الأولين والآخرين » حدثناه يحيى الحماني ، ثنا عبد العزيز ، يعني الدراوردي ، عن يزيد بن الهاد ، عن عبد الله بن يونس ، سمع المقبري ، يحدث قال : حدثني أبو هريرة ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقوله . قال أبو سعيد : ففي هذا الحديث دليل أنه إذا احتجب عن بعضهم لم يحتجب من بعض ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سترون ربكم عز وجل كما ترون الشمس والقمر » فلم يدع لمتأول فيه مقالا

(1/91)


81 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، ثنا أَبُو شِهَابٍ وَهُوَ الْحَنَّاطُ قَالَ : أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ جَرِيرٍ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ ، فَقَالَ : « أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا ، لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ، فَافْعَلُوا » حَدَّثَنَا بِنَحْوِهِ ابْنُ الْمَدِينِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ جَرِيرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(1/92)


82 - قال علي بن المديني : « هي عندنا صلاة العصر ، وصلاة الصبح ، إن شاء الله تعالى » قال : حدثنا به ستة عن إسماعيل ، : سفيان ، وهشيم ، ووكيع ، والمعتمر ، وغيرهم . قال علي : لا يكون الإسناد أجود من ذا

(1/93)


83 - حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي أبو عبد الله البصري ، وأبو سلمة ، واللفظ لفظ محمد قالا : ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) ) قال : « إذا دخل أهل الجنة الجنة ، ودخل أهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه (2) » قال : « فيقال : ما هو ؟ ألم يبيض وجوهنا ، ويثقل موازيننا ، وأدخلنا الجنة ، وأجارنا من النار ؟ » قال : « فيكشف الحجاب (3) ، فيتجلى لهم تبارك وتعالى » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده ، ما أعطاهم شيئا هو أحب إليهم ولا أقر لأعينهم من النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى »
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 26
(2) أنْجَز : يقال أنجز وَعْدَه، إذا أحْضَرَه وأتمه
(3) الحجاب : الحاجز والمانع والساتر

(1/94)


84 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد يعني ابن سلمة ، ثنا يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن حدس ، عن أبي رزين العقيلي ، قال : قلت : يا رسول الله أكلنا يرى ربه يوم القيامة ؟ ، وما آية ذلك في خلقه ؟ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أبا رزين أليس كلكم يرى القمر مخليا (1) به ؟ » قلت : بلى ، قال : « فالله أعظم »
__________
(1) مخليا : منفردا برؤيته من غير زحام

(1/95)


85 - حدثنا نعيم بن حماد ، ثنا إبراهيم وهو ابن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال الناس : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هل تضارون (1) في الشمس ليس دونها سحاب ؟ » قالوا : لا ، قال : « فهل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ » ، قالوا : لا ، قال : « فكذلك ترون ربكم يوم القيامة ، إن الله يجمع الناس يوم القيامة ، فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ومن كان يعبد القمر القمر ، ومن كان يعبد الطواغيت (2) الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها » وساق الحديث إلى قوله : « هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاء ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا ، فيتبعونه » قال عطاء بن يزيد في آخر الحديث : قال أبو سعيد يعني الخدري ، وهو مع أبي هريرة رضي الله عنهما حين حدث بهذا الحديث ، لا يرد عليه شيئا من حديثه ، حتى إذا قال : « ذلك له ومثله معه » ، قال أبو سعيد : أشهد لحفظته من رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ذلك له وعشرة أمثاله حدثنا نعيم بن حماد ، ثنا ابن المبارك ، ثنا معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة ، وعن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه
__________
(1) تضارون : يصيبكم ضرر
(2) الطواغيت : جمع طاغوت وهي كل ما يعبد من دون الله من صنم أو بشر أو جن أو غير ذلك

(1/96)


86 - وحدثنا عبد الله بن صالح المصري ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه قال : قلنا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هل تضارون (1) في الشمس في الظهيرة صحوا ليس فيها سحاب ؟ » قال : قلنا : لا ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب ؟ » قال : فقلنا : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فما تضارون في رؤيته يوم القيامة إلا كهيئة ما تضارون في رؤية أحدهما »
__________
(1) تضارون : يصيبكم ضرر

(1/97)


87 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد يعني ابن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عمارة القرشي ، أنه كان عند عمر بن عبد العزيز ، فأتاه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، فقضى له حوائجه ، فلما خرج رجع ، فقال عمر : أذكر الشيخ ؟ فقال له عمر : ما ردك ؟ ألم تقض حوائجك ؟ قال : بلى ، ولكن ذكرت حديثا حدثناه أبو موسى الأشعري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يجمع الله الأمم يوم القيامة في صعيد واحد ، فإذا بدا له أن يصدع (1) بين خلقه مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون ، فيدرجونهم حتى يقحموهم النار ، ثم يأتينا ربنا ، ونحن في مكان رفيع ، فيقول : من أنتم ؟ فنقول : نحن المؤمنون . فيقول : ما تنتظرون ؟ فنقول : ننتظر ربنا ، فيقول : من أين تعلمون أنه ربكم ؟ فيقولون : حدثنا الرسل ، أو جاءتنا ، أو ما أشبه معناه ، فيقول : هل تعرفونه إن رأيتموه ؟ فيقولون : نعم ، فيقول : كيف تعرفونه ولم تروه ؟ فيقولون : نعم ، إنه لا عدل (2) له ، فيتجلى لنا ضاحكا ، ثم يقول تبارك وتعالى : أبشروا معشر المسلمين ، فإنه ليس منكم أحد إلا قد جعلت مكانه في النار يهوديا ، أو نصرانيا » فقال عمر لأبي بردة : والله لقد سمعت أبا موسى يحدث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم
__________
(1) الصدع : التفريق
(2) العدل : المساوي والنظير والمثيل

(1/98)


88 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، ثنا النضر بن شميل ، ثنا أبو نعامة العدوي ، قال : ثنا أبو هنيدة البراء بن نوفل ، عن والان العدوي ، عن حذيفة ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه في حديث الشفاعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وساق إسحاق الحديث إلى قوله : « يخر ساجدا قدر جمعة ، فيقول الله تبارك وتعالى : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يسمع ، واشفع تشفع » ، فيرفع رأسه ، فإذا نظر إلى ربه خر ساجدا قدر جمعة أخرى

(1/99)


89 - حدثنا حيوة بن شريح الحمصي ، ثنا بقية ، ثنا بحير وهو ابن سعد ، عن خالد هو ابن معدان ، عن عمرو بن الأسود ، عن جنادة بن أبي أمية ، أنه حدثهم عن عبادة بن الصامت ، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا »

(1/100)


90 - حدثنا نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين ، أن رجلا ، من أهل العلم أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم (1) ، فأكون أول من أدعى ، فأخر ساجدا ، حتى يأذن الله لي برفع رأسي ، فأرفع ، ثم أقوم ، وجبريل عن يمين الرحمن ، لم ير الرحمن تبارك اسمه قبل ذلك »
__________
(1) الأديم : الجلد المدبوغ

(1/101)


91 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد يعني ابن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي نضرة ، قال : خطبنا ابن عباس على هذا المنبر بالبصرة ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من نبي إلا له دعوة تعجلها في الدنيا ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، وآدم ومن دونه تحت لوائي ولا فخر » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فيطول ذلك اليوم على الناس ، فيقول بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر ، فليشفع لنا إلى ربنا » وساق الحديث إلى قوله : « فآتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب ، فأقرع الباب ، فيقال : من أنت ؟ ، فأقول : أنا محمد ، فيفتح الباب ، فآتي ربي وهو على كرسيه ، أو على سريره ، فيتجلى لي ربي ، فأخر له ساجدا » ، وساق أبو سلمة الحديث بطوله إلى آخره

(1/102)


92 - حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني أبو صالح ، ثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، قال : سألت جابرا رضي الله عنه عن الورود ، فأخبرني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس ، فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد ، الأول فالأول ، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك ، فيقول : ما تنتظرون ؟ فيقولون : ننتظر ربنا ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : حتى ننظر إليك ، فيتجلى لهم يضحك ، فيتبعونه »

(1/103)


93 - حدثنا هشام بن خالد الدمشقي ، ثنا محمد بن شعيب وهو ابن شابور ، ثنا عمر بن عبد الله ، مولى غفرة قال : سمعت أنس بن مالك ، رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل وفي يده كهيئة المرآة البيضاء ، وفيها نكتة سوداء ، فقلت : ما هذه يا جبريل ؟ قال : هذه الجمعة ، بعث بها إليك ربك ، تكون عيدا لك ولأمتك من بعدك قلت : وما لنا فيها ؟ قال : لكم فيها خير كثير ، أنتم الآخرون السابقون يوم القيامة ، وفيها ساعة لا يوافقها عبد يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه ، قلت : ما هذه النكتة السوداء ؟ قال : هذه الساعة ، تكون يوم الجمعة ، وهو سيد الأيام ، ونحن نسميه عندنا يوم المزيد ، قلت : وما المزيد يا جبريل ؟ قال : ذلك بأن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة من أيام الآخرة هبط الرب تبارك وتعالى عن عرشه إلى كرسيه ، وحف (1) الكرسي بمنابر من نور ، فيجلس عليها النبيون ، وحف المنابر بكراسي من ذهب ، فيجلس عليها الصديقون والشهداء ، ويهبط أهل الغرف من غرفهم ، فيجلسون على كثبان (2) المسك ، لا يرون لأهل المنابر والكراسي عليهم فضلا في المجلس ، ثم يتبدى لهم ذو الجلال (3) والإكرام ، فيقول : سلوني فيقولون بأجمعهم : نسألك الرضا ، فيشهدهم على الرضا ، ثم يسألونه حتى تنتهي نهية (4) كل عبد منهم ، ثم يسعى عليهم بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ثم يرتفع الرب عن كرسيه إلى عرشه ، ويرتفع أهل الغرف إلى غرفهم ، وهي غرفة من لؤلؤة بيضاء ، أو زبرجدة خضراء ، أو ياقوتة حمراء ، ليس فيها قصم ، ولا وصم ، مطردة فيها أنهارها ، متدلية فيها ثمارها ، فيها أزواجها وخدمها ومساكنها ، فليس أهل الجنة إلى شيء أشوق منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا قربا من الله ورضوانا »
__________
(1) الحف : الإحاطة
(2) الكَثِيب : الرَّمْل المسْتَطِيل المُحْدَوْدِب
(3) الجلال : العظمة والكبرياء
(4) النهية : النهاية في الغاية والرغبة

(1/104)


94 - حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام للناس فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم ذكر الدجال ، فقال : « لا أدري أتدركونه ، ما من نبي إلا وقد أنذره قومه ، لقد أنذره نوح قومه ، ولكني أقول لكم قولا لم يقله نبي لقومه : تعلمون أنه أعور ، وأن الله ليس بأعور »

(1/105)


95 - قال الزهري : وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حذر الناس : « إنه مكتوب بين عينيه : كافر ، يقرأه من كره عمله » ، أو : « يقرأه كل مؤمن » ، وقال : « تعلمن أنه لن يرى أحدكم ربه حتى يموت »

(1/106)


96 - حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن زيد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، أن عمار بن ياسر ، رضي الله عنه صلى بأصحابه صلاة أوجز فيها ، فقيل له : خففت فقال : أما إني قد دعوت فيها بدعاء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومضى ، فتبعه رجل فسأله عن الدعاء ، ثم رجع إلى القوم فأخبرهم ، فقال : « اللهم إني أسألك بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ، وأسألك القصد في الفقر والغنى ، وأسألك نعيما لا ينفد ، وأسألك قرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد (1) العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك ، وأسألك الشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين »
__________
(1) برد العيش : سعته

(1/107)


97 - حدثنا أحمد بن يونس ، ثنا أبو شهاب وهو الحناط قال : أخبرني خالد بن دينار النيلي ، عن حماد بن جعفر ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما قال : ألا أخبرك بأسفل ، أهل الجنة ؟ « وساق أحمد الحديث بطوله قال : » حتى إذا بلغ النعيم منهم كل مبلغ ، وظنوا أن لا نعيم أفضل منه ، تجلى لهم الرب ، فنظروا إلى وجه الرحمن « قال أحمد : قلت لأبي شهاب : حديث خالد بن دينار هذا في ذكر الجنة رفعه ؟ قال : نعم

(1/108)


98 - حدثنا يحيى الحماني ، وأبو بكر بن أبي شيبة قالا : ثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن نمران ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه في قوله تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) ) . قال : « النظر إلى وجه الله عز وجل »
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 26

(1/109)


99 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن مسلم بن يزيد ، عن حذيفة ، : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) ) قال : « النظر إلى وجه الله عز وجل »
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 26

(1/110)


100 - حدثنا يحيى الحماني ، وسليمان بن حرب ، قالا : ثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، في قوله تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) ) قال : ( الحسنى ) : الجنة ، والزيادة : « النظر إلى وجه الله عز وجل ، لا يصيبهم بعد النظر إليه قتر ولا ذلة »
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 26

(1/111)


101 - حدثنا عبد الله بن أبي شيبة ، ثنا أبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك ، : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) ) قال : « النظر إلى وجه الله عز وجل »
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 26

(1/112)


102 - حدثنا أحمد بن يونس ، ثنا فضيل يعني ابن عياض ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، في قوله تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) ) قال : « الزيادة : النظر إلى وجه ربهم عز وجل »
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 26

(1/113)


103 - حدثنا يحيى الحماني ، ثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن أبي تميمة الهجيمي ، عن أبي موسى ، رضي الله عنه قال : « الزيادة : النظر إلى وجه الرب »

(1/114)


104 - حدثنا محمد بن المنهال البصري ، ثنا يزيد بن زريع ، عن سليمان التيمي ، عن أسلم ، عن أبي مرية ، عن أبي موسى الأشعري ، رضي الله عنه قال : رآهم أبو موسى وهم ينظرون إلى الهلال ، فقال : « كيف ربكم إذا رأيتموه جهرة »

(1/115)


105 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عن عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ، وَشَوْقًا إِلَى لِقَائِكَ

(1/116)


106 - حدثنا شيخ ، من أهل بغداد ، ثنا شريك ، عن عثمان بن أبي اليقظان ، عن أنس بن مالك ، ( ولدينا مزيد (1) ) . قال : « يتجلى لهم كل جمعة »
__________
(1) سورة : ق آية رقم : 35

(1/117)


107 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : إن الملائكة إذا أخذوا بأصوات من تحميد وتقديس وثناء على الله عز وجل ، فليس شيء أطرب منه إلا النظر إلى الله

(1/118)